الموضوع: رب
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 20 ذو الحجة 1438هـ/11-09-2017م, 11:28 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

الباب الثالث: في الحروف الثلاثية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الثالث: في الحروف الثلاثية، ولما كان بعضها حرفًا محضًا وبعضها مشتركًا بين الأسماء والحروف كان هذا الباب ثلاثة أنواع:النوع الأول: الحروف المحضة، وهي خمسة عشر حرفًا: "أيا"، و"هيا"، و"آأي"، و"ألا"، و"أما"، و"إذن"، و"إلى"، و"إن" المكسورة "الهمزة" المشددة "النون"، و"أن" المفتوحة "الهمزة" المشددة "النون"، و"ليت"، و"نعم"، و"بلى"، و"ثم"، و"رب"، و"سوف"). [جواهر الأدب: 165]

الفصل الثالث عشر: حرف "رب"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الثالث عشر: من النوع الأول من الحروف الثلاثية: حرف "رب" البصريون حكموا بحرفيتها لأن معناها في غيرها، ولأن ما بعدها مجرور أبدًا، والإضافة غير متصورة فتعين أنها حرف جر، ولأنها متعلقة بفعل أبدًا، والكوفيون والأخفش حكموا باسميتها؛ لأنها نقيضة "كم"، وهي اسم، ولعدم ظهور الفعل معها وظهوره مع الجارة، ولأنه أخبر عنها في قوله:
إن يقتلوك فإن قتلك لم يكن ..... عارً عليك ورب قتل عار
فهي اسم، واختاره الرضي، وقال ما معناه: لو كانت حرفًا لأفضت بالفعل إلى مجرورها في نحو: "رب" رجل لقيت، ولم تفض؛ لأنه متعد بنفسه، ورد ما قاله صاحب المغني من أن العامل ضعف بتأخره فقوي بها، بأن مثل ذلك يختص "باللام" لتفيد اختصاص الفعل بالاسم، فيقوى جهة العمل نحو: لزيدٌ ضربت، وأطال المقال بذكر إيرادات وأجوبة، ثم قال: وتقوى عندي أنها اسم مضاف إلى نكرة، "فرب" رجل في أصل الوضع قليل من هذا الجنس، كما أن معنى "كم" رجل كثير من هذا الجنس، وإعرابه رفع أبد على أنه مبتدأً لا خبر له، كما أن أقل رجل يقول ذلك إلا زيد مبتدأ وجب حذف خبره؛ لأن فيه معنى الفعل، كما في: أقائم الزيدان، فإنهما تناسبا بما في "رب" من معنى القلة، وأجاب البصريون عن الأول: بأن الاسمية لا تثبت بالإلحاق في المعنى، وإلا لزم الحكم باسمية كثير من الحروف كمن التبعيضية، وعن الثاني بالمنع فإنه يجوز ظهور الفعل مها نحو: "رب" رجل كريم لقيته، إلا أنه كثر الحذف اكتفاء بالصفة، وعن الثالث: بأن "رب" لا معنى لها في نفسها ليصح الإخبار عنها، ولهذا كانت الصفة تابعة لمجرورها دونها، وأما عار فخبر مبتدأ محذوف، أي: هو عار، فالصحيح أنها حرف جر؛ بدليل اختصاصها بالاسم، حتى أنها لم تدخل على الجملة الفعلية إلا بعد لحوق ما الكافة بها، كقوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا}، واعلم أنهم اختلفوا في أنها موضوعة للتقليل، أم لا، قال الحريري: بعضهم على أنها تكون للتكثير، وأنشد:
ربما أوفيت في علم ..... ترفعن ثوبي شمالات
وهذا يوافق قول ابن مالك، فإنه ذهب إلى أنها للتكثير، حتى قال: التقليل نادر.
قال الرضي: معناها الأصلي: التقليل، ثم استعملت للتكثير حتى صارت فيه كالحقيقة، وفيه التقليل كالمجاز المحتاج إلى القرينة، واستشهدوا بقوله:
فإن تمس مجهور الغناء فربما ..... أقام به بعد الوفود وفود
والجمهور على أنها للتقليل، وهو الصحيح؛ إذ لم تفد التكثير إلا وهي مقرونة بما، وحينئذٍ لا نزاع لما سيأتي أن "رب" مع ما قد تقيد تكثير النسبة وتحقيقها، ولرب أحكام:
منها: أنها لا تقع إلا صدرًا لدلالتها على نوع من الكلام ولمشابهتها حرف النفي.
ومنها: أن لا تدخل إلا على اسم نكرة لامتناع قبول المعرفة التقليل؛ لأنها إمَّا قليلة كالرجل وزيد، أو كثيرة كالرجال والزيدين، إمَّا ظاهرًا أو ضميرًا مبهمًا مميزًا بنكرة منصوبة على أصل التمييز، ويتعين إفراد الضمير وإن اختلف المميز خلافًا للكوفيين لعدم مرجع يعود عليه، فيختلف باختلافه، ولهذا كان نكرة، ولم أقف على العامل في هذا المميز إلا في المسائل، فإنه صرح فيها أنني عثرت في بعض مطالعاتي على أنه منصوب بهذا الضمير لإبهامه، فصار ناصبًا كالعدد؛ لأنه لا ينتصب "برب"؛ لأنها حرف جر، ولا بشيء سوى الضمير لعدمه، فتعين أن يكون ناصبه الضمير، هذا نصه بتصرف.
ومنها: لزوم وصف النكرة تأكيدًا للتقليل وتوفيرًا للجدوى؛ إذ الفائدة التامة إنما تحصل من نحو: "رب" رجل كريم لقيت، لا من: "رب" رجل لقيت، على الأصح.
ومنها: أن لا يكون فعلها إلا ماض؛ لأن الحكم بالتقليل لا يتصور إلا في متحقق ثابت، وأما قوله تعالى: {ربما يود الذين كفروا}، ونحوه، فلتحقق الوقوع نزل منزلة الماضي محذوفًا غالبًا لقيام النعت مقامه، وقد يظهر كقول الحماسي:
وخيل كأسراب القطا قد وزعتها ..... لها سبل فوق المنية تلمع

شهدت وغنم قد حويت ولذة ..... أبيت وماذا العيش إلا التمتع
فشهدت هو المتعدى، وقد وزعتها هو الصفة.

فائدة:
قد تلحق "ما" "برب"، وهي معها على ثلاثة أقسام:
كافة: فتهيؤها للدخول على الجملتين الاسمية، كقوله:
ربما الجامل المؤبل فيهم ..... وعناجيج بينهن المهار
والفعلية: كقوله:
ربما أوفيت في علم.
والغرض من إلحاقها إمَّا تقليل النسب نحو: "ربما" يكون كذا، أو تكثيرها كقوله:
فربما أقام بعه بعد الوفود وفود
وقيل: إنها لتحقيق النسبة الواقعة بعدها.
وقيل: لا تدخل إلا على الماضي وجمل المستقبل على حكاية الحال.
وقيل: لا تدخل إلا على الاسمية إلا في الضرورة، صرح به ابن القواص.
ونكرة موصوفة كقوله:
ربما تكره النفوس من الأمــ ..... ـــر له فرجة كحل العقال
وزائدة لا يتغير عمل "رب" بدخولها، كقوله: "ربما" ضربة بسيف صقيل، أي: "رب" ضربة.

تذنيب: قد ورد فيها لغات، "رب": بضم "الراء" وتشديد "الباء" مفتوحة، وهي المشهورة، وتليها "تاء" التأنيث مفتوحة نحو: "ربت"، وقد تخفف "الباء" فيها نحو: "ربت": وبدون "التاء" نحو: "رب"، أو تسكن نحو: "رب"، وقد تفتح "الراء" مع "باء" مفتوحة مشددة أو مخففة نحو: "رب"، و"رب"، قال التبريزي: فتح "الراء" من "رب" في جميع لغاتها رواية أبي حاتم، وجعله شاذًا، والله أعلم). [جواهر الأدب: 183 - 185]


رد مع اقتباس