الموضوع: حرف القاف
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:21 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ)
(حرف "القاف")
قال أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ): ( (حرف "القاف")
"قد": حرفية واسمية،
فالحرفية لها خمسة معان:
أحدها: التوقع، وذلك واضح في المضارع نحو: "قد" يقدم الغائب اليوم إذا كنت تتوقع قدومه، وأما مع الماضي فأثبته الأكثرون، قال خليل: يقال: "قد" فعل لقوم ينتظرون الفعل، ومنه قول المؤذن:"قد" قامت الصلاة؛ لأن الجماعة منتظرون لذلك، قال ابن هشام: والذي يظهر لي أنها لا تفيد التوقع أصلًا، وعبارة ابن مالك في ذلك حسنة، فإنه قال: إنها تدخل على ماض متوقع، ولم يقل: إنها تفيد التوقع، ولم يتعرض للتوقع في الداخلة على المضارع البتة، وهذا الحق.
الثانية: تقريب الماضي من الحال، تقول: قام زيد، فيحتمل الماضي القريب والماضي البعيد، فإن قلت:
"قد" قام، اختص بالقريب، ولا تدخل على "ليس" و"عسى" و"نعم" و"بئس".
الثالث: التقليل، نحو:
"قد" يصدق الكذوب، و"قد" يجود البخيل، وزعم بعضهم أن التقليل مستفاد من فحوى الكلام.
الرابع: التكثير، قال سيبويه في قول الهذلي:
قد أترك القرن مصفرًا أنامله .... كأن أثوابه مجت بفرصاد
وقال الزمخشري في: {قد نرى تقلب وجهك}، معناه: تكثير الرؤية، ثم استشهد بالبيت، واستشهد جماعة على ذلك ببيت العروض:
قد أشهد الغارة الشعواء تحملني .... جرداء معروقة اللحيين سرحوب
الخامس: التحقيق، نحو: {قد أفلح من زكاها}، وحمل عليه بعضهم: {قد يعلم ما أنتم عليه}.
السادس: النفي، حكى ابن سيدة:
"قد" كنت في خير فتعرفه، بنصب تعرفه، وهذا غريب، وإليه أشار في التسهيل بقوله: وربما نفي "بقد" فتنصب الجواب بعدها، قال ابن هشام: وإن كانا إنما حكما بالنفي لثبوت النصب فغير مستقيم لمجيء قوله: والحق بالحجاز فاستريحا.
وقراءة بعضهم: (بل نقذف بالحق على الباطل فندمغه)، ولا تفصل
"قد" عن الفعل إلا بالقسم، كقوله:
فقد والله بين لي عنائي .... بوشك فراقهم صرد يصيح
وسمع "قد" لعمري بت ساهرًا، و"قد" يحذف بعدها لدليل، كقول النابغة:
أزف الترحل غير أن ركابنا .... لم تزل برحالنا وكأن قد
أي: وكان "قد" زالت، والركاب هنا: الإبل، ولما تزل: من الزوال وهو الذهاب.

الوجه الثاني: أن تكون "قد" اسمًا مرادفًا لحسبن وهي على نوعين:
مبنية، وهو الغالب لشبهها "بقد" الحرفية في اللفظ، ولكثير من الحروف في الوضع، فيقال فيها: "قد" زيد درهم بالسكون و"قدني" "بالنون" حرصًا على بقاء السكون.
ومعربة، وهو قليل، يقال: "قد" زيد درهم، بالرفع، كما يقال: حسب زيد درهم و"قدى"، بغير "نون" كما يقال حسبي.
وتكون اسم فعل مرادفة ليكفي، تقول:
"قد" زيدا درهم و"قدني" درهم، كما يقال: يكفي زيدًا درهم ويكفيني درهم، ويحتمل عندي أن "النون" هنا أصلية، "فقد" حكى صاحب القاموس: أن "القدن": الكفاية والحسب.

"قط": على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون ظرف زمان لاستغراق ما مضى، وهذه بفتح "القاف" وتشديد "الطاء" مضمومة في أفصح اللغات، وتختص بالنفي، يقال: ما فعلته "قط"، والعامة تقول: لا أفعله "قط"، وهو لحن، واشتقاقه من "قط" بمعنى قطع، فمعنى ما فعلته "قط": ما فعلته فيما انقع من عمري.
قال العلامة الشارح: ومن استعمالها في الإثبات قول بعض الصحابة: «قصرنا الصلاة في السفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر ما كنا قط»، أي: أكثر وجودنا فيما مضى، اهـ.
وقال العلامة الخفاجي في شرح درة الغواص: قالوا: ولا يعمل فيه إلا الماضي، و
"قد" ورد ما يخالفه في كلام الناس وفي كلام الزمخشري في تفسير قوله تعالى: {فمنهم مقتصد}، أن ذلك الإخلاص الحادث عند الخوف لا يبقى لأحد "قط"، فاعمل فيه لا يبقى، وهو مضارع.
وقال أبو حيان في البحر بعد نقله كثرة استعمال الزمخشري:
"قط" ظرف، والعامل فيه غير ماض وهو مخالف لكلام العرب، و"قد" ترد في الإثبات كما قاله ابن مالك، واستشهد له بما وقع في الحديث كما في البخاري في قوله: «قصرنا الصلاة في السفر» الحديث.
وفي شرح البخاري للكرماني: فإن قلت: شرط
"قط" أن تستعمل بعد النفي، قلت: أولًا لا نسلم ذلك، "فقد" قال المالكي: استعمال "قط" غير مسبوقة بالنفي مما خفي على النحاة، و"قد" جاء في الحديث بدونه وله نظائر، وثانيًا أنها بمعنى أبدًا على سبيل المجاز.
وقال ابن هشام في القواعد: ما أفعله
"قط"، لحن لاستعماله في غير موضعه، واعترض عليه ابن جماعة في شرحه بأنه غير صحيح، وقصاره استعمال اللفظ في غير ما وضع له فيكون مجازًا لا لحنًا، وجعله من اللحن عجيب؛ إذ لا خلل في إعرابه، اهـ، وليس بشيء؛ لأن اللحن بمعنى مطلق الخطأ، وهم كثيرًا ما يستعملونه بهذا المعنى، اهـ.
وقال أبو البقاء في الكليات: وربما تستعمل
"قط" بدون النفي نحو: كنت أراه "قط"، أي: دائمًا، وفي سنن أبي داود: «توضأ ثلاثًا قط»، وقد تدخل عليه "الفاء" للتزيين، فأنه جواب شرط محذوف، فإذا قيل: "فقط"، فالمعنى انته، ولا تتجاوز عنه إلى غيره، وقد تكسر "قط" على التقاء الساكنين، وقد تتبع "قافه" "طاءه" في الضمن و"قد" تخفف "الطاء" مع الضم.

الثاني: أن تكون بمعنى: "حسب"، وهذه مفتوحة "القاف" ساكنة "الطاء"، يقال: "قطي" و"قطك" و"قط" زيد درهم، كما يقال: "حسبي" و"حسبك" و"حسب"زيد درهم، إلا أنها مبنية لأنها موضوعة على حرفين وحسب معرفة.

الثالث: أن تكون اسم فعل بمعنى: "يكفي"، فيقال: "قطني" "بنون" الوقاية، كما يقال: "يكفيني"، ويجوز "نون" الوقاية في التي بمعنى "حسب" حفظًا للبناء على السكون، كما يجوز في "عن"، و"لدن" لذلك). [غنية الطالب: 202 - 205]


رد مع اقتباس