الموضوع: إذ ،إذما
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 01:58 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("إذ" لفظ مشترك؛ يكون اسماً، وحرفاً. وجملة
أقسامه ستة:
الأول: أن يكون ظرفاً لما مضى، من الزمان. نحو: قمت "إذ" قام زيد. ولا خلاف في اسمية هذا القسم. والدليل على اسمية "إذ" هذه من أوجه: أحدها الإخبار بها، مع مباشرة الفعل، نحو: مجيئك "إذ" جاء زيد. وثانيها إبدالها من الاسم، نحو: رأيتك أمس "إذ" جئت. وثالثها تنوينها، في غير ترنم، نحو: "يومئذ". ورابعها الإضافة إليها، بلا تأويل، نحو {بعد إذ هديتنا}.
وهي مبنية، لافتقارها إلى ما بعدها من الجمل، أو لما عوض منها، وهو التنوين في: "يومئذ"، و"حينئذ"، ونحوهما. وإنما كسرت "الذال"، في ذلك، لالتقاء الساكنين. وذهب الأخفش إلى أنها كسرة إعراب، قال: لأن "إذ" إنما بنيت، لإضافتها إلى الجملة. فلما حذفت الجملة عاد إليها الإعراب، فجرت بالإضافة.
ورد بأوجه: أحدها أن سبب بنائها ليس هو الإضافة إلى الجملة. وإنما هو افتقارها إلى الجملة. والافتقار، عند حذف الجملة، أبلغ. فالبناء "حينئذ" أولى. وثانيها أن بعض العرب يفتح "الذال" تخفيفاً، فيقول:"حينئذاً". وثالثها أن الكسر يوجد، دون إضافة، كقول الشاعر:
نهيتك، عن طلابك أم عمرو ... بعافية، وأنت، إذ، صحيح
قلت: أجاب الأخفش، عن هذا، بأنه أراد: "حينئذ"، فحذف "حيناً" وأبقى الجر. وفيه بعد.
واعلم أن "إذ" تضاف إلى الجملتين: الاسمية، والفعلية، ولا تضاف إلى جملة شرطية، إلا في ضرورة. ويقبح أن يليها اسم، بعده فعل ماض، نحو: كان ذلك "إذ" زيد قام. لما فيه من الفصل بين المتناسبين. ولذلك حسن: "إذ" زيد يقوم.
تنبيه
"إذ" المذكورة لازمة للظرفية، إلا أن يضاف إليها زمان، نحو: "يومئذ"، و"حينئذ". ولا تتصرف، بغير ذلك، فلا تكون فاعلة، ولا مبتدأ. وأجاز الأخفش والزجاج، وتبعهما كثير من المعربين، أن تقع مفعولاً به. وذكروا ذلك في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {واذكروا إذ أنتم قليل} ف "إذ" في هذه الآية ونحوها مفعول به. ومن لم ير ذلك جعل المفعول محذوفاً، و"إذ" ظرف عامله ذلك المحذوف. والتقدير: واذكروا نعمة الله عليكم "إذ"، أو: واذكروا حالكم "إذ"، ونحو ذلك.

الثاني: أن يكون ظرفاً لما يستقبل من الزمان، بمعنى "إذا". ذهب إلى ذلك قوم، من المتأخرين، منهم ابن مالك. واستدلوا بقول الله تعالى: {فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم} وبآيات أخر.
وذهب أكثر المحققين إلى أن "إذ" لا تقع موقع "إذا"، ولا "إذا" موقع "إذ". وهو الذي صححه المغاربة، وأجابوا عن هذه الآية ونحوها، بأن الأمور المستقبلة لما كانت في إخبار الله، تعالى، متيقنة مقطوعاً بها عبر عنها بلفظ الماضي. وبهذا أجاب الزمخشري، وابن عطية، وغيرهما.

الثالث: أن تكون للتعليل، نحو قوله تعالى: {ولن ينفعكم اليوم إذ ظلمتم}، {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون}. ومنه قول الفرزدق:
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم ... إذ هم قريش، وإذ ما مثلهم بشر
واختلف في "إذ" هذه، فذهب بعض المتأخرين إلى أنها تجردت عن الظرفية، وتمحضت للتعليل. ونسب إلى سيبوبه. وصرح ابن مال، في بعض نسخ التسهيل، بحرفيتها. وذهب قوم، منهم الشلوبين، إلى أنها لا تخرج عن الظرفية. قال بعضهم: وهو الصحيح.

الرابع: أن تكون للمفاجأة. ولا تكون للمفاجأة إلا بعد بينا وبينما. قال سيبويه: بينا أنا كذا "إذ" جاء زيد، فهذا لما توافقه وتهجم عليه.
واختلف في "إذ" هذه. فقيل: هي باقية على ظرفيتها الزمانية.
وقيل: هي ظرف مكان، كما قال بعضهم ذلك في "إذا" الفجائية. وقال ابن مالك: المختار عندي الحكم بحرفيتها. وذهب بعضهم إلى أنها زائدة.
فإن قلت: "إذا" جعلت ظرفاً فما العامل فيها؟ قلت: قال ابن جني: الناصب لها هو الفعل الذي بعدها، وليست مضافة إليه. والناصب ل بينا وبينما فعل يقدر مما بعد "إذ". وقال الشلوبين: العامل في بيتا ما يفهم من سياق الكلام، و"إذ" بدل من بينا، أي: حين أنا كذلك، "إذا" جاء زيد، وافقت مجيء زيد.
والفصيح ألا يؤتى ب "إذ" بعد بينا وبينما. والإتيان بها بعدهما عربي، خلافاً لمن أنكره.

الخامس: أن تكون شرطية، فيجزم بها. ولا تكون كذلك إلا مقرونة ب "ما"، لأنها إذا تجردت لزمتها الإضافة إلى ما يليها. والإضافة من خصائص الأسماء. فكانت منافية للجزم. فلما قصد جعلها جازمة ركبت مع "ما"، لتكفها عن الإضافة، وتهيئها لما لم يكن لها من معنى وعمل. ولكونها تركبت مع "ما" عدها بعضهم في الحروف الرباعية.
واختلف النحويون فيها. فذهب سيبويه إلى أنها حرف شرط ك "إن" الشرطية. وذهب المبرد، وابن السراج، وأبو علي، ومن وافقهم، إلى أنها باقية على اسميتها، وأن مدلوها من الزمان صار مستقبلاً، بعد أن كان ماضياً. قال ابن مالك: والصحيح ما ذهب إليه سيبويه، لأنها قبل التركيب حكم باسميتها، لدلالتها على وقت ماض، دون شيء آخر يدعى أنها دالة عليه، ولمساواتها الأسماء، في قبول بعض علامات الاسمية، كالتنوين، والإضافة إليها، والوقوع موقع مفعول فيه، ومفعول به. وأما بعد التركيب فمدلولها، المجتمع عليه، المجازاة. وهو من معاني الحروف. ومن ادعى أن لها مدلولاً آخر، زائداً على ذلك، فلا حجة له. وهي مع ذلك غير قابلة لشيء، من العلامات، التي كانت قابلة لها قبل التركيب. فوجب انتفاء اسميتها، وثبوت حرفيتها.
تنبيه
خص بعضهم الجزم ب "إذما" بالشعر، وجعلها ك "إذا". والصحيح أن الجزم بها جائز في الاختيار.

السادس: أن تكون زائدة. ذهب إلى ذلك أبو عبيدة، وابن قتيبة، وجعلا من ذلك قوله تعالى: {وإذ قال ربك للملائكة}، ومواضع أخر في القرآن. ومذهبهما في ذلك ضعيف. وكانا يضعفان في علم النحو.
وزاد بعضهم ل "إذ" قسماً سابعاً. وهو أن تكون بمعنى "قد". وجعل "إذ" في قوله تعالى: {وإذا قال ربك} بمعنى "قد". وليس هذا القول بشيء. والله أعلم). [الجنى الداني:185 - 192]


"إذ ما"
قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("إذ ما" حرف شرط، عند سيبويه، تجزم فعلين مثل "إن" الشرطية. وتقدم ذكرها في أقسام "إذ". وإنما ذكرتها في الرباعي، وفاقاً لمن عدها فيه، لكونها تركبت مع ما فصارا كأنهما كلمة واحدة). [الجنى الداني:508]


رد مع اقتباس