عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 25 ربيع الثاني 1434هـ/7-03-2013م, 11:08 PM
الصورة الرمزية إشراق المطيري
إشراق المطيري إشراق المطيري غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 885
افتراضي جمهرة تفاسير السلف


جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (91) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به أولئك لهم عذابٌ أليمٌ وما لهم من ناصرين} يعني بذلك جلّ ثناؤه: {إنّ الّذين كفروا} أي جحدوا نبوّة محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم، ولم يصدّقوا به، وبما جاء به من عند اللّه من أهل كلّ ملّةٍ يهودها ونصاراها ومجوسها وغيرهم {وماتوا وهم كفّارٌ} يعني: وماتوا على ذلك من جحود نبوّته، وجحود ما جاء به {فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به} يقول: فلن يقبل ممّن كان بهذه الصّفّة في الآخرة جزاءٌ ولا رشوةٌ على ترك عقوبته على كفره، ولا جعلٌ على العفو عنه، ولو كان له من الذّهب قدر ما يملأ الأرض من مشرقها إلى مغربها، فرشًا وجزًى على ترك عقوبته وفي العفو عنه على كفره عوضًا ممّا اللّه محلٌّ به من عذابه؛ لأنّ الرّشا إنّما يقبلها من كان ذا حاجةٍ إلى ما رشي، فأمّا من له الدّنيا والآخرة، فكيف يقبل الفدية، وهو خلاق كلّ فديةٍ افتدى بها مفتدٍ عن نفسه أو غيره؟
وقد بيّنّا أنّ معنى الفدية العوض والجزاء من المفتدى منه بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
ثمّ أخبر عزّ وجلّ عمّا لهم عنده، فقال: {أولئك} يعني: هؤلاء الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ، {لهم عذابٌ أليمٌ} يقول: لهم عند اللّه في الآخرة عذابٌ موجعٌ {وما لهم من ناصرين} يعني: وما لهم من قريبٍ ولا حميمٍ ولا صديقٍ ينصره، فيستنقذه من اللّه ومن عذابه، كما كانوا ينصرونه في الدّنيا على من حاول أذاه ومكروهه.
- وقد: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قال: حدّثنا أنس بن مالكٍ، أنّ نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقول: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبًا، أكنت مفتديًا به؟ فيقول نعم، قال: فيقال: لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك، فذلك قوله: {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به}.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ الحنفيّ، قال: حدّثنا عبّادٌ، عن الحسن، قوله: {إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا} قال: هو كلّ كافرٍ
ونصب قوله {ذهبًا} على الخروج من المقدار الّذي قبله والتّفسير منه، وهو قوله: {ملء الأرض}، كقول القائل: عندي قدر زقٍّ سمنًا وقدر رطلٍ عسلاً، فالعسل مبيّنٌ به ما ذكر من المقدار، وهو نكرةٌ منصوبةٌ على التّفسير للمقدار والخروج منه.
وأمّا نحويّو البصرة، فإنّهم زعموا أنّه نصب الذّهب لاشتغال الملء بالأرض، ومجيء الذّهب بعدهما، فصار نصبها نظير نصب الحال، وذلك أنّ الحال يجيء بعد فعلٍ قد شغل بفاعله فينصب، كما ينصب المفعول الّذي يأتي بعد الفعل الّذي قد شغل بفاعله، قالوا: ونظير قوله: {ملء الأرض ذهبًا} في نصب الذّهب في الكلام: لي مثلك رجلاً، بمعنى: لي مثلك من الرّجال، وزعموا أنّ نصب الرّجل لاشتغال الإضافة بالاسم، فنصب كما ينصب المفعول به لاشتغال الفعل بالفاعل.
وأدخلت الواو في قوله: {ولو افتدى به} لمحذوفٍ من الكلام بعده دلّ عليه دخول الواو، كالواو في قوله: {وليكون من الموقنين} وتأويل الكلام: وليكون من الموقنين، أريناه ملكوت السّماوات والأرض، فكذلك ذلك في قوله: {ولو افتدى به}، ولو لم يكن في الكلام واوٌ، لكان الكلام صحيحًا، ولم يكن هنالك متروكٌ وكان: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا لو افتدى به). [جامع البيان: 5/570-572]
قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به أولئك لهم عذابٌ أليمٌ وما لهم من ناصرين (91)
قوله تعالى: إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ
- حدّثنا الحسن بن أحمد، ثنا موسى بن محكمٍ، ثنا أبو بكرٍ الحنفيّ ثنا عبّاد بن منصورٍ قال: سألت الحسن عن قوله: إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ قال: هو كلّ كافرٍ.
قوله تعالى: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به
- حدّثنا أبي، ثنا أحمد بن عبد الرّحمن، ثنا عبد اللّه بن أبي جعفرٍ، عن أبيه قوله: إنّ الّذين كفروا وماتوا وهم كفّارٌ فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبًا ولو افتدى به قال: ذكر قتادة عن أنس بن مالكٍ أن ّرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يجاء بالكافر يوم القيامة، فيقال له: أرأيت لو كان ملئ الأرض ذهبًا أكنت مفتديًا به؟ فيقول: نعم. فيقال له لقد سئلت أيسر من ذلك). [تفسير القرآن العظيم: 2/702]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 91.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا} قال: هو كل كافر.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم وأبو الشيخ، وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له: أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا أكنت مفتديا به فيقول: نعم، فيقال: لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك، فذلك قوله تعالى {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار} الآية، لفظ ابن جرير). [الدر المنثور: 3/659-660]

تفسير قوله تعالى: (لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا معمر عن أيوب وغيره أنه لما نزلت {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها فقال هذه في سبيل الله فحمل النبي أسامة بن زيد فكأن زيد وجد في نفسه فلما رأى ذلك منه النبي قال أما الله فقد قبلها). [تفسير عبد الرزاق: 1/126]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا سفيان، عن محمّد بن المنكدر قال: لمّا نزلت: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}، جاء زيد بن حارثة بفرسٍ يقال له: سبل، فقال: يا رسول اللّه، هذا في سبيل اللّه، فقال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: ((قد قبلها الله منك)) ). [سنن سعيد بن منصور: 3/1065]
قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ في قوله: {لن تنالوا البرّ} قال: البرّ الجنّة). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 294]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (باب

{لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] إلى {به عليمٌ} [البقرة: 215]
- حدّثنا إسماعيل، قال: حدّثني مالكٌ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، أنّه سمع أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه، يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة نخلًا، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيّبٍ، فلمّا أنزلت: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] قام أبو طلحة فقال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه يقول: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء، وإنّها صدقةٌ للّه، أرجو برّها وذخرها عند اللّه، فضعها يا رسول اللّه حيث أراك اللّه، قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: «بخ ذلك مالٌ رايحٌ، ذلك مالٌ رايحٌ، وقد سمعت ما قلت، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين» قال أبو طلحة: أفعل يا رسول اللّه، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وفي بني عمّه، قال عبد اللّه بن يوسف، وروح بن عبادة: «ذلك مالٌ رابحٌ» ، حدّثني يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالكٍ «مالٌ رايحٌ» ،
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ، قال: حدّثني أبي، عن ثمامة، عن أنسٍ رضي اللّه عنه، قال فجعلها لحسّان، وأبيٍّ وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئًا). [صحيح البخاري: 6/37]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون الآية)
كذا لأبي ذرٍّ ولغيره إلى به عليمٌ ثمّ ذكر المصنّف حديث أنسٍ في قصّة بيرحاء وقد تقدّم ضبطها في الزّكاة وشرح الحديث في الوقف
[4554] قوله وقال عبد اللّه بن يوسف وروح بن عبادة عن مالكٍ قال رابحٌ يعني أنّ المذكورين رويا الحديث عن مالكٍ بإسناده فوافقا فيه إلّا في هذه اللّفظة فأمّا رواية عبد اللّه بن يوسف فوصلها المؤلّف في الوقف عنه ووقع عند المزّيّ أنّه أوردها في التّفسير موصولةً عن عبد اللّه بن يوسف أيضًا وأمّا رواية روح بن عبادة فتقدّم في الوكالة أنّ أحمد وصلها عنه وذكرت هناك ما وقع للرّواة عن مالكٍ في ضبط هذه اللّفظة وهل هي رابحٌ بالموحّدة أو التّحتانيّة مع الشّرح قوله حدّثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالكٍ رايحٌ كذا اختصره وكان قد ساقه بتمامه من هذا الوجه في كتاب الوكالة تنبيهٌ وقع هنا لغير أبي ذرٍّ حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ حدّثني أبي عن ثمامة عن أنسٍ قال فجعلها لحسّان وأبيّ بن كعبٍ وأنا أقرب إليه منهما ولم يجعل لي منها شيئًا وهذا طرفٌ من الحديث وقد تقدّم بتمامه في الوقف مع شرحه وأغفل المزّيّ التّنبيه على هذا الطّريق هنا وممّن عمل بالآية بن عمر فروى البزّار من طريقه أنّه قرأها قال فلم أجد شيئًا أحبّ إليّ من مرجانة جاريةٌ لي روميّةٌ فقلت هي حرّةٌ لوجه اللّه فلولا أنّي لا أعود في شيء جعلته لله لتزوجتها). [فتح الباري: 8/223-224]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (5 - (بابٌ: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} إلى {به عليمٌ} (آل عمران: 92)

أي: هذا باب في قوله تعالى: {لن تنالوا البر} إلى آخر الآية قوله: إلى (به عليم) هكذا رواية الأكثرين، وفي رواية ابي ذر لن تنالوا البر حتّى تنفقوا ممّا تحبون. الآية قوله: (لن تنالوا البر) أي: لن تبلغوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرارا (حتّى تنفقوا) أي: حتّى تكون نفقتكم من أموالكم الّتي تحبونها. فإن الله عليم بكل شيء تنفقونه فيجازيكم بحسبه.

- حدّثنا إسماعيل قال حدّثني مالكٌ عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أنّه سمع أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة نخلاً وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيبٍ فلمّا أنزلت {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قام أبو طلحة فقال يا رسول الله إنّ الله يقول لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وإنّ أحبّ أموالي إلّى بيرحاء وإنّها صدقة لله أرجو برّها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بخٍّ ذلك مالٌ رابحٌ ذلك مالٌ رابحٌ وقد سمعت ما قلت وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين قال أبو طلحة أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه. قال عبد الله بن يوسف وروح بن عبادة ذلك مالٌ رابحٌ.

مطابقته للتّرجمة ظاهرة. وإسماعيل هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس والحديث قد مضى في كتاب الزّكاة: باب الزّكاة على الأقارب، فإنّه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك.
قوله: (أبو طلحة) اسمه زيد بن سهل زوج أم أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه. قوله: (بيرحاء) أشهر الوجوه فيه فتح الباء الموحدة وسكون الباء آخر الحروف وفتح الرّاء وبالحاء المهملة مقصورا وهو بستان بالمدينة فيه ماء. قوله: (طيب) بالجرّ لأنّه صفة من ماء قوله: (بخ) بفتح الباء الموحدة وتشديد الخاء المعجمة وهي كلمة تقال عند المدح والرّضا بالشّيء، والتكرار وللمبالغة. قوله: (رابح) بالباء الموحدة. أي: يربح صاحبه فيه في الآخرة. قوله: (قال عبد الله بن يوسف) هو أحد رواة الحديث عن مالك، وروح، بفتح الرّاء ابن عبادة: بضم العين المهملة وتخفيف الباء الموحدة أراد أن المذكورين رويا الحديث المذكور عن مالك بإسناديهما فوافقا فيه إلاّ في هذه اللّفظة يعني: (رايح) أنّها بالياء آخر الحروف من الرواح، أي: من شأنه الذّهاب والفوات، فإذا ذهب في الخير فهو أولى.
حدّثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالكٍ مالٌ رابحٌ
ذكره هنا مختصرا، وساقه بتمامه من هذا الوجه في كتاب الوكالة في: باب إذا قال الرجل لوكيله: ضعه حيث أراك الله.

- حدّثنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال حدّثني أبي عن تمامة عن أنسٍ رضي الله عنه قال فجعلها لحسّان وأبيّ وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئا.

هذا لم يقع لأبي ذر، وهذا قطعة من حديث أخرجه بتمامه في كتاب الوقف في: باب إذا وقف أو أوصى لأقاربه، فإنّه أخرجه هناك حيث قال: وقال الأنصاريّ، وهو محمّد بن عبد الله الأنصاريّ: حدثني أبي وهو عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك عن ثمامة، بضم الثّاء المثلّثة وتخفيف الميم: ابن عبد الله بن أنس قاضي البصرة، وهو يروي عن جده أنس بن مالك.
قوله: (فجعلها) أي: فجعل أبو طلحة بيرحاء المذكورة في الحديث السّابق لحسا بن ثابت وأبي بن كعب، رضي الله تعالى عنهما. قوله: (وأنا أقرب إليه، منهما) (ولم يجعل لي منها شيئا) ). [عمدة القاري: 18/146-147]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (5 - باب {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} -إلى- {به عليمٌ}
هذا (باب) بالتنوين في قوله تعالى: ({لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}) أي لمن تدركوا كمال البر أو ثواب الله أو الجنة أو لم تكونوا أبرارًا حتى يكون الإنفاق من محبوب أموالكم أو ما يعمه وغيره كبذل الجاه في معاونة الناس والبدن في طاعة الله والمهجة في سبيل الله ومن في مما تحبون تبعيضية يدل عليه قراءة عبد الله بعض ما تحبون ويحتمل أن يكون تفسير معنى لا قراءة (إلى {به عليم}) [آل عمران: 92] ولأبي ذر الآية بدل قوله إلى {به عليم} وسقط لغيره لفظ باب.
- حدّثنا إسماعيل قال: حدّثني مالكٌ، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة، أنّه سمع أنس بن مالكٍ رضي الله عنه يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة نخلًا، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاءٍ، وكانت مستقبلة المسجد وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيّبٍ، فلمّا أنزلت {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قام أبو طلحة فقال: يا
رسول اللّه إنّ اللّه يقول: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} وإنّ أحبّ أموالي إلىّ بيرحاءٍ، وإنّها صدقةٌ للّه أرجو برّها وذخرها عند اللّه فضعها يا رسول اللّه حيث أراك اللّه، قال: رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «بخ ذلك مالٌ رايحٌ، ذلك مالٌ رايحٌ» وقد سمعت ما قلت: وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين قال أبو طلحة: أفعل يا رسول اللّه فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمّه. قال عبد اللّه بن يوسف وروح بن عبادة: ذلك مالٌ رابحٌ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالتوحيد (مالك) الإمام عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة) الأنصاري المدني أبي يحيى (أنه سمع أنس بن مالك) الأنصاري (رضي الله عنه يقول: كان أبو طلحة) زيد بن سهل زوج أم أنس بن مالك رضي الله عنه (أكثر أنصاري بالمدينة نخلًا) تمييز (وكان أحب أمواله إليه بيرحا) بنصب أحب خبر كان ورفع بيرحا اسمها وقد اختلف في ضبط هذه اللفظة، وسبق في كتاب الزكاة ما يكفي ويشفي والذي لخصته فيها من كلامهم كسر الموحدة وضم الراء اسم كان بفتحها خبرها مع الهمزة الساكنة بعد الموحدة وإبدالها ياء ومدّ حاء مصروفًا وغير مصروف لأن تأنيثه معنوي كهند ومقصور فهي اثنا عشر، وبفتح الموحدة وسكون التحتية من غير همز وفتح الراء وضمها خبر كان أو اسمها ومدّ حاء مصروفًا ومقصورًا فهي ستة: اثنان منها مع القصر على أنه اسم مقصور لا تركيب فيه فيعرب كسائر المقصور، وصوّب الصغاني والزمخشري والمجد الشيرازي منها فتح الموحدة والراء على سائرها من الممدود والمقصور، بل قال الباجي: إنها المصححة على أبي ذر وغيره (وكانت) أي بيرحا (مستقبلة المسجد) النبوي (وكان رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب) صفة المجرور (فلما أنزلت: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قام أبو طلحة) رضي الله عنه (فقال: يا رسول الله إن الله) تعالى (يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب أموالي إليّ بيرحا) بالرفع خبر إن (وإنها صدقة لله أرجو برّها) أي خيرها (وذخرها) بضم الذال المعجمة أي أقدمها فأدّخرها لأجدها (عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. قال) ولأبي ذر فقال: (رسول الله صلّى اللّه عليه وسلّم).
(بخ) بفتح الموحدة وسكون المعجمة كهل وبل غير مكررة هنا (ذلك مال رايح ذلك مال رايح) بالمثناة التحتية من الرواح أي من شأنه الذهاب والفوات فإذا ذهب في الخير فهو أولى وكررها اثنتين للمبالغة (وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلهما في الأقربين قال أبو طلحة: أفعل) ما قلت (يا رسول الله فقسمها) أي بيرحا (أبو طلحة في أقاربه وبني عمه) من عطف الخاص على العام ولأبي ذر وفي بني عمه.
(قال عبد الله بن يوسف) التنيسي مما وصله المؤلّف في الوقف (وروح بن عبادة) بن العلاء القيسي أبو محمد البصري مما وصله أحمد في روايتهما عن مالك (ذلك مال رابح) بالموحدة أي يربح صاحبه في الآخرة.
- حدّثني يحيى بن يحيى قال قرأت على مالكٍ مالٌ رايحٌ.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (يحيى بن يحيى) النيسابوري (قال: قرأت على مالك) الإمام (مال رايح) بالمثناة التحتية بدل الموحدة اسم فاعل من الرواح نقيض الغدوّ.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ، حدّثني أبي عن ثمامة، عن أنسٍ رضي الله عنه قال: فجعلها لحسّان وأبيٍّ وأنا أقرب إليه ولم يجعل لي منها شيئًا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن عبد الله الأنصاري) قال: (حدّثني) بالإفراد (أبي) هو عبد الله بن المثنى (عن ثمامة) بضم المثلثة وتخفيف الميم ابن عبد الله بن أنس قاضي البصرة (عن) جدّه (أنس) هو ابن مالك (رضي الله عنه قال: فجعلها) أي بيرحا أبو طلحة (لحسان) بن ثابت (وأبيّ) هو ابن كعب (وأنا أقرب إليه) منهما (ولم يجعل لي منها شيئًا). وهذا طرف من حديث ساقه بتمامه من هذا الوجه في الوقف وسقط هنا في رواية أبي ذر وثبت لغيره). [إرشاد الساري: 7/59-60]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (5 ـ باب {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون ـ إلى ـ به عليمٌ}
قوله: (بخ): بفتح الموحدة، وسكون المعجمة. قوله: (رايح): بالمثناة التحتية، أي: من شأنه الذهاب، والفوات، فاذهب في الخير فهو أولى. قوله: (رابح): بالموحدة، أي: يربح صاحبه في الآخرة). [حاشية السندي على البخاري: 3/44]
قال محمدُ بنُ عيسى بنِ سَوْرة التِّرْمِذيُّ (ت: 279هـ) : (حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، قال: أخبرنا عبد الله بن بكرٍ السّهميّ، قال: حدّثنا حميدٌ، عن أنسٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} أو {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا}، قال أبو طلحة: وكان له حائطٌ فقال: يا رسول الله حائطي للّه، ولو استطعت أن أسرّه لم أعلنه فقال: اجعله في قرابتك أو أقربيك.
هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ وقد رواه مالك بن أنسٍ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك). [سنن الترمذي: 5/74-75]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ أَحمدَ بنِ نَصْرٍ الرَّمْلِيُّ (ت:295هـ): (ثنا أحمد بن محمّدٍ القوّاس المكّيّ، قال: ثنا مسلم بن خالد الزنجي، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قوله عزّ وجلّ: {لن تنالوا البرّ حتى تنفقوا مما تحبون} سمعت مجاهدًا يقول: كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعري أن ابتاع لي جاريةً من سبي جلولاء، ثمّ افتتح سعدٌ مدائن كسرى. قال: فدعاها عمر قال: إنّ اللّه عزّ وجلّ يقول: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وأعتقها عمر وهي مثل قوله: {ويطعمون الطّعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} ومثل قوله عزّ وجلّ: {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة}). [جزء تفسير مسلم بن خالد الزنجي: 76-77]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (قوله تعالى: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}
- أخبرني هارون بن عبد الله، حدّثنا معنٌ، حدّثنا مالكٌ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنسٍ: أنّ أبا طلحة، كان أكثر أنصاريٍّ مالًا بالمدينة بالنّخل، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يدخلها فيأكل من ثمرها، ويشرب من ماءٍ فيها طيبٍ، قال أنسٌ: فلمّا نزلت هذه الآية {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] قام أبو طلحة إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقال: يا رسول الله، إنّ الله يقول: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء، وإنّها صدقةٌ للّه، أرجو برّها وذخرها عند الله، فضعها يا رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «بخٍ ذلك مالٌ رابحٌ، وقد سمعت ما قلت، وإنّي أرى أن تجعله في الأقربين» فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة بين أقربائه وبني عمّه
[السنن الكبرى للنسائي: 10/46]
11001 - أخبرنا أبو بكر بن نافعٍ، حدّثنا بهزٌ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، حدّثنا ثابتٌ، عن أنسٍ، قال: لمّا نزلت {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] قال أبو طلحة: أرى ربّنا يسألنا أموالنا، فأشهدك يا رسول الله، أنّي قد جعلت أرضي للّه، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اجعلها في قرابتك» فجعلها في حسّان بن ثابتٍ، وأبيّ بن كعبٍ). [السنن الكبرى للنسائي: 10/47]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ}.
يعني بذلك جلّ ثناؤه: لن تدركوا أيّها المؤمنون البرّ، وهو البرّ من اللّه الّذي يطلبونه منه بطاعتهم إيّاه وعبادتهم له، ويرجونه منه، وذلك تفضّله عليهم بإدخاله جنّته، وصرف عذابه عنهم؛ ولذلك قال كثيرٌ من أهل التّأويل: البرّ الجنّة؛ لأنّ برّ الرّبّ بعبده في الآخرة وإكرامه إيّاه بإدخاله الجنّة.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن شريكٍ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ، في قوله: {لن تنالوا البرّ} قال: الجنّة.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن ميمونٍ في قوله: {لن تنالوا البرّ} قال: البرّ الجنّة.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن المفضّل، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {لن تنالوا البرّ} أمّا البرّ فالجنّة
فتأويل الكلام: لن تنالوا أيّها المؤمنون جنّة ربّكم، حتّى تنفقوا ممّا تحبّون، يقول: حتّى تتصدّقوا ممّا تحبّون وتهوون أن يكون لكم من نفيس أموالكم.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} يقول: لن تنالوا برّ ربّكم حتّى تنفقوا ممّا يعجبكم وممّا تهوون من أموالكم.
- حدّثني محمّد بن سنانٍ، قال: حدّثنا أبو بكرٍ، عن عبّادٍ، عن الحسن، قوله: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قال: من المال
وأمّا قوله: {وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ} فإنّه يعني به: ومهما تنفقوا من شيءٍ فتتصدّقوا به من أموالكم، فإنّ اللّه تعالى ذكره بما يتصدّق به المتصدّق منكم، فينفقه ممّا يحبّ من ماله في سبيل اللّه، وغير ذلك عليمٌ، يقول: هو ذو علمٍ بذلك كلّه، لا يعزب عنه شيءٌ منه حتّى يجازى صاحبه عليه جزاءه في الآخرة.
- كما: حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة: {وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ} يقول: محفوظٌ لكم ذلك اللّه به عليمٌ شاكرٌ له
وبنحو التّأويل الّذي قلنا تأوّل هذه الآية جماعةٌ من الصّحابة والتّابعين.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ عن مجاهدٍ، في قول اللّه عزّ وجلّ: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قال: كتب عمر بن الخطّاب إلى أبي موسى الأشعريّ أن يبتاع له جاريةً من جلولاء يوم فتحت مدائن كسرى في قتال سعد بن أبي وقّاصٍ، فدعا بها عمر بن الخطّاب، فقال: إنّ اللّه يقول: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} فأعتقها عمر، وهي مثل قول اللّه عزّ وجلّ: {ويطعمون الطّعام على حبّه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا}، {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ}
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله سواءً.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن حميدٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} أو هذه الآية: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا}، قال أبو طلحة: يا رسول اللّه حائطي الّذي بكذا وكذا صدقةٌ، ولو استطعت أن أجعله سرًّا لم أجعله علانيةً، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اجعلها في فقراء أهلك.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن ثابتٍ، عن أنس بن مالكٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} قال أبو طلحة: يا رسول اللّه، إنّ اللّه يسألنا من أموالنا، اشهد أنّي قد جعلت أرضي بأريحا للّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: اجعلها في قرابتك فجعلها بين حسّان بن ثابتٍ وأبيّ بن كعبٍ.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، قال: حدّثنا ليثٌ، عن ميمون بن مهران، أنّ رجلاً سأل أبا ذرٍّ أيّ الأعمال أفضل؟ قال: الصّلاة عماد الإسلام، والجهاد سنام العمل، والصّدقة شيءٌ عجيبٌ، فقال: يا أبا ذرٍّ، لقد تركت شيئًا هو أوثق عملي في نفسي لا أراك ذكرته فقال: ما هو؟ قال: الصّيام، فقال: قربةٌ، وليس هنا وتلا هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني داود بن عبد الرّحمن المكّيّ، عن عبد اللّه بن عبد الرّحمن بن أبي حسينٍ، عن عمرو بن دينارٍ، قال: لمّا نزلت هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} جاء زيدٌ بفرسٍ له يقال لها: سبل إلى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فقال: تصدّق بهذه يا رسول اللّه، فأعطاها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ابنة أسامة بن زيد بن حارثة، فقال: يا رسول اللّه إنّما أردت أن أتصدّق به، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: قد قبلت صدقتك.
- حدّثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرّزّاق، قال: أخبرنا معمرٌ، عن أيّوب، وغيره: أنّها حين نزلت: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} جاء زيد بن حارثة بفرسٍ له كان يحبّها، فقال: يا رسول اللّه هذه في سبيل اللّه، فحمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليها أسامة بن زيدٍ، فكأنّ زيدًا وجد في نفسه، فلمّا رأى ذلك منه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: أما إنّ اللّه قد قبلها). [جامع البيان: 5/572-577]

قال ابن أبي حاتم عبد الرحمن بن محمد ابن إدريس الرازي (ت: 327هـ): (لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ (92)
قوله تعالى: لن تنالوا البر
[الوجه الأول]
- أخبرنا العبّاس بن الوليد بن مزيدٍ قراءةً، أخبرني محمّد بن شعيبٍ، أخبرني شيبان، حدّثني إسحاق السّبيعيّ، عن أبيه، عن أبي عبيدة، عن أبيه عبد اللّه لن تنالوا البرّ قال: البرّ: الجنّة.
- حدّثنا أبي، ثنا دحيمٌ، ثنا الوليد، عن شيبان، عن عاصمٍ عن زرٍّ، عن عبد اللّه فذكر مثله. قال أبو محمّدٍ: وروي عن عمرو بن ميمونٍ، والسدي نحو ذلك.
[الوجه الثّاني]
- قرأت على محمّد بن الفضل، ثنا محمّد بن عليٍّ، أنبأ محمّد بن مزاحمٍ، عن بكير بن معروفٍ عن مقاتل بن حيّان في قوله: لن تنالوا البرّ التّقوى.
الوجه الثّالث:
- حدّثنا حجّاج بن حمزة، ثنا شبابة، ثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: قوله: البرّ قال: ما ثبت في القلوب من طاعة اللّه.
قوله تعالى: حتّى تنفقوا ممّا تحبّون
- أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قراءةً، أنبأ وهبٌ أنّ مالكاً أخبره، عن إسحاق بن عبد اللّه بن أبي طلحة سمع أنس بن مالكٍ يقول: كان أبو طلحة أكثر أنصاريٍّ بالمدينة مالا من نخلٍ، وكان أحبّ أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يدخلها ويشرب من ماءٍ فيها طيّبٍ.
قال أنسٌ: فلمّا نزلت هذه الآية: لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون قام أبو طلحة إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال: يا رسول اللّه: إنّ اللّه يقول في كتابه: لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإنّ أحبّ أموالي إليّ بيرحاء وإنّها صدقةٌ للّه أرجو برّها وذخرها عند اللّه، فضعها يا رسول اللّه حيث شئت، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: بخٍ ذلك مالٌ (رابحٌ) ، وقد سمعت ما قلت فيها، وإنّي أرى أن تجعلها في الأقربين- قال أبو طلحة: أفعل يا رسول اللّه، فقسّمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
- حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى بن سعيدٍ القطّان، ثنا عثمان ابن عمر، ثنا مالكٌ يعني: ابن مغولٍ، عن إبراهيم بن مهاجرٍ، عن مجاهدٍ، أنّ ابن عمر كان يصلّي فقال: لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون فأعتق جاريةً كان أراد أن يتزوّجها
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سفيان بن عيينة عن محمّد بن المنكدر قال: لمّا نزلت: لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون جاء زيدٌ بفرسٍ له يقال له: سبلٌ، فقال: هذا يا رسول اللّه في سبيل اللّه، فقال لأسامة: خذها.
قال: فكأنّه وجد في نفسه، فقال: قد قبلها اللّه منك.
قوله تعالى: وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليمٌ
- أخبرنا موسى بن هارون الطّوسيّ فيما كتب إليّ، ثنا الحسين بن محمّدٍ المرّوذيّ، ثنا شيبان بن عبد الرّحمن، عن قتادة قوله: وما تنفقوا من شيءٍ فإنّ اللّه به عليم يقول محفوظ ذلك لكم واللّه به عليمٌ شاكرٌ له). [تفسير القرآن العظيم: 2/703-704]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92].
- عن عبد اللّه بن عمر قال: حضرتني هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92]، فذكرت ما أعطاني اللّه عزّ وجلّ فلم أجد شيئًا أحبّ إليّ من مرجانة، جاريةٍ لي روميّةٍ. فقال: هي حرّةٌ لوجه اللّه، فلو أنّي أعود في شيءٍ جعلته للّه لنكحتها.
رواه البزّار، وفيه من لم أعرفه). [مجمع الزوائد: 6/326]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا أبو الخطّاب زياد بن الحارث الحسّانيّ، ثنا يزيد بن هارون، أبنا محمّد بن عمرٍو، عن أبي عمرو بن حمّاسٍ، عن حمزة بن عبد اللّه بن عمر، قال: قال عبد اللّه: حضرتني هذه الآية: {لن تنالوا البرّ حتّى تنفقوا ممّا تحبّون} [آل عمران: 92] فذكرت ما أعطاني اللّه عزّ وجلّ، فلم أجد شيئًا أحبّ إليّ من مرجانة - جاريةٌ لي روميّةٌ - فقال: هي حرّةٌ لوجه اللّه، فلو أنّي أعود في شيءٍ جعلته للّه، لنكحتها.
قال البزّار: لا نعلمه يروى عن عبد اللّه بن عمر، إلا بهذا الإسناد). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/42-43]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (حدّثنا محمّد بن معاوية بن صالحٍ، ثنا خلف بن خليفة، عن حميدٍ الأعرج، وهو ابن عطاءٍ، عن عبد اللّه بن الحارث، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، قال: لمّا نزلت: {من ذا الّذي يقرض اللّه قرضًا حسنًا} [البقرة: 245] قال أبو الدّحداح: يا رسول اللّه! وإنّ اللّه يريد منّا القرض؟ قال: «نعم يا أبا الدّحداح» قال: فإنّي أقرضت ربّي حائطي، حائطًا فيه ستّ مائة نخلةٍ، ثمّ جاء يمشي حتّى أتى الحائط وفيه أمّ الدّحداح في عيالها، فناداها: يا أمّ الدّحداح! قالت: لبّيك، قال: اخرجي، فإنّي قد أقرضت ربّي حائطًا فيه ستّ مائة نخلةٍ.
قال البزّار: لا نعلمه يروى عن ابن مسعودٍ إلا بهذا الإسناد، ولا رواه عن حميدٍ إلا خلفٌ). [كشف الأستار عن زوائد البزار: 3/43]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 92.
أخرج مالك وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن أنس قال: كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا
رسول الله حيث أراك الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بخ ذاك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين، فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه.
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود والنسائي، وابن جرير عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله يسألنا من أموالنا أشهد أني قد جعلت أرضي بأريحا لله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلها في قرابتك، فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب.
وأخرج أحمد، وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن جرير، وابن المنذر، وابن مردويه عن أنس قال: لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} أو هذه الآية (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا) قال أبو طلحة: يا رسول الله حائطي الذي بكذا وكذا صدقة ولو استطعت أن أسره لم أعلنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعله في فقراء أهلك.
وأخرج عبد بن حميد والبزار عن ابن عمر قال: حضرتني هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من مرجانة جارية لي رومية فقلت هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شيء جعلته لله لنكحتها فأنكحها نافعا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء، فدعا بها عمر فقال: إن الله يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فأعتقها عمر.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن محمد بن المنكدر قال: لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} جاء زيد بن حارثة بفرس له يقال لها شبلة لم يكن له مال أحب إليه منها فقال: هي صدقة، فقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمل عليها ابنه أسامة فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك في وجه زيد فقال: إن الله قد قبلها منك.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن دينار، مثله
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير من طريق معمر عن أيوب وغيره أنها حين نزلت {لن تنالوا البر} الآية جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها فقال: يا رسول
الله هذه في سبيل الله فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد فكأن زيدا وجد في نفسه، فلما رأى ذلك منه النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أما إن الله قد قبلها.
وأخرج عبد بن جميد عن ثابت بن الحجاج قال: بلغني أنه لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} قال زيد: اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب إلي من فرسي هذه فتصدق بها على المساكين فأقاموها تباع وكانت تعجبه، فسأل النّبيّ صلى الله عليه وسلم فنهاه أن يشتريها.
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران أن رجلا سأل أبا ذر أي الأعمال أفضل قال: الصلاة عماد الإسلام والجهاد سنام العمل والصدقة شيء عجيب، فقال: يا أبا ذر لقد تركت شيئا هو أوثق عملي في نفسي لا أراك ذكرته قال: ما هو قال: الصيام فقال: قربة وليس هنا، وتلا هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}.
وأخرج عبد بن حميد عن رجل من بني سليم قال: جاورت أبا ذر بالربذة وله فيها قطيع إبل، له فيها راع ضعيف فقلت: يا أبا ذر ألا أكون لك صاحبا أكنف راعيك وأقتبس منك بعض ما عندك لعل الله أن ينفعني به فقال أبو ذر: إن صاحبي من أطاعني فإما أنت مطيعي فأنت لي صاحب وإلا فلا، قلت: ما الذي تسألني فيه الطاعة قال: لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله، قال: فلبثت معه ما شاء الله ثم ذكر له في الماء حاجة فقال: ائتني ببعير من الإبل فتصفحت الإبل فإذا أفضلها فحلها ذلول فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها فجئت بها فحانت منه نظرة فقال: يا أخا بني سليم خنتني، فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت الفحل فجئت به فقال لجلسائه: من رجلان يحتسبان عملهما قال رجلان: نحن، قال: أما لا فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزئوا لحمه على عددهم واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها ففعلوا، فلما فرق اللحم دعاني فقال: ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك قلت: ما نسيت وصيتك ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم إليه فتركته فقال: ما تركته إلا لحاجتي
إليه قلت: ما تركته إلا لذلك قال: أفلا أخبرك بيوم حاجتي إن يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي فذلك يوم حاجتي، إن في المال ثلاثة شركاء: القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم وأنت الثالث فإن استطعت أن لا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن مع أن الله يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} وإن هذا المال مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي.
وأخرج أحمد عن عائشة قالت: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم ينه عنه قلت: يا رسول الله أفلا نطعمه المساكين قال: لا تطعموهم مما لا تأكلون.
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن طريق مجاهد عن ابن عمر أنه لما نزلت {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} دعا بجارية له فأعتقها.
وأخرج أحمد في الزهد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: قرأ ابن عمر وهو يصلي فأتى على هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} فأعتق جارية له وهو يصلي أشار إليها بيده.
وأخرج ابن المنذر عن نافع قال: كان ابن عمر يشتري السكر فيتصدق به فنقول له: لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا فيقول: إني أعرف الذي تقولون ولكن سمعت الله يقول {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وابن عمر يحب السكر.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله {لن تنالوا البر} قال: الجنة.
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون والسدي، مثله.
وأخرج ابن المنذر عن مسروق، مثله.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن قتادة في الآية قال: لن تنالوا بركم حتى تنفقوا مما يعجبكم ومما تهوون من أموالكم {وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} يقول محفوظ: ذلك لكم والله به عليم شاكر له). [الدر المنثور: 3/660-666]


رد مع اقتباس