عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 14 صفر 1440هـ/24-10-2018م, 04:56 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ (38) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وقال الّذي آمن يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد (38) يا قوم إنّما هذه الحياة الدّنيا متاعٌ وإنّ الآخرة هي دار القرار (39) من عمل سيّئةً فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فأولئك يدخلون الجنّة يرزقون فيها بغير حسابٍ (40)}
يقول المؤمن لقومه ممّن تمرّد وطغى وآثر الحياة الدّنيا، ونسي الجبّار الأعلى، فقال لهم: {يا قوم اتّبعون أهدكم سبيل الرّشاد} لا كما كذب فرعون في قوله: {وما أهديكم إلا سبيل الرّشاد}). [تفسير ابن كثير: 7/ 144-145]

تفسير قوله تعالى: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ (39) مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ (40) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(ثمّ زهّدهم في الدّنيا الّتي [قد] آثروها على الأخرى، وصدّتهم عن التّصديق برسول اللّه موسى [صلّى اللّه عليه وسلّم]، فقال: {يا قوم إنّما هذه الحياة الدّنيا متاعٌ} أي: قليلةٌ زائلةٌ فانيةٌ عن قريبٍ تذهب [وتزول] وتضمحلّ، {وإنّ الآخرة هي دار القرار} أي: الدّار الّتي لا زوال لها، ولا انتقال منها ولا ظعن عنها إلى غيرها، بل إمّا نعيمٌ وإمّا جحيمٌ، ولهذا قال: {من عمل سيّئةً فلا يجزى إلا مثلها} أي: واحدةً مثلها {ومن عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فأولئك يدخلون الجنّة يرزقون فيها بغير حسابٍ} أي: لا يتقدّر بجزاءٍ بل يثيبه اللّه، ثوابًا كثيرًا لا انقضاء له ولا نفاد). [تفسير ابن كثير: 7/ 145]

تفسير قوله تعالى: {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ (41) تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ (42) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النّجاة وتدعونني إلى النّار (41) تدعونني لأكفر باللّه وأشرك به ما ليس لي به علمٌ وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفّار (42) لا جرم أنّما تدعونني إليه ليس له دعوةٌ في الدّنيا ولا في الآخرة وأنّ مردّنا إلى اللّه وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار (43) فستذكرون ما أقول لكم وأفوّض أمري إلى اللّه إنّ اللّه بصيرٌ بالعباد (44) فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا وحاق بآل فرعون سوء العذاب (45) النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب (46)}
يقول لهم المؤمن: ما بالي أدعوكم إلى النّجاة، وهي عبادة اللّه وحده لا شريك له وتصديق رسوله الّذي بعثه {وتدعونني إلى النّار. تدعونني لأكفر باللّه وأشرك به ما ليس لي به علمٌ} أي: جهلٌ بلا دليلٍ {وأنا أدعوكم إلى العزيز الغفّار} أي: هو في عزّته وكبريائه يغفر ذنب من تاب إليه).[تفسير ابن كثير: 7/ 145]

تفسير قوله تعالى: {لَا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآَخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (43) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({لا جرم أنّما تدعونني إليه} يقول: حقًّا.
قال السّدّيّ وابن جريرٍ: معنى قوله: {لا جرم} حقًّا.
وقال الضّحّاك: {لا جرم} لا كذب.
وقال عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ: {لا جرم} يقول: بلى، إنّ الّذي تدعونني إليه من الأصنام والأنداد {ليس له دعوةٌ في الدّنيا ولا في الآخرة}
قال مجاهدٌ: الوثن ليس بشيءٍ.
وقال قتادة: يعني الوثن لا ينفع ولا يضرّ.
وقال السّدّيّ: لا يجيب داعيه، لا في الدّنيا ولا في الآخرة.
وهذا كقوله تعالى: {ومن أضلّ ممّن يدعو من دون اللّه من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون. وإذا حشر النّاس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين} [الأحقاف: 5، 6]، {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} [فاطر: 14].
وقوله: {وأنّ مردّنا إلى اللّه} أي: في الدّار الآخرة، فيجازي كلًّا بعمله؛ ولهذا قال: {وأنّ المسرفين هم أصحاب النّار} أي: خالدين فيها بإسرافهم، وهو شركهم باللّه). [تفسير ابن كثير: 7/ 145-146]

تفسير قوله تعالى: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (44) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :({فستذكرون ما أقول لكم} أي: سوف تعلمون صدق ما أمرتكم به ونهيتكم عنه، ونصحتكم ووضّحت لكم، وتتذكّرونه، وتندمون حيث لا ينفعكم النّدم، {وأفوّض أمري إلى اللّه} أي: وأتوكّل على اللّه وأستعينه، وأقاطعكم وأباعدكم، {إنّ اللّه بصيرٌ بالعباد} أي: هو بصيرٌ بهم، فيهدي من يستحقّ الهداية، ويضلّ من يستحقّ الإضلال، وله الحجّة البالغة، والحكمة التّامّة، والقدر النّافذ). [تفسير ابن كثير: 7/ 146]

تفسير قوله تعالى: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ (45) النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (46) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله [تعالى]: {فوقاه اللّه سيّئات ما مكروا} أي: في الدّنيا والآخرة، أمّا في الدّنيا فنجّاه اللّه مع موسى، عليه السّلام، وأمّا في الآخرة فبالجنّة {وحاق بآل فرعون سوء العذاب} وهو: الغرق في اليمّ، ثمّ النّقلة منه إلى الجحيم. فإنّ أرواحهم تعرض على النّار صباحًا ومساءً إلى قيام السّاعة، فإذا كان يوم القيامة اجتمعت أرواحهم وأجسادهم في النّار؛ ولهذا قال: {ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} أي: أشدّه ألـمًا وأعظمه نكالًا. وهذه الآية أصلٌ كبيرٌ في استدلال أهل السّنّة على عذاب البرزخ في القبور، وهي قوله: {النّار يعرضون عليها غدوًّا وعشيًّا}.
ولكنّ هاهنا سؤالٌ، وهو أنّه لا شكّ أنّ هذه الآية مكّيّةٌ، وقد استدلّوا بها على عذاب القبر في البرزخ، وقد قال الإمام أحمد:
حدّثنا هاشمٌ -هو ابن القاسم أبو النّضر-حدّثنا إسحاق بن سعيدٍ -هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص-حدّثنا سعيدٌ -يعني أباه-عن عائشة؛ أنّ يهوديّةً كانت تخدمها فلا تصنع عائشة إليها شيئًا من المعروف إلّا قالت لها اليهوديّة: وقاك اللّه عذاب القبر. قالت: فدخل رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عليّ فقلت: يا رسول اللّه، هل للقبر عذابٌ قبل يوم القيامة؟ قال: "لا وعمّ ذلك؟ " قالت: هذه اليهوديّة، لا نصنع إليها شيئًا من المعروف إلّا قالت: وقاك اللّه عذاب القبر. قال: "كذبت يهود. وهم على اللّه أكذب، لا عذاب دون يوم القيامة". ثمّ مكث بعد ذلك ما شاء اللّه أن يمكث، فخرج ذات يومٍ نصف النّهار مشتملًا بثوبه، محمرّةً عيناه، وهو ينادي بأعلى صوته: "القبر كقطع اللّيل المظلمز أيّها النّاس، لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا وضحكتم قليلًا. أيّها النّاس، استعيذوا باللّه من عذاب القبر، فإنّ عذاب القبر حقٌّ".
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرط البخاريّ ومسلمٍ، ولم يخرّجاه.
وروى أحمد: حدّثنا يزيد، حدّثنا سفيان، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة -قال: سألتها امرأةٌ يهوديّةٌ فأعطتها، فقالت لها: أعاذك اللّه من عذاب القبر. فأنكرت عائشة ذلك، فلمّا رأت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قالت له، فقال: "لا". قالت عائشة: ثمّ قال لنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد ذلك: "وإنّه أوحي إلي أنكم تفتنون في قبوركم".
وهذا أيضًا على شرطهما.
فيقال: فما الجمع بين هذا وبين كون الآية مكّيّةً، وفيها الدّليل على عذاب البرزخ؟ والجواب: أنّ الآية دلّت على عرض الأرواح إلى النّار غدوًّا وعشيًّا في البرزخ، وليس فيها دلالةٌ على اتّصال تألّمها بأجسادها في القبور، إذ قد يكون ذلك مختصًّا بالرّوح، فأمّا حصول ذلك للجسد وتألّمه بسببه، فلم يدلّ عليه إلّا السّنّة في الأحاديث المرضيّة الآتي ذكرها.
وقد يقال إنّ هذه الآية إنّما دلّت على عذاب الكفّار في البرزخ، ولا يلزم من ذلك أن يعذّب المؤمن في قبره بذنبٍ، وممّا يدلّ على هذا ما رواه الإمام أحمد:
حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا يونس، عن الزّهريّ، عن عروة، عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم دخل عليها وعندها امرأةٌ من اليهود، وهي تقول: أشعرت أنّكم تفتنون في قبوركم؟ فارتاع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: "إنّما يفتن يهود" قالت عائشة: فلبثنا ليالي، ثمّ قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أشعرت أنّه أوحي إليّ أنّكم تفتنون في القبور؟ " وقالت عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يستعيذ من عذاب القبر.
وهكذا رواه مسلمٌ، عن هارون بن سعيدٍ وحرملة، كلاهما عن ابن وهبٍ، عن يونس بن يزيد الأيليّ، عن الزّهريّ، به.
وقد يقال: إنّ هذه الآية دلّت على عذاب الأرواح في البرزخ، ولا يلزم من ذلك أن يتّصل بالأجساد في قبورها، فلمّا أوحي إليه في ذلك بخصوصيّته استعاذ منه، واللّه، سبحانه وتعالى، أعلم.
وقد روى البخاريّ من حديث شعبة، عن أشعث بن أبي الشّعثاء، عن أبيه، عن مسروقٍ، عن عائشة، رضي اللّه عنها، أنّ يهوديّةً دخلت عليها فقالت: أعاذك اللّه من عذاب القبر. فسألت عائشة رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن عذاب القبر؟ فقال: "نعم عذاب القبر حقٌّ". قالت عائشة: فما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعد صلّى صلاةً إلّا تعوّذ من عذاب القبر.
فهذا يدلّ على أنّه بادر إلى تصديق اليهوديّة في هذا الخبر، وقرّر عليه. وفي الأخبار المتقدّمة: أنّه أنكر ذلك حتّى جاءه الوحي، فلعلّهما قضيّتان، واللّه أعلم، وأحاديث عذاب القبر كثيرةٌ جدًّا.
وقال قتادة في قوله: {غدوًّا وعشيًّا} صباحًا ومساءً، ما بقيت الدّنيا، يقال لهم: يا آل فرعون، هذه منازلكم، توبيخًا ونقمةً وصغارا لهم.
وقال ابن زيدٍ: هم فيها اليوم يغدى بهم ويراح إلى أن تقوم الساعة.
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو سعيدٍ، حدّثنا المحاربيّ، حدّثنا ليثٌ، عن عبد الرّحمن بن ثروان، عن هذيلٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، قال: إنّ أرواح الشّهداء في أجواف طيرٍ خضرٍ تسرح بهم في الجنّة حيث شاءوا، وإنّ أرواح ولدان المؤمنين في أجواف عصافير تسرح في الجنّة حيث شاءت، فتأوي إلى قناديل معلّقةٍ في العرش، وإنّ أرواح آل فرعون في أجواف طيرٍ سودٍ تغدو على جهنّم وتروح عليها، فذلك عرضها.
وقد رواه الثّوريّ عن أبي قيس عن الهزيل ابن شرحبيل، من كلامه في أرواح آل فرعون. وكذلك قال السّدّيّ.
وفي حديث الإسراء من رواية أبي هارون العبديّ، عن أبي سعيدٍ الخدريّ، رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال فيه: "ثمّ انطلق بي إلى خلقٍ كثيرٍ من خلق اللّه، رجالٌ كلّ رجلٍ منهم بطنه مثل البيت الضّخم، مصفّدون على سابلة آل فرعون، وآل فرعون يعرضون على النّار غدوًّا وعشيًّا. {ويوم تقوم السّاعة أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} وآل فرعون كالإبل المسوّمة يخبطون الحجارة والشّجر ولا يعقلون".
وقال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا عليّ بن الحسين، حدّثنا زيد بن أخرم، حدّثنا عامر بن مدرك الحارثيّ، حدّثنا عتبة -يعني ابن يقظان-عن قيس بن مسلم، عن طارق، عن شهابٍ، عن ابن مسعودٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: "ما أحسن محسنٌ من مسلمٍ أو كافرٍ إلّا أثابه اللّه". قال: قلنا: يا رسول اللّه ما إثابة الكافر؟ فقال: "إن كان قد وصل رحمًا أو تصدّق بصدقةٍ أو عمل حسنةً، أثابه اللّه المال والولد والصّحّة وأشباه ذلك". قلنا: فما إثابته في الآخرة؟ قال: "عذابًا دون العذاب" وقرأ: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} ورواه البزّار في مسنده، عن زيد بن أخرم، ثمّ قال: لا نعلم له إسنادًا غير هذا.
وقال ابن جريرٍ: حدّثنا عبد الكريم بن أبي عميرٍ، حدّثنا حمّاد بن محمّدٍ الفزاريّ البلخيّ قال: سمعت الأوزاعيّ وسأله رجلٌ فقال: رحمك اللّه. رأينا طيورًا تخرج من البحر، تأخذ ناحية الغرب بيضًا، فوجًا فوجًا، لا يعلم عددها إلّا اللّه، عزّ وجلّ، فإذا كان العشيّ رجع مثلها سودًا. قال: وفطنتم إلى ذلك؟ قال: نعم. قال: إنّ تلك الطّير في حواصلها أرواح آل فرعون، تعرض على النّار غدوًّا وعشيًّا، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سودًا، فينبت عليها من اللّيل ريشٌ أبيض، ويتناثر السّود، ثمّ تغدو على النّار غدوًّا وعشيًّا، ثمّ ترجع إلى وكورها. فذلك دأبهم في الدّنيا، فإذا كان يوم القيامة قال اللّه تعالى: {أدخلوا آل فرعون أشدّ العذاب} قال: وكانوا يقولون إنّهم ستّمائة ألف مقاتلٍ.
وقال الإمام أحمد: حدّثنا إسحاق، أخبرنا مالكٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشيّ، إن كان من أهل الجنّة فمن أهل الجنّة، وإن كان من أهل النّار فمن أهل النّار. فيقال: هذا مقعدك حتّى يبعثك اللّه، عزّ وجلّ، إلى يوم القيامة".
أخرجاه في الصّحيحين من حديث مالكٍ، به).[تفسير ابن كثير: 7/ 146-149]

رد مع اقتباس