عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 19 ربيع الثاني 1434هـ/1-03-2013م, 11:17 PM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي تفسير السلف

تفسير السلف

تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (- أخبرنا مسعر، قال: حدثني معن وعون، أو أحدهما، أن رجلًا أتى عبد الله ابن مسعودٍ، فقال: اعهد إلي؟ فقال: إذا سمعت الله يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فارعها سمعك، فإنها خيرٌ يأمر به، أو شرٌّ ينهى عنه). [الزهد لابن المبارك: 2/ 18]
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا أبو معشر المدني، قال: حدثني محمد بن كعب القرظي، قال: حدثني عبد الله بن دارة مولى عثمان بن عفان قال: مررت على عثمان بفخارة من ماء فدعا به، فتوضأ، فأسبغ وضوءه، ثم قال: لو لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا ما حدثتكم به، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما توضأ عبد فأسبغ وضوءه، ثم قام إلى الصلاة، إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى.
قال محمد بن كعب: وكنت إذا سمعت حديثًا عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن، فالتمست هذا فوجدته: {إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الآية، فعلمت أن الله لم يتم نعمته عليه حتى غفر له ذنوبه، ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية [سورة المائدة: 6] فعرفت أن الله لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم). [الزهد لابن المبارك: 2/534]

قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدّثني طلحة بن عمرٍو المكّيّ أنّه سمع عطاء بن أبي رباحٍ يحدّث عن ابن عبّاسٍ أنّه قال: الملامسة الجماع). [الجامع في علوم القرآن: 1/89] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وحدثني حماد بن زيد، عن داود بن أبي هند، عن سعيد بن جبير أنه تلا هذه الآية: {إذا قمتم إلى الصلاة}، حتى بلغ: {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم}، قال: يدخلهم الجنة، فإنها لم تتم نعم الله على عبدٍ حتى يدخله الجنة). [الجامع في علوم القرآن: 1/26]
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (وأخبرني سعد بن عبد الله المعافري، عن أبي معشر القرظي قال: كنت إذا سمعت شيئا من أصحاب النبي عليه السلام التمسته في القرآن فوجدته؛ قال الله لنبيه: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً (1) ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك}، فعرفت أن الله لم يتم عليه النعمة حتى غفر له؛ قال: ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة}، حتى بلغ: {وليتم نعمته عليكم}، فعرفت أن الله لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم). [الجامع في علوم القرآن: 1/45-46] (م)
قالَ عَبْدُ اللهِ بنُ وَهْبٍ المَصْرِيُّ (ت: 197 هـ): (أخبرني ابن لهيعة عن عبد ربّه بن سعيدٍ عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبيرٍ قال: قال ابن عبّاسٍ: {الرّفث}، المباشرة، و (الملامسة)، هو الجماع). [الجامع في علوم القرآن: 2/33] (م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال سألت عبيدة عن قوله تعالى: {أو لامستم النساء} قال اللمس باليد قال معمر
وقال قتادة قال ابن عباس هو الجماع ولكن الله يعف ويكني). [تفسير عبد الرزاق: 1/184-185]
قال أبو حذيفة موسى بن مسعود النهدي (ت:220هـ): (سفيان [الثوري] قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها (اغسلوا أيديكم وأرجلكم) [الآية: 6]). [تفسير الثوري: 100]
قالَ سعيدُ بنُ منصورٍ بن شعبة الخراسانيُّ: (ت:227هـ): ( [قوله تعالى: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} ]
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيم قال: نا خالدٌ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه كان يقرأ: {فامسحوا برءوسكم وأرجلكم}، قال: عاد إلى الغسل.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ قال: نا أبو محمّدٍ مولى قريشٍ، قال: نا عبّاد بن الرّبيع، عن عليٍّ رضي اللّه عنه أنّه كان يقرؤها كذلك.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا منصورٌ، وعبّادٌ أنّهم سمعوا الحسن يقرأ: {وأرجلكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا حميد الطّويل، عن أنس أنه قرأ: {وأرجلكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا أبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّه كان يقرأ: {وأرجلكم}.
- حدّثنا سعيدٌ، قال: نا هشيمٌ، قال: نا داود، وإسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبي أنه كان يقرأ: {وأرجلكم}). [سنن سعيد بن منصور: 4/1440-1446]

قال أبو بكرٍ عبدُ الله بنُ محمدٍ ابنُ أبي شيبةَ العبسيُّ (ت: 235هـ): (حدّثنا عبدة بن سليمان، عن الأعمش، عن خيثمة، قال: ما تقرؤون في القرآن: {يا أيّها الّذين آمنوا} فإنّ موضعه في التّوراة: يا أيّها المساكين). [مصنف ابن أبي شيبة: 19/ 318]
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ): (باب قوله: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا} [النساء: 43] "
تيمّموا: تعمّدوا، {آمّين} [المائدة: 2]: عامدين، أمّمت وتيمّمت واحدٌ " وقال ابن عبّاسٍ: (لمستم) و {تمسّوهنّ} [البقرة: 236] و {اللّاتي دخلتم بهنّ} [النساء: 23] ، " والإفضاء: النّكاح ".
- حدّثنا إسماعيل، قال: حدّثني مالكٌ، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، زوج النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قالت: خرجنا مع رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم في بعض أسفاره، حتّى إذا كنّا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقدٌ لي، فأقام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على التماسه، وأقام النّاس معه، وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ، فأتى النّاس إلى أبي بكرٍ الصّدّيق، فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة، أقامت برسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وبالنّاس، وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ؟ فجاء أبو بكرٍ ورسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم واضعٌ رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم والنّاس وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ، قالت عائشة: فعاتبني أبو بكرٍ، وقال: ما شاء اللّه أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التّحرّك إلّا مكان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم على فخذي، فقام رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم حتّى أصبح على غير ماءٍ «فأنزل اللّه آية التّيمّم فتيمّموا» فقال أسيد بن حضيرٍ: ما هي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكرٍ، قالت: فبعثنا البعير الّذي كنت عليه فإذا العقد تحته
- حدّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدّثني ابن وهبٍ، قال: أخبرني عمرٌو، أنّ عبد الرّحمن بن القاسم، حدّثه عن أبيه، عن عائشة رضي اللّه عنها، سقطت قلادةٌ لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة، فأناخ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، ونزل فثنى رأسه في حجري راقدًا، أقبل أبو بكرٍ فلكزني لكزةً شديدةً، وقال: حبست النّاس في قلادةٍ فبي الموت، لمكان رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم وقد أوجعني، ثمّ إنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم استيقظ وحضرت الصّبح، فالتمس الماء فلم يوجد " فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} [المائدة: 6] الآية "، فقال أسيد بن حضيرٍ: لقد بارك اللّه للنّاس فيكم يا آل أبي بكرٍ، ما أنتم إلّا بركةٌ لهم). [صحيح البخاري: 6/50-51]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): ( (قوله باب قوله فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدا طيبا)
كذا في الأصول وزعم ابن التّين وتبعه بعض الشّرّاح المتأخّرين أنّه وقع هنا فإن لم تجدوا ماءً وردّ عليه بأن التّلاوة فلم تجدوا ماء وهذا الّذي أشار إليه إنّما وقع في كتاب الطّهارة وهو في بعض الرّوايات دون بعضٍ كما تقدّم التّنبيه عليه قوله تيمّموا تعمّدوا آمّين عامدين أمّمت وتيمّمت واحدٌ قال أبو عبيدة في قوله تعالى فتيمّموا صعيدًا أي فتعمّدوا وقال في قوله تعالى ولا آمين البيت الحرام أي ولا عامدين ويقال أمّمت وبعضهم يقول تيمّمت قال الشّاعر إنّي كذاك إذا ما ساءني بلدٌ يمّمت صدر بعيري غيره بلدا تنبيه قرأ الجمهور ولا آمين البيت بإثبات النّون وقرأ الأعمش بحذف النّون مضافًا كقوله محلى الصّيد قوله وقال بن عبّاسٍ لمستم وتمسّوهنّ واللّاتي دخلتم بهنّ والإفضاء النّكاح أمّا قوله لمستم فروى إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق مجاهدٍ عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى أو لامستم النّساء قال هو الجماع وأخرجه بن أبي حاتمٍ من طريق سعيد بن جبيرٍ بإسنادٍ صحيحٍ وأخرجه عبد الرّزّاق عن معمرٍ عن قتادة عن بن عبّاسٍ قال هو الجماع ولكن اللّه يعفو ويكنى وأما قوله تمسّوهنّ فروى بن أبي حاتم من طريق عكرمة عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى ما لم تمسّوهنّ أي تنكحوهنّ وأمّا قوله دخلتم بهنّ فروى بن أبي حاتمٍ من طريق عليّ بن أبي طلحة عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى اللّاتي دخلتم بهن قال الدّخول النّكاح وأمّا قوله والإفضاء فروى بن أبي حاتمٍ من طريق بكر بن عبد اللّه المزنيّ عن بن عبّاسٍ في قوله تعالى وقد أفضى بعضكم إلى بعض قال الإفضاء الجماع وروى عبد بن حميدٍ من طريق عكرمة عن بن عبّاسٍ قال الملامسة والمباشرة والإفضاء والرّفث والغشيان والجماع كلّه النّكاح ولكنّ اللّه يكنّي وروى عبد الرّزّاق من طريق بكرٍ المزنيّ عن بن عبّاسٍ إنّ اللّه حييٌّ كريمٌ يكنّي عمّا شاء فذكر مثله لكن قال التّغشّي بدل الغشيان وإسناده صحيحٌ قال الإسماعيليّ أراد بالتّغشّي قوله تعالى فلمّا تغشاها وسيأتي شيءٌ من هذا في النّكاح والّذي يتعلّق بالباب قوله لمستم وهي قراءة الكوفيّين حمزة والكسائيّ والأعمش ويحيى بن وثّابٍ وخالفهم عاصمٌ من الكوفيّين فوافق أهل الحجاز فقرؤوا أو لامستم بالألف ووافقهم أبو عمرو بن العلاء من البصريين ثمّ ذكر المصنّف حديث عائشة في سبب نزول الآية المذكورة من وجهين وقد تقدّم الكلام عليها مستوفًى في كتاب التّيمّم واستدلّ به على أنّ قيام اللّيل لم يكن واجبًا عليه صلّى اللّه عليه وسلّم وتعقّب باحتمال أن يكون صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى أوّل ما نزل ثمّ نام وفيه نظرٌ لأنّ التّهجّد القيام إلى الصّلاة بعد هجعةٍ ثمّ يحتمل أنّه هجع فلم ينتقض وضوءه لأنّ قلبه لا ينام ثمّ قام فصلّى ثمّ نام والله أعلم). [فتح الباري: 8/272-273]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ) : (قوله فيه
وقال ابن عبّاس لامستم وتمسوهن واللآتي دخلتم بهن والإفضاء النّكاح
قال ابن أبي حاتم ثنا أبو سعيد الأشج ثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قوله 6 المائدة {أو لامستم النّساء} قال الجماع
وقال أيضا ثنا أبو سعيد الأشج ثنا المحاربي عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عبّاس قال {ثمّ طلقتموهن من قبل أن تمسّوهنّ} 49 الأحزاب قال إذا طلقتموهن من قبل أن تنكحوهن فلا طلاق
وقال أيضا ثنا أبي ثنا أبو صالح حدثني معاوية بن صالح عن علّي عن ابن عبّاس في قوله 23 : النّساء {من نسائكم اللّاتي دخلتم بهن} قال والدّخول النّكاح وقال أيضا ثنا أبي ثنا محمّد بن مقاتل ثنا وكيع عن سفيان عن عاصم عن بكر بن عبد الله المزنيّ عن ابن عبّاس في قوله 21 النّساء {وقد أفضى بعضكم إلى بعض}
[تغليق التعليق: 4/202]
قال الإفضاء الجماع
وقال إسماعيل القاضي ثنا سليمان بن حرب ثنا حمّاد بن سلمة عن عاصم عن عكرمة عن ابن عبّاس قال الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث كله النّكاح ولكن الله عزّ وجلّ كنى
ثنا مسدّد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله قال: قال ابن عبّاس إن الله عزّ وجلّ حييّ كريم يكني عمّا شاء وإن المباشرة والرفث والتغشي والإفضاء واللماس عني به الجماع قال يعني في التغشي قوله {فلمّا تغشاها} 189 الأعراف وبالإفضاء قوله {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} 21 النّساء
ثنا مسدّد ثنا يحيى عن ابن جريج عن عبد الله بن كثير عن مجاهد عن ابن عبّاس قال أو لامستم النّساء قال هو الجماع). [تغليق التعليق: 4/202-203]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : ( (باب قوله: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدا طيّبا} )

أي: هذا باب في قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماء فتيمّموا صعيدا طيبا} (المائدة: 6) قيل: وقع هنا. فإن لم تجدوا. قلت: ليس كذلك، فالقرآن {فلم تجدوا} وفي الأصول كذلك.
تيمّموا تعمّدوا
أشار به إلى أن معنى قوله تعالى: {فتيمّموا} تعمدوا الآن معنى التّيمّم في اللّغة القصد، والعمد هو القصد، وكذا روي عن سفيان رواه ابن المنذر عن زكريّا حدثنا أحمد بن خليل حدثنا معاوية بن عمرو عن أبي إسحاق عنه.
آمّين قاصدين أمّمت ويمّمت واحدٌ
أشار به إلى قوله تعالى: {ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام} (المائدة: 2) وفسّر آمين بقوله: قاصدين، لأنّه من الأمّ وهو القصد، أي: ولا تستحلوا قتال آمين البيت أي: القاصدين إلى بيت الله الحرام الّذي من دخله كان آمنا. قوله: (أممت ويممت واحد)، أي: في المعنى قال الشّاعر:
ولا أدري إذا يممت أرضًا
وقرأ الأعمش: ولا آمي البيت، بإسقاط النّون للإضافة.
وقال ابن عبّاسٍ لمستم وتمسّوهنّ واللاتي دخلتم بهنّ والإفضاء النّكاح
أشار بقول ابن عبّاس هذا إلى أن معنى أربعة ألفاظ في القرآن بمعنى واحد، وهو: النّكاح أي: الوطء. وقوله: لمستم، في محل الرّفع على الابتداء بتقدير قوله: لمستم، وما بعده عطف عليه، وقوله: النّكاح، على أنه خبره، وقد ذكر هذا عن ابن عبّاس بطريق التّعليق. أما اللّفظ الأول: فقد وصله إسماعيل القاضي في (أحكام القرآن) من طريق مجاهد عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {أو لمستم النّساء} قال هو الجماع، وروى ابن المنذر حدثنا محمّد بن عليّ حدثنا سعيد حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن ابن جبير عن ابن عبّاس أن اللّمس والمس والمباشرة الجماع، وقال ابن أبي حاتم في (تفسيره) . وروي عن عليّ ابن أبي طالب وأبي بن كعب ومجاهد والحسن وطاوس وعبيد بن عمير وسعيد بن جبير والشعبيّ وقتادة ومقاتل نحو ذلك، وقرأ حمزة والكسائيّ والأعمش ويحيى بن وثاب (لمستم) وقرأ عاصم وأبو عمرو بن العلاء وأهل الحجاز (لامستم) بالألف (وأما اللّفظ الثّاني) : فوصله ابن المنذر وقد مر الآن (وأما اللّفظ الثّالث) : فرواه عليّ بن أبي حاتم من طريق وابن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {اللّاتي دخلتم بهن} (النّساء: 23) قال الدّخول النّكاح (وأما اللّفظ الرّابع) : فرواه ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزنيّ عن ابن عبّاس في قوله تعالى: {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} (النّساء: 21) قال: الإفضاء الجماع، وروى ابن المنذر عن عليّ بن عبد العزيز حدثنا حجاج حدثنا حمّاد أخبرنا عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عبّاس، قال: الملامسة والمباشرة والإفضاء والرفث والجماع نكاح ولكن الله يكني.

- حدّثنا إسماعيل قال حدّثني مالكٌ عن عبد الرّحمان بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره حتّى إذا كنّا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقدٌ لي فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام النّاس معه وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ فأتى النّاس إلى أبي بكرٍ الصّدّيق فقالوا ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالنّاس وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ فجاء أبو بكرٍ ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضعٌ رأسه على فخذي قد نام فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والنّاس وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ قالت عائشة فعاتبني أبو بكرٍ وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ولا يمنعني من التّحرّك إلاّ مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أصبح على غير ماءٍ فأنزل الله آية التيمّم فقال أسيد بن حضيرٍ ما هي بأوّل بركتكم يا أبي آل بكرٍ قالت فبعثنا البعير الّذي كنت عليه فإذا العقد تحته.

مطابقته للتّرجمة في قوله: {فتيمّموا} وإسماعيل بن أبي أويس عبد الله المدني يروي عن خاله مالك بن القاسم بن محمّد بن أبي بكر الصّديق، رضي الله تعالى عنه. والحديث قد مر في أول كتاب التّيمّم، فإنّه أخرجه هناك عن عبد الله بن يوسف عن مالك إلى آخره، وقد مر الكلام فيه هناك.
قوله: (بالبيداء)، بفتح الباء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف. (وذات الجيش) بفتح الجيم وسكون الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة. وهما اسمان لموضعين بين مكّة والمدينة. قوله: (عقد) بكسر العين. القلادة، وكانت لأسماء أخت عائشة فاستعارتها عائشة منها وأضافتها إلى نفسها بملابسة العارية). [عمدة القاري: 18/199-201]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (باب قوله: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا} تيمّموا: تعمّدوا، آمّين: عامدين، أمّمت وتيمّمت واحدٌ.
وقال ابن عبّاسٍ: لمستم وتمسّوهنّ واللاّتي دخلتم بهنّ. والإفضاء: النّكاح
(باب قوله) تعالى: وثبت باب قوله لأبي ذر عن المستملي ({فلم تجدوا ماء}) معطوف على ما قبله والمعنى أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فطلبتم الماء لتتطهروا به فلم تجدوه بثمن ولا بغيره ({فتيمموا صعيدًا}) ترابًا ({طيبًا}) ولعل ذكر الكلام في التيمم ثانيًا لتحقيق شموله للجنب والمحدث حيث ذكر عقيب {وإن كنتم جنبًا فاطهروا} [المائدة: 7] فإنه نقل عن عمر وابن مسعود عند ذكر الأولى التخصيص بالمحدث (تيمموا) أي (تعمدوا) وسقط تيمموا تعمدوا لغير المستملي، وقوله تعالى: {ولا آمين البيت الحرام} [المائدة: 2] أي (عامدين أممت وتيممت واحد) قاله أبو عبيدة (وقال ابن عباس: لمستم وتمسوهن) وفي الفرع ولمستموهن والأوّل هو الذي في أصله (واللاتي دخلتم بهن والإفضاء) الأربعة معناها (النكاح) فالأول وصله إسماعيل القاضي في أحكام القرآن من طريق مجاهد عنه، والثاني وصله ابن المنذر، والثالث ابن أبي حاتم من طريق عليّ بن أبي طلحة عنه، والرابع ابن أبي حاتم من طريق بكر بن عبد الله المزني عن ابن عباس.
- حدّثنا إسماعيل، قال: حدّثني مالكٌ، عن عبد الرّحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- قالت: خرجنا مع رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- في بعض أسفاره حتّى إذا كنّا بالبيداء -أو بذات الجيش- انقطع عقدٌ لي فأقام رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- على التماسه وأقام النّاس معه وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ فأتى النّاس إلى أبي بكرٍ الصّدّيق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وبالنّاس وليسوا على ماءٍ وليس معهم ماءٌ فجاء أبو بكرٍ ورسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- واضعٌ رأسه على فخذي قد نام فقال: حبست رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- والنّاس وليسوا على ماءٍ، وليس معهم ماءٌ قالت عائشة: فعاتبني أبو بكرٍ، وقال ما شاء اللّه أن يقول: وجعل يطعنني بيده في خاصرتي ولا يمنعني من التّحرّك إلاّ مكان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- على فخذي فقام رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- حتّى أصبح على غير ماءٍ فأنزل اللّه آية التّيمّم فقال أسيد بن حضيرٍ: ما هي بأوّل بركتكم يا آل أبي بكرٍ قالت: فبعثنا البعير الّذي كنت عليه فإذا العقد تحته.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن عبد الرحمن بن القاسم) بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) أنها (قالت: خرجنا مع رسول الله) ولأبي ذر عن النبي (-صلّى اللّه عليه وسلّم- في بعض أسفاره) هو غزوة بني المصطلق وكانت سنة ست أو خمس (حتى إذا كنا بالبيداء) بفتح الموحدة والمد (أو بذات الجيش) بفتح الجيم وبعد الياء الساكنة شين معجمة موضعين بين مكة والمدينة والشك من عائشة (انقطع عقد لي) بكسر العين وسكون القاف أي قلادة وإضافته دها باعتبار استيلائها لمنفعته وإلا فهو لأسماء استعارته منها (فأقام رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق) -رضي الله عنه- وسقط لفظ الصديق لأبي ذر (فقالوا) له: (ألا ترى ما صنعت عائشة أقامت برسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- وبالناس) بحرف الجر (وليسوا على ماء وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر ورسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- واضع رأسه على فخذي) بالذال المعجمة (قد نام. فقال): ولأبي ذر وقال: (حبست رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- و) حبست (الناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت) ولأبوي ذر والوقت فقالت (عائشة: فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول) قال حبست الناس في قلادة وفي كل مرة تكونين عناء (وجعل يطعنني بيده في خاصرتي) بضم عين يطعنني وقد تفتح (ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- على فخذي فقام رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- حين أصبح) ولغير أبوي ذر والوقت فنام حتى أصبح (على غير ماء فأنزل الله آية التيمم) التي بالمائدة. زاد أبو ذر فتيمموا بلفظ الماضي أي تيمم الناس لأجل الآية أو هو أمر على ما هو لفظ القرآن ذكره بيانًا أو بدلًا من آية التيمم أي أنزل الله فتيمموا وفي نسخة فتيممنا (فقال أسيد بن حضير): بضم الحاء وفتح الضاد المعجمة مصغرًا كسابقه الأنصاري الأشهلي (ما هي) أي البركة التي حصلت للمسلمين برخصة التيمم (بأوّل بركتكم يا آل أبي بكر) بل هي مسبوقة بغيرها (قالت) عائشة: (فبعثنا) أي أثرنا (البعير الذي كنت) راكبة (عليه) حالة السير (فإذا العقد تحته).
وهذا الحديث قد سبق في التيمم.
- حدّثنا يحيى بن سليمان، قال: حدّثني ابن وهبٍ قال: أخبرني عمرٌو أنّ عبد الرّحمن بن القاسم حدّثه عن أبيه عن عائشة -رضي الله عنها- سقطت قلادةٌ لي بالبيداء، ونحن داخلون المدينة، فأناخ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- ونزل فثنى رأسه في حجري راقدًا أقبل أبو بكرٍ فلكزني لكزةً شديدةً وقال: حبست النّاس في قلادةٍ فبي الموت لمكان رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وقد أوجعني ثمّ إنّ النّبيّ -صلّى اللّه عليه وسلّم- استيقظ وحضرت الصّبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} [المائدة: 6] الآية. فقال أسيد بن حضيرٍ لقد بارك اللّه للنّاس فيكم يا آل أبي بكرٍ ما أنتم إلاّ بركةٌ لهم.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني بالإفراد (يحيى بن سليمان) الجعفي الكوفي نزيل مصر (قال: حدّثني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله (قال أخبرني) بالإفراد (عمرو) بفتح العين ابن الحارث المصري (أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة -رضي الله عنها-) أنها قالت: (سقطت قلادة) بكسر القاف (لي بالبيداء) ليس في هذه الرواية أو بذات الجيش (ونحن داخلون المدينة) الواو للحال (فأناخ النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم-) راحلته (ونزل) عنها (فثنى رأسه) أي وضعها (في حجري) حال كونه عليه الصلاة والسلام (راقدًا. أقبل أبو بكر فلكزني لكزة) بالزاي أي دفعني في صدري بيده دفعة (شديدة وقال: حبست الناس في قلادة فبي الموت لمكان رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- وقد أوجعني، ثم إن النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- استيقظ وحضرت الصبح) أي صلاة الصبح (فالتمس الماء) بالرفع مفعولًا ناب عن الفاعل أي التمس الناس الماء (فلم يوجد فنزلت: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية. فقال أسيد بن حضير: لقد بارك الله للناس فيكم) أي بسببكم (يا أبي بكر ما أنتم إلا بركة لهم) ). [إرشاد الساري: 7/101-102]
- قال محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ) : (باب {فلم تجدوا ماءً فتيمموا صعيداً طيباً}
قوله: (ما هي) أي: البركة التي حصلت للمسلمين برخصة التيمم بأول بركتكم، بل هي مسبوقة بغيرها.
قوله: (فلكزني): بالزاي، أي: دفعني في صدري بيده دفعة). [حاشية السندي على البخاري: 3/49]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبًا فاطّهروا وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النّساء فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرجٍ ولكن يريد ليطهّركم وليتمّ نعمته عليكم لعلّكم تشكرون}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة وأنتم على غير طهر الصّلاة، فاغسلوا وجوهكم بالماء، وأيديكم إلى المرافق.
ثمّ اختلف أهل التّأويل في قوله: {إذا قمتم إلى الصّلاة} أمرادٌ به كلّ حالٍ قام إليها، أو بعضها؟ وأيّ أحوال القيام إليها؟ فقال بعضهم في ذلك بنحو ما قلنا فيه من أنّه معنيٌّ به بعض أحوال القيام إليها دون كلّ الأحوال، وأنّ الحال الّتي عنى بها حال القيام إليها على غير طهرٍ.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، قال: سئل عكرمة عن قول اللّه: {إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} فكلّ ساعةٍ يتوضّأ؟ فقال: قال ابن عبّاسٍ: لا وضوء إلاّ من حدثٍ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت مسعود بن عليٍّ الشّيبانيّ، قال: سمعت عكرمة، قال: كان سعد بن أبي وقّاصٍ يصلّي الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، عن مسعود بن عليٍّ، عن عكرمة، قال: كان سعد بن أبي وقّاصٍ يقول: صلّ بطهورك ما لم تحدث.
- حدّثنا أحمد بن عبدة الضّبّيّ، قال: أخبرنا سليم بن أخضر، قال: أخبرنا ابن عونٍ، عن محمّدٍ، قال: قلت لعبيدة السّلمانيّ: ما يوجب الوضوء؟ قال: الحدث.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن يزيد بن طريفٍ، أو طريف بن يزيد أنّهم كانوا مع أبي موسى على شاطئ دجلة، فتوضّئوا فصلّوا الظّهر، فلمّا نودي بالعصر، قام رجالٌ يتوضّئون من دجلة، فقال: إنّه لا وضوء إلاّ على من أحدث.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، عن طريف بن زيادٍ أو زياد بن طريفٍ، عن واقع بن سحبان: أنّه شهد أبا موسى صلّى بأصحابه الظّهر، ثمّ جلسوا حلقًا على شاطئ دجلة، فنودي بالعصر، فقام رجالٌ يتوضّئون، فقال أبو موسى: لا وضوء إلاّ على من أحدث.
- حدّثنا ابن بشّارٍ وابن المثنّى قالا: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت قتادة يحدّث عن واقع بن سحبان، عن طريف بن يزيد أو يزيد بن طريفٍ، قال: كنت مع أبي موسى بشاطئ دجلة فذكر نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ وابن المثنّى قالا: حدّثنا عبد الرّحمن بن مهديٍّ، قال: حدّثنا شعبة، عن قتادة، عن واقع بن سحبان، عن طريف بن يزيد، أو يزيد بن طريفٍ، عن أبي موسى، مثله.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا أبو خلدٍه، قال: توضّأت عند أبي العالية الظّهر أو العصر، فقلت: أصلّي بوضوئي هذا، فإنّي لا أرجع إلى أهلي إلى العتمة؟ قال أبو العالية: لا حرج. وعلّمنا: إذا توضّأ الإنسان فهو في وضوئه حتّى يحدث حدثًا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا أبو هلال، عن قتادة، عن سعيد بن المسيّب، قال: الوضوء من غير حدثٍ اعتداءٌ.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا أبو داود، قال حدّثنا أبو هلالٍ، عن قتادة، عن سعيدٍ، مثله.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، قال: رأيت إبراهيم صلّى بوضوءٍ واحدٍ الظّهر والعصر والمغرب.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثّامٌ، قال: حدّثنا الأعمش، قال: كنت مع يحيى، فأصلّي الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ، قال: وإبراهيم مثل ذلك.
- حدّثنا سوّار بن عبد اللّه، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، قال: حدّثنا يزيد بن إبراهيم، قال: سمعت الحسن، سئل عن الرّجل، يتوضّأ فيصلّي الصّلوات كلّها بوضوءٍ واحدٍ، فقال: لا بأس به ما لم يحدث.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ، قال: حدّثنا عبيدٌ، عن الضّحّاك، قال: يصلّي الصّلوات بالوضوء الواحد ما لم يحدث.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال حدّثنا زائدة، عن الأعمش، عن عمارة، قال: كان الأسود يصلّي الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} يقول: قمتم وأنتم على غير طهرٍ.
- حدّثنا أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة، عن الأسود: أنّه كان له قعبٌ قدر ريّ رجلٍ، فكان يتوضّأ ثمّ يصلّي بوضوئه ذلك الصّلوات كلّها.
- حدّثنا محمّد بن عبّاد بن موسى، قال: أخبرنا زياد بن عبد اللّه بن الطّفيل البكّائيّ، قال: حدّثنا الفضل بن المبشّر، قال: رأيت جابر بن عبد اللّه يصلّي الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ، فإذا بال أو أحدث توضّأ ومسح بفضل طهوره الخفّين. فقلت: أبا عبد اللّه أشيءٌ تصنعه برأيك؟ قال: بل رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصنعه، فأنا أصنعه كما رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصنع.
وقال آخرون: معنى ذلك: يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم من نومكم إلى الصّلاة.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا القاسم، قال: حدّثنا الحسين، قال: حدّثني من سمع مالك بن أنسٍ، يحدّث عن زيد بن أسلم، قوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} قال: يعني: إذا قمتم من النّوم.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ أنّ مالك بن أنسٍ، أخبره عن زيد بن أسلم، بمثله.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم} قال: فقال: قمتم إلى الصّلاة من النّوم.
وقال آخرون: بل ذلك معنيٌّ به كلّ حال قيام المرء إلى صلاته أن يجدّد لها طهرًا.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، عن مسعود بن عليٍّ، قال: سألت عكرمة، قال: قلت يا أبا عبد اللّه، أتوضّأ لصلاة الغداة ثمّ آتي السّوق فتحضر صلاة الظّهر فأصلّي؟ قال: كان عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه يقول: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: سمعت مسعود بن عليٍّ الشّيبانيّ، قال: سمعت عكرمة يقول: كان عليٌّ رضي اللّه عنه يتوضّأ عند كلّ صلاةٍ، ويقرأ هذه الآية: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية.
- حدّثنا زكريّا بن يحيى بن أبي زائدة، قال: حدّثنا أزهر، عن ابن عونٍ، عن ابن سيرين: أنّ الخلفاء، كانوا يتوضّئون لكلّ صلاةٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن حميدٍ، عن أنسٍ، قال: توضّأ عمر بن الخطّاب وضوءًا فيه تجوّزٌ خفيفًا، فقال: هذا وضوء من لم يحدث.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني وهب بن جريرٍ، قال: أخبرنا شعبة، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النّزّال، قال: رأيت عليًّا صلّى الظّهر ثمّ قعد للنّاس في الرّحبة، ثمّ أتي بماءٍ فغسل وجهه ويديه، ثمّ مسح برأسه ورجليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم: أنّ عليًّا، اكتال من حبٍّ فتوضّأ وضوءًا فيه تجوّزٌ، فقال: هذا وضوء من لم يحدث.
وقال آخرون: بل كان هذا أمرًا من اللّه عزّ ذكره نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم والمؤمنين به أن يتوضّئوا لكلّ صلاةٍ، ثمّ نسخ ذلك بالتّخفيف.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني عبد اللّه بن أبي زيادٍ القطوانيّ، قال: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن يحيى بن حبّان الأنصاريّ ثمّ المازنيّ مازن بني النّجّار، فقال لعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر: أخبرني عن وضوء عبد اللّه، لكلّ صلاةٍ، طاهرًا كان أو غير طاهرٍ، عمّن هو؟
قال: حدّثتنيه أسماء ابنة زيد بن الخطّاب، أنّ عبد اللّه بن حنظلة بن أبي عامرٍ الغسيل حدّثها: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بالوضوء عند كلّ صلاةٍ، فشقّ ذلك عليه، فأمر بالسّواك، ورفع عنه الوضوء إلاّ من حدثٍ، فكان عبد اللّه يرى أنّ به قوّةً عليه، فكان يتوضّأ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة بن الفضل، عن ابن إسحاق، عن محمّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة قال: حدّثني محمّد بن يحيى بن حبّان الأنصاريّ، قال: قلت لعبيد اللّه بن عبد اللّه بن عمر، أخبرني عن وضوء عبد اللّه لكلّ صلاةٍ. ثمّ ذكر نحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا يحيى، وعبد الرّحمن، قالا: حدّثنا سفيان، عن علقمة بن مرثدٍ، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتوضّأ لكلّ صلاةٍ، فلمّا كان يوم الفتح مكه، صلّى الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ، ومسح على خفّيه، فقال عمر: إنّك فعلت شيئًا لم تكن تفعله. قال: عمدًا فعلته.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن محارب بن دثارٍ، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يتوضّأ لكلّ صلاةٍ، فلمّا كان يوم فتح مكّة، صلّى الصّلوات كلّها بوضوءٍ واحدٍ.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن محارب بن دثارٍ، عن سليمان بن بريدة: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان يتوضّأ، فذكر نحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن علقمة بن مرثدٍ، عن ابن بريدة، عن أبيه، قال: صلّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الصّلوات كلّها بوضوءٍ واحدٍ، فقال له عمر: يا رسول اللّه، صنعت شيئًا لم تكن تصنعه؟ فقال: عمدًا فعلته يا عمر.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية، عن سفيان، عن محارب بن دثارٍ، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتوضّأ لكلّ صلاةٍ، فلمّا فتح مكّة، صلّى الظّهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوءٍ واحدٍ.
- حدّثنا محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا الحكم بن ظهيرٍ، عن مسعرٍ، عن محارب بن دثارٍ، عن ابن عمر: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صلّى الظّهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوءٍ واحدٍ.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ في الحديث الّذي ذكرناه عن عبد اللّه بن حنظلة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أمر بالوضوء عند كلّ صلاةٍ، دلالةٌ على خلاف ما قلنا من أنّ ذلك كان ندبًا للنّبيّ عليه الصّلاة والسّلام وأصحابه، وخيّل إليه أنّ ذلك كان على الوجوب؛ فقد ظنّ غير الصّواب، وذلك أنّ قول القائل: أمر اللّه نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم بكذا وكذا، محتملٌ من وجوهٍ لأمر الإيجاب والأرشاد والنّدب والإباحة والإطلاق، وإذ كان محتملاً ما ذكرنا من الأوجه، كان أولى وجوهه به ما على صحّته الحجّة مجمعةٌ دون ما لم يكن على صحّته برهانٌ يوجب حقّيّقة مدّعيه. وقد أجمعت الحجّة على أنّ اللّه عزّ وجلّ لم يوجب على نبيّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولا على عباده فرض الوضوء لكلّ صلاةٍ، ثمّ نسخ ذلك، ففي إجماعها على ذلك الدّلالة الواضحة على صحّة ما قلنا من أنّ فعل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم ما كان يفعل من ذلك كان على ما وصفنا من إيثاره فعل ما ندبه اللّه عزّ ذكره إلى فعله وندب إليه عباده المؤمنين بقوله: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} الآية، وأنّ تركه في ذلك الحال الّتي تركه كان ترخيصًا لأمّته وإعلامًا منه لهم أنّ ذلك غير واجبٍ ولا لازمٍ له ولا لهم، إلاّ من حدثٍ يوجب نقض الطّهر.
وقد روي بنحو ما قلنا في ذلك أخبارٌ:.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثني وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن عمرو بن عامرٍ، عن أنسٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أتي بقعبٍ صغيرٍ، فتوضّأ. قال: قلت لأنسٍ: أكان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتوضّأ عند كلّ صلاةٍ؟ قال: نعم. قلت: فأنتم؟ قال: كنّا نصلّي الصّلوات بوضوءٍ واحدٍ.
- حدّثنا سليمان بن عمر بن خالدٍ الرّقّيّ، حدّثنا عيسى بن يونس، عن عبد الرّحمن بن زيادٍ الإفريقيّ، عن أبي غطيفٍ، قال: صلّيت مع ابن عمر الظّهر، فأتى مجلسًا في داره، فجلس وجلست معه، فلمّا نودي بالعصر دعا بوضوءٍ فتوضّأ، ثمّ خرج إلى الصّلاة، ثمّ رجع إلى مجلسه؛ فلمّا نودي بالمغرب دعا بوضوءٍ فتوضّأ، فقلت: أسنّةٌ ما أراك تصنع؟ قال: لا، وإن كان وضوئي لصلاة الصّبح كافيًا للصّلوات كلّها ما لم أحدث، ولكنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: من توضّأ على طهرٍ كتب له عشر حسناتٍ فأنا رغبت في ذلك.
- حدّثني أبو سعيدٍ البغداديّ، قال: حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، عن هريمٍ، عن عبد الرّحمن بن زيادٍ، عن أبي غطيفٍ، عن ابن عمر، قال: قال رسول اللّه: من توضّأ على طهرٍ كتب له عشر حسناتٍ.
وقد قال قومٌ: إنّ هذه الآية أنزلت على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إعلامًا من اللّه له بها أن لا وضوء عليه، إلاّ إذا قام إلى صلاته دون غيرها من الأعمال كلّها، وذلك أنّه كان إذا أحدث امتنع من الأعمال كلّها حتّى يتوضّأ، فأذن له بهذه الآية أن يفعل كلّ ما بدا له من الأفعال بعد الحدث عدا الصّلاة توضّأ أو لم يتوضّأ، وأمره بالوضوء إذا قام إلى الصّلاة قبل الدّخول فيها.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن شيبان، عن جابر عن عبد اللّه بن أبي بكرٍ، بن عمرو بن حزمٍ، عن عبد اللّه بن علقمة بن الغفوا, عن أبيه، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا أراق البول نكلّمه فلا يكلّمنا ونسلّم عليه فلا يردّ علينا، حتّى يأتي منزله فيتوضّأ كوضوئه للصّلاة، فقلنا: يا رسول اللّه، نكلّمك فلا تكلّمنا ونسلّم عليك فلا تردّ علينا. قال: حتّى نزلت آية الرّخصة: {يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة} الآية). [جامع البيان: 8/152-164]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فاغسلوا وجوهكم}
اختلف أهل التّأويل في حدّ الوجه الّذي أمر اللّه بغسله القائم إلى الصّلاة بقوله: {إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم} فقال بعضهم: هو ما ظهر من بشرة الأنسان من قصاص شعر رأسه، منحدرًا إلى منقطع ذقنه طولاً،
وما بين الأذنين عرضًا. قالوا: فأمّا الأذن وما بطن من داخل الفم والأنف والعين فليس من الوجه ولا غيره، وغير أحبّ غسل ذلك ولا غسل شيءٍ منه في الوضوء. قالوا: وأمّا ما غطّاه الشّعر منه كالذّقن الّذي غطّاه شعر اللّحية والصّدغين اللّذين قد غطّاهما عذار اللّحية، فإنّ إمرار الماء على ما على ذلك من الشّعر مجزئٌ من غسل ما بطن منه من بشرة الوجه، لأنّ الوجه عندهم هو ما ظهر لعين النّاظر من ذلك فقابلها دون غيره.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عمر بن عبيدٍ، عن مغيرهٍ، عن إبراهيم، قال: يجزئ اللّحية ما سال عليها من الماء.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: حدّثنا المغيرة، عن إبراهيم، قال: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن المغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا أبو داود، عن شعبة، عن مغيرة، عن إبراهيم، بنحوه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن مغيرة، في تخليل اللّحية، قال: يجزيك ما مرّ على لحيتك.
- حدّثنا هارون بن إسحاق الهمدانيّ، قال: حدّثنا مصعب بن المقدام، قال: حدّثنا زائدة، عن منصورٍ، قال: رأيت إبراهيم يتوضّأ، فلم يخلّل لحيته.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن سعيدٍ الزّبيديّ، عن إبراهيم، قال: يجزيك ما سال عليها من أن تخلّلها.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، عن شعبة، عن يونس، قال: كان الحسن إذا توضّأ مسح لحيته مع وجهه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: حدّثنا هشامٌ، عن الحسن، أنّه كان لا يخلّل لحيته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن هشامٍ، عن الحسن أنّه كان لا يخلّل لحيته إذا توضّأ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن إسماعيل، عن الحسن، مثله.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن أشعث، عن ابن سيرين، قال: ليس غسل اللّحية من السّنّة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرٍو، عن الحسن أنّه كان إذا توضّأ لم يبلغ الماء في أصول لحيته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن أبي شيبة سعيد بن عبد الرّحمن الزّبيديّ، قال: سألت إبراهيم أخلّل لحيتي عند الوضوء بالماء؟ فقال: لا، إنّما يكفيك ما مرّت عليه يدك.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة قال: سألت شعبة عن تخليل اللّحية في الوضوء، فقال: قال المغيرة: قال إبراهيم: يكفيه ما سال من الماء من وجهه على لحيته.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا حجّاج بن رشدين، قال: حدّثنا عبد الجبّار بن عمر: أنّ ابن شهابٍ، وربيعة، توضّأا، فأمرّا الماء على لحاهما، ولم أر واحدًا منهما خلّل لحيته.
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: سألت سعيد بن عبد العزيز، عن عرك العارضين، في الوضوء، فقال: ليس ذلك بواجبٍ. رأيت مكحولاً يتوضّأ فلا يفعل ذلك.
- حدّثنا أبو الوليد أحمد بن عبد الرّحمن القرشيّ، قال: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني سعيد بن بشيرٍ، عن قتادة، عن الحسن، قال: ليس عرك العارضين في الوضوء بواجبٍ.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني إبراهيم بن محمّدٍ، عن المغيرة، عن إبراهيم، قال: يكفيه ما مرّ من الماء على لحيته.
- حدّثنا أبو الوليد القرشيّ، قال: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن سليمان بن أبي زينب، قال: سألت القاسم بن محمّدٍ كيف أصنع بلحيتي إذا توضّأت؟ قال: لست من الّذين يغسلون لحاهم.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال أبو عمرٍو: ليس عرك العارضين وتشبيك اللّحية بواجبٍ في الوضوء.
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة في غسل ما بطن من الفم والأنف:.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الملك بن أبي بشيرٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: لولا التّلمّظ في الصّلاة ما مضمضت.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت عبد الملك، يقول: سئل عطاءٌ، عن رجلٍ، صلّى ولم يتمضمض قال: ما لم يسمّ في الكتاب يجزئه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن مغيرة، عن إبراهيم، قال: ليس المضمضة والاستنشاق من واجب الوضوء.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الصّبّاح، عن أبي سنانٍ، قال: كان الضّحّاك ينهانا عن المضمضة، والاستنشاق، في الوضوء في رمضان.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت هشامًا، عن الحسن، قال: إذا نسي المضمضة والاستنشاق، قال: إن ذكر وقد دخل في الصّلاة فليمض في صلاته، وإن كان لم يدخل تمضمض واستنشق.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن شعبة، قال: سألت الحكم وقتادة، عن رجلٍ، ذكر وهو في الصّلاة أنّه لم يتمضمض ولم يستنشق، فقال: يمضي في صلاته.
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أنّ الأذنين ليستا من الوجه:.
- حدّثني يزيد بن مخلدٍ الواسطيّ، قال: حدّثنا هشيمٌ، عن غيلان، قال: سمعت ابن عمر، يقول: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا عبد الكريم بن أبي عميرٍ، قال: حدّثنا أبو مطرّفٍ، قال: حدّثنا غيلان، مولى بني مخزومٍ، قال: سمعت ابن عمر، يقول: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا الحسن بن عرفة، قال: حدّثنا محمّد بن يزيد، عن محمّد بن إسحاق، عن نافعٍ، عن ابن عمر، قال: الأذنان من الرّأس، فإذا مسحت الرّأس فامسحهما.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرني غيلان بن عبد اللّه مولى قريشٍ، قال: سمعت ابن عمر سأله سائلٌ، قال: إنّه توضّأ ونسي أن يمسح أذنيه، قال: فقال ابن عمر: الأذنان من الرّأس. ولم ير عليه بأسًا.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: حدّثنا أيّوب بن سويدٍ ح وحدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن جميعًا، عن سفيان، عن سالمٍ أبي النّضر، عن سعيد ابن مرجانة، عن ابن عمر، أنّه قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثني ابن المثنّى قال: حدّثني وهب بن جريرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن رجلٍ، عن ابن عمر، قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبّاسٍ، قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، عن الحسن، وسعيد بن المسيّب، قالا: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا ابن المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن سعيدٍ، عن قتادة، قال: الأذنان من الرّأس عن الحسن، وسعيدٍ.
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: أخبرني أبو عمرٍو، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن ابن عمر، قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي النّضر، عن ابن عمر، مثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عيسى بن يزيد، عن عمرٍو، عن الحسن، قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن بزيعٍ، قال: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة، أو عن أبي هريرة، شكّ ابن بزيعٍ، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معلّى بن منصورٍ، عن حمّاد بن زيدٍ، عن سنان بن ربيعة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة، قال: الأذنان من الرّأس. قال حمّادٌ: لا أدري هذا عن أبي أمامة أو عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، قال: حدّثني حمّاد بن زيدٍ، قال: حدّثني سنان بن ربيعة أبو ربيعة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: أخبرني ابن جريجٍ، وغيره، عن سليمان بن موسى، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم قال: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا الحسن بن شبيبٍ، قال: حدّثنا عليّ بن هاشم بن البريد، قال: حدّثنا إسماعيل بن مسلمٍ، عن عطاءٍ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: الأذنان من الرّأس.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، عن يونس، أنّ الحسن، قال: الأذنان من الرّأس.
وقال آخرون: الوجه: كلّ ما دون منابت شعر الرّأس إلى منقطع الذّقن طولاً، ومن الأذن إلى الأذن عرضًا، ما ظهر من ذلك لعين النّاظر، وما بطن منه من منابت شعر اللّحية النّابت على الذّقن وعلى العارضين، وما كان منه داخل الفم والأنف، وما أقبل من الأذنين على الوجه. كلّ ذلك عندهم من الوجه الّذي أمر اللّه بغسله بقوله: {فاغسلوا وجوهكم} وقالوا: إن ترك شيئًا من ذلك المتوضّئ فلم يغسله لم تجزه صلاته بوضوئه ذلك.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثني محمّد بن بكرٍ وأبو عاصمٍ، قالا: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني نافعٌ: أنّ ابن عمر، كان يبلّ أصول شعر لحيته، ويغلغل بيده في أصول شعرها حتّى تكثر القطران منها.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، عن ابن جريجٍ، قال: أخبرني نافعٌ مولى ابن عمر: أنّ ابن عمر كان يغلغل يديه في لحيته حتّى تكثر منها القطرات.
- حدّثنا عمران بن موسى، قال: حدّثنا عبد الوارث، عن سعيدٍ، قال: حدّثنا ليثٌ، عن نافعٍ، عن ابن عمر: كان إذا توضّأ خلّل لحيته حتّى يبلغ أصول الشّعر.
- حدّثنا ابن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا معلّى بن جابرٍ اللّقيطيّ، قال: أخبرني الأزرق بن قيسٍ، قال: رأيت ابن عمر توضّأ فخلّل لحيته.
- حدّثنا يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا ليثٌ، عن نافعٍ: أنّ ابن عمر، كان يخلّل لحيته بالماء حتّى يبلغ أصول الشّعر.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكرٍ، قال: حدّثنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني عبد اللّه بن عبيد بن عميرٍ: أنّ أباه، عبيد بن عميرٍ كان إذا توضّأ غلغل أصابعه في أصول شعر الوجه يغلغلها بين الشّعر في أصوله يدلك بأصابعه البشرة. فأشار لي عبد اللّه كما أخبره الرّجل، كما وصف عنه.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال: حدّثنا أبو عمرٍو، عن نافعٍ، عن ابن عمر: أنّه كان إذا توضّأ عرك عارضيه بعض العرك، وشبّك لحيته بأصابعه أحيانًا ويترك أحيانًا
- حدّثنا أبو الوليد، وعليّ بن سهلٍ، قالا: حدّثنا الوليد، قال: قال حدّثنا أبو عمرٍو، وأخبرني عبدة، عن أبي موسى الأشعريّ، نحو ذلك.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن مسلمٍ، قال: رأيت ابن أبي ليلى توضّأ فغسل لحيته وقال: من استطاع منكم أن يبلّغ الماء أصول الشّعر فليفعل.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا سفيان بن حبيبٍ، عن ابن جريجٍ، عن عطاءٍ، قال: حقٌّ عليه أن يبلّ، أصول الشّعر.
- حدّثنا ابن أبي الشّوارب، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، قال: كان مجاهدٌ يخلّل لحيته.
- حدّثنا حميدٌ، قال: حدّثنا سفيان، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ: أنّه كان يخلّل لحيته إذا توضّأ.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن الحكم، عن مجاهدٍ، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو داود الحفريّ، عن سفيان، عن ابن شبرمة، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: ما بال اللّحية تغسل قبل أن تنبت فإذا نبتت لم تغسل؟.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن نافعٍ، عن ابن عمر: أنّه كان يخلّل لحيته إذا توضّأ.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عنبسة، عن ليثٍ، عن طاووسٍ، أنّه كان يخلّل لحيته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن إسماعيل، عن ابن سيرين، أنّه كان يخلّل لحيته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن هشامٍ، عن ابن سيرين، مثله.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: سألت شعبة، عن تخليل اللّحية، في الوضوء، فذكر عن الحكم بن عتيبة: أنّ مجاهدًا، كان يخلّل لحيته.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عمرٍو، عن معروفٍ، قال: رأيت ابن سيرين توضّأ فخلّل لحيته.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: حدّثنا هشامٌ، عن ابن سيرين، مثله.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، عن سفيان، عن الزّبير بن عديٍّ، عن الضّحّاك، قال: رأيته يخلّل لحيته.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا محمّد بن يزيد، عن أبي الأشهب، عن موسى بن أبي عائشة، عن زيدٍ الجزريّ، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنس بن مالكٍ، قال: رأيت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم توضّأ فخلّل لحيته، فقلت: لم تفعل هذا يا نبيّ اللّه؟ قال: أمرني بذلك ربّي.
- حدّثنا تميمٌ، قال: أخبرنا محمّد بن يزيد، عن سلاّم بن سلمٍ، عن زيدٍ العمّيّ، عن معاوية بن قرّة أو يزيد الرّقاشيّ، عن أنسٍ، قال: وضّأت النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، فأدخل أصابعه من تحت حنكه، فخلّل لحيته، وقال: بهذا أمرني ربّي جلّ وعزّ.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن سلاّم بن سلمٍ المدينيّ، قال: حدّثنا زيدٌ العمّيّ، عن معاوية بن قرّة، عن أنس بن مالكٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا أبو عبيدة الحدّاد، قال: حدّثنا موسى بن ثروان، عن يزيد الرّقاشيّ، عن أنسٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: هكذا أمرني ربّي وأدخل أصابعه في لحيته، فخلّلها.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، وعبيد اللّه بن موسى، عن خالد بن إلياس، عن عبد اللّه بن رافعٍ، عن أمّ سلمة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم توضّأ، فخلّل لحيته.
- حدّثنا عليّ بن الحسين بن الحرّ، قال: حدّثنا محمّد بن ربيعة، عن واصل بن السّائب، عن أبي سورة، عن أبي أيّوب، قال: رأينا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم توضّأ، وخلّل لحيته.
- حدّثنا أبو هشامٍ الرّفاعيّ، قال: حدّثنا زيد بن حبابٍ، قال: حدّثنا عمر بن سليم، عن أبي غالبٍ، عن أبي أمامة: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم خلّل لحيته.
- حدّثنا محمّد بن عيسى الدّامغانيّ، قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الكريم أبي أميّة: أنّ حسّان بن بلالٍ المزنيّ، رأى عمّار بن ياسرٍ توضّأ وخلّل لحيته، فقيل له: أتفعل هذا؟ فقال: إنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال: حدّثنا أبو عمرٍو، قال: أخبرني عبد الواحد بن قيسٍ، عن يزيد الرّقاشيّ، وقتادة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كان إذا توضّأ عرك عارضيه، وشبّك لحيته بأصابعه.
- حدّثنا أبو الوليد، قال: حدّثنا الوليد، قال: أخبرني أبو مهديّ بن سنانٍ، عن أبي الزّاهريّة، عن جبير بن نفيرٍ، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
- حدّثنا محمّد بن إسماعيل الأحمسيّ، قال: حدّثنا محمّد بن عبيدٍ الطّنافسيّ أبو عبد اللّه، قال: حدّثني واصلٌ الرّقاشيّ، عن أبي سودة، هكذا قال الأحمسيّ عن أبي أيّوب، قال: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم إذا توضّأ تمضمض ومسح لحيته من تحتها بالماء.
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل
هذه المقالة في غسل ما بطن من الأنف والفم:.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن ابن أبي نجيحٍ، قال: سمعت مجاهدًا، يقول: الاستنشاق شطر الوضوء.
- حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن شعبة، قال: سألت حمّادًا عن رجلٍ، ذكر وهو في الصّلاة أنّه لم يتمضمض ولم يستنشق، قال حمّادٌ: ينصرف فيتمضمض ويستنشق.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الصّبّاح، عن أبي سنانٍ، قال: قدمت الكوفة فأتيت حمّادًا فسألته عن ذلك، يعني عمّن ترك المضمضة والاستنشاق وصلّى فقال: أرى عليه إعادة الصّلاة.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا شعبة، قال: كان قتادة يقول: إذا ترك المضمضة أو الاستنشاق أو أذنه أو طائفةٌ من رجله حتّى يدخل في صلاته، فإنّه ينفتل ويتوضّأ، ويعيد صلاته.
ذكر من قال ما حكينا عنه من أهل هذه المقالة من أنّ
ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرّأس:.
- حدّثنا أبو السّائب، قال: حدّثنا حفص بن غياثٍ، قال: حدّثنا أشعث، عن الشّعبيّ، قال: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرّأس.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثني شعبة، عن الحكم وحمّادٍ، عن الشّعبيّ في الأذنين: باطنهما من الوجه، وظاهرهما من الرّأس.
- حدّثنا محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن الحكم، عن الشّعبيّ، قال: مقدّم الأذنين من الوجه، ومؤخّرهما من الرّأس.
- حدّثنا ابن المثنّى: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن الحكم وحمّادٍ، عن الشّعبيّ بمثله، إلاّ أنّه قال: باطن الأذنين.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن حمّادٍ، عن الشّعبيّ، بمثله.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: باطن الأذنين من الوجه، وظاهرهما من الرّأس.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا أبو تميلة ح، وحدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قالا جميعًا: حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني محمّد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، عن عبيد اللّه الخولانيّ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال عليّ بن أبي طالبٍ: ألا أتوضّأ لكم وضوء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: قلنا: نعم. فتوضّأ، فلمّا غسل وجهه، ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، قال: ثمّ لمّا مسح برأسه مسح أذنيه من ظهورهما.
وأولى الأقوال بالصّواب في ذلك عندنا قول من قال: الوجه الّذي أمر اللّه جلّ ذكره بغسله القائم إلى صلاته: كلّ ما انحدر عن منابت شعر الرّأس إلى منقطع الذّقن طولاً، وما بين الأذنين عرضًا ممّا هو ظاهرٌ لعين النّاظر، دون ما بطن من الفم والأنف والعين، ودون ما غطّاه شعر اللّحية والعارضين والشّاربين فستره عن أبصار النّاظرين، ودون الأذنين.
وإنّما قلنا ذلك أولى بالصّواب وإن كان ما تحت شعر اللّحية والشّاربين قد كان وجهًا يجب غسله قبل نبات الشّعر السّاتر عن أعين النّاظرين على القائم إلى صلاته، لإجماع جميعهم على أنّ العينين من الوجه، ثمّ هم مع إجماعهم على ذلك مجمعون على أنّ غسل ما علاهما من أجفانهما دون إيصال الماء إلى ما تحت الأجفان منهما مجزئٌ.
فإذا كان ذلك منهم إجماعًا بتوقيف الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم أمّته على ذلك، فنظير ذلك كلّ ما علاه شيءٌ من مواضع الوضوء من جسد ابن آدم من نفس خلقه ساتره لا يصلّ الماء إليه إلاّ بكلفةٍ ومؤنةٍ وعلاجٍ، قياسًا لما ذكرنا من حكم العينين في ذلك.
فإذا كان ذلك كذلك، فلا شكّ أنّ مثل العينين في مؤنة إيصال الماء إليهما عند الوضوء ما بطن من الأنف والفم وشعر اللّحية والصّدغين والشّاربين، لأنّ كلّ ذلك لا يصلّ الماء إليه إلاّ بعلاجٍ لإيصال الماء إليه نحو كلفة علاج الحدقتين لإيصال الماء إليهما أو أشدّ.
وإذا كان ذلك كذلك، كان بيّنًا أنّ غسل من غسل من الصّحابة والتّابعين ما تحت منابت شعر اللّحية والعارضين والشّاربين وما بطن من الأنف والفم، إنّما كان إيثارًا منه لأشقّ الأمرين عليه من غسل ذلك وترك غسله، كما آثر ابن عمر غسل ما تحت أجفان العينين بالماء بصبّه الماء في ذلك، لا على أنّ ذلك كان عليه عنده فرضًا واجبًا.
فأمّا من ظنّ أنّ ذلك من فعلهم كان على وجه الإيجاب والفرض، فإنّه خالف في ذلك بقوله منهاجهم وأغفل سبيل القياس، لأنّ القياس هو ما وصفنا من تمثيل المختلف فيه من ذلك بالأصل المجمع عليه من حكم العينين، وأن لا خبر عن واحدٍ من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أوجب على تارك إيصال الماء في وضوئه إلى أصول شعر لحيته وعارضيه، وتارك المضمضة والاستنشاق إعادة صلاته إذا صلّى بطهره ذلك، ففي ذلك أوضح الدّليل على صحّة ما قلنا من أنّ فعلهم ما فعلوا من ذلك كان إيثارًا منهم لأفضل الفعلين من التّرك والغسل.
فإن ظنّ ظانٌّ أنّ في الأخبار الّتي رويت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، أنّه قال: إذا توضّأ أحدكم فليستنثر دليلاً على وجوب الاستنثار، فإنّ في إجماع الحجّة على أنّ ذلك غير فرضٍ يجب على من تركه إعادة الصّلاة الّتي صلاها قبل غسله، ما يغني عن إكثار القول فيه.
وأمّا الأذنان فإنّ في إجماع جميعهم على أن ترك غسلهما أو غسل ما أقبل منهما على الوجه، غير مفسدٍ صلاة من صلّى بطهره الّذي ترك فيه غسلهما، مع إجماعهم جميعًا على أنّه لو ترك غسل شيءٍ ممّا يجب عليه غسله من وجهه في وضوئه أنّ صلاته لا تجزئه بطهوره ذلك، ما ينبئ عن أن القول في ذلك مّا قاله أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم الّذي ذكرنا قولهم إنّهما ليسا من الوجه؛ دون ما قاله الشّعبيّ). [جامع البيان: 8/164-183]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وأيديكم إلى المرافق}
اختلف أهل التّأويل في المرافق، هل هي من اليد الواجب غسلها أم لا؟ بعد إجماع جميعهم على أنّ غسل اليد إليها واجبٌ.فقال مالك بن أنسٍ وسئل عن قول اللّه: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} أترى أن يخلف المرفقين في الوضوء؟ قال: الّذي أمر به أن يبلغ المرفقين، قال تبارك وتعالى: {فاغسلوا وجوهكم} يذهب هذا يغسل خلفه. فقيل له: فإنّما يغسل إلى المرفقين والكعبين لا يجاوزهما؟ فقال: لا أدري ما لا يجاوزهما؛ أمّا الّذي أمر به أن يبلغ به فهذا: إلى المرفقين والكعبين.
حدّثنا يونس، عن أشهب عنه.
وقال الشّافعيّ: لم أعلم مخالفًا في أنّ المرافق فيما يغسل. كأنّه يذهب إلى أنّ معناها: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} إلى أن تغسل المرافق.
حدّثنا بذلك عنه الرّبيع.
وقال آخرون: إنّما أوجب اللّه بقوله: {وأيديكم إلى المرافق} غسل اليدين إلى المرافق، فالمرفقان غايةٌ لما أوجب اللّه غسله من آخر اليد، والغاية غير داخلةٍ في الحدّ، كما غير داخلٍ اللّيل فيما أوجب اللّه تعالى على عباده من الصّوم بقوله: {ثمّ أتمّوا الصّيام إلى اللّيل} لأنّ اللّيل غايةٌ لصوم الصّائم، إذا بلغه فقد قضى ما عليه. قالوا: فكذلك المرافق في قوله: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق} غايةٌ لما أوجب اللّه غسله من اليد. وهذا قول زفر بن الهذيل
والصّواب من القول في ذلك عندنا: أنّ غسل اليدين إلى المرفقين من الفرض الّذي إن تركه أو شيئًا منه تاركٌ، لم تجزه الصّلاة مع تركه غسله. فأمّا المرفقان وما وراءهما، فإنّ غسل ذلك من النّدب الّذي ندب إليه صلّى اللّه عليه وسلّم أمّته بقوله: أمّتي الغرّ المحجّلون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرّته فليفعل فلا تفسد صلاة تاركٍ غسلهما وغسل ما وراءهما، لما قد بيّنّا قبل فيما مضى من أنّ لك غايةً حدّت بإلى فقد تحتمل في كلام العرب دخول الغاية في الحدّ وخروجها منه. وإذا احتمل الكلام ذلك لم يجز لأحدٍ القضاء بأنّها داخلةٌ فيه، إلاّ لمن لا يجوز خلافه فيما بيّن وحكم، ولا حكم بأنّ المرافق داخلةٌ فيما يجب غسله عندنا ممّن يجب التّسليم بحكمه). [جامع البيان: 8/183-184]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: وامسحوا برءوسكم
اختلف أهل التّأويل في صفة المسح الّذي أمر اللّه به بقوله: وامسحوا برءوسكم فقال بعضهم: وامسحوا بما بدا لكم أن تمسحوا به من رءوسكم بالماء إذا قمتم إلى الصّلاة.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا نصر بن عليٍّ الجهضميّ، قال: حدّثنا حمّاد بن مسعدة، عن عيسى بن حفصٍ، قال: ذكر عند القاسم بن محمّدٍ مسح الرّأس، فقال: يا نافع كيف كان ابن عمر يمسح؟ فقال: مسحةً واحدةً. ووصف أنّه مسح مقدّم رأسه إلى وجهه. فقال القاسم: ابن عمر أفقهنا وأعلمنا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: سمعت يحيى بن سعيدٍ، يقول: أخبرني نافعٌ، أنّ ابن عمر، كان إذا توضّأ ردّ كفّيه إلى الماء ووضعهما فيه، ثمّ مسح بيديه مقدّم رأسه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن بكيرٍ، قال: أخبرنا ابن جريجٍ، قال: أخبرني نافعٌ: أنّ ابن عمر، كان يضع بطن كفّيه على الماء ثمّ لا ينفضهما ثمّ يمسح بهما ما بين قرنيه إلى الجبين واحدةً، ثمّ لا يزيد عليها في كلّ ذلك مسحةً واحدةً، مقبلةً من الجبين إلى القرن.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: حدّثنا إسحاق، قال: أخبرنا شريكٌ، عن يحيى بن سعيدٍ الأنصاريّ، عن نافعٍ، عن ابن عمر: أنّه كان إذا توضّأ مسح مقدّم رأسه.
- حدّثنا تميم بن المنتصر، قال: أخبرنا إسحاق، قال: أخبرنا شريكٌ، عن عبد الأعلى الثّعلبيّ، عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى، قال: يجزيك أن تمسح، مقدّم رأسك إذا كنت معتمرًا، وكذلك تفعل المرأة.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد اللّه الأشجعيّ، عن سفيان، عن ابن عجلان، عن نافعٍ، قال: رأيت ابن عمر مسح بيافوخه مسحةً. وقال سفيان: إن مسح شعره أجزأه؛ يعني واحدةً.
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا عبد السّلام بن حربٍ، قال: أخبرنا مغيرة، عن إبراهيم، قال: أيّ جوانب رأسك أمسست الماء أجزأك.
- حدّثنا أبو هشامٍ، قال: حدّثنا عليّ بن ظبيان، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن الشّعبيّ اى جوانب رأسك أمسست الماء أجرأك.
- حدّثنا الرّفاعيّ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن إسماعيل الأزرق، عن الشّعبيّ، مثله.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: أخبرنا أيّوب، عن نافعٍ، قال: كان ابن عمر يمسح رأسه هكذا، فوضع أيّوب كفّه وسط رأسه، ثمّ أمرّها على مقدّم رأسه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا يزيد بن الحباب، عن سفيان، قال: إن مسح رأسه بأصبعٍ واحدةٍ أجزأه.
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: قلت لأبي عمرٍو: ما يجزئ من مسح الرّأس؟ قال: أن تمسح مقدّم رأسك إلى القفا أحبّ إليّ.
- حدّثني العبّاس بن الوليد، عن أبيه، عنه، نحوه.
وقال آخرون: معنى ذلك: فامسحوا بجميع رءوسكم. قالوا: إن لم يمسح بجميع رأسه بالماء لم تجزه الصّلاة بوضوئه ذلك.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا أشهبٌ، قال: قال مالكٌ: من مسح بعض رأسه ولم يعمّ أعاد الصّلاة بمنزلة من غسل بعض وجهه أو بعض ذراعه.
قال: وسئل مالكٌ عن مسح الرّأس، قال: يبدأ من مقدّم وجهه، فيدير يديه إلى قفاه، ثمّ يردّهما إلى حيث بدأ منه.
وقال آخرون: لا يجزئ مسح الرّأس بأقلّ من ثلاث أصابع، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّدٍ.
والصّواب من القول في ذلك عندنا، أنّ اللّه جلّ ثناؤه أمر بالمسح برأسه القائم إلى صلاته مع سائر ما أمره بغسله معه أو مسحه، ولم يحدّ ذلك بحدٍّ لا يجوز التّقصير عنه ولا يجاوزه. وإذ كان ذلك كذلك، فما مسح به المتوضّئ من رأسه فاستحقّ بمسحه ذلك أن يقال: مسح برأسه، فقد أدّى ما فرض اللّه عليه من مسح ذلك لدخوله فيما لزمه اسم ما مسح برأسه إذا قام إلى صلاته.
فإن قال لنا قائلٌ: فإنّ اللّه قد قال في التّيمّم: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} أفيجزئ المسح ببعض الوجه واليدين في التّيمّم؟
قيل له: كلّ ما مسح من ذلك بالتّراب فيما تنازعت فيه العلماء، فقال بعضهم: يجزيه ذلك من التّيمّم، وقال بعضهم: لا يجزئه، فهو مجزئه، لدخوله في اسم الماسحين به.
وما كان من ذلك مجمعًا على أنّه غير مجزئه، فمسلّمٌ لما جاءت به الحجّة نقلاً عن نبيّها صلّى اللّه عليه وسلّم، ولا حجّة لأحدٍ علينا في ذلك إذ كان من قولنا: إنّ ما جاء في آي الكتاب عامًّا في معنًى فالواجب الحكم به على عمومه حتّى يخصّه ما يجب التّسليم له، فإذا خصّ منه شيءٌ كان ما خصّ منه خارجًا من ظاهره، وحكم سائره على العموم. وقد بيّنّا العلّة الموجبة صحّة القول بذلك في غير هذا الموضع بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع.
والرّأس الّذي أمر اللّه جلّ وعزّ بالمسح بقوله به: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} هو منابت شعر الرّأس دون ما جاوز ذلك إلى القفا ممّا استدبر، ودون ما انحدر عن ذلك ممّا استقبل من قبل وجهه إلى الجبهة). [جامع البيان: 8/185-188]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: وأرجلكم إلى الكعبين.
اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأه جماعةٌ من قرّاء الحجاز والعراق: وأرجلكم إلى الكعبين نصبًا. فتأويله: إذا قمتم إلى الصّلاة، فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق، وأرجلكم إلى الكعبين، وامسحوا برءوسكم. وإذا قرئ كذلك كان من المؤخّر الّذي معناه التّقديم، وتكون الأرجل منصوبةً، عطفًا على الأيدي. وتأوّل قارئو ذلك كذلك، أنّ اللّه جلّ ثناؤه إنّما أمر عباده بغسل الأرجل دون المسح بها.
ذكر من قال: عنى اللّه بقوله:
وأرجلكم إلى الكعبين الغسل:.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا خالدٌ الحذّاء، عن أبي قلابة: أنّ رجلاً، صلّى وعلى ظهر قدمه موضع ظفرٍ، فلمّا قضى صلاته، قال له عمر: أعد وضوءك وصلاتك.
- حدّثنا حميدٌ، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا إسرائيل، قال: حدّثنا عبد اللّه بن حسنٍ، قال: حدّثنا هزيل بن شرحبيل، عن ابن مسعودٍ، قال: خلّلوا الأصابع بالماء لا تخلّلها النّار.
- حدّثنا عبد اللّه بن الصّبّاح العطّار، قال: حدّثنا حفص بن عمر الحوضيّ، قال: حدّثنا مرجًّى، يعني ابن رجاءٍ اليشكريّ، قال: حدّثنا أبو روحٍ عمارة بن أبي حفصة، عن المغيرة بن حنينٍ: أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأى رجلاً يتوضّأ وهو يغسل رجليه، فقال: بهذا أمرت.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن واقدٍ مولى زيد بن خليدة قال: سمعت مصعب بن سعيدٍ، يقول: رأى عمر بن الخطّاب قومًا يتوضّئون، فقال: خلّلوا.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: سمعت يحيى، قال: سمعت القاسم، قال: كان ابن عمر يخلع خفّيه، ثمّ يتوضّأ فيغسل رجليه، ثمّ يخلّل أصابعه.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن الزّبير بن عديٍّ، عن إبراهيم، قال: قلت للأسود: رأيت عمر يغسل قدميه غسلاً؟ قال: نعم.
- حدّثني محمّد بن خلفٍ، قال: حدّثنا إسحاق بن منصورٍ، قال: حدّثنا محمّد بن مسلمٍ، عن إبراهيم بن ميسرة، عن عمر بن عبد العزيز، أنّه قال لابن أبي سويدٍ: بلغنا عن ثلاثةٍ، كلّهم رأوا النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يغسل قدميه غسلاً، أدناهم ابن عمّك المغيرة.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الصّبّاح، عن محمّدٍ وهو ابن أبان، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليٍّ، قال: اغسلوا الأقدام إلى الكعبين.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن خالدٍ، عن أبي قلابة: أنّ عمر بن الخطّاب، رأى رجلاً قد ترك على ظهر قدمه مثل الظّفر، فأمره أن يعيد وضوءه وصلاته.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن محمّد بن إسحاق، عن شيبة بن نصّاحٍ، قال: صحبت القاسم بن محمّدٍ إلى مكّة، فرأيته إذا توضّأ للصّلاة يدخل أصابع رجليه يصبّ عليها الماء، قلت: يا أبا محمّدٍ، لم تصنع هذا؟ قال: رأيت ابن عمر يصنعه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت أبي، عن حمّادٍ، عن إبراهيم، في قوله: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} قال: عاد الأمر إلى الغسل.
- حدّثني الحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، قال: حدّثنا أبي، عن حفصٍ الغاضريّ، عن عامر بن كليبٍ، عن أبي عبد الرّحمن، قال: قرّأ عليّ الحسن والحسين رضوان اللّه عليهما، فقرأا: {وأرجلكم إلى الكعبين} فسمع عليٌّ رضي اللّه عنه ذلك، وكان يقضي بين النّاس، فقال: {وأرجلكم} هذا من المقدّم والمؤخّر من الكلام.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبد الوهّاب وابن عبد الأعلى، عن خالدٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، أنّه قرأها: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} بالنّصب، وقال: عاد الأمر إلى الغسل.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا عبدة، وأبو معاوية، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّه قرأها: {وأرجلكم} وقال: عاد الأمر إلى الغسل.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن المبارك، عن قيسٍ، عن عاصمٍ، عن زرٍّ، عن عبد اللّه: أنّه كان يقرأ: {وأرجلكم} بالنّصب.
- حدّثنا محمّد بن الحسين، قال: حدّثنا أحمد بن مفضّلٍ، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله: {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} فيقول: اغسلوا وجوهكم، واغسلوا أرجلكم، وامسحوا برءوسكم؛ فهذا من التّقديم والتّأخير.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا حسين بن عليٍّ، عن شيبان، قال: أثبت لي عن عليٍّ، أنّه قرأ: {وأرجلكم}.
- ثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه: {وأرجلكم} رجع الأمر إلى الغسل.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن خالدٍ، عن عكرمة، مثله.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثنا الحمّانيّ، قال: حدّثنا شريكٌ، عن الأعمش، قال: كان أصحاب عبد اللّه يقرءونها: {وأرجلكم} فيغسلون.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن الحرث، عن عليٍّ، قال: اغسل القدمين إلى الكعبين.
- حدّثني عبد اللّه بن محمّدٍ الزّهريّ، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، عن أبي السّوداء، عن ابن عبد خيرٍ، عن أبيه، قال: رأيت عليًّا توضّأ، فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أنّي رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فعل ذلك، ظننت أنّ بطن القدم أحقّ من ظاهرها.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا ابن يمانٍ، قال: حدّثنا عبد الملك، عن عطاءٍ، قال: لم أر أحدًا يمسح على القدمين.
- حدّثني المثنّى، قال: حدّثني الحجّاج بن المنهال، قال: حدّثنا حمّادٌ، عن قيس بن سعدٍ، عن مجاهدٍ، أنّه قرأ: {وأرجلكم إلى الكعبين} فنصبها، وقال: رجع إلى الغسل.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: سمعت الأعمش، يقرأ: {وأرجلكم} بالنّصب.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا أشهب، قال: سئل مالكٌ عن قول اللّه: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} أهي أرجلكم أو أرجلكم؟ فقال: إنّما هو الغسل وليس بالمسح، لا تمسح الأرجل، إنّما تغسل. قيل له: أفرأيت من مسح أيجزيه ذلك؟ قال: لا.
- حدّثنا أحمد بن حازمٍ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن الضّحّاك: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} قال: اغسلوها غسلاً
وقرأ ذلك آخرون من قرّاء الحجاز والعراق: وامسحوا برءوسكم وأرجلكم بخفض الأرجل. وتأوّل قارئو ذلك كذلك أنّ اللّه إنّما أمر عباده بمسح الأرجل في الوضوء دون غسلها، وجعلوا الأرجل عطفًا على الرّأس، فخفضوها لذلك.
ذكر من قال ذلك من أهل التّأويل:
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا محمّد بن قيسٍ الخراسانيّ، عن ابن جريجٍ، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا بشر بن المفضّل، عن حميدٍ ح، وحدّثنا يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا حميدٌ، قال: قال موسى بن أنسٍ لأنسٍ ونحن عنده: يا أبا حمزة، إنّ الحجّاج خطبنا بالأهواز ونحن معه، فذكر الطّهور، فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برءوسكم وأرجلكم وإنّه ليس شيءٌ من ابن آدم أقرب إلى خبثه من قدميه، فاغسلوا بطونهما وظهورهما وعراقيبهما. فقال أنسٌ: صدق اللّه وكذب الحجّاج، قال اللّه: {وامسحوا برءوسكم وأرجلكم} قال: وكان أنسٌ إذا مسح قدميه بلّهما.
- حدّثنا ابن سهلٍ، قال: حدّثنا مؤمّلٌ، قال: حدّثنا حمّادٌ، قال: حدّثنا عاصمٌ الأحول، عن أنسٍ، قال: نزل القرآن بالمسح، والسّنّة الغسل.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن حميدٍ، عن موسى بن أنسٍ، قال: خطب الحجّاج، فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم ظهورهما وبطونهما وعراقيبهما، فإنّ ذلك أدنى إلى خبثكم. قال أنسٌ: صدق اللّه وكذب الحجّاج، قال اللّه: وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، قال: حدّثنا عبيد اللّه العتكيّ، عن عكرمة، قال: ليس على الرّجلين غسلٌ، إنّما نزل فيهما المسح.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا هارون، عن عنبسة، عن جابرٍ، عن أبي جعفرٍ، قال: امسح على رأسك وقدميك.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، عن داود بن أبي هندٍ، عن الشّعبيّ، قال: نزل جبريل بالمسح. قال: ثمّ قال الشّعبيّ: ألا ترى أنّ التّيمّم أن يمسح ما كان غسلاً ويلغى ما كان مسحًا.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن مغيرة، عن الشّعبيّ، قال: أمر بالتّيمّم فيما أمر به بالغسل.
- حدّثني يعقوب، قال: حدّثنا ابن عليّة، عن داود، عن الشّعبيّ، أنّه قال: إنّما هو المسح على الرّجلين، ألا ترى أنّه ما كان عليه الغسل جعل عليه المسح، وما كان عليه المسح أهمل؟.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عبد الوهّاب، قال: حدّثنا داود، عن عامرٍ أنّه قال: أمر أن يمسح في التّيمّم ما أمر أن يغسل في الوضوء، وأبطل ما أمر أن يمسح في الوضوء الرّأس والرّجلان.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن داود، عن الشّعبيّ، قال: أمر أن يمسح بالصّعيد في التّيمّم ما أمر أن يغسل بالماء، وأهمل ما أمر أن يمسح بالماء.
- حدّثنا ابن أبي زيادٍ، قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا إسماعيل، قال: قلت لعامرٍ: إنّ ناسًا يقولون: إنّ جبريل صلّى اللّه عليه وسلّم نزل بغسل الرّجلين، فقال: نزل جبريل بالمسح.
- حدّثنا أبو بشرٍ الواسطيّ إسحاق بن شاهين، قال: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن يونس، قال: حدّثني من صحب عكرمة إلى واسط، قال: فما رأيته غسل رجليه، إنّما يمسح عليهما حتّى خرج منها.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، قوله: يا أيّها الّذين آمنوا إذا قمتم إلى الصّلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين افترض اللّه غسلين ومسحتين.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن يحيى بن وثّابٍ، عن علقمة، أنّه قرأ: (وأرجلكم) مخفوضة اللام.
- حدّثنا ابن حميدٍ، وابن وكيعٍ، قالا: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، مثله.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبو الحسين العكليّ، عن عبد الوارث، عن حميدٍ، عن مجاهدٍ، أنّه كان يقرأ: وأرجلكم.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا جابر بن نوحٍ، قال: حدّثنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، قال: كان الشّعبيّ يقرأ: وأرجلكم بالخفض.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن الحسن بن صالحٍ، عن غالبٍ، عن أبي جعفرٍ، أنّه قرأ: وأرجلكم بالخفض.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن سلمة، عن الضّحّاك، أنّه قرأ وأرجلكم بالكسر.
والصّواب من القول عندنا في ذلك، أنّ اللّه أمر بعموم مسح الرّجلين بالماء في الوضوء، كما أمر بعموم مسح الوجه بالتّراب في التّيمّم، وإذا فعل ذلك بهما المتوضّئ كان مستحقًّا اسم ماسحٍ غاسلٍ، لأنّ غسلهما إمرار الماء عليهما أو إصابتهما بالماء. ومسحهما: إمرار اليد أو ما قام مقام اليد عليهما. فإذا فعل ذلك بهما فاعلٌ فهو غاسلٌ ماسحٌ.
ولذلك، من احتمال المسح المعنيين اللّذين وصفت من العموم والخصوص اللّذين أحدهما مسحٌ ببعضٍ والآخر مسحٌ بالجميع، اختلفت قراءة القرّاء في قوله: {وأرجلكم} فنصبها بعضهم توجيهًا منه ذلك إلى أنّ الفرض فيهما الغسل وإنكارًا منه المسح عليهما مع تظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بعموم مسحهما بالماء، وخفضها بعضهم توجيهًا منه ذلك إلى أنّ الفرض فيهما المسح.
ولما قلنا في تأويل ذلك إنّه معنيٌّ به عموم مسح الرّجلين بالماء كره من كره للمتوضّئ الاجتزاء بإدخال رجليه في الماء دون مسحهما بيده، أو بما قام مقام اليد توجيهًا منه قوله: {" وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} إلى مسح جميعهما عامًّا باليد، أو بما قام مقام اليد دون بعضهما مع غسلهما بالماء.
كما:.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، قال حدّثنا ابن جريج قال: حدّثنا نافعٌ، عن ابن عمر، وعن الأحول، عن طاووسٍ: أنّه سئل عن الرّجل، يتوضّأ ويدخل رجليه في الماء، قال: ما أعدّ ذلك طائلاً.
وأجاز ذلك من أجاز توجيها منه إلى أنّه معنيٌّ به الغسل. كما:.
- حدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا ابن إدريس، قال: سمعت هشامًا، يذكر عن الحسن، في الرّجل يتوضّأ في السّفينة، قال: لا بأس أن يغمس رجليه غمسًا.
- حدّثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: أخبرني أبو حرّة، عن الحسن، في الرّجل إذا توضّأ على حرف السّفينة، قال: يخضخض قدميه في الماء.
فإذا كان في المسح المعنيان اللّذان وصفنا من عموم الرّجلين بالماء، وخصوص بعضهما به، وكان صحيحًا بالأدلّة الدّالّة الّتي سنذكرها بعد أنّ مراد اللّه من مسحهما العموم، وكان لعمومهما بذلك معنى الغسل والمسح؛ فبيّن صواب القراءتين جميعًا، أعني النّصب في الأرجل والخفض، لأنّ في عموم الرّجلين بمسحهما بالماء غسلهما، وفي إمرار اليد وما قام مقام اليد عليهما مسحهما.
فوجه صواب قراءة من قرأ ذلك نصبًا لما في ذلك من معنى عمومهما بإمرار الماء عليهما.
ووجه صواب قراءة من قرأه خفضًا لما في ذلك من إمرار اليد عليهما، أو ما قام مقام اليد مسحًا بهما. غير أنّ ذلك وإن كان كذلك وكانت القراءتان كلتاهما حسنًا صوابًا، فأعجب القراءتين إليّ أن أقرأها قراءة من قرأ ذلك خفضًا لما وصفت من جمع المسح المعنيين اللّذين وصفت، ولأنّه بعد قوله: {وامسحوا برءوسكم} فالعطف به على الرّءوس مع قربه منه أولى من العطف به على الأيدي، وقد حيل بينه وبينها بقوله: {وامسحوا برءوسكم}.
فإن قال قائلٌ: وما الدّليل على أنّ المراد بالمسح في الرّجلين العموم دون أن يكون خصوصًا نظير قولك في المسح بالرّأس؟
قيل: الدّليل على ذلك تظاهر الأخبار عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النّار، ولو كان مسح بعض القدم مجزيًا عن عمومها بذلك لما كان لها الويل بترك ما ترك مسحه منها بالماء بعد أن يمسح بعضها، لأنّ من أدّى فرض اللّه عليه فيما لزمه غسله منها لم يستحقّ الويل، بل يجب أن يكون له الثّواب الجزيل، وفى وجوب الويل لعقب تارك غسل عقبه في وضوئه، أوضح الدّليل على وجوب فرض العموم بمسح جميع القدم بالماء، وصحّة ما قلنا في ذلك وفساد ما خالفه.
ذكر بعض الأخبار المرويّة عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بما ذكرنا:
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن محمّد بن زيادٍ، قال: كان أبو هريرة يمرّ ونحن نتوضّأ من المطهرة، فيقول: أسبغوا الوضوء. اسبغوا الوضوء. قال أبو القاسم: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن شعبة، عن محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه، إلاّ أنّه قال: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن محمّد بن زيادٍ، قال: كان أبو هريرة يمرّ بأناسٍ يتوضّئون يسوون الطّهور، فيقول: أسبغوا الوضوء. فإنّي سمعت أبا القاسم صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للعقب من النّار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن شعبة، عن محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم، بنحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن حمّاد بن سلمة، عن محمّد بن زيادٍ، عن أبي هريرة، قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا خالد بن مخلدٍ، قال: حدّثني سليمان بن بلالٍ، قال: حدّثني سهيلٌ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للأعقاب من النّار يوم القيامة.
- حدّثني إسحاق بن شاهين وإسماعيل بن موسى قالا: حدّثنا خالد بن عبد اللّه، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للأعقاب من النّار وقال إسماعيل في حديثه: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا حسينٌ المعلّم، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن سالمٍ الدّوسيّ، قال: دخلت مع عبد الرّحمن بن أبي بكرٍ على عائشة، فدعا بوضوءٍ، فقالت عائشة: يا عبد الرّحمن، أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا عمر بن يونس الحنفيّ، قال: حدّثنا عكرمة بن عمّارٍ، قال: حدّثنا يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدّثني أبو سلمة بن عبد الرّحمن، قال: حدّثني أبو سالمٍ مولى المهريّ، هكذا قال عمر بن يونس قال: خرجت أنا وعبد الرّحمن بن أبي بكرٍ في جنازة سعد بن أبي وقّاصٍ، قال: فمررت أنا وعبد الرّحمن على حجرة عائشة أخت عبد الرّحمن، فدعا عبد الرّحمن بوضوءٍ فسمعت عائشة تناديه: يا عبد الرّحمن أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا أبو عامرٍ، قال: حدّثنا عليّ بن المبارك، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن سالمٍ مولى دوسٍ، قال: سمعت عائشة تقول لأخيها عبد الرّحمن: يا عبد الرّحمن أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثني يعقوب وسوّار بن عبد اللّه، قالا: حدّثنا يحيى القطّان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيدٍ عن أبي سلمة، أنّ عائشة رأت عبد الرّحمن يتوضّأ، فقالت: أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن وكيعٍ قال: حدّثنا ابن عيينة ويحيى بن سعيدٍ القطّان، عن ابن عجلان، عن سعيد بن أبي سعيدٍ، عن أبي سلمة، قال: رأت عائشة عبد الرّحمن يتوضّأ، فقالت: أسبغ الوضوء، فإنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن عبد الحكم، قال: أخبرنا أبو زرعة وعبد اللّه بن راشدٍ، قالا: أخبرنا حيوة بن شريحٍ، قال: أخبرنا أبو الأسود، أخبرنا أبو عبد اللّه مولى شدّاد بن الهاد، حدّثه أنّه دخل على عائشة زوج النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وعندها عبد الرّحمن، فتوضّأ عبد الرّحمن، ثمّ قام فأدبر، فنادته عائشة فقالت: يا عبد الرّحمن. فأقبل عليها، فقالت له: إنّي سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثني محمّد بن المثنّى، قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، قال: حدّثني أبو إسحاق، عن سعيد اوشعيب اوسعيد بن أبي كربٍ، قال: سمعت جابر بن عبد اللّه، يقول: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا خلاد بن أسلم قال: حدّثنا النّضر، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت ابن أبي كربٍ قال: سمعت جابر بن عبد اللّه، قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للعقب أو العراقيب من النّار.
- حدّثني إسماعيل بن مسعودٍ الجحدريّ، قال: حدّثنا خالد بن الحارث، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت سعيدًا يقول: سمعت جابرًا يقول: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن بشّارٍ وابن المثنّى قالا: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كربٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الصّبّاح بن محاربٍ، عن محمّد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كربٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سمع أذني من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا الصّبّاح بن محاربٍ، عن محمّد بن أبان، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن أبي كربٍ، عن جابر بن عبد اللّه، قال: سمع أذني من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للعراقيب من النّار، أسبغوا الوضوء.
- حدّثني الحسين بن عليٍّ الصّدائيّ، قال: حدّثنا الوليد بن القاسم، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر بن عبد اللّه، قال: أبصر النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رجلاً يتوضّأ، وبقي من عقبه شيءٌ، فقال: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثني عليّ بن مسلمٍ، قال: حدّثنا عبد الصّمد بن عبد الوارث، قال: حدّثنا حفصٌ، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابرٍ، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، رأى قومًا يتوضّئون لم يصب أعقابهم الماء، فقال: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا أبو سفيان الغنويّ، يزيد بن عمرٍو، قال: حدّثنا خلف بن الوليد، قال: حدّثني أيّوب بن عتبة، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن أبي سلمة، عن معيقيبٍ، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للعراقيب من النّار.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن، قال: حدّثنا سفيان، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن أبي يحيى، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: رأى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قومًا يتوضّئون، فرأى أعقابهم تلوح، فقال: ويلٌ للأعقاب من النّار، أسبغوا الوضوء.
- حدّثنا ابن المثنّى قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن أبي يحيى الأعرج، عن عبد اللّه بن عمرٍو، قال: أبصر رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قومًا يتوضّئون لم يتمّوا الوضوء، فقال: أسبغوا الوضوء، ويلٌ للعراقيب أو الأعقاب من النّار.
- حدّثنا ابن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن جعفرٍ، قال: حدّثنا شعبة، عن أبي بشرٍ، عن رجلٍ من أهل مكّة.
عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأى قومًا يتوضّئون، فلم يتمّوا الوضوء، فقال: ويلٌ للأعقاب من النّار.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا وكيعٌ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن هلال بن يسافٍ، عن أبي يحيى، عن عبد اللّه بن عمرٍو، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، رأى قومًا يتوضّئون وأعقابهم تلوح، فقال: ويلٌ للأعقاب من النّار، أسبغوا الوضوء.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبيد اللّه، عن إسرائيل، عن منصورٍ، عن هلالٍ، عن أبي يحيى مولى عبد اللّه بن عمرٍو، عبد اللّه بن عمرٍو قال: كنّا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بين مكّة والمدينة، فسبقنا ناسٌ فتوضّئوا، فجاء رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فرأى أقدامهم بيضًا من أثر الوضوء، فقال: ويلٌ للعراقيب من النّار، أسبغوا الوضوء.
- حدّثني عليّ بن عبد الأعلى، قال: حدّثنا المحاربيّ، عن مطّرح بن يزيد، عن عبيد اللّه بن زحرٍ، عن عليّ بن يزيد، عن القاسم، عن أبي أمامة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ويلٌ للأعقاب من النّار قال: فما بقي في المسجد شريفٌ ولا وضيعٌ إلاّ نظرت إليه يقلّب عرقوبيه ينظر إليهما.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا حسينٌ، عن زائدة، عن ليثٍ، قال: حدّثني عبد الرّحمن بن سابطٍ، عن أبي أمامة، أو أخي أبي أمامة: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أبصر أقوامًا يتوضّئون، وفي عقب أحدهم أو كعب أحدهم مثل موضع الدّرهم أو موضع الظّفر، لم يمسّه الماء، فقال: ويلٌ للأعقاب من النّار قال: فجعل الرّجل إذا رأى في عقبه شيئًا لم يصبه الماء أعاد وضوءه.
فإن قال قائلٌ: فما أنت قائلٌ فيما: حدّثكم به، محمّد بن المثنّى قال: حدّثنا يحيى بن سعيدٍ، عن شعبة، عن يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوسٍ، قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم توضّأ ومسح على نعليه، ثمّ قام فصلّى.
- وما حدّثك به عبد اللّه بن الحجّاح بن المنهال، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا جرير بن حازمٍ، قال: سمعت الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، قال: أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم سباطة قومٍ، فبال عليها قائمًا، ثمّ دعا بماءٍ فتوضّأ ومسح على نعليه.
- وما حدّثك به الحرث، قال: حدّثنا القاسم بن سلاّمٍ، قال: حدّثنا هشيمٌ، قال: حدّثنا يعلى بن عطاءٍ، عن أبيه، عن أوس بن أبي أوسٍ قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أتى سباطة قومٍ، فتوضّأ ومسح على قدميه.
وما أشبه ذلك من الأخبار الدّالّة على أنّ المسح ببعض الرّجلين في الوضوء مجزئٌ؟
قيل له: أمّا حديث أوس بن أبي أوسٍ فإنّه لا دلالة فيه على صحّة ذلك، إذ لم يكن في الخبر الّذي روي عنه ذكر أنّه رأى النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم توضّأ بعد حدثٍ يوجب عليه الوضوء لصلاته، فمسح على نعليه، أو على قدميه، وجائزٌ أن يكون مسحه على قدميه الّذي ذكره أوسٌ كان في وضوءٍ توضّأه من غير حدثٍ كان منه، وجب عليه من أجله تجديد وضوئه، لأنّ الرّواية عنه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه كان إذا توضّأ لغير حدثٍ، كذلك يفعل. يدلّ على ذلك ما:.
- حدّثني محمّد بن عبيدٍ المحاربيّ، قال: حدّثنا أبو مالكٍ الجنبيّ، عن مسلمٍ، عن حبّة العرنيّ، قال: رأيت عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه شرب في الرّحبة قائمًا، ثمّ توضّأ ومسح على نعليه، وقال: هذا وضوء من لم يحدث، هكذا رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم صنع.
فقد أنبأ هذا الخبر عن صحّة ما قلنا في معنى حديث أوسٍ.
فإن قال: فإنّ حديث أوسٍ، وإن كان محتملاً من المعنى ما قلت، فإنّه محتملٌ أيضًا ما قاله من قال: أنّه معنيٌّ به المسح على النّعلين أو القدمين في وضوءٍ توضّأه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من حدثٍ؟
قيل: أحسن حالات الخبر، ما حمل ما قلت، إن سلم له ما ادّعى من احتماله ما ذكر من المسح على القدم أو النّعل بعد الحدث وإن كان ذلك غير محتمله عندنا،
إذ كان غير جائزٍ أن تكون فرائض اللّه وسنن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم متنافيةً متعارضةً، وقد صحّ عنه صلّى اللّه عليه وسلّم الأمر بعموم غسل القدمين في الوضوء بالماء بالنّقل المستفيض القاطع عذر من انتهى إليه وبلغه. وإذا كان ذلك عنه صحيحًا، فغير جائزٍ أن يكون صحيحًا عنه إباحة ترك غسل بعض ما قد أوجب فرضًا غسله في حالٍ واحدةٍ ووقتٍ واحدٍ، لأنّ ذلك إيجاب فرضٍ وإبطاله في حالٍ واحدةٍ، وذلك عن أحكام اللّه وأحكام رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم منتفٍ.
غير أنّا إذا سلّمنا لمن ادّعى في حديث أوسٍ ما ادّعى من احتماله مسح النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على قدمه في حال وضوءٍ من حدثٍ، ففيه نبأٌ بالفلج عليه، فإنّه لا حجّة له في ذلك. قلنا: فإذا كان محتملاً ما ادّعيت، أفمحتملٌ هو ما قلناه إنّ ذلك كان من النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في حال وضوئه لا من حدثٍ.
فإن قال: لا، ثبتت مكابرته لأنّه لا بيان في خبر أوسٍ أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فعل ذلك في وضوءٍ من حدثٍ.
وإن قال: بل هو محتملٌ ما قلت ومحتملٌ ما قلنا؛ قيل له: فما البرهان على أنّ تأويلك الّذي ادّعيت فيه أولى به من تأويلنا؟ فلن يدّعي برهانًا على صحّة دعواه في ذلك إلاّ عورض بمثله في خلاف دعواه.
وأمّا حديث حذيفة، فإنّ الثّقات الحفّاظ من أصحاب الأعمش، حدّثوا به عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة، أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أتى سباطة قومٍ، فبال قائمًا، ثمّ توضّأ ومسح على خفّيه.
- حدّثنا بذلك أحمد بن عبدة الضّبّيّ، قال: حدّثنا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة ح، وحدّثني المثنّى، قال: حدّثنا ابن أبي عديٍّ، عن شعبة، عن سليمان، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة ح،
وحدّثنا أبو كريبٍ وأبو السّائب، قالا: حدّثنا ابن إدريس، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة ح، وحدّثني أبو السّائب، قال: حدّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن حذيفة ح، وحدّثني عيسى بن عثمان بن عيسى الرّمليّ، قال: حدّثنا عمرو يحيى بن عسىٍ، عن الأعمش، عن شقيقٍ، عن حذيفة ح، وحدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا جريرٌ، عن الأعمش، عن أبي وائلٍ، عن حذيفة. وكلّ هؤلاء يحدّث ذلك عن الأعمش، بالإسناد الّذي ذكرنا عن حذيفة أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم مسح على خفّيه وهم أصحاب الأعمش. ولم ينقل هذا الحديث عن الأعمش، غير جرير بن حازمٍ، ولو لم يخالفه في ذلك مخالفٌ لوجب التّثبّت فيه لشذوذه، فكيف والثّقات من أصحاب الأعمش يخالفونه في روايته ما روى من ذلك؟ ولو صحّ ذلك عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم كان جائزًا أن يكون مسح على نعليه وهما ملبوستان فوق الجوربين، وإذا جاز ذلك لم يكن لأحدٍ صرف الخبر إلى أحد المعاني المحتملها الخبر إلاّ بحجّةٍ يجب التّسليم لها). [جامع البيان: 8/188-211]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {إلى الكعبين}
واختلف أهل التّأويل في الكعب، فقال بعضهم بما:.
- حدّثني أحمد بن حازمٍ الغفاريّ، قال: حدّثنا أبو نعيمٍ، قال: حدّثنا القاسم بن الفضل الحدّانيّ، قال: قال أبو جعفرٍ: أين الكعبين؟ فقال: القوم ههنا، فقال: هذا رأس السّاق، ولكنّ الكعبين هما عند المفصل.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا أشهب، قال: قال مالكٌ: الكعب الّذي يجب الوضوء إليه، هو الكعب الملتصق بالسّاق المحاذي العقب، وليس بالظّاهر في ظاهر القدم.
وقال آخرون بما:.
- حدّثنا الرّبيع، قال: قال الشّافعيّ: لم أعلم مخالفًا في أنّ الكعبين اللّذين ذكرهما اللّه في كتابه في الوضوء هما النّاتئان وهما مجمع فصل السّاق والقدم.
والصّواب من القول في ذلك أنّ الكعبين هما العظمان اللّذان في مفصل السّاق والقدم تسمّيهما العرب المنجمين. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يقول: هما عظما السّاق في طرفها.
واختلف أهل العلم في وجوب غسلهما في الوضوء وفي الحدّ الّذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من الرّجلين نحو اختلافهم في وجوب غسل المرفقين، وفي الحدّ الّذي ينبغي أن يبلغ بالغسل إليه من اليدين. وقد ذكرنا ذلك ودلّلنا على الصّحيح من القول فيه بعلله فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته). [جامع البيان: 8/211-212]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كنتم جنبًا فاطّهّروا}
يعني بقوله جلّ ثناؤه: {وإن كنتم جنبًا} وإن كنتم أصابتكم جنابةٌ قبل أن تقوموا إلى صلاتكم فقمتم إليها فاطّهّروا، يقول: فتطهّروا بالاغتسال منها قبل دخولكم في صلاتكم الّتي قمتم إليها.
ووحّد الجنب وهو خبرٌ عن الجميع، لأنّه اسمٌ خرج مخرج الفعل، كما قيل: رجلٌ عدلٌ وقومٌ عدلٌ، ورجلٌ زورٌ وقومٌ زورٌ، وما أشبه ذلك لفظ الواحد والجميع والاثنين والذّكر والأنثى فيه واحدٌ.
يقال منه: أجنب الرّجل وجنّب واجتنب والفعل الجنابة والإجناب.
وقد سمع في جمعه أجنابٌ، وليس ذلك بالمستفيض الفاشي في كلام العرب، بل الفصيح من كلامهم ما جاء به القرآن). [جامع البيان: 8/212-213]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى أو على سفرٍ أو جاء أحدٌ منكم من الغائط أو لامستم النّساء}
يعني بذلك جلّ ثناؤه: وإن كنتم جرحى أو مجدّرين وأنتم جنبٌ.
وقد بيّنّا أنّ ذلك كذلك فيما مضى بما أغنى عن إعادته. وأمّا قوله: {أو على سفرٍ} فإنّه يقول: وإن كنتم مسافرين وأنتم جنبٌ. {أو جاء أحدٌ منكم من الغائط} يقول: أو جاء أحدكم من الغائط بعد قضاء حاجته فيه وهو مسافرٌ؛ وإنّما عنى بذكر مجيئه منه قضاء حاجته فيه {أو لامستم النّساء} يقول: أو جامعتم النّساء وأنتم مسافرون.
وقد ذكرنا اختلاف المختلفين فيما مضى قبل في اللّمس وبيّنّا أولى الأقوال في ذلك بالصّواب فيما مضى بما أغنى عن إعادته.
فإن قال قائلٌ: وما وجه تكرير قوله: {أو لامستم النّساء} إن كان معنى اللّمس الجماع، وقد مضى ذكر الواجب عليه بقوله: {وإن كنتم جنبًا فاطّهّروا}؟
قيل: وجه تكرير ذلك أنّ المعنى الّذي ذكره تعالى من فرضه بقوله: {وإن كنتم جنبًا فاطّهّروا} غير المعنى الّذي ألزمه بقوله: {أو لامستم النّساء} وذلك أنّه بيّن حكمه في قوله: {وإن كنتم جنبًا فاطّهّروا} إذا كان له السّبيل إلى الماء الّذي يطهّره فرض عليه الاغتسال به ثمّ بيّن حكمه إذا أعوزه الماء فلم يجد إليه السّبيل وهو مسافرٌ غير مريضٍ مقيمٌ، فأعلمه أنّ التّيمّم بالصّعيد له حينئذٍ الطّهور). [جامع البيان: 8/213-214]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {فلم تجدوا ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا} فإن لم تجدوا أيّها المؤمنون إذا قمتم إلى الصّلاة وأنتم مرضى مقيمون، أو على سفرٍ أصحّاء، أو قد جاء أحدٌ منكم من قضاء حاجته، أو جامع أهله في سفره ماءً فتيمّموا صعيدًا طيّبًا، يقول: فتعمّدوا واقصدوا وجه الأرض طيّبًا، يعني طاهرًا نظيفًا غير قذرٍ ولا نجسٍ، جائزًا لكم حلالاً {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} يقول: فاضربوا بأيديكم الصّعيد الّذي تيمّمتموه وتعمّدتموه بأيديكم، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم ممّا علق بأيديكم منه، يعني: من الصّعيد الّذي ضربتموه بأيديكم من ترابه وغباره.
وقد بيّنّا فيما مضى كيفيّة المسح بالوجوه والأيدي منه واختلاف المختلفين في ذلك والقول في معنى الصّعيد والتّيمّم، ودلّلنا على الصّحيح من كلّ القول في ذلك بما أغنى عن تكريره في هذا الموضع). [جامع البيان: 8/214-215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرجٍ}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ما يريد اللّه ليجعل عليكم من حرجٍ} ما يريد اللّه بما فرض عليكم من الوضوء إذا قمتم إلى صلاتكم، والغسل من جنابتكم والتّيمّم صعيدًا طيّبًا عند عدمكم الماء {ليجعل عليكم من حرجٍ} ليلزمكم في دينكم من ضيقٍ، ولا ليعنتكم فيه.
وبما قلنا في معنى الحرج، قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:.
- حدّثنا ابن وكيعٍ، قال: حدّثنا أبي، عن خالد بن دينارٍ، عن أبي العالية، وعن أبي مكينٍ، عن عكرمة، في قوله: {من حرجٍ} قالا: من ضيقٍ.
- حدّثنا محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: {من حرجٍ} من ضيقٍ.
- حدّثني المثنّى قال: حدّثنا أبو حذيفة، قال: حدّثنا شبلٌ، عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، مثله). [جامع البيان: 8/215]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {ولكن يريد ليطهّركم وليتمّ نعمته عليكم لعلّكم تشكرون}
يعني جلّ ثناؤه بقوله: {ولكن يريد ليطهّركم} ولكنّ اللّه يريد أن يطهّركم بما فرض عليكم من الوضوء من الأحداث والغسل من الجنابة، والتّيمّم عند عدم الماء، فتنظّفوا وتطهّروا بذلك أجسامكم من الذّنوب. كما:.
- حدّثنا حميد بن مسعدة، قال: حدّثنا يزيد بن زريعٍ، قال: حدّثنا سعيدٌ، قال: حدّثنا قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: إنّ الوضوء يكفّر ما قبله، ثمّ تصير الصّلاة نافلةً. قال: قلت: أنت سمعت ذلك من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟ قال: نعم، لا مرّةً، ولا مرّتين، ولا ثلاث، ولا أربع، ولا خمس.
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا معاذ بن هشامٍ، قال: حدّثني أبي عن قتادة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة صديّ بن عجلان، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، نحوه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، ومحمّد بن المثنّى، ويحيى بن داود الواسطيّ، قالوا: حدّثنا إبراهيم بن يزيد بن مردانبه القرشيّ، قال: أخبرنا رقبة بن مصقلة العبديّ، عن شمر بن عطيّة، عن شهر بن حوشبٍ، عن أبي أمامة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: من توضّأ فأحسن الوضوء ثمّ قام إلى الصّلاة، خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا معاوية بن هشامٍ، عن سفيان، عن منصورٍ، عن سالم بن أبي الجعد، عن كعب بن مرّة، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ما من رجلٍ يتوضّأ فيغسل وجهه يديه أوذراعيه إلا خرجت خطاياه منها، فإذا غسل وجهه خرجت خطاياه من وجهه، فإذا مسح رأسه خرجت خطاياه من رأسه، وإذا غسل رجليه خرجت خطاياه من رجليه.
- حدّثنا أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عثمان بن سعيدٍ، قال: حدّثنا حاتمٌ، عن محمّد بن عجلان، عن أبي عبيدٍ مولى سليمان بن عبد الملك، عن عمرو بن عبسة، أنّه قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: إذا غسل المؤمن كفّيه انتثرت الخطايا من كفّيه، وإذا تمضمض واستنشق خرجت خطاياه من فيه ومنخريه، وإذا غسل وجهه خرجت من وجهه حتّى تخرج من أشفار عينيه، فإذا غسل يديه خرجت من يديه، فإذا مسح رأسه وأذنيه خرجت من رأسه وأذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت حتّى تخرج من أظفار قدميه، فإذا انتهى إلى ذلك من وضوئه كان ذلك حظّه منه، فإن قام فصلّى ركعتين مقبلاً فيهما بوجهه وقلبه على ربّه كان من خطاياه كيوم ولدته أمّه.
- حدّثنا أبو الوليد الدّمشقيّ، قال: حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، قال: أخبرني مالك بن أنسٍ، عن سهيل بن أبي صالحٍ، عن أبيه، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، قال: إذا توضّأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كلّ خطيئةٍ نظر إليها بعينه مع الماء، أو مع آخر قطرةٍ من الماء، أو نحو هذا. وإذا غسل يديه خرجت من يديه كلّ خطيئةٍ بطشت بها يداه مع الماء، أو مع آخر قطرةٍ من الماء، حتّى يخرج نقيًّا من الذّنوب.
- حدّثنا عمران بن بكّارٍ الكلاعيّ، قال: حدّثنا عليّ بن عيّاشٍ، قال: حدّثنا أبو غسّان، قال: حدّثنا زيد بن أسلم، عن حمران، مولى عثمان، قال: أتيت عثمان بن عفّان بوضوءٍ وهو قاعدٌ، فتوضّأ ثلاثًا ثلاثًا، ثمّ قال: رأيت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يتوضّأ كوضوئي هذا، ثمّ قال: من توضّأ وضوئي هذا كان من ذنوبه كيوم ولدته أمّه، وكانت خطاه إلى المساجد نافلةً
وقوله: {وليتمّ نعمته عليكم} فإنّه يقول: ويريد ربّكم مع تطهيركم من ذنوبكم بطاعتكم إيّاه فيما فرض عليكم من الوضوء والغسل إذا قمتم إلى الصّلاة بالماء إن وجدتموه، وتيمّمكم إذا لم تجدوه، أن يتمّ نعمته عليكم بإباحته لكم التّيمّم، وتصييره لكم الصّعيد الطّيّب طهورًا، رخصةً منه لكم في ذلك مع سائر نعمه الّتي أنعم بها عليكم أيّها المؤمنون. {لعلّكم تشكرون} يقول: تشكرون اللّه على نعمه الّتي أنعمها عليكم بطاعتكم إيّاه فيما أمركم ونهاكم). [جامع البيان: 8/216-218]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا ورقاء عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير في قوله وإن كنتم مرضى قال المجدور وصاحب القروح وصاحب الجراحة الذي يخاف على نفسه إن هو اغتسل أو توضأ أن يموت فهؤلاء يتيممون). [تفسير مجاهد: 186]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (ثنا إبراهيم قال ثنا آدم قال نا الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن رجل يقال له الأسلع قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه جبريل بآية الصعيد فأراني رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف المسح للتيمم فضربت الأرض بيدي فمسحت بهما وجهي ثم ضربت بهم الأرض فمسحت يدي إلى المرفقين). [تفسير مجاهد: 186-187]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال ثنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد من حرج قال من ضيق). [تفسير مجاهد: 187]
قال عليُّ بنُ أبي بكرٍ بن سُليمَان الهَيْثَميُّ (ت: 807هـ) : (قوله تعالى: {ولا جنبًا إلّا عابري سبيلٍ} [النساء: 43]
- عن قتادة - رضي اللّه عنه - قال: «بلغنا أنّ نبيّ اللّه - صلّى اللّه عليه وسلّم - لمّا نزلت هذه الآية {ولا جنبًا إلّا عابري سبيلٍ} [النساء: 43] فرخّص للمسافر إذا كان مسافرًا وهو جنبٌ لا يجد الماء أن يتيمّم ويصلّي».
رواه الطّبرانيّ في حديثٍ طويلٍ يأتي في قوله تعالى: " إنّما الخمر " وهو مرسلٌ. وبقيّة رجاله ثقاتٌ). [مجمع الزوائد: 7/14]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون}.
أخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم والطبراني بسند ضعيف عن علقمة بن صفوان قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراق البول نكلمه فلا يكلمنا ونسلم عليه فلا يرد علينا حتى يأتي أهله فيتوضأ كوضوئه للصلاة فقلنا: يا رسول الله نكلمك فلا تكلمنا ونسلم عليك فلا ترد علينا حتى نزلت آية الرخصة {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن بريدة قال كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح توضأ ومسح على خفيه وصلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر: يا رسول الله انك فعلت شيئا لم تكن تفعله قال: اني عمدا فعلت يا عمر.
وأخرج أبو داود والترمذي، وابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الخلاء فقدم إليه طعام فقالوا: ألا نأتيك بوضوء فقال: إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة.
وأخرج أحمد وأبو داود، وابن جرير، وابن خزيمة، وابن حبان والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن حنظلة بن الغسيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا كان أو غير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء إلا من حدث.
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن علي أنه كان يتوضأ عند كل صلاة ويقرأ {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} الآية.
وأخرج البيهقي في "سننه" عن رفاعة بن رافع، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته: أنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين.
وأخرج مالك والشافعي، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن زيد بن أسلم والنحاس أن معنى هذه الآية {إذا قمتم إلى الصلاة} الآية، أن ذلك إذا قمتم من المضاجع يعني النوم.
وأخرج ابن جرير عن السدي، مثله.
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة} يقول: قمتم وأنتم على غير طهر.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله {فاغسلوا وجوهكم وأيديكم} قال: ذلك الغسل الدلك.
وأخرج الدار قطني والبيهقي في سننهما، عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه.
وأخرج ابن أبي شيبة عن طلحة عن أبيه عن جده قال رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح رأسه هكذا وأمر حفص بيديه على رأسه حتى مسح قفاه
وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر
وابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس انه قرأها (وأرجلكم) بالنصب يقول رجعت إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن علي أنه قرأ (وأرجلكم) قال: عاد إلى الغسل.
وأخرج سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر والنحاس عن ابن مسعود، انه قرأ (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) بالنصب.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة، انه كان يقرأ (وأرجلكم) يقول: رجع الأمر إلى الغسل.
وأخرج عبد الرزاق والطبراني عن قتادة أن ابن مسعود قال: رجع قوله إلى غسل القدمين في قوله {وأرجلكم إلى الكعبين}
وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال: قرأ الحسن والحسين {وأرجلكم إلى الكعبين} فسمع علي ذلك وكان يقضي بين الناس فقال: أرجلكم هذا من المقدم والمؤخر في الكلام.
وأخرج سعيد بن منصور عن أنس أنه قرأ (وأرجلكم).
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال: هو المسح.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وابن ماجة عن ابن عباس قال: أبى الناس إلا الغسل ولا أجد في كتاب الله إلا المسح.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن ابن عباس قال: الوضوء غسلتان ومسحتان.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة، مثله
وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن ابن عباس قال: افترض الله غسلتين ومسحتين ألا ترى أنه ذكر التيمم فجعل مكان الغسلتين مسحتين وترك المسحتين.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عن قتادة، مثله.
وأخرج سعيد بن منصور، وابن أبي شيبة، وابن جرير عن أنس، انه قيل له: أن الحجاج خطبنا فقال: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم وإنه ليس شيء من ابن آدم أقرب إلى الخبث من قدميه فاغسلوا بطونهما وظهورهما
وعراقيبهما، فقال أنس: صدق الله وكذب الحجاج، قال الله {وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} وكان أنس إذا مسح قدميه بلهما.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن جرير عن الشعبي قال: نزل جبريل بالمسح على القدمين ألا ترى أن التيمم أن يمسح ما كان غسلا ويلقى ما كان مسحا.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش والنحاس عن الشعبي قال: نزل القرآن بالمسح وجرت السنة بالغسل.
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش قال: كانوا يقرؤونها {برؤوسكم وأرجلكم} بالخفض وكانوا يغسلون.
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل القدمين.
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال: مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين بغسل القدمين.
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال: لم أر أحدا يمسح القدمين.
وأخرج ابن جرير عن أنس قال: نزل القرآن بالمسح والسنة بالغسل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يزل يمسح على الخفين قبل نزول المائدة وبعدها حتى قبضه الله عز وجل.
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنه قال: ذكر المسح على القدمين عند عمر وسعد وعبد الله بن عمر فقال: عمر: سعد أفقه منك، فقال عمر يا سعد إنا لا ننكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح ولكن هل مسح منذ أنزلت سورة المائدة فإنها أحكمت كل شيء وكانت آخر سورة نزلت من القرآن إلا براءة قال: فلم يتكلم أحد.
وأخرج أبو الحسن بن صخر في الهاشميات بسند ضعيف عن ابن عباس قال نزل بها جبريل على ابن عمي صلى الله عليه وسلم {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم} قال له: اجعلها بينهما.
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي واللفظ له عن جرير أنه بال ثم توضأ ومسح على
الخفين قال: ما يمنعني أن امسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة.
وأخرج عبد الرزاق، وابن أبي شيبة عن جرير بن عبد الله قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد نزول المائدة فرأيته يمسح على الخفين.
وأخرج ابن عدي عن بلال قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: امسحوا على الخفين
وأخرج ابن جرير عن القاسم بن الفضل الحداني قال: قال أبو جعفر: من الكعبين فقال القوم: ههنا فقال: هذا رأس الساق ولكن الكعبين هما عند المفصل). [الدر المنثور: 5/201-209]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( {وإن كنتم جنبا فاطهروا}
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {وإن كنتم جنبا فاطهروا} يقول: فاغتسلوا.
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل جيد الثياب طيب الريح حسن الوجه فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك السلام، قال أدنو منك قال: نعم، فدنا حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله ما الإسلام قال: تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج إلى بيت الله الحرام وتغتسل من الجنابة قال: صدقت، فقلنا: ما رأينا كاليوم قط رجلا - والله - لكأنه يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخرج عبد بن حميد عن وهب الذماري قال: مكتوب في الزبور من اغتسل من الجنابة فإنه عبدي حقا ومن لم يغتسل من الجنابة فإنه عدوي حقا). [الدر المنثور: 5/209]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (قوله تعالى: {وإن كنتم مرضى} الآية.
أخرج عبد بن حميد عن عطاء قال: احتلم رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مجذوم فغسلوه فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلوه قتلهم الله ضيعوه ضيعهم الله.
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس، انه كان يطوف بالبيت بعدما ذهب بصره وسمع قوما يذكرون المجامعة والملامسة والرفث ولا يدرون معناه واحد أم شتى فقال: الله أنزل القرآن بلغة كل حي من أحياء العرب فما كان منه لا يستحي الناس من ذكره فقد عناه وما كان منه يستحي الناس فقد كناه والعرب يعرفون معناه لأن المجامعة والملامسة والرفث ووضع أصبعيه في أذنيه ثم قال: ألا هو النيك.
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس، أن نافع بن الأزرق قال له: أخبرني عن قوله تعالى {أو لامستم النساء} قال: أو جامعتم النساء وهذيل تقول اللمس باليد، قال: وهل تعرف العرب ذلك قال: نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول:
يلمس الأحلاس في منزله * بيديه كاليهودي المصل
وقال الأعشى:
ودارعة صفراء بالطيب عندنا * للمس الندى ما في يد الدرع منتق.
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله {فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه} قال: أن اعياك الماء فلا يعييك الصعيد أن تضع فيه كفيك ثم تنفضهما فتمسح بهما يديك ووجهك لا تعدو ذلك لغسل جنابة ولا لوضوء صلاة ومن تيمم بالصعيد فصلى ثم قدر على الماء فعليه الغسل وقد مضت صلاته التي كان صلاها ومن كان معه ماء قليل وخشي على نفسه الظمأ فليتيمم الصعيد ويتبلغ بمائه فإنه كان يؤمر بذلك والله أعذر بالعذر.
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت: سقطت قلادة لي بالبيداء ونحن داخلون المدينة فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم وثنى رأسه في حجري راقدا وأقبل أبو بكر فلكزني لكزة شديدة وقال: حبست الناس في قلادة فبي الموت لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أوجعني ثم أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم استيقظ وحضرت الصبح فالتمس الماء فلم يوجد فنزلت {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} الآية، فقال أسيد بن الحضير: لقد بارك الله فيكم يا آل أبي بكر
وأخرج عبد الرزاق وأحمد، وعبد بن حميد، وابن ماجة عن عمار بن ياسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرس باولات الجيش ومعه عائشة فانقطع عقد لها من جزع ظفار فجلس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر وليس مع الناس ماء فانزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم رخصة الطهر بالصعيد الطيب فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم إلى المناكب من بطون أيديهم إلى الآباط). [الدر المنثور: 5/210-212]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : ( {ما يريد الله ليجعل عليكم} الآية
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن مجاهد في قوله {من حرج} قال: من ضيق
وأخرج مالك ومسلم، وابن جرير عن أبي هريرة، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المسلم فغسل وجهه خرج من وجهه كل خطيئة بطشتها يداه مع الماء أو مع آخر قطر الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب.
وأخرج ابن المبارك في الزهد، وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن دارة عن حمران مولى عثمان عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما توضأ عبد فأسبغ وضوءه ثم قام إلى الصلاة إلا غفر له ما بينه وبين الصلاة الأخرى، قال محمد بن كعب القرظي: وكنت إذا سمعت الحديث عن رجل من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم التمسته في القرآن فالتمست هذا فوجدته {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك} البقرة الآية 221 فعرفت أن الله لم يتم عليه النعمة حتى غفر له ذنوبه ثم قرأت الآية التي في سورة المائدة {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم} حتى بلغ {ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم} فعرفت أن الله لم يتم النعمة عليهم حتى غفر لهم.
وأخرج ابن أبي شيبة من أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فإن جاس جلس مغفورا له.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تمضمض أحدكم حط ما أصاب بفيه وإذا غسل وجهه حط ما أصاب بوجهه وإذا غسل يديه حط ما أصاب بيديه وإذا مسح رأسه تناثرت خطاياه من أصول الشعر وإذا غسل قدميه حط ما أصاب برجليه.
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة فغسل كفيه نزلت كل خطيئة من كفيه فإذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرة فإذا غسل وجهه نزلت كل خطيئة من سمعه وبصره مع أول قطرة وإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلم من كل ذنب كهيئته يوم ولدته أمه فإذا قام إلى الصلاة رفع الله درجته وإن قعد قعد سالما.
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من توضأ فأسبغ الوضوء غسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة غفر له ذلك اليوم ما مشت رجله وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء.
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة، أن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يتوضأ فيغسل يديه ويمضمض فاه ويتوضأ كما أمر الأحط عنه ما أصاب يومئذ ما نطق به فمه وما مس بيديه وما مشى إليه حتى أن الخطايا لتتحادر من أطرافه ثم هو إذا مشى إلى المسجد فرجل تكتب حسنة وأخرى تمحو سيئة.
وأخرج الطبراني عن ثعلبة بن عباد عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من عبد يتوضأ فيحسن الوضوء فيغسل وجهه حتى يسيل الماء على ذقنه ثم يغسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه ثم يغسل رجليه حتى يسيل الماء من كعبيه ثم يقوم فيصلي إلا غفر الله ما سلف من ذنبه.
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يتوضأ للصلاة فيمضمض إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة تكلم بها لسانه ولا يستنشق إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة نظر إليها بهما ولا يغسل شيئا من يديه إلا خرج مع قطر الماء كل سيئة مشى بهما إليها فإذا خرج إلى المسجد كتب له بكل خطوة خطاها حسنة ومحا بها عنه سيئة حتى يأتي مقامه.
وأخرج ابن سعد، وابن أبي شيبة عن عمرو بن عبسة قال: قلت يا رسول الله اخبرني عن الوضوء فقال: ما منكم من رجل يقرب وضوءه فيتمضمض ويمج ثم يستنشق وينثر إلا جرت خطايا فيه وخياشيمه مع الماء ثم يغسل وجهه كما أمره الله إلا جرت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا جرت خطايا يديه بين أطراف أنامله ثم يمسح رأسه كما أمره الله إلا جرت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله إلا جرت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا انصرف من ذنوبه كهيئته يوم ولدته أمه.
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله {ويتم نعمته عليك} قال: تمام النعمة، دخول الجنة لم تتم نعمته على عبد لم يدخل الجنة.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد، وعبد بن حميد والبخاري في الأدب والترمذي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب عن معاذ بن جبل قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وهو يقول: اللهم إني أسألك الصبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سألت البلاء فاسأله المعافاة، ومر على رجل وهو يقول: اللهم إني أسألك تمام النعمة، قال: يا ابن آدم هل تدري ما تمام النعمة قال: يا رسول الله دعوة دعوت بها رجاء الخير قال: تمام النعمة دخول الجنة والفوز من النار، ومر على رجل وهو يقول: يا ذا الجلال والإكرام، فقال: قد استجيب لك فسل.
وأخرج ابن عدي عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتم على عبد نعمة إلا بالجنة). [الدر المنثور: 5/212-218]


رد مع اقتباس