عرض مشاركة واحدة
  #144  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:11 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

3. هل آمين من أسماء الله؟
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (3. هل آمين من أسماء الله؟
رُوي عن بعض السلف أنّ "آمين اسم من أسماء الله"، وهذا القول له علّة وفيه لبس، وقد أنكره جماعة من العلماء، وتأوّله بعضهم.

وأصل ذلك ما رواه منصور بن المعتمر عن هلال بن يساف أنه قال: (آمين اسم من أسماء الله). رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة.
- وروى سفيان الثوري، عن طارق بن عبد الرحمن البجلي ، عن حكيم بن جابر ، قال : (آمين اسم من أسماء الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وروى ابن علية، عن ليث ، عن مجاهد أنه قال: (آمين اسم من أسماء الله). رواه ابن أبي شيبة.
- وروى بشر بن رافع الحارثي، عن أبي عبد الله، عن أبي هريرة قال: «كان موسى بن عمران إذا دعا أمّن هارون على دعائه».
قال: وسمعت أبا هريرة يقول: «آمين اسم من أسماء الله عز وجل». رواه عبد الرزاق.

وأبو عبد الله هو الدوسي ابن عمّ أبي هريرة، معروف بكنيته، وقد اختلف في اسمه، وبشر بن رافع قال فيه أبو حاتم: (ضعيف الحديث منكر الحديث لا نرى له حديثاً قائماً)، وقال البخاري: (لا يتابع على حديثه) ، وقال يحيى بن معين في رواية: ليس به بأس؛ فالراجح فيه أنّه ضعيف الحديث، وأنّ هذا الخبر لا يصحّ عن أبي هريرة.
وهلال بن يساف الأشجعي ثقة من كبار التابعين، لكنّه كان معروفا برواية الإسرائيليات، وكان يجالس كعب الأحبار، وأحيانا لا يصرّح بمن روى عنه الإسرائيليات، ولذلك يحكم على ما رواه مما يشبه أخبار بني إسرائيل بأنّه من الإسرائيليات.
وحكيم بن جابر هو ابن طارق بن عوف الأحمسي، أبوه صحابيّ، وهو تابعيّ ثقة، لكنّه كان ممن يروي الإسرائيليات، وقد وقع في مروياته في كتب التفسير إسرائيليات منكرة.
فهذه الأخبار المروية في أنّ "آمين من أسماء الله" معلولة بكونها مأخوذة ممن يروي الإسرائيليات، وقد يكون من رُوي عنه هذا الخبر نقل كلمة أعجمية إلى العربية مقاربة لآمين فيها دلالة على اسم من أسماء الله، ثمّ نقل ذلك على أنّ آمين من أسماء الله، ومعلوم أنّ كتب بني إسرائيل كانت بغير العربية.
وقد أنكر علماء اللغة أن يكون "آمين" من أسماء الله.
فقال أبو إسحاق ابن قُرقُول (ت:569هـ): (قيل: هو اسم من أسماء الله - عَزَّ وَجَلَّ -، أصله القصر فأدخلت عليه همزة النداء، كما يقال: يا آمين استجب دعاءنا. وهذا لا يصح؛ ليس في أسماء الله تعالى اسم مبنيٌّ ولا غير معرب).
قال أبو البقاء العكبري(:616هـ): (قيل: "آمين" اسم من أسماء الله تعالى، وتقديره يا آمين، وهذا خطأ لوجهين:
أحدهما: أن أسماء الله لا تعرف إلا تلقيا ولم يرد بذلك سمع.
والثاني: أنه لو كان كذلك لبُني على الضم؛ لأنه منادى معرفة أو مقصود، وفيه لغتان: القصر وهو الأصل، والمد وليس من الأبنية العربية، بل هو من الأبنية الأعجمية كهابيل وقابيل، والوجه فيه أن يكون أشبع فتحة الهمزة، فنشأت الألف، فعلى هذا لا تخرج عن الأبنية العربية)ا.هـ.
وقد ذكر ابن قتيبة عن بعض المفسّرين أنهم بنوا على هذا القول إعراب آمين بأنّه منادى؛ فقال: (و"آمِينَ" اسم من أسماء الله، وقال قوم من المفسرين - في قول المصلي بعد فراغه من قراءة أمِّ الكتاب: "آمينَ": [أمينَ] قصر من ذلك؛ كأنه قال: يا الله؛ وأضمر "استجبْ لي").
فتعقّبه أبو منصور الأزهري بقوله: (وليس يصح ما قال عند أهل اللغة أنه بمنزلة: يا الله، وأضمر: استجب لي، ولو كان كما قال لَرُفع إذا أُجري ولم يكن منصوباً)ا.هـ.
ووجّه ابن القيّم هذا القول توجيهاً آخر في بدائع الفوائد؛ فقال: (رُوي عن بعض السلف أنه قال في آمين أنه اسم من أسماء الله تعالى، وأنكر كثير من الناس هذا القول، وقالوا: ليس في أسمائه آمين، ولم يفهموا معنى كلامه؛ فإنما أراد أن هذه الكلمة تتضمن اسمه تبارك وتعالى فإنَّ معناها استجب وأعط ما سألناك؛ فهي متضمنة لاسمه مع دلالتها على الطلب)ا.هـ.
ومراده أنّ الداعي بآمين يستحضر مخاطبته لله تعالى بهذا الدعاء؛ فكأنّه سأل الله تعالى باسم من أسمائه ليستجيب له.
وهذا التوجيه حسن لو كان هذا المعنى ظاهراً من مراد قائله، أو فسّره سياق كلامه، والأقرب أنّه قول مأخوذ من أخبار بني إسرائيل، وقد يكون في لغتهم ما يدل على اسم من أسماء الله، وهو قريب النطق من كلمة "آمين" ، لكن هذا لا يفيد في أنّ كلمة "آمين" الثابتة في السنّة أنّها غير عربية، أو أنّها موضوعة في لغة العرب للدلالة على اسم من أسماء الله، والصحيح أنها اسم فعل بمعنى "اللهم استجب"). [تفسير سورة الفاتحة:265 - 268]

رد مع اقتباس