الموضوع: لولا
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 03:19 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "لولا"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "لولا"
اعلم أن لـ "لولا" في الكلام موضعين:
الموضع الأول: أن تكون تحضيضًا، مثل "لوما" في الباب بعد هذا، فتقول:
"لولا" تقوم، و"لولا" تخرج، و"لولا" تكرمُ زيدًا، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ} و{فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ}.
ويجوز دخولها على الماضي بمعنى المضارع، فقتول
"لولا" قمت و"لولا" قعدت، وفيها معنى التوبيخ، قال الله تعالى: {فَلَوْلَا نَصَرَهُمُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ قُرْبَانًا آلِهَةً }، وقال تعالى: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ}، ولا تليها إلا الأفعال ظاهرةً كما مثل أو مضمرة، تقدر بحسب دلالة الكلام كما قال الشاعر:
تعدون عقر النيب أفضل مجدكم ..... بني ضوطرى لولا الكمي المقنعا
أي: "لولا" تبارزون الكمي أو تغلبون أو تقتلون أو نحو ذلك.
الموضع الثاني: أن تكون حرف امتناعٍ لوجوبٍ كما قال النحويون في تقسيم معناها في هذا الموضع، والصحيح أن تفسيرها بحسب الجمل التي تدخل عليها، فإن كانت الجملتان بعدها موجبتين فهي حرف امتناعٍ لوجوبٍ، نحو قولك: «
"لولا" زيد لأحسنتُ إليك»، فالإحسان امتنع لوجود زيد، وإن كانتا منفيتين فهي حرفُ وجوبٍ [لامتناع] نحو: "لولا" عدم قيام زيد "لم" أحسن إليك، وإن كانتا موجبةص ومنفيةً فهي حرفُ وجوبٍ لوجوبٍ نحو: "لولا" زيدٌ "لم" أحسن إليك، وإن كانتا منفيةً وموجبةً فهي حرفُ امتناعٍ لامتناعٍ نحو: "لولا" عدمُ زيدٍ لأحسنتُ إليك، وقد ذكرتُ "اللام" في جوابها في باب "اللام".
ثم الاسم الذي بعدها لا يخلو أن يكون ظاهرًا أو مضمرًا، فإن كان ظاهرًا ارتفع بالابتداء عند البصريين، وكذلك إن كان مضمرًا رُفع نحو قولك:
"لولا" زيد لأحسنتُ إليك، و{لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، فزيدٌ وأنتم مبتدآن وخبرهما محذوفٌ عندهم لازمٌ للحذف لنيابة الجواب منابه، تقديره: "لولا" زيدٌ موجودٌ أو نحوه، و"لولا" أنتم موجودون ونحوه.
ويرتفع عند الكوفيين على تقدير فعل نابت
"لا" منابه، فإذا قلت: "لولا" زيدٌ لأكرمتك، و{لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ}، فالمعنى: "لو" انعدم زيد و"لو" انعدمتم، وهذا هو الصحيحُ لأنه إذا زالت "لا" ولي "لو" الفعلُ ظاهرًا أو مقدرًا، وإذا دخلت "لا" كان بعدها الاسم، فهذا يدل على أن "لا" نائبة مناب الفعل، وقد اتفق الطائفتان أن "لولا" مركبة من "لو" التي هي حرفُ امتناعٍ لامتناعٍ، و"لا" النافية، وكل واحدةٍ منهما باقية على بابها مع المعنى الموضوعة له قبل التركيب، هذا مع أن خبره المبتدأ الذي زعموا أنه محذوف لم يُسمع إظهاره في موضعٍ من المواضع، فحُكم به مع صحة تقدير الفعل في موضع "لا" والنطق به دونها.
ومما يدل على أن ما بعد
"لولا" من الظواهر والمضمر المنفصل ليس مبتدأ أن "أن" المفتوحة تقع في موضعه في نحو «"لولا" أنك منطلقٌ لأحسنت إليك» ولا يقع في موضع المبتدأ إلا المكسورة، فاعلمه.
وأما تلحين بعضهم للمعري في قوله:
.... .... .... .... ..... فلولا الغمدُ يُمسكه لسالا
فليس «يمسكه» عندي خبرًا للغمد ولكنه حال، العاملُ فيه الفعل الذي "لا" في موضعه وإنما يكونُ هذا التلحين في مذهب البصريين، لأن الابتداء لا يُعمل في الحال، وهو صحيح على تسليم رفع «الغمد» بالابتداء، وإذا كان فاعلًا في المعنى، فـ "لا" عاملةٌ وإن كانت حرفًا بنيابتها مناب الفعل، وإذا كانت "كأنَّ" تعمل في الحال في قوله:
كأنه، خارجًا من جنب صفحته ..... سفودُ شربٍ نسوه عند مُفتأد
بمعنى التشبيه الذي فيها، فأولى أن تعمل "لا" بالنيابة مناب الفعل.
وأما إذا دخلت على المضمر الذي صيغته الخفضُ نحو:
"لولاك" و"لولاه" و"لولاي"، وقول الشاعر:
وكم موطنٍ لولاي طحت كما هوى ..... بأجرامه من قُلةٍ النيق مُنهوي
وقول الراجز:
.... .... .... .... ..... لولاكما لخرجت نفساهما
فسيبويه وأصحابه يذهبون إلى أن "لولا" حرفُ خفضٍ، والضمير الذي بعدها مخفوضٌ بها، والأخفش وبعض الكوفيين يذهبون إلى أن "لولا" باقيةٌ على بابها من رفع ما بعدها وخرج بالصيغة من الرفع إلى الخفض، كما خرج بصيغة الخفض إلى صيغة الرفع في قولهم: مررتُ بك أنت، حين جُعل توكيدًا لضمير الخفض، وحجة سيبويه أنه يرى الخروج بالحرف أولى من الخروج بالاسم لأن الحرف أضعف من الاسم.
والأظهر عندي من هذين القولين قولُ الأخفش لوجهين:

أحدهما: أنا إذا جعلنا "لولا" حرف جر فيجيء حرفان يعملان في معمولٍ واحدٍ، وذلك غيرُ موجودٍ في كلامهم،
والوجه الثاني: أنا إذا جعلنا "لولا" حرف جرٍ فتحتاج إلى ما تتعلق به، إذ ليست زائدةً "كالباء" في "بحسبك" وليس في الكلام ما تتعلق به ولا تُقدر متعلقةً به، ولا يُحتج بـ "رُب" لأنها لازمة للخفض، وفي الكلام الداخلة عليه ما تتعلق به بعدها.
هذا مع أنها لها صدرُ الكلام و[لا] تحتاجُ إلى كلامٍ قبلها وتكونُ جوابًا له، وهذا كله معدومٌ في حروف الجر، مع أنها حرفُ ابتداءٍ في أكثر مواضعها .... فالحكم عليها بأنها حرفُ خفضٍ بالظن ضعيف، فالأولى أن يُحكم عليها بالبقاء على كونها حرف ابتداءٍ عند من يرى ذلك، أو على أن يُحذف الوجودُ قبل الضمير ويبقى على خفضه كما بقي في قوله:
رحم الله أعظمًا دفنوها ..... بسجستان طلحة الطلحات
«طلحة» مخفوضًا، وحذف «أعظم» قبلها، إذ المعنى موجودٌ فيها في كلتا الحالتين، والخروج بالضمير له نظير، والخبرية فيها ليس لها نظير، فاعلمه). [رصف المباني:292 - 297]


رد مع اقتباس