الموضوع: ليس
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 05:48 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "ليس":
كلمة نفي لمضمون الجملة في الحال تقول: "ليس" زيد قائمًا الآن ولا تقول: "ليس" زيد قائمًا غدًا.
ثم قال قوم: لا تكون إلا حرفًا، والصحيح أنها فعل جامد ترفع الاسم وتنصب الخبر وقد تكون حرفًا وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
وتستعمل على خمسة أوجه، والمعنى واحد:
الأول: الناسخة للمبتدأ والخبر عن حالته، فترفع الاسم وتنصب الخبر نحو: {أليس الله بكافٍ عبده}.
الثاني: أن يضمر فيها اسمها على معنى البيان والقصة فيرتفع الاسمان بعدها كقول الشاعر:
هي الشفاء لدائي لو ظفرت بها ..... وليس منها شفاءُ الداء مبذول
الثالث: تكون استثناء فينتصب الاسم بعدها على الخبر ويضمر فيها اسمها وجوبًا كقولك: قام القوم "ليس" زيدًا، أي: "ليس" هو زيدًا، وهي في جميع ذلك فعل ناقص، ويقال: إن هذه المسألة كانت السبب لقراءة سيبويه النحو، وذلك أنه جاء إلى حماد بن سلمة لكتابة الحديث فاستملى منه قوله صلى الله عليه وسلم: «ليس من أصحابي أحد إلا لو شئت لأخذت عليه ليس أبا الدرداء» فقال سيبويه: ليس أبو الدرداء، فصاح به حماد: لحنت يا سيبويه، إنما هو استثناء، فقال: والله لأطلبن علمًا لا يحلنني معه أحد، ثم مضى ولزم الأخفش وغيره.
الرابع: تكون حرفًا بمعنى "ما" ويبطل عملها إذا دخلت إلا على الخبر، كقولك: "ليس" زيد إلا قائم، كما تقول: "ما" زيد إلا قائم، وحكي عنهم "ليس" الطيب إلا المسك، بالرفع على معنى: "ما" الطيب إلا المسك، وحكي عنهم: "ليس" خلق الله مثله، ومعناه: "ما" خلق الله مثله، وهذه لغة بني تميم، حكى ذلك عنهم أبو عمرو بن العلاء فبلغ ذلك عيسى بن عمر الثقفي فجاءه فقال: يا أبا عمرو "ما" شيء بلغني عنك؟ ثم ذكر ذلك، فقال له أبو عمرو: نمت وأدلج الناس "ليس" في الأرض تميمي إلا وهو يرفع، ولا حجازي إلا وهو ينصب، ثم قال لليزيدي ولخلف الأحمر: إذهبا إلى أبي مهدي فلقناه الرفع فإنه لا يرفع، وإلى المنتجع التميمي فلقناه النصب فإنه لا ينصب، فأتياهما وجهدًا بكل منهما أن يرجع عن لغته فلم يفعلا ذلك، فأخبرا أبا عمرو وعنده عيسى فقال له عيسى: بهذا فقت الناس.
الخامس: تكون حرفًا عاطفًا على مذهب الكوفيين بمنزلة "لا" كقولك: جاءني زيد "ليس" عمرو، وأنشدوا قول لبيد:
وإذا جوزيت قرضًا فاجزه ..... إنما يجزي الفتى ليس الجمل
والبصريون يمنعن ذلك ويروونه:
إنما يجزي الفتى غير الجمل
قال سيبويه: رأيت زيدًا "ليس" عمرًا، لكنه يكون على تقدير العطف فعلًا بلا فاعل.
وقال الكسائي: أجريت "ليس" مجرى "لا" وأنشد للكوفيين قول جرير:
ترى أثرًا بركبتها مضيئًا ..... من التبراك ليس من الصلاة
يريد: "لا" من الصلاة، وقول الآخر:
أين المفر والإله الطالبُ ..... والأشرمُ المغلوب ليس الغالب).
[مصابيح المغاني: 391 - 394]


رد مع اقتباس