الموضوع: الألف
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 03:40 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب
"ألف" القطع و"ألف" الوصل
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (سألتني – أيدك الله – أن أجمع لك أبوابًا من النحو، قد ذكرناها متفرقة في كتابنا الملقب بالذخائر ليسهل عليك حفظها وقراءتها، وقد فعلت ذلك على ما التمست، مع زيادات زدتها في هذا الكتاب فمنها:
باب
"ألف" القطع و"ألف" الوصل
اعلم أن جميع "الألفات" التي في أوائلها الأسماء هي "ألفات القطع"، إلا في عشرة أسماء، فإن "ألفاتها" "ألفات الوصل"، وهي:
ابن، وابنة، وامرؤ، وامرأة، واثنان، واثنتان، واسم، واست، و"ألف لام التعريف"، و"ألف المصدر"، سوى مصدر الرباعي على «أفعل»، كقولك: «أكرم إكرامًا»، وسوى مصدر الفعل المهموز أوله من الثلاثيات، كقولك: «أخذ أخذًا، وأمر أمرًا، وأذن إذنًا» وما أشبه ذلك.
وقد اختلف النحويون في "ألف" (أيمن الله) في القسم، فقال سيبويه: هي "ألف وصل"، واشتقاقه من اليمن والبركة، وإنما فتحت لدخولها على اسم غير متمكن، واستدل على أنها "ألف وصل" بذهابها في الوصل، قال الشاعر: نصيب.
فقال فريق القوم لما نشدتهم .... نعم، وفريق: ليمن الله ما ندري
فحذف "الألف" في الوصل.
وقال الفراء: هي "ألف قطع"، وهي جمع يمين، يقال: «يمين الله وأيمن الله»، قال زهير:
فتؤخذ أيمن منا ومنكم .... بمقسمة تمور بها الدماء
وقال أبو النجم:
يأتي لها من أيمن وأشمل
قال: وإنما حذفت في القسم في الوصل لكثرة الاستعمال ...
(وإلى هذا القول ذهب أبو إسحاق الزجاج)
ومن العرب من يقول في «ابنة»: «بنت»، وهي لغة كثيرة حسنة، قال الأعشى:
تقول بنتي وقد قربت مرتحلًا ..... يا رب جنب أبي الأوصاب والوجعا
وربما زادوا في «ابن» ميمًا، وألحقوها الإعراب، وحركوا "النون" بحركتها، فقالوا: «جاءني ابنم، ورأيتم ابنما، ومررت بابنم»، وإنما هو «ابن» و"الميم" زائدة للتوكيد: كما قالوا للأزرق: «زرقم»؛ معناه بزيادة "الميم" وطرحها واحد، قال الملتمس:
تعيرني أمي رجالٌ، ولا أرى .... أخا كرمٍ إلا بأن يتكرما
فهل لي أم غيرها إن تركها .... أبى الله إلا أن أكون لها ابنما
ويقال في تثنيته: «هذان ابنمان»، وفي جمعه: «هؤلاء ابنمون»، قال الكميت:
ومنا ضرارٌ وابنماه وحاجب.....مؤجج نيران المكارم لا المخبي
وفي قلهم: «امرؤ» و«وامرأة» لغتان: إحداها أن تلحق في أولها "ألف الوصل"، فيقال: «امرؤ» و«امرأة»، وفي القرآن: {إن امرؤ هلك}، و{إن امرأة خافت}، واللغة الأخرى أن لا تلحقها "ألف الوصل"؛ فيقال: «مرء»، و«مرأة»، فإذا أدخلوا "الألف" و"اللام" أدخلوها على هذه اللغة خاصة دون الأخرى، فقالوا: «المرء»، و«المرأة»، ولم يقولوا: «الامرؤ»، ولا «الامرأة»، وفي التنزيل: {يحول بين المرء وقلبه}.
واعلم أن حركة ما قبل "الهمزة" و"الميم" في قولك: «امرؤ» «وابنم» تابعة لإعرابهما في الرفع والنصب والخفض، وليست بإعراب.
وجميع "الألفات" التي في أوائلها الأفعال هي "ألفات الوصل" إلا خمسًا، فإنها "ألفات القطع"، وهي: "ألف أفعل"، والأمر منه، كقولك: «أكرم بزيد عمرًا»، و«أكرم يا زيد» ونحوه.
و"ألف المخبر" عن نفسه، كقولك: «أنا أذهب، وأرجع، وآكل، وأكرم، وأنطلق، وأستخبر»، ونحوها.
و"ألف الاستفهام" كقولك: «أقام زيدٌ» تريد: هل قام زيد
و"ألف الفعل" المهموز أوله من الثلاثيات، كقولك: «أكل، وأمر، وأذن، وأبق» وما أشبه ذلك، والقراء يسمي "ألف" «أكل» ونحوها "ألف الأصل"، لأنها
"فاء" الفعل.
وجميع "الألفات" التي في أوائل الأدوات هي "ألفات القطع"، نحو: «"إلى"، و"إلا"، و"إما"، و"أم"، و"إن"، و"أن"» وما أشبه ذلك.
وليس في كلام العرب "ألف وصل" دخلت على حرف إلا في موضعين مع "لام التعريف"، وفي قولهم: أيم الله في القسم.
واعلم أن "ألف الوصل" تثبت في الابتداء، وتسقط في الوصل، و"ألف القطع" تثبت في الابتداء والوصل جميعًا.
فإذا أدخلت "الألف" و"اللام" على "ألف الوصل" كسرت "اللام" لاجتماع الساكنين وحذفت "ألف الوصل" في اللفظ، كقولك: «الاسم، والابن، والانطلاق، والاكتساب، والاستخراج» ونحوها، فإذا أدخلتها على "ألف القطع" أثبت "ألف القطع" على حركتها؛ كقولك: «الأخ، والأخت، والأبواب، والأبيات، والإكرام، والإرسال، والأكل، والأخذ» ونحوها.
ويستدل على "ألف الوصل" في الأسماء بسقوطها في التصغير، كقولك: «بُني، وسمي، ومري، ومريئة، وثنيان تصغير اثنين، وستيهة – تصغير است»؛ ويستدل على "ألف القطع" في الأسماء بثبوتها في التصغير، كقولك: «أُخي، وأُبي، وأمية، وأذنية».
ويستدل على "ألف الوصل" في الأفعال بانفتاح
"الياء" في المستقبل كقولك: «يذهب، ويرجع، ويخرج، وينطلق، ويكتسب، ويستخرج» ونحوها، فيعلم أن "ألفاتها" في الماضي وفي الأمر "ألفات الوصل".
ويستدل على "ألف القطع" في الأفعال بانضمام "الياء" في المستقبل كقولك: «يكرم، ويرسل، ويعطي» ونحوها، فيعلم أن "ألفاتها" في الماضي وفي الأمر "ألفات القطع".
ويستدل على "ألفات الأصل" في الأفعال بثبوتها في الماضي والمستقبل جميعًا، كقولك: «أكل يأكل، وأمر يأمر، وأبق يأبق، وأذِن يأذن، وأول يؤول، وأذَّن يؤذِّن» ونحوها، فيعلم أن ألفاتها في الماضي والمستقبل "ألفات الأصل".
والفرق بين "ألف الأصل" و"ألف القطع" أن "ألف الأصل" "فاء" الفعل، لن «أكل، وأخذ» على وزن «فعل» "فالألف" فيه بحذاء "الفاء"، و"ألف القطع" ليست "فاء" الفعل، إنما هي زائدة على البناء.
واعلم أن "ألف الوصل" لا تدخل على الفعل المستقبل الذي في أوله احدى الزوائد الأربع، وإنما تدخل على فعل الأمر وعلى الفعل الماضي من الخماسي والسداسي خاصة، ولا تدخل على الفعل الماضي من الثلاثي، ولا تدخل على الرباعي لا في الماضي ولا في الأمر، وتدخل "ألف الوصل" في الأفعال السداسية كلها، وهي سبعة أبنية: «استفعل» نحو استكبر – وافعنلل، نحو ابرنشق، وابرنشق إذا فرح بالشيء وسرَّ به، وافعوعل نحو اخشوشن – وافعال نحو احسار- وافعول نحو اعلوط الفرس، إذا ركبه عربًا – وافعلل نحو اقشعر – وافاعل نحو اثاقل».
وتدخل في خمسة أبنية من الأفعال الخماسية وهي: «افتعل نحو اكتسب – وانفعل نحو انطلق – افعل نحو احمر- وافعل نحو ازمل – وافعلل نحو ارعوى».
واعلم أن "ألفات" الوصل التي في أوائل الأسماء تبدأ كلها بالكسر، إلا "ألف لام التعريف" و"ألف" «أيمن الله» في قول البصريين، فإنهما يبتدءان بالفتح ليفرق بين دخولها على الاسم وبين دخولها على الحرف وما أشبه الحرف، لأن "الألف" التي مع "لام" التعريف داخلة على حرف، وقولك: «أيم الله» لا يكون إلا في القسم فقط، وهي أداة من أدوات القسم فأشبه الحروف وإن كان اسمًا، لأنه غير متمكن، ولزم موضعًا واحدًا، وهو القسم، ففتحت "ألفه" كما فتحت "ألف لام التعريف"، وألزموا آخره الرفع، كما ألزموا آخر «لعمر الله» الرفع في القسم.
واعلم أن الأصل: «أيمن» و«أيم» محذوفة "اللام"، وقد حكى يونس أن من العرب من يكسر "ألف" «أيم» فيقول: «إيم الله»، وأما «أيمن الله» "بالنون"، فبفتح "الألف" لا غير.
و"ألفات الوصل" التي في أوائل الأفعال الماضية تبتدأ كلها بالكسر إلا فيما لم يسم فاعله، فإن "ألف" ما لم يسم فاعله مضمومة في الابتداء، "ألف وصل" كانت أو "ألف قطع"، كقولك: «أكل الطعام، أذن لزيد في القيام، أكرم زيد، انطلق بزيد، استخرج المال، اختلف في الأمر»، بضم جميع هذه "الألفات" في الابتداء، و"ألف" ما لم يسم فاعله تكون في خمسة أمثلة من الفعل: «في فعل، وأفعل، وافتعل، وانفعل، واستفعل»، وهي التي ذكرناها.
واعلم أن كل فعلٍ "ألفه" مقطوعة فكذلك "الألف" في مصدره، تقول: «يا زيد أكرم إكرامًا، وأحسن إحسانًا»، وكل فعل "ألفه" موصولة فكذلك تكون في مصدره كقولك: «يا زيد انطلق انطلاقًا، واستغفر استغفارًا».
واعلم أن "ألف القطع" في المصدر من الرباعي تبتدأ بالكسر، كقولك: «أكرم إكرامًا، وأخرج إخراجًا»، وإنما كسروها في المصدر ليفرقوا بين المصدر والجمع، لأنهم لو قالوا أكرام وأخراج لالتبس بالجمع، كقولك: «أبياتٌ، وأحمالٌ، وأعدالٌ».
فكل ما في كلام العرب «أفعال» بفتح "الألف" فهو جمع إلا ثلاثة عشر حرفًا، يقال: «ثوب أسمال وأخلاق»، قال الشاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق .... شراذم يضحك منه التوماق
ويقال: «برمة أعثار، وجفنة أكسار» إذا كانتا مشعوبتين، «وفعل أسماط» إذا كانت غير مخصوفة، «وحل أحذاق، وأرام، وأرماث، وأقطاع» إذا كان منقطعًا موصلًا بعضه إلى بعض، و«ثوب أكياش» لضرب من الثياب رديء النسج، و«أرض أحصاب» أي: ذات حصى، و«بلد أمحال» أي قحط، و«ماء أسدام» إذا تغير من طول القدم.
وكل ما في كلامهم إفعال بكسر "الألف" فهو مصدر، إلا خمسة أسماء: «إعصار، وإسكاف، وإمخاض» وهو السقاء الذي يمخض فيه اللبن، «وإنشاط»، يقال: بئر إنشاط، وهي التي تخرج الدلو منها بجذبة واحدة، «ورمية إنباء» وهي التي تنبو، ولا تدخل إلا شيئًا يسيرًا، قال الهذلي:
.................. برميةٍ غير إنباء ولا شرم
وأما "ألف الأمر" فكل فعل؛ ثالث حروفه في المستقبل مكسور أو مفتوح، فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء مكسورة، كقولك: «اضرب، اركب، اذهب، انطلق، استخبر» ونحوها لأنك تقول: «يضرب، يذهب، يركب، وينطلق، ويستخبر»، فيكون ثالثه مكسورًا أو مفتوحًا.
وكل فعل، ثالث حروفه في المستقبل مضموم فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء مضمومة، كقولك: «أخرج، أقعد، أكتب» ونحوها، لأنك تقول: «يخرج ويقعد ويكتب»، ونحوها، فيكون ثالثه مضمومًا، وجملة ذلك أن "ألف الوصل" التي في الأمر تبتدأ بالكسر إلا ما كان ثالث حروفه في المستقبل مضمومًا.
وكل فعل
"ياؤه" في المستقبل مضمومة فإن "ألف الأمر" منه في الابتداء في الوصل جميعًا مفتوحة، وهي تسمى "ألف القطع"، كقولك: «أكرم يا زيد وأرسل وأعط» ونحوها؛ لأنك تقول: «يُكرم ويرسل ويعطي»، فتكون "ياؤه" مضمومة فاعرف ذلك وقس عليه، وقد علمنا في الأمر كتابًا مفردًا، استقصينا فيه شرحه).[الأزهية: 19 - 32]

باب: دخول "ألف" الاستفهام على "ألف" الوصل وعلى "ألف" القطع وعلى "ألف" "لام" التعريف
قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ): (باب: دخول "ألف" الاستفهام على "ألف" الوصل وعلى "ألف" القطع وعلى "ألف" "لام" التعريف
اعلم أن "ألف الاستفهام" إذا دخلت على "ألف الوصل" ثبتت "ألف الاستفهام" وسقطت "ألف الوصل"، وذلك لأن "ألف الوصل" إنما أتي بها ليتوصل بها إلى النطق بالساكن الذي بعدها، فلما دخلت عليها "ألف الاستفهام" استغني عنها "بألف الاستفهام" فأسقطت، نحو قولك في الاستفهام: أبن زيدٍ أنتَ؟ امرأة عمرو أنتِ؟ أستضعفت زيد؟ أشربت كذا وكذا؟ أستخبرت فلانًا؟ أفتريت على فلان؟ ونحوها، ومنه قول الله تعالى: {أتخذتم عند الله عهدً}، {أستكبرت أم كنت من العالين}، {أستغفرت لهم}، {أصطفى البنات على البنين}، {أطلع الغيب}، {أفترى على الله كذبًا}، {أتخذناهم سخريًا}، قال الشاعر، وهو ابن قيس الرقات:
فقالت: أبن قيسٍ ذا؟ .....وبعض الشيب يعجبها
فقطع "الألف" لأنها "ألف الاستفهام"، وأسقط ألف «ابن»، ومعنى قوله: يعجبها، أي: يجعلها تعجب، وليس معناه من الشهوة.
وقال ذو الرمة:
أستحدث الركب عن أشياعهم خبرًا ..... أم راجع القلب من أطرابه طرب؟
وإذا دخلت "ألف الاستفهام" على "ألف القطع" نظرت، فإن كانت "ألف القطع" مفتوحة ففيها ثلاث لغات:
ومنهم من يهمزهما جميعًا "همزتين" مقصورتين، كقولك: «أأكرمت زيدًا؟، أأعطيت فلانًا؟ أأبوك قال هذا؟».
ومنهم من يقول: آكرمت زيدًا "بهمزة" واحدة مطولة، وتقدير ذلك أنه يدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" فتصير "الهمزة" الأولى مع "الألف" "همزة" بمد، ثم تلين "الهمزة" الثانية، وتترك نبرتها وتشم حركتها بلا نبرة، ومنه قوله تعالى: {آأنذرتهم}، {آأسلمتم}، {آأرباب متفرقون}، {آأعجمي وعربي}، {آأذهبتم طيباتكم}، {آأنت قلت للناس}، {آألد وأنا عجوز}، {آأتخذ من دونه آلهة}، فقد قرئ كل ذلك على هذه الوجوه كلها، قال ذو الرمة:
فيا ظبية الوعساء بين جلاجل ....وبين النقا آأنت أم أم سالم
فأدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" لئلا يجمع بين "همزتين"، والمعنى: أأنت أحسن أم أم سالم؟
وقال آخر: وهو مزرد أخو الشماخ:
تطاللت فاستشرفته فعرفته ..... فقلت له آأنت زيد الأراقم
وقيل: «الأرانب» وقرأ أكثر القراء: {أذهبتم طيباتكم} "بهمزة" واحدة بغير مد، وقيل: هو توبيخ، وليس باستفهام.
وقرأ ابن محيصن: {أنذرتهم} "بهمزة" واحدة، لأن أم قد تدل على الاستفهام، كما قال الشاعر؛ وهو امرؤ القيس:
تروح من الحي أم تبتكر ؟..... وماذا يضرك أن تنتظر
وإن كانت "ألف القطع" مضمومة ففيها أربع لغات: منهم من يهمزهما جميعًا "همزتين مقصورتين"؛ كقول: «أأكرمك؟» «أأعطيك»، «أأذنك سمعت هذا؟».
ومنهم من يدخل "ألفًا" فيقول: «آأكرمك» "بهمزتين" ومدة.
ومنهم من يقلب "ألف القطع" "واوًا" مضمومة فيقول: «أؤكرمك؟» "بهمزة مقصورة" و"واو مضمومة".
ومنهم من يقول: «آؤكرمك» "بهمزة ممدودة" و"واو مضمومة".
ومنه قول الله عز وجل: {قل آؤنبئكم بخير من ذلكم}، {آؤلقي الذكر عليه من بيننا}، {آؤنزل عليه الذكر من بيننا}، وقد قرئ كل ذلك على هذه الوجه كلها.
وإن كانت "ألف القطع" مكسورة ففيها أربع لغات أيضًا:
منهم من يهمزهما جميعًا "همزتين مقصورتين"، كقولك: «أإنك ذاهب؟، أإذا جئتك أكرمتني؟» ونحوه.
ومنهم من يقول: «آإنك» "بهمزتين" ومدة.
ومنهم من يقلب "ألف القطع" "ياء" مكسورة، فيقول: «أئنك ذاهب» "بهمزة مقصورة" و"ياء" مكسورة.
ومنهم من يقول: «آئنك ذاهب؟» "بهمزة مطولة" و"ياء" مكسورة.
ومنه قوله تعالى ذكره: (أيذا متنا)، (أينا لمبعوثون)، (قل أينكم لتكفرون)، (أينك لأنت يوسف)، (أين ذكرتم)، (أين لنا لأجرًا)، (أيلاه مع الله)، (أيفكًا آلهة دون الله)، قد قرئ كل ذلك على هذه الوجوه كلها.
وأنشد أبو زيد:
حزق إذا ما القوم أبدوا فكاهةً ..... يفكر آإياه يعنون أم قردا
فأدخل بين "الهمزتين" "ألفًا"، والحزق الرجل القصير الغليظ.
وأما إذا كانت "ألف القطع" مفتوحة وبعدها "ألف"، وأدخلت عليها "ألف الاستفهام" همزت "همزة" واحدة مطولة، ولم تدخل بين "الهمزتين" "ألفًا" ولم تشم الفتحة، وذلك قولك في الاستفهام: «أآثرت فلانًا علي»، «أآذنت فلانًا؟»، «أآمنت بفلان؟»، ومنه قوله تعالى: {قال فرعون أآمنتم به}، {وقالوا أآلهتنا خير أم هو}، كل القراء يقرؤونها "بهمزة" واحدة مطولة بغير إتمام الحركة.
والفرق بينهما وبين ما قبلهما نحو: {أأسلمتم}، {أأنذرتم}، ما أشبهه مما فيه "ألف القطع" المفتوحة أن بعد "ألف القطع" في «آمن» ونحوه "ألفًا" أبدلت من "همزة" "فاء" الفعل، فلو أدخلوا بين "ألف الاستفهام" و"ألف" «أفعل» "ألفًا" كما فعلوا في: {أأنذرتهم}، ونحوه لاجتمعت أربع "ألفات"، وذلك خروج عن كلام العرف فأسقطوا "الألف" من بين "الهمزتين" اللتين بعد الثانية منها "ألف"؛ راهية الجمع بين أربع "ألفات".
وإذا أدخلت "ألف الاستفهام" على "ألف لام التعريف" همزت الأولى ومددت الثانية لا غير؛ وأشممت الفتحة بلا نبرة، كقولك: «آلرجل قال ذاك؟»، «آلساعة جئت؟»، «آليوم خرجت»، ونحوه، ومنه قوله تعالى: {آلله خير أما يشركون}، {آلذكرين حرم أم الأنثيين}، {آلان وقد عصيت قبل}، وقال معن بن أوس:
فوالله ما أدري أآلحب شفه ..... فسل عليه جسمه أم تعبدا
وإنما أتوا بمدة بعد "ألف الاستفهام" في هذا، ولم يأتوا بها في قولهم: «أبن زيدٍ أنت؟، أشتريت كذا؟» وكلاهما "ألف وصل"، لأن "ألف" لا التعريف مفتوحة، و"ألف الاستفهام" مفتوحة، فلو لم يبدلوا منها مدة في الاستفهام فقالوا: «الرجل قال ذاك؟» لالتبس الاستفهام بالخبر، وكان الأصل «أالرجل قال ذاك؟» "بألفين" مفتوحتين، فجعلوا "الألف" الثانية مدة، ليفرقوا بين الاستفهام الخبر، ولا تثبت "ألف الوصل" مع حرف قبلها في شيء من الكلام إلا مع "ألف الاستفهام" ها هنا، وفي أيمن إذا قال الرجل: «آيمن الله» لأنها مفتوحة، فلو لم يمدوا وقع لبس بين الخبر والاستفهام، وتذهب في غير ذلك إذا كان قبلها كلام.
وأما قولهم في الاستفهام: «أبن زيدٍ أنت؟، أشتريت كذا» في الاستفهام، كان الأصل فيها: «أإبن زيد أنت؟، أإشتريت كذا» "بألفين" الأولى مفتوحة، والثانية مكسورة، فأسقطوا الثانية لأنها "ألف وصل"، ولم يحتاجوا إلى أن يبدلوا منها مدة، لأن الفتح والكسر قد فرق بينهما، ولم يحتاجوا إلى فرق آخر، وكذلك «أيمن الله» إذا أدخلت عليها "ألف الاستفهام" عوضت من "ألفها" مدة، فقلت: «آيمن الله لقد كان ذلك؟» والعلة فيما الفرق بين الاستفهام والخبر كما ذكرنا في "ألف لام التعريف" سواء.
وبعض العرب يقول: «إيم الله» بكسر "الألف"، فمن كان هذا من لغته قال إذا استفهم: «أيم الله لقد كان كذا؟» كما يقول: «أبن زيد هذا؟».
وتقول: «ابن من أنت؟» فتكسر "ألف" «ابن» ولا يجوز فتحها، لأنك أضفت «الابن» إلى «من» وهو استفهام، ولا يدخل الاستفهام على الاستفهام، ألا ترى أنك لو قلت: «أغلام من أنت؟ أطعام من أكلت؟» كان خطأً عند جميع النحويين؛ لأنه لا تدخل "ألف الاستفهام" على الاستفهام، وإنما الصواب أن تقول: «غلام من أنت؟ وغلام من قام؟ وغلام أيهم قام» بغير "ألف استفهام"، وكذلك إذا جئت بـ
"كم" و"أي" قلت: «ابن "كم" سنةٍ أنت؟ إبن "ايهم" أنت؟ بكسر "الألف"، لأنك أضفته إلى "كم" و"أي" وهما استفهام.
وتقول: «ابن
"كم" الهلال؟ أبن ليلة أم ليلتين» فتكسر "الألف" في «ابن» الأول، لأنك أضفته إلى "كم" وهي استفهام عن العدد، وفتحت "ألف" «ابن» الثاني، لتفرق بين الاستفهام والخبر). [الأزهية: 33 - 44]


رد مع اقتباس