الموضوع: لكن المشددة
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 10:46 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



(فصل)"لكنّ" و"لكن"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل) "لكنّ" و"لكن"، أما الأولى وهي المشددة "النون"، وقد تحذف "نونها" في الضرورة، قال الشاعر النجاشي:
فلست بآتيه ولا أستطيعه .... ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل
فحرف ينصب الاسم ويرفع الخبر.
واختلف في حقيقتها فقال البصريون: هي كلمة بسيطة غير مركبة، وقال الكوفيون بتركيبها ثم اختلفوا فقال الفراء: أصلها: "لكن" أن فطرحت "الهمزة" للتخفيف و"نون" "لكن" للساكنين، كقول النجاشي:
.... ولاك اسقني إن كان ماؤك ذا فضل ....
وقال بقية الكوفيين: هي مركبة من "لا" النافية و"الكاف" الزائدة، لا "كاف" التشبيه وأن الخفيفة أو الثقيلة، وحذفت "الهمزة" تخفيفًا، قالوا: ومما يدل على أن "النون" في "لكنّ" بمنزلة "أن" خفيفة أو ثقيلة أنك إذا ثقلت "النون" نصبت بها وإذا خففت رفعت بها.
وأما معناها، ففيه ثلاثة أقوال:
الأول: أنها للتوكيد ويصحبها الاستدراك، وهو قول ابن عصفور.
الثاني: وهو المشهور أنها للاستدراك، وفسر بأن يثبت لما بعدها حكم مخالف لما قبلها كما إذا وقعت بين نقيضين كقولك: ما هذا ساكنًا "لكنه" متحرك أو بين ضدين، قولك: ما هذا أبيض "لكنه" أسود، فإن وقعت بين خلافين كقولك: ما زيد قائمًا "لكنه" شارب، فهل يصح معنى الاستدراك؟ فيه خلاف، ويشهد عندي لصحته قول زهير:
إن ابن ورقاء لا تخشى بوادره .... لكن وقائعه في الحرب تنتظر
الثالث: أنها ترد تارة للاستدراك وتارة للتأكيد، قاله جماعة، وفسروا الاستدراك برفع ما توهم ثبوته نحو: ما زيد أسدًا "لكنه" كريم، لأن الشجاعة والكرم لا يكادان يفترقان، فنفي أحدهما مؤذن بنفي الآخر، ومثلوا التوكيد بنحو: لو جاءني زيد لأكرمته "لكنه" لم يجيء، فأكدت ما أفادته لو من الامتناع.
والذي أراه أنه ليس لها إلا معنى واحد وهو الاستدراك والتأكيد ولا ينفك أحدهما عن الآخر، فمنهم من غلب الاستدراك فجعله المعنى المقصود والتأكيد كالتبع، ومنهم من غلب التأكيد وجعل الاستدراك يدخل تبعًا، وليس أحد من الفريقين ينفي منها معنى الاستدراك والتأكيد، ألا ترى أن الاستدراك معنى لا يفارقها وإن كانت خفيفة فدل على أن مجيء التشديد لمزيد أمر آخر وهو التأكيد، وأما القول الثالث فهو اصطلاح في العبارة في إثبات المعنى ونفيه والله أعلم).[مصابيح المغاني: 427 - 430]


رد مع اقتباس