عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26 جمادى الآخرة 1440هـ/3-03-2019م, 10:19 PM
جمهرة علوم القرآن جمهرة علوم القرآن غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 7,975
افتراضي

تمكين الكافر من المصحف


قال صَالِحٌ بْنُ مُحَمَّدِ الرَّشيدِ(م): (وفي جواز تمكين غير المسلم من مس المصحف، وما في حكمه أقوال ثلاثة:
أحدها: المنع مطلقا لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)، ولقوله عليه السلام: "لا يمس القرآن إلا طاهر"، وقياسا على المحدث من المسلمين بل أولى لأن الكافر ليس من أهل الطهارة، ولا يمكن تصورها منه، إذ لا تصح إلا بنية وهو ليس من أهلها؛بل هو نجس بنص القرآن لقوله سبحانه: (إنما المشركون نجس).
وقد استقر في أذهان الصحابة رضوان الله عليهم حكم منع الكافر من مس القرآن منذ الأيام الأولى لظهور الإسلام كما في أثر عمر رضي الله عنه مع أخته قبل أن يسلم حين رام الاطلاع على صحيفة معها فيها قرآن ، فأبت عليه ذلك قائلة: "إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون" حتى إذا طمعت في إسلامه قالت: "قم فاغتسل، أو توضأ".
وقد رواه البلاذري والدراقطني وابن اسحاق مطولا.
[459]
"وكان ابن عباس ينهي أن يمكن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن"، ولأن في تمكين الكافر من مسه تعريضا له بالامتهان والانتهاك، يستثنى من ذلك الآية والآيتان في الرسائل على سبيل الدعوة لكتابته إياهما عليه السلام في كتبه إلى ملوك الكفار كهرقل عظيم الروم مثلا بل كره بعضهم مبايعة الكفار بالنقود التي تتضمن قرآنا أو ذكرا لله تعالى، أو أن يبيع منهم الثياب المطرزة بالقرآن، أو الذكر، ومثلها الدور التي كتب القرآن على أسكف أبوابها أو حيطانها وسقوفها.
وكذا سائر ما يتضمن قرآنا أو ذكرا شرعيا، ولنهيه عليه السلام عن المسافرة بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن تناله أيديهم،
القول الثاني: أنه يجوز تمكين الكافر من مس المصحف إذا اغتسل ورجي إسلامه لأثر عمر السابق ولأن النجاسة بدنة قد خففت بالغسل فلم يبق إلا نجاسة اعتقاده وهي في قلبه.
القول الثالث: أنه يجوز أن يمكن الكافر من حمل القرآن ومسه لعدم الدليل الصريح الصحيح على منعه من ذلك.
وقد ذهب إلى القول الأول المقتضي لمنع الكافر من مس القرآن وحمله جماهير أهل العلم من السلف والخلف، وفيهم المالكية والشافعية،
[460]
والحنابلة، وهو قول الحنفية، اختاره أبو يوسف صاحب أبي حنيفة مستدلين بالآيات والآثار السابق ذكرها في مسألة اشتراط الطهارة لمس المصحف.
وذهب إلى القول الثاني أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن، وجزم به قاضي خان في فتاويه ولم يحك فيه خلافا.
وقد ذهب إلى القول الثالث طائفة من أهل العلم كابن جبير على ما حكاه عنه جماعة كابن أبي داود، وابن أبي شيبة، والعيني، وهو مروي عن الحكم وحماد بن سليمان وداود بن علي وأتباعه وجمع ممن لا يقول باشتراط الطهارة أصلا.
وقد مضى ذكر طرف من حججهم في غير موضع من هذا البحث، فلا نطيل بتكراره هنا. وسيأتي لهذه المسائل مزيد بيان في مواضعها من هذا البحث إن شاء الله تعالى).
[461]

رد مع اقتباس