عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 01:05 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آَيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ (69) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ألم تر إلى الّذين يجادلون في آيات اللّه أنّى يصرفون} يقول لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم ألم تر يا محمّد إلى هؤلاء المشركين من قومك، الّذين يخاصمونك في حجج اللّه وآياته {أنّى يصرفون} يقول: أيّ وجهٍ يصرفون عن الحقّ، ويعدلون عن الرّشد.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {أنّى يصرفون} أنّى يكذبون ويعدّلون.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {أنّى يصرفون} قال: يصرفون عن الحقّ.
واختلف أهل التّأويل في الّذين عنوا بهذه الآية، فقال بعضهم: عني بها أهل القدر.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، ومحمّد بن المثنّى، قالا: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن داود بن أبي هند، عن محمّد بن سيرين، قال: إن لم تكن هذه الآية نزلت في القدريّة، فإنّي لا أدري فيمن نزلت: {ألم تر إلى الّذين يجادلون في آيات اللّه أنّى يصرفون} إلى قوله: {لم نكن ندعو من قبل شيئًا كذلك يضل اللّه الكافرين}.
- حدّثني عليّ بن سهلٍ، قال: حدّثنا زيد بن أبي الزّرقاء، عن سفيان، عن داود بن أبي هند، عن ابن سيرين، قال: إن لم يكن أهل القدر الّذين يخوضون في آيات اللّه فلا علم لنا به.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: أخبرني مالك بن أبي الخير الزّياديّ، عن أبي قبيلٍ قال: أخبرني عقبة بن عامرٍ الجهنيّ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: سيهلك من أمّتي أهل الكتاب، وأهل اللّبن، فقال عقبة: يا رسول اللّه، وما أهل الكتاب؟ قال: قومٌ يتعلّمون كتاب اللّه يجادلون الّذين آمنوا، فقال عقبة: يا رسول اللّه، وما أهل اللّين؟ قال: قومٌ يتّبعون الشّهوات، ويضيّعون الصّلوات.
قال أبو قبيلٍ: لا أحسب المكذّبين بالقدر إلاّ الّذين يجادلون الّذين آمنوا، وأمّا أهل اللّبن، فلا أحسبهم إلاّ أهل العمود، ليس عليهم إمام جماعةٍ، ولا يعرفون شهر رمضان.
وقال آخرون: بل عنى به أهل الشّرك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {ألم تر إلى الّذين يجادلون في آيات اللّه أنّى يصرفون} قال: هؤلاء المشركون.
والصّواب من القول في ذلك ما قاله ابن زيدٍ؛ وقد بيّن اللّه حقيقة ذلك بقوله: {الّذين كذّبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا} ). [جامع البيان: 20/360-362]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {أنى يصرفون} قال: أنى يكذبون وهم يعقلون). [الدر المنثور: 13/74]

تفسير قوله تعالى: (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (70) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {الّذين كذّبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون (70) إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون (71) في الحميم ثمّ في النّار يسجرون (72) ثمّ قيل لهم أين ما كنتم تشركون (73) من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا بل لم نكن ندعو من قبل شيئًا كذلك يضلّ اللّه الكافرين}.
يقول تعالى ذكره: {ألم تر إلى الّذين يجادلون في آيات اللّه أنّى يصرفون (69) الّذين كذّبوا} بكتاب اللّه، وهو هذا القرآن؛ و{الّذين} الثّانية في موضع خفضٍ ردًّا لها على {الّذين} الأولى على وجه النّعت، {وبما أرسلنا به رسلنا} يقول: وكذّبوا أيضًا - مع تكذيبهم بكتاب اللّه - بما أرسلنا به رسلنا من إخلاص العبادة للّه، والبراءة ممّا يعبد دونه من الآلهة والأنداد، والإقرار بالبعث بعد الممات للثّواب والعقاب). [جامع البيان: 20/362]

تفسير قوله تعالى: (إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ (71) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (أنا ابن التيمي عن أبيه قال لو أن غلا من أغلال جهنم وضع على جبل لوهصه حتى يبلغ الماء الأسود). [تفسير عبد الرزاق: 2/183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {فسوف يعلمون (70) إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل} وهذا تهديدٌ من اللّه المشركين به؛ يقول جلّ ثناؤه: فسوف يعلم هؤلاء الّذين يجادلون في آيات اللّه، المكذّبون بالكتاب حقيقة ما تخبرهم به يا محمّد، وصحّة ما هم به اليوم مكذّبون من هذا الكتاب، حين تجعل الأغلال والسّلاسل في أعناقهم في جهنّم.
وقرأت قرّاء الأمصار: {والسّلاسل}، برفعها عطفًا بها على: {الأغلال} على المعنى الّذي بيّنت وذكر عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤه: (والسّلاسل يسحبون) بنصب السّلاسل، وفتح (يسحبون) بمعنى: ويسحبون السّلاسل {في الحميم}.
وقد حكي أيضًا عنه أنّه كان يقول: إنّما هو وهم في السّلاسل يسحبون، ولا يجيز أهل العلم بالعربيّة خفض الاسم والخافض مضمر. وكان بعضهم يقول في ذلك: لو أنّ متوهّمًا قال: إنّما المعنى: إذ أعناقهم في الأغلال وفي السّلاسل يسحبون، جاز الخفض في (السّلاسل) على هذا المذهب، وقال: مثله ممّا ردّ إلى المعنى قول الشّاعر:
قد سالم الحيّات منه القدما = الأفعوان والشّجاع الأرقما
فنصب الشّجاع والحيّات قبل ذلك مرفوعةٌ، لأنّ المعنى: قد سالمت رجله الحيّات وسالمتها، فلمّا احتاج إلى نصب القافية، جعل الفعل من القدم واقعًا على الحيّات.
والصّواب من القراءة عندنا في ذلك ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجّة عليه، وهو رفع السّلاسل عطفًا بها على ما في قوله: {في أعناقهم} من ذكر الأغلال.
وقوله: {يسحبون} يقول: يسحب هؤلاء الّذين كذّبوا في الدّنيا بالكتاب زبانية العذاب يوم القيامة {في الحميم} وهو ما قد انتهى حرّه، وبلغ غايته). [جامع البيان: 20/362-364]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 71 - 77.
أخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون} فقال: لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفا - الليل والنهار - قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها). [الدر المنثور: 13/74-75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط، وابن مردويه عن يعلى بن منبه رضي الله عنه رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينشى ء الله سحابة لأهل النار سوداء مظلمة يقال لها ولأهل النار أي شيء تطلبون فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون: يا ربنا الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد في أعناقهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمر يلتهب عليهم). [الدر المنثور: 13/75]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ {والسلاسل يسحبون في الحميم} ). [الدر المنثور: 13/75-76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وهو يصلي في شهر رمضان يردد هذه الآية {فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون} ). [الدر المنثور: 13/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال {يسحبون في الحميم} فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق حتى يصير في عقبه، حتى أن لحمه قدر طوله ستون ذراعا، ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق). [الدر المنثور: 13/76]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يسجرون} قال: توقد بهم النار، وفي قوله {تمرحون} قال: تبطرون وتاشرون). [الدر المنثور: 13/76]

تفسير قوله تعالى: (فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ (72) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {يسجرون} [غافر: 72] توقد بهم النّار). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله يسجرون توقد بهم النّار وصله الفريابيّ أيضًا عن مجاهدٍ بهذا). [فتح الباري: 8/555]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد إلى النجاة الإيمان ليس له دعوة يعني الوثن يسجرون توقد بهم النّار تمرحون تبطرون وكان العلاء بن زياد يذكر النّار فقال رجل لم تقنط النّاس فقال وأنا أقدر أن أقنط النّاس والله عزّ وجلّ يقول {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ويقول {وأن المسرفين هم أصحاب النّار} ولكنّكم تحبون أن تبشروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم وإنّما بعث الله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم مبشرا بالجنّة لمن أطاعه ومنذرا بالنّار لمن عصاه
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 41 غافر {أدعوكم إلى النجاة} قال إلى الإيمان باللّه
وفي قوله 43 غافر {ليس له دعوة في الدّنيا} قال الأوثان
وبه في قوله 72 غافر {ثمّ في النّار يسجرون} قال توقد بهم النّار). [تغليق التعليق: 4/299-300] (م)
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (يسجرون: توقد بهم النّار
أشار به إلى قوله عز وجل: {إذا الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثمّ في النّار يسجرون} (غافر: 72) وفسره بقوله: (توقد بهم النّار) . وعن مجاهد: يصيرون وقوداً في النّار). [عمدة القاري: 19/148]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({يسجرون}) في قوله: {ثم في النار يسجرون} [غافر: 72] أي (توقد بهم النار) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي وهو كقوله تعالى: {وقودها الناس والحجارة} [البقرة: 24] ). [إرشاد الساري: 7/324]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : ( {في الحميم} وهو ما قد انتهى حرّه، وبلغ غايته. وقوله {ثمّ في النّار يسجرون} يقول: ثمّ هم في نار جهنّم يحرقون، يقول: تسجر بهم جهنّم: أي توقد بهم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، في قوله: {يسجرون} قال: يوقد بهم النّار.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {ثمّ في النّار يسجرون} قال: يحرقون في النّار.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال. قال ابن زيدٍ، في قوله: {ثمّ في النّار يسجرون} قال: يسجرون في النّار: يوقد عليهم فيها). [جامع البيان: 20/364]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله ثم في النار يسجرون قال يقول توقد بهم النار). [تفسير مجاهد: 566]
قال محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ): (حدّثني محمّد بن صالح بن هانئٍ، ثنا السّريّ بن خزيمة، ثنا عبد اللّه بن يزيد المقرئ، ثنا سعيد بن يزيد، عن أبي السّمح، عن عيسى بن هلالٍ الصّدفيّ، عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص رضي اللّه عنهما، قال: قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم: " لو أنّ رصاصةً من هذه مثل هذه وأشار إلى مثل الجمجمة أرسلت من السّماء إلى الأرض، وهي مسيرة خمس مائة سنةٍ لبلغت الأرض قبل اللّيل، وتلا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم {إذ الأغلال في أعناقهم والسّلاسل يسحبون (71) في الحميم} [غافر: 72] الآيات «هذا حديثٌ صحيح الإسناد ولم يخرّجاه»). [المستدرك: 2/476]

تفسير قوله تعالى: (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ (73) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ثمّ قيل لهم أين ما كنتم تشركون (73) من دون اللّه} يقول: ثمّ قيل لهم: أين الّذين كنتم تشركون بعبادتكم إيّاهم من دون اللّه من آلهتكم وأوثانكم حتّى يغيثوكم فينقذوكم ممّا أنتم فيه من البلاء والعذاب، فإنّ المعبود يغيث من عبده وخدمه؛ وإنّما يقال هذا لهم توبيخًا وتقريعًا على ما كان منهم في الدّنيا من الكفر باللّه وطاعة الشّيطان، فأجاب المساكين عند ذلك فقالوا: {ضلّوا عنّا} يقولون: عدلوا عنّا، فأخذوا غير طريقنا، وتركونا في هذا البلاء، بل ما ضلّوا عنّا، ولكنّا لم نكن ندعو من قبل في الدّنيا شيئًا: أي لم نكن نعبد شيئًا؛ يقول اللّه تعالى ذكره: {كذلك يضلّ اللّه الكافرين} يقول: كما أضلّ هؤلاء الّذين ضلّ عنهم في جهنّم ما كانوا يعبدون في الدّنيا من دون اللّه من الآلهة والأوثان آلهتهم وأوثانهم، كذلك يضلّ اللّه أهل الكفر به عنه، وعن رحمته وعبادته، فلا يرحمهم فينجّيهم من النّار، ولا يغيثهم فيخفّف عنهم ما هم فيه من البلاء). [جامع البيان: 20/364]

تفسير قوله تعالى: (مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ (74) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ثمّ قيل لهم أين ما كنتم تشركون (73) من دون اللّه} يقول: ثمّ قيل لهم: أين الّذين كنتم تشركون بعبادتكم إيّاهم من دون اللّه من آلهتكم وأوثانكم حتّى يغيثوكم فينقذوكم ممّا أنتم فيه من البلاء والعذاب، فإنّ المعبود يغيث من عبده وخدمه؛ وإنّما يقال هذا لهم توبيخًا وتقريعًا على ما كان منهم في الدّنيا من الكفر باللّه وطاعة الشّيطان، فأجاب المساكين عند ذلك فقالوا: {ضلّوا عنّا} يقولون: عدلوا عنّا، فأخذوا غير طريقنا، وتركونا في هذا البلاء، بل ما ضلّوا عنّا، ولكنّا لم نكن ندعو من قبل في الدّنيا شيئًا: أي لم نكن نعبد شيئًا؛ يقول اللّه تعالى ذكره: {كذلك يضلّ اللّه الكافرين} يقول: كما أضلّ هؤلاء الّذين ضلّ عنهم في جهنّم ما كانوا يعبدون في الدّنيا من دون اللّه من الآلهة والأوثان آلهتهم وأوثانهم، كذلك يضلّ اللّه أهل الكفر به عنه، وعن رحمته وعبادته، فلا يرحمهم فينجّيهم من النّار، ولا يغيثهم فيخفّف عنهم ما هم فيه من البلاء). [جامع البيان: 20/364] (م)

تفسير قوله تعالى: (ذَلِكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَمْرَحُونَ (75) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : ( {تمرحون} [غافر: 75] تبطرون). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (قوله تمرحون تبطرون وصله الفريابيّ عن مجاهدٍ بلفظ يبطرون ويأشرون). [فتح الباري: 8/555]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله
وقال مجاهد إلى النجاة الإيمان ليس له دعوة يعني الوثن يسجرون توقد بهم النّار تمرحون تبطرون وكان العلاء بن زياد يذكر النّار فقال رجل لم تقنط النّاس فقال وأنا أقدر أن أقنط النّاس والله عزّ وجلّ يقول {يا عبادي الّذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} ويقول {وأن المسرفين هم أصحاب النّار} ولكنّكم تحبون أن تبشروا بالجنّة على مساوئ أعمالكم وإنّما بعث الله محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم مبشرا بالجنّة لمن أطاعه ومنذرا بالنّار لمن عصاه
أما أقوال مجاهد فقال الفريابيّ ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله 41 غافر {أدعوكم إلى النجاة} قال إلى الإيمان باللّه
وفي قوله 43 غافر {ليس له دعوة في الدّنيا} قال الأوثان
وبه في قوله 72 غافر {ثمّ في النّار يسجرون} قال توقد بهم النّار
وفي قوله 75 غافر {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون} قال تبطرون وتأشرون). [تغليق التعليق: 4/299-300]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (تمرحون: تبطرون
أشار به إلى قوله تعالى: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون} (غافر: 75) وفسره بقوله: تبطرون، من البطر بالباء الموحدة والطاء المهملة). [عمدة القاري: 19/148]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : ( ({تمرحون}) في قوله تعالى: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون} [غافر: 75] أي (تبطرون) وفي قوله: تفرحون وتمرحون التجنيس المحرّف وهو أن يقع الفرق بين اللفظين بحرف). [إرشاد الساري: 7/324]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تمرحون (75) ادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها فبئس مثوى المتكبّرين}.
يعني تعالى ذكره بقوله: {ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ} هذا الّذي فعلنا اليوم بكم أيّها القوم من تعذيبناكم العذاب الّذي أنتم فيه، بفرحكم الّذي كنتم تفرحونه في الدّنيا، بغير ما أذن لكم به من الباطل والمعاصي، وبمرحكم فيها، والمرح: هو الأشر والبطر.

وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن سعدٍ، قال: حدّثني أبي، قال: حدّثني عمّي، قال: حدّثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ} إلى {فبئس مثوى المتكبّرين} قال: الفرح والمرح: الفخر والخيلاء، والعمل في الأرض بالخطيئة، وكان ذلك في الشّرك، وهو مثل قوله لقارون: {إذ قال له قومه لا تفرح إنّ اللّه لا يحبّ الفرحين} وذلك في الشّرك.
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحقّ وبما كنتم تمرحون} قال: تبطرون وتأشرون.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {تمرحون} قال: تبطرون). [جامع البيان: 20/365-366]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله وبما كنتم تمرحون يقول تبطرون وتأشرون). [تفسير مجاهد: 566]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج الفريابي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله {يسجرون} قال: توقد بهم النار، وفي قوله {تمرحون} قال: تبطرون وتاشرون). [الدر المنثور: 13/76] (م)

تفسير قوله تعالى: (ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (76) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {ادخلوا أبواب جهنّم خالدين فيها} يقول تعالى ذكره: يقال لهم: ادخلوا أبواب جهنّم السّبعة من كلّ بابٍ منها جزءٌ مقسومٌ منكم {فبئس مثوى المتكبّرين} يقول: فبئس منزل المتكبّرين في الدّنيا على اللّه أن يوحّدوه، ويؤمنوا برسله اليوم جهنّم). [جامع البيان: 20/366]

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ (77) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاصبر إنّ وعد اللّه حقٌّ فإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم أو نتوفّينّك فإلينا يرجعون}.
يقول تعالى ذكره لنبيّه محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم: فاصبر يا محمّد على ما يجادلك به هؤلاء المشركون في آيات اللّه الّتي أنزلناها عليك، وعلى تكذيبهم إيّاك، فإنّ اللّه منجزٌ لك فيهم ما وعدك من الظّفر بهم، والعلو عليهم، وإحلال العذاب بهم، سنّتنا في موسى بن عمران ومن كذّبه {فإمّا نرينّك بعض الّذي نعدهم} يقول جلّ ثناؤه: فإمّا نرينّك يا محمّد في حياتك بعض الّذي نعد هؤلاء المشركين من العذاب والنّقمة أن يحلّ بهم {أو نتوفّينّك} قبل أن يحلّ ذلك بهم {فإلينا يرجعون} يقول: فإلينا مصيرك ومصيرهم، فنحكم عند ذلك بينك وبينهم بالحقّ بتخليدناهم في النّار، وإكرامناك بجوارنا في جنّات النّعيم). [جامع البيان: 20/367]


رد مع اقتباس