الموضوع: منذ ومذ
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 27 ذو الحجة 1438هـ/18-09-2017م, 04:41 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



بابُ "منذُ"

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (بابُ "منذُ"
اعلم أن "منذ" يكون أبدًا بعده زمانٌ أو تقديرُ زمانٍ كما كان ذلك في "مُذ" المتقدمة الذكر، ويكون ما بعدها من الزمان مرفوعًا ومجرورًا، والرفع أكثر مجيئًا بعدها، نحو: ما رأيته "منذ" يوم الجمعة، وهي على ذلك اسم.
وقد يجيء بعدها مخفوضًا، فتكون إذ ذاك حرفًا للجر بمنزلة
"مذ" إذا خفضت، وحكمها في ذلك حكمُ المذكورة في جميع ما تختص به مما في بابها، إلا أن الخفض فيما بعدها – إذا كان – أكثرُ من "مذ"، فقس عليه أحكامها عليها تُصب إن شاء الله). [رصف المباني:328]

باب "مُذْ"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "مُذْ"
اعلم أن "مُذْ" يكون ما بعدها من الزمان مرفوعًا أو مخفوضًا، فإن كان مرفوعًا فهي اسمٌ، ولا حاجة لنا بالكلام عليها إذ ذاك، وإذا كان ما بعدها مخفوضًا فهي حرفُ جرٍ تتعلق بما قبلها من الفعل أو ما في تقديره، أو ربما بعدها إن أُخر عن مرتبته من التقديم.
ثم إنها لا يخلو أن تدخل على ما أنت فيه من الزمان كالساعة والوقت واليوم والحين أو الآن أو شبه ذلك، أو تدخل على زمان ماضٍ، فإن دخلت على ما أنت فيه كما ذكر فبابها الخفضُ، لا تخرج عنه وتتقدر بـ
"في" الظرفية فيكون معناها الوعاء فتقول: «ما رأيته "مذ" يومنا و"مذ" وقتنا و"مذ" ساعتنا و"مذ" الآن»، أي: في هذه الأوقات.
وإن دخلت على زمانٍ ماضٍ فالخفض لها فيه قليلٌ، والبابُ الكثير الرفعُ فهي حينئذٍ اسمٌ.
ثم إن الماضي كي تخفضه لا يخلو أن يكون معدودًا أو غير معدودٍ فإن كان معدودًا كانت حرف غايةٍ في المعنى، نحو: «ما رأيته
"مذ" يومين و"مذ" ثلاثة أيام»، والمعنى: أمدُ انقطاع الرؤية يومان أو ثلاثةُ أيام.
وإن كان غير معدودٍ كانت لابتداء الغاية كـ
"من" في الأمكنة نحو قولك: ما رأيته "مذ" يوم الخميس، المعنى: أمد ابتداء انقطاع الرؤية يوم الخميس قال الشاعر:
لمن الديارُ بقنةٍ الحجر ..... أقوين مُذ حججٍ ومذ دهر
رواه بعضهم: "من" حججٍ و"من" دهر، على تقدير: "من" مر حجج، و"من" مر دهر، لأن "من" لا تدخل على الأزمنة، فإن دخلت فعلى تقدير مجرورٍ غير زمان حذف وأقيم الزمان المضاف إليه مقامه كقوله تعالى:{لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}، أي: "من" تأسيس أول يوم، وكذلك قول الشاعر:
من الصبح حتى تطلع الشمس لا ترى..... من القوم إلا خارجيًا مسومًا
أي: "من" طلوع الصبح، والكوفيون يجيزون دخولها على الأزمنة بمنزلة "منذ" كما ذكرتُ لك، والصحيح ما ذكرتُ لك من التقدير بعدها، لأنه الباب فيها، وإذا أمكن أن يطرد البابُ في شيء كان أولى.
واعلم أن
"مذ" المذكورة لا بتقدمها في الأفعال إلا النفي نحو: ما رأيته "مذ" يومنا، أو الموجب الدائم نحو: سرتُ "مذ" يومنا، ولا تدخلُ إلا على الزمان لفظًا كما ذُكر أو تقديرًا نحو: ما رأيته "مذ" أن الله خلقني، التقدير: "مذ" زمن خلق الله إياي، وكذلك قولهم: ما رأيته "مذ" الحجاج أميرٌ، التقدير: "مذ" زمان أمارة الحجاج.
وإذا وقع بعدها الزمان فمن العرب من يعتدُّ بالزمان كله في العمل أو نفيه، ومنهم من يعتدُّ بالظرفين، ومنهم من يعتدُّ بالأقل دون الأكثر، ولا يقولون سرتُ
"مذ" يومين أو ثلاثة أيامٍ، ويريدون بعضها.
واختلف النحويون: هل هي حرفٌ قائمٌ بنفسه أو هي مقتطعةٌ من
"منذ".
فقال بعضهم: هي حرفٌ قائمٌ بنفسه غيرُ مقتطعٍ لأنه مبني متوغلٌ في البناء لا يُطلب له وزن، وقال بعضهم: هو مقتطعٌ من
"منذ"، واستدل بأنه إذا صغر قيل فيه: "منيذ"، والصحيح أنه إذا كان اسمًا فهو مقتطع من "منذ" بدليل التصغير المذكور وهو يردُّ الأشياء إلى أصولها، وأما إذا كان حرفًا فهو لفظٌ قائمٌ بنفسه، لا يُطلب له اشتقاقٌ ولا وزن ولا أصل، فهو لفظ مشترك بين الاسم والحرف). [رصف المباني:319 - 322]


رد مع اقتباس