عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 11 محرم 1436هـ/3-11-2014م, 12:05 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
{لإيلاف قريشٍ * إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف * فليعبدوا ربّ هذا البيت * الّذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوفٍ}.
هذه السورة مفصولةٌ عن التي قبلها في المصحف الإمام، كتبوا بينهما سطر: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم، وإن كانت متعلّقةً بما قبلها، كما صرّح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأنّ المعنى عندهما: حبسنا عن مكّة الفيل، وأهلكنا أهله؛ {لإيلاف قريشٍ}. أي: لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين.
وقيل: المراد بذلك ما كانوا يألفونه من الرّحلة في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشّام في المتاجر وغير ذلك، ثم يرجعون إلى بلدهم آمنين في أسفارهم؛ لعظمتهم عند الناس؛ لكونهم سكّان حرم اللّه، فمن عرفهم احترمهم، بل من ضوى إليهم وسار معهم أمن بهم، وهذا حالهم في أسفارهم ورحلتهم في شتائهم وصيفهم.
وأمّا في حال إقامتهم في البلد، فكما قال اللّه: {أو لم يروا أنّا جعلنا حرماً آمناً ويتخطّف النّاس من حولهم}. ولهذا قال: {لإيلاف قريشٍ إيلافهم} بدلٌ من الأوّل ومفسّرٌ له ولهذا قال: {إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}.
وقال ابن جريرٍ:
«الصواب أنّ اللام لام التّعجّب»، كأنه يقول: أعجبوا لإيلاف قريشٍ ونعمتي عليهم في ذلك، قال: وذلك لإجماع المسلمين على أنّهما سورتان منفصلتان مستقلّتان). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 491-492]

تفسير قوله تعالى: {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ أرشدهم إلى شكر هذه النّعمة العظيمة فقال: {فليعبدوا ربّ هذا البيت}. أي: فليوحّدوه بالعبادة كما جعل لهم حرماً آمناً وبيتاً محرّماً؛ كما قال تعالى: {قل إنّما أمرت أن أعبد ربّ هذه البلدة الّذي حرّمها وله كلّ شيءٍ وأمرت أن أكون من المسلمين}). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 492]

تفسير قوله تعالى: {الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {الّذي أطعمهم من جوعٍ}. أي: هو ربّ البيت، وهو الذي أطعمهم من جوعٍ.
{وآمنهم من خوفٍ}. أي: تفضّل عليهم بالأمن والرّخص؛ فليفردوه بالعبادة وحده لا شريك له، ولا يعبدوا من دونه صنماً ولا ندًّا ولا وثناً؛ ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع اللّه له بين أمن الدّنيا وأمن الآخرة، ومن عصاه سلبهما منه، كما قال تعالى: {ضرب اللّه مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنّةً يأتيها رزقها رغداً من كلّ مكانٍ فكفرت بأنعم اللّه فأذاقها اللّه لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون * ولقد جاءهم رسولٌ منهم فكذّبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون}.
وقد قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عبد اللّه بن عمرٍو العدنيّ، حدّثنا قبيصة، حدّثنا سفيان، عن ليثٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسماء بنت يزيد قالت: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:
«ويل أمّكم قريشٍ {لإيلاف قريشٍ}».
ثمّ قال: حدّثنا أبي، حدّثنا المؤمّل بن الفضل الحرّانيّ، حدّثنا عيسى -يعني ابن يونس- عن عبيد اللّه بن أبي زيادٍ، عن شهر بن حوشبٍ، عن أسامة بن زيدٍ قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول:
«{لإيلاف قريشٍ * إيلافهم رحلة الشّتاء والصّيف}. ويحكم يا معشر قريشٍ، اعبدوا ربّ هذا البيت الذي أطعمكم من جوعٍ وآمنكم من خوفٍ».
هكذا رأيته عن أسامة بن زيدٍ، وصوابه عن أسماء بنت يزيد بن السّكن أمّ سلمة الأنصاريّة، رضي اللّه عنها، فلعلّه وقع غلطٌ في النّسخة أو في أصل الرّواية. واللّه أعلم). [تفسير القرآن العظيم: 8/ 492]


رد مع اقتباس