عرض مشاركة واحدة
  #18  
قديم 12 جمادى الأولى 1435هـ/13-03-2014م, 06:24 PM
أروى المطيري أروى المطيري غير متواجد حالياً
فريق تنسيق النصوص
 
تاريخ التسجيل: Sep 2013
المشاركات: 405
افتراضي

طريق النجاة من الوسواس الخناس

قالَ عَطِيَّة مُحَمَّد سَالِم (ت: 1420هـ): (تنبيهٌ: إذا كانَ هذا كلُّه خَطَرَ الوَسواسِ الخَنَّاسِ مِن الجِنَّةِ والناسِ، وهما عَدُوٌّ مُشْتَرَكٌ ومُتَرَبِّصٌ حاقِدٌ حاسِدٌ، فما طريقُ النَّجاةِ منه؟
الذي يَظْهَرُ واللَّهُ تَعَالَى أعْلَمُ: أنَّ طريقَ النَّجاةِ تَعْتَمِدُ على أمْرَيْنِ:
الأَوَّلُ: يُؤْخَذُ مِن عُموماتِ الكتابِ والسُّنَّةِ.
والثاني: سَمِعْتُهُ مِن الشيخِ رحمةُ اللَّهِ تعالى عَلَيْنَا وعليه.
أمَّا الأَوَّلُ فهو: إذا كانَتْ مُهِمَّةُ الوَسواسِ التشكيكَ والذَّبْذَبَةَ والترَدُّدَ، فإنَّ عُموماتِ التكليفِ تُلْزِمُ المسلِمَ بالعَزْمِ واليَقينِ والمُضِيِّ دُونَ تَرَدُّدٍ؛ كما في قولِه: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} [آل عمران: 159]، وامْتَدَحَ بعْضَ الرُّسُلِ بالعَزْمِ وأمَرَ بالاقتداءِ بهم: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف: 35].
وقالَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسَلَّمَ: ((دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لا يَرِيبُكَ)).
والقاعِدَةُ الفِقهيَّةُ: اليقينُ لا يُرْفَعُ بشَكٍّ.
والحديثُ: ((يَأْتِي الشَّيْطَانُ لِأَحَدِكُمْ وَهُوَ فِي الصَّلاةِ فَيَنْفُخُ فِي مَقْعَدَتِهِ؛ فَيَتَخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ أَحْدَثَ وَلَمْ يُحْدِثْ، فَلا يَنْصَرِفْ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً)).
ومِن هنا كانَتِ التكاليفُ كلُّها على اليقينِ، فالعقائدُ لا بُدَّ فيها مِن اليقينِ، والفُروعُ في العِباداتِ لا بُدَّ فيها مِن النِّيَّةِ: ((إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ)).
والشرْطُ في النيَّةِ الجَزْمُ واليقينُ، فلو نَوَى الصلاةَ على أنه إنْ حَضَرَ فُلانٌ تَرَكَها لا تَنْعَقِدُ نِيَّتُه، ولو نَوَى صَوْماً أنه إنْ شاءَ أَفْطَرَ لا يَنْعَقِدُ صَوْمُه.
ونَصَّ مالِكٌ في (المُوَطَّأِ) أنه إنْ نَوَى ليومِ الشكِّ في لَيلتِه الصومَ غَداً على أنه إنْ صَحَّ مِن رمضانَ فهو لرَمَضَانَ وإلاَّ فهو نافِلَةٌ، لا يَنْعَقِدُ صَوْمُه لا فَرْضاً ولا نَفْلاً حتى لو جاءَ رمضانُ لا يُعْتَبَرُ له منه، وعليه قَضاؤُه لعَدَمِ الجَزْمِ بالنيَّةِ.
والحَجُّ لو نَوَاهُ لَزِمَه، ولَزِمَهُ المُضِيُّ فيه، ولا يَمْلِكُ الخروجَ منه باختيارِه.
وهكذا المُعَامَلاتُ في جميعِ العُقودِ مَبْنَاهَا على الجَزْمِ حتى في المَزْحِ واللَّعِبِ يُؤَاخَذُ في البعْضِ كالنِّكاحِ والطلاقِ والعِتَاقِ.
فمِن هذا كلِّه كانَتْ دَوَافِعُ العزيمةِ مُسْتَقَاةً مِن التكاليفِ مِمَّا يَقْضِي على نوازِعِ الشكِّ والترَدُّدِ، ولم يَبْقَ في قلْبِ المؤمنِ مَجالٌ لشَكٍّ ولا مَحَلٌّ لوَسْوَسَةٍ.
وقد كانَ الشيطانُ يَفِرُّ مِن طريقِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عنه.
أمَّا الذي كُنْتُ سَمِعْتُه مِن الشيخِ -رحمةُ اللَّهِ تعالى عَلَيْنَا وعليه- فقولُه: لقد عَلَّمَنَا اللَّهُ كَيفيَّةَ اتِّقاءِ العَدُوِّ مِن الإِنْسِ ومِن الجِنِّ.
أمَّا العَدُوُّ مِن الإنْسِ ففي قَوْلِه تعالى: {وَلا تَسْتَوِي الحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34)} [فصلت: 34]؛ فدَلَّ على أنَّ مُقَابَلَةَ إساءةِ العَدُوِّ بالإحسانِ إليه تُذْهِبُ عَداوتَه وتُكْسِبُ صَداقتَه؛ كما قالَ تعالى: {ادْفَعْ بالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السيِّئَةَ} [المؤمنون: 96].
وأمَّا عَدُوُّ الجِنِّ ففي قَوْلِه تعالى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ باللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ (36)} [فصلت: 36] وهو ما يَدُلُّ عليه ما تَقَدَّمَ مِن الآثارِ مِن أنَّ الشيطانَ يَخْنُسُ إذا سَمِعَ ذِكْرَ اللَّهِ.
وعلى قولِه رَحِمَه اللَّهُ فإنَّ شَيطانَ الجِنِّ يَنْدَفِعُ بالاستعاذةِ منه باللَّهِ، ويَكْفِيهِ ذلك؛ لأنَّ كَيْدَ الشيطانِ كانَ ضَعِيفاً، أمَّا شَيطانُ الإنْسِ فهو في حاجَةٍ إلى مُصَانَعَةٍ ومُدافَعَةٍ والصبرِ عليه، كما يُرْشِدُ إليه قَوْلُهُ تعالى: {وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)} [فصلت: 35] رَزَقَنَا اللَّهُ تعالَى وجميعَ المُسْلِمِينَ حَظًّا عظيماً في الدنيا والآخِرَةِ إنه المسؤولُ وخيرُ مأمولٍ). [تتمة أضواء البيان: 9/69-70]

حديث منكر
قالَ سُليمانُ بنُ أَحمدَ بنِ أَيُّوبَ الطَّبَرَانِيُّ (ت:360هـ): (حدثنا عبدان بن أحمد ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان ثنا سعيد بن عنبسة القطان ثنا المهاجر بن المنيب عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني أشكو إليك وسوسة أجدها في صدري إني أدخل صلاتي فما أدري على شفع أنفتل أم على وتر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فَإِذَا وَجَدتَ ذَلِكَ فَارفَعْ إِصبعَكَ السَّبَّابَةَ اليُمْنَى فَاطْعَنْهُ فِي فَخِذِكَ اليُسْرَى وَقُلْ: باسمِ اللهِ فَإنَّهَا سِكِّينُ الشَّيطَانِ))).[المعجم الكبير: 1/159-160، رقم:512 ]
- قال محمد ناصر الدين الألباني (ت:1420هـ): (منكر، أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (1/159 - 160)، والعقيلي في "الضعفاء" (4/209)، والدولابي في "الكنى" (2/130) من طريق عنبسة بن سعيد: ثَنَا المُهَاجِرُ بن المُنِيبِ عَنْ أبي المَلِيحِ بن أُسَامَةَ عَنْ أبيهِ: أَنَّ رَجُلا أَتَى النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ! إِنِّي أَشْكُو إِلَيْكَ وَسْوَسَةً أَجِدُهَا فِي صَدْرِي، إِنِّي أَدْخُلُ فِي صَلاتِي، فَمَا أَدْرِي عَلَى شَفْعٍ أنْفَتِلُ أَمْ عَلَى وِتْرٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:...فذكره.
قلت: وهذا إسناد ضعيف مجهول، أورده العقيلي في ترجمة مهاجر بن المنيب، وقال: (مجهول بالنقل، لا يتابع على حديثه، ولا يعرف إلا به)، وأقره الذهبي في "الميزان" وساق له هذا الحديث. وقال في "المغني": (لا يعرف، وخبره منكر).
وعنبسة بن سعيد هو القطان صرحت بذلك رواية الطبراني، وهو ضعيف اتفاقاً، وبعضهم تركه.
وتابعه أبو سعيد عن مهاجر أبي المنيب... به مع بعض اختصار، أخرجه البزار في "مسنده: (1/279/580 - كشف الأستار) وقال: (لا نعلمه عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا من هذا الوجه، وأبو سعيد - وهو الحسن بن دينار -ومهاجر أبو منيب بصري، وليسا بالقويين في الحديث).
قلت: لقد لطَّف القولَ في الحسن بن دينار، فحاله شر مما قال، فقد تركه وكيع وابن المبارك، وكذبه أحمد ويحيى وغيرهما كما تقدم تحت الحديث (6424)، ثم إنه قد خفي عليه أنه تابعه عنبسة القطان كما رأيت.
(تنبيه ): هناك بعض الأخطاء وقعت في بعض مصادر الحديث المذكورة:
أولاً: انقلب في "معجم الطبراني" اسم (عنبسة بن سعيد) إلى (سعيد بن عنبسة) ! فلا أدري أهكذا الرواية فيه فهو خطأ من أحد الرواة، أو هو خطأ مطبعي؟
ثانياً: زاد محققه الأخ حمدي أداة الكنية بين (المهاجر) و(المنيب) فصار هكذا (المهاجر بن [ أبي ] المنيب). وهذه الزيادة خطأ، لأن (أبو منيب) هي كنية المهاجر، كما في كتب الرجال، وكما تقدم في تعقيب البزار على الحديث، فليست هي كنية أبيه.
ثالثاً: سقط من إسناد "كنى الدولابي" قوله: "عن أبي المليح بن أسامة"، وبقيت فيه نسبة (الهذلي) الدالة عليه فصار هكذا:"عن مهاجر أبي المنيب الهذلي عن أبيه " !). [السلسلة الضعيفة:6432]


رد مع اقتباس