الموضوع: الشهيد
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 28 شعبان 1438هـ/24-05-2017م, 12:29 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي


شرح أبي القاسم الزجاجي (ت:337هـ)



قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الشهيد
الشهيد في اللغة: بمعنى الشاهد، كما إن العليم بمعنى العالم، والرحيم بمعنى الراحم، والشاهد خلاف الغائب، تقول العرب: «فلان كان شاهدًا لهذا الأمر» أي لم يغب عنه. فالله عز وجل لما كانت الأشياء لا تخفى عليه كان شهيدًا لها وشاهدًا لها أي عالمًا بها وبحقائقها علم المشاهد لها، لأنه لا تخفى عليه خافية.
والشهيد أيضًا في اللغة: الشاهد الذي يشهد بما عاين وحضر، كما يقال: «فلان شاهد فلان وشهيده» كما قال عز وجل: {وجئنا بك على هؤلاء شهيدا} أي شاهدًا.
ويقال: «شهدت كذا وكذا شهادة». واشتقاق الشهادة والإشهاد في الديون من المشاهدة لأنه إنما يكون عن مشاهدة من يشهد عليه، وما يشهد عليه، وهو من جنس ما يسمى الشيء باسم الشيء إذا تعلق به، أو كان منه بسبب. فالشهادة إنما هي مشاهدة المشهود عليه، والمشهود له، فسمي قول المشاهد وحكايته لما عاين شهادة لذلك، وسمي المقتولون في سبيل الله شهداء لأنهم كالأحياء كما قال عز وجل: {ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون} وقال عز وجل: {ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون} قال أهل التفسير: كان المشركون يقولون: إن أصحاب محمد يقتلون أنفسهم في هذه الحرب لغير سبب ولا فائدة ثم يموتون فيذهبون فأعلمهم الله عز وجل أنهم أحياء في حكمه، وأنهم سيحيون، ويثابون، ويخلدون في الجنة، ويتنعمون نعيمًا دائمًا، ويبقون بقاء لا موت بعده، ولا فناء.
وقال الحسن: الشهداء أحياء عند الله تعرض أرزاقهم على أرواحهم أيام الحياة فيصل إليهم فرحه كما تعرض نار جهنم على أرواح آل فرعون غدوة وعشية أيام الحياة فيصل إليهم اللهب.
وقال قوم: تأويله هم أحياء في دينهم، كما قال: {أو من كان ميتًا فأحينناه وجعلنا له نورًا يمشي به الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها}. فجعل المهتدي حيًا، والضال ميتًا.
وقالوا في قوله عز وجل {والسماء ذات البروج، واليوم الموعود وشاهد ومشهود}: اليوم الموعود: يوم القيامة، وشاهد: بمعنى شاهد يوم الجمعة كأنه أقسم بمن يشهده، ومشهود: يعني يوم عرفة.
وللعلماء في هذه الأقسام التي أقسم الله بها عز وجل في كتابه نحو قوله: {والطور، وكتاب مسطور. في رق منشور. والبيت المعمور}. ونحو قوله: {والنجم إذا هوى}. {والسماء والطارق} وما أشبه ذلك قولان، أحدهما أن تأويله ورب النجم، ورب الطور، فكأنه أقسم بنفسه. والآخر أنه أقسم بهذه الأشياء لأن عادة العرب كانت قد جرت بأنها تقسم بالأشياء الجليلة، فنبه الله عز وجل على هذه الأشياء التي أقسم بها وأحكام صنعتها، وقدرة خالقها لتنبهوا على جلالة خالقها عز وجل، وقدرته، وحكمته). [اشتقاق أسماء الله: 132-134]


رد مع اقتباس