الموضوع: حرف الهاء
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 11:56 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "الهاء"
باب "الهاء" المفردة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ):(باب "الهاء"
اعلم أن "الهاء" جاءت في كلام العرب مفردةً ومركبةً مع غيرها من الحروف.

باب "الهاء" المفردة
اعلم أن "الهاء" المفردة تنقسم قسمين: قسمٌ هي أصل وقسمٌ بدل من أصل.
فالقسمُ التي هي أصل لها في الكلام خمسة مواضع.
الموضع الأول: أن تكون للوقف، وذلك لمعنيين: أحدهما: بيان الحركة في كل مبني متحركٍ، نحو قولك في غلامي في الوقف: غلاميه، وفي هو: هوه، وفي هي: هيه، قال الله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ}، وقوله تعالى: {وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ}، وقال الشاعر:
إذا ما ترعرع فينا الغلام .... فما إن يقال له: من هوه
المعنى الثاني: بيان "الألف"، نحو قولك في الندبة: وازيداه، واعمراه، فإذا وقفت أثبت "الهاء"، وإذا وصلت حذفت، ولا يجوز إثباتها إلا في الضرورة كقوله:
.... .... .... .... .... يا مرحباه بحمارٍ ناجيه
وقول الآخر:
وقد رابني قولها يا هنا .... ويحك ألحقت شرًّا بشرّ
عند من جعل الأصل «هنا» وهي كنايةٌ عن رجل.
الموضع الثاني: أن تكون للإطلاق في القوافي، كما تكون
"الألف" لذلك، لأنها تُسرح القافية إلى الحركة من التقييد، وهو السكون كما تفعل "الألفُ"، وذلك نحو قول الشاعر:
أُكْسُ بُنياتي وأمهنه .... أقسمُ بالله لتفعلنه
وقوله:
وقائلةٍ: أسيت فقلت جيرٍ .... أسيٌّ إنني من ذاك إنه
على أحد القولين، وهذا الموضع في التحقيق راجع إلى الوقف، إلا أنه في القوافي، فمن هذا الوجه ينقسم، والأول يكون في القوافي وغيرها فخالفه.
الموضع الثالث: أن تكون عوضًا من حركة عين الفعل كما كانت
"السين" في «أسطاع» وذلك في: أهراق يُهريق إهراقه، ومنه قوله:
فلما دنت إهراقةُ الماء أنصتت .... لأنزعه عنها وفي النفس أن أثني
وقوله:- وكنتُ كمهريق الذي في سقائه .... لرقراق آل فوق رابيةً صلد
وقوله:
فأصبحت كالمهريق فضلة مائه .... لضاحي سراب بالملا يترقرق
الموضع الرابع: أن تكون في جمع «أم» دلالة على من يعقل، كقولهم: «أُمهات» فرقًا بينه وبين ما لا يعقل، فإنه يُقال فيه: «أمات» فوزنه فُعلهات، و"الهاء" زائدة لقولهم في المصدر منه: الأمومة، كما يقولون في العم: العمومة، وقالوا: تأممت أمًا، أي: اتخذتها، قال الله تعالى: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} ، وقال: {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ}، وقد قالوا: «أُمَّات» على الأصل، قال الشاعر فجمع بينهما:
إذا الأُمهات قبحن الوجوه .... فرجت الظلام بأُمَّاتكا
وحكى الخليل في كتاب العين أنه يُقال: «تأهمت أما» فتكون "الهاء" في أمهاتها أصلًا عنده على ذلك، قال بعضهم: هذا وهمٌ من الخليل، وكذلك قال ابنُ جني: إنه وهم في هذا الموضع، وإن له في الكتاب وهمًا كثيرًا وخللًا فلا ينبغي أن يُعول عليه.
وأما ما لا يعقل فيُقال فيه: «أُمَّات» بغير
"هاءٍ" كما قال الراعي:
.... .... .... .... .... أماتهن وطرقهن فحيلا
وربما أجروها مجرى من يعقل فأدخلوا "الهاء" فقالوا: أُمهات، كما قال الشاعر:
قوال معروفٍ وفعاله .... عقار مثنى أمُهات الرِّباع
وهو قليل.
الموضع الخامس: أن تكون من بنية الكلمة، فلا تُعلل لأنها مبدأ لغة، وذلك قولهم في الكبيرة العجيزة: هركولة من الركل، وهجرع من الجرع، وهبلع من البلع، وسلهب من السلب ولا يُقاس على شيء من ذلك لقلته، وإنما يُوقف فيه مع السماع، وكذلك في الموضع قبله، فاعلمه).
[رصف المباني:399 - 403]

باب "الهاءُ" المُبدلة من الأصل
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ):(باب "الهاءُ" المُبدلة من الأصل

اعلم أن لها في الكلام أربعة مواضع:
الموضع الأول: أن تكون مبدلة من "همزة" الاستفهام، نحو قولهم فيما حكى قطرب: هزيدٌ منطلقٌ؟ وفي قول الشاعر:
وأتى صواحبها يقلن: هذا الذي .... منح المودة غيرنا وجفانا
الموضع الثاني: أن تكون بدلًا من "همزة" التعدية، نحو قولك في أرحتُ الماشية: هرحت الماشية، وفي أبرتُ الثوب: هبرت الثوب، وحكى اللحياني: هردت الشيء أهريده في أردته وأريده.
الموضع الثالث: أن تكون بدلًا من
"ألف" الوقف في «أنا» إذا وقفت عليه قلت: أنا أو أنه، حُكي من قولهم: «هكذا قصدي أنه» وإنما جعلناها بدلًا من "الألف"، لأن "الألف" في «أنا» في الوقف أكثر استعمالا من "الهاء"، لا سيما وقد ثبتت في الوصل على قراءة نافعٍ في {أنا أحيي}، {وأنا أول} ونحوهما مما جاء في القرآن "بهمزةٍ" بعده على خلافٍ عنه في المكسورة، وفي الشعر مطلقًا كما قال:
أنا سيف العشيرة .... .... .... .... .... .... ....
وكما قال الآخر:
فما أنا وانتحالي القوا .... في .... .... ....
والكثرة دلالةٌ من دلالات التصريف، وقد يُحتمل أن تكون زائدة بنفسها بمجرد الوقف فترجعُ إلى الموضع من "الهاء" الزائدة بنفسها في القسم الأول، والوجه الأول هو الأولى.
الموضع الرابع: أن تكون بدلًا من
"تاء" التأنيث بقياس في المفرد، نحو: قائمه في قائمة، وذاهبه في ذاهبة، وقالوا في الوقف على اللات: اللاه، وقالوا في العدد في الوصل: «ثلاثه وأربعه» في الوقف، و«كيف الإخوةُ والأخواه» كذلك، وقد جاءت بدلًا من "تاء" التأنيث في الحرف شاذًا، قالوا: لاه، وذلك كله موقوفٌ على السماع في المواضع المذكورة إلا المؤنث المفرد خاصة كما ذُكر). [رصف المباني:403 - 404]


رد مع اقتباس