الموضوع: مِن
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 27 ذو الحجة 1438هـ/18-09-2017م, 05:06 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "من" المكسورة "الميم"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "من" المكسورة "الميم"
اعلم أن "من" تنقسم قسمين: قسم لا تكون زائدة وقسم تكون زائدة.
فالقسم الذي لا تكون زائدةً لها خمسةٌ مواضع:
الموضع الأول: أن تكون لابتداء الغاية في المان فهي بمنزلة
"مذ" في الزمان فتقول: رأيت الهلال "من" داري، وجلبتُ الطعام "من" البصرة إلى الكوفة، قال الله تعالى: {مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ}، وقال: {مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ}، وقال: {وَاللَّهُ مِنْ وَرَائِهِمْ مُحِيطٌ}، ولا تدخل على الزمان إلا على تقدير المصدر، كما ذُكر في باب "مذ".
الموضع الثاني: أن تكون لابتداء الغاية وانتهائها، نحو: أخذتُ الدراهم
"من" الكيس "من" داري.
الموضع الثالث: أن تكون لبيان الجنس نحو قولك: قبضتُ رطلًا
"من" قمح وكرًّا "من" شعير، ومنًّا "من" سمن، وخاتمًا "من" حديد، ومشيتُ ميلًا "من" الأرض، قال الله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ}، وقال: {وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}، وأما قوله تعالى: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ} فـ "من" الأولى فيها لابتداء الغاية كما تقدم، و"مَنْ" الثانية لبيان الجنس، والمعنى: "من" جبالٍ "من" بردٍ في السماء. وقد قيل إنها لغير ذلك وهذا أظهر.
الموضع الرابع: أن تكون للتبعيض نحو: كُل
"من" هذا الطعام والبس "من" هذه الثياب وخذ "من" هذه الدراهم، ومنه قوله تعالى: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}، وتحتمل "مِنْ" في قوله تعالى: {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا}، أن يكون المعنى: بعض ما رزقكم الله وكثيرًا ما تقرب التي للتبعيض تقدرُ بـ «بعض»، والتي لبيان الجنس تقدرُ بتخصيص الشيء دون غيره، فاعلمه.
الموضع الخامس: أن تكون للمزاولة بمعنى
"عن" تقول: رويته "من" فلانٍ، وأخذته "من" حاجةٍ، قال الله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، أي: "عن" ذلك كله.
القسم الذي تكون فيه زائدةً تنقسم قسمين: قسم لنفي الجنس وقسم لاستغراق نفيه، ولكل واحدة منهما ثلاثة مواضع: النفي والاستفهام والنهي، وكل واحدٍ منهما في الفاعل والمفعول والمبتدأ، إلا النهي فهو فيهما دون المبتدأ.
الموضع الأول: النفي في الفاعل، نحو: ما قام
"من" رجلٍ، فهذا لنفي الجنس، المعنى: ما قام رجل، وفي المفعول: ما رأيت "من" رجلٍ، المعنى: ما رأيت رجلًا، وفي المبتدأ: ما لك "من" حولٍ ولا قوة، المعنى: ما لك حولٌ ولا قوةٌ، قال الله تعالى: {مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}، وتقول في التي لاستغراقه في الفاعل: ما جاء "من" أحدٍ، المعنى: ما جاء أحدٌ، وفي المفعول: ما رأيت "من" أحد، أي: ما رأيتُ أحدًا، وفي المبتدأ: ما في الدار "من" أحدٍ، أي: ما في الدار أحدٌ، قال الشاعر:
.... .... .... .... ..... عيت جوابًا وما بالربع من أحدٍ
والفرقُ بين نفي الجنس واستغراق نفيه أن التي لنفي الجنس يحتمل ما بعدها أن ينفي مفرده اللفظي أو جنسه المعنوي، فيحتمل أن تريد جنس الرجال، ويحتمل أن تريد الرجل الواحد، والتي لاستغراقه لا تنفي إلا الجنس بكليته ولا تبقي منه شيئًا، فاعلمه.
الموضع الثاني: الاستفهام في الفاعل، نحو: هل قام
"من" رجلٍ، أي: هل قام رجلٌ، فهذه لنفي الجنس، وفي المفعول: هل رأيت "من" رجلٍ، أي: رجلًا، وفي المبتدأ: هل في الدار "من" رجلٍ، أي: رجلٌ، قال الشاعر:
هل علي ويحكما ..... إن عشقتُ من حرج
وتقول في الذي لاستغراقه في الفاعل: هل قام "من" أحدٍ، أي: هل قام أحدٌ وفي المفعول: هل رأيت "من" أحدٍ، أي: أحدًا، وفي المبتدأ: هل في الدار "من" أحدٍ أي: أحدٌ.
والفرق بين الجنس واستغراقه في الاستفهام هو الفرق بينهما في موضع النفي، فاعرفه.
الموضع الثالث: النهي في الفاعل، نحو: لا يقم
"من" رجلٍ، أي: [لا] يقم رجل، فهذه لنفي الجنس، وفي المفعول: لا تضرب "من" رجلٍ، أي: رجلًا، ولا يصحُ النهي في المبتدأ، إذ لا يكون إلا في الفعل، وتقول في الذي لاستغراقه في الفاعل: لا يقم "من" أحدٍ، أي: أحدٌ، وفي المفعول: لا تضرب "من" أحدٍ، أي: أحدًا، ولا يصحُّ في المبتدأ لما تقدم، والفرق بين الجنس واستغراقه في النهي هو الفرق بينهما في النفي والاستفهام، فاعلمه.
وقد تكون
"من" زائدةً عند الكوفيين في الواجب، وحكوا: «قد كان "من" مطرٍ»، وهو عند البصريين غير الأخفش مؤول، أي: حادثٌ "من" مطر، أو كائن "من" مطر، وبعدُ فهو قليل لا يُقاس عليه.
واعلم أن من العرب من يحذفُ
"نون" "من" إذا كان بعدها "لام" التعريف، فيقول: مل قوم في: "من" القوم، وملآن في: "من" الآن، قال الشاعر:
أبلغ أبا دختنوس مألكةً .... غير الذي [قد] يُقال ملكذب
وقال آخر:
كأنهما ملآن لم يتغيرا ..... وقد مر للدارين من بعدنا عصرُ
أي: "من" الآن). [رصف المباني:322 - 326]


رد مع اقتباس