عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 25 ذو الحجة 1439هـ/5-09-2018م, 08:26 AM
أم إسماعيل أم إسماعيل غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 4,914
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعَامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى حِينٍ (80) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (81)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({واللّه جعل لكم من بيوتكم سكنًا وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا تستخفّونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ (80) واللّه جعل لكم ممّا خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانًا وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتمّ نعمته عليكم لعلّكم تسلمون (81) فإن تولّوا فإنّما عليك البلاغ المبين (82) يعرفون نعمة اللّه ثمّ ينكرونها وأكثرهم الكافرون (83)}
يذكر تبارك وتعالى تمام نعمه على عبيده، بما جعل لهم من البيوت الّتي هي سكنٌ لهم، يأوون إليها، ويستترون بها، وينتفعون بها سائر وجوه الانتفاع، وجعل لهم أيضًا {من جلود الأنعام بيوتًا} أي: من الأدم، يستخفّون حملها في أسفارهم، ليضربوها لهم في إقامتهم في السّفر والحضر ولهذا قال: {تستخفّونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم ومن أصوافها} أي: الغنم، {وأوبارها} أي: الإبل، {وأشعارها} أي: المعز -والضّمير عائدٌ على الأنعام- {أثاثًا} أي: تتّخذون منه أثاثًا، وهو المال. وقيل: المتاع. وقيل: الثّياب والصّحيح أعمّ من هذا كلّه، فإنّه يتّخذ من الأثاث البسط والثّياب وغير ذلك، ويتّخذ مالًا وتجارةً.
وقال ابن عبّاسٍ: الأثاث: المتاع. وكذا قال مجاهدٌ، وعكرمة، وسعيد بن جبيرٍ، والحسن، وعطيّة العوفيّ، وعطاءٌ الخراسانيّ، والضّحّاك، وقتادة.
وقوله: {إلى حينٍ} أي: إلى أجلٍ مسمّى ووقتٍ معلومٍ.
وقوله: {واللّه جعل لكم ممّا خلق ظلالا} قال قتادة: يعني: الشّجر.
{وجعل لكم من الجبال أكنانًا} أي: حصونًا ومعاقل، كما {جعل لكم سرابيل تقيكم الحرّ} وهي الثّياب من القطن والكتّان والصّوف، {وسرابيل تقيكم بأسكم} كالدّروع من الحديد المصفّح والزّرد وغير ذلك، {كذلك يتمّ نعمته عليكم} أي: هكذا يجعل لكم ما تستعينون به على أمركم، وما تحتاجون إليه، ليكون -عونًا لكم على طاعته وعبادته، {لعلّكم تسلمون}
هكذا فسّره الجمهور، وقرؤوه بكسر اللّام من " تسلمون " أي: من الإسلام.
وقال قتادة في قوله: {كذلك يتمّ نعمته عليكم [لعلّكم تسلمون]} هذه السّورة تسمّى سورة النّعم.
وقال عبد اللّه بن المبارك وعبّاد بن العوّام، عن حنظلة السّدوسيّ، عن شهر بن حوشب، عن ابن عبّاسٍ أنّه كان يقرؤها "تسلمون" بفتح اللّام، يعني من الجراح. رواه أبو عبيدٍ القاسم بن سلّامٍ، عن عبّادٍ، وأخرجه ابن جريرٍ من الوجهين، وردّ هذه القراءة.
وقال عطاءٌ الخراسانيّ: إنّما نزل القرآن على قدر معرفة العرب، ألا ترى إلى قوله تعالى: {واللّه جعل لكم ممّا خلق ظلالا وجعل لكم من الجبال أكنانًا} وما جعل [لكم] من السّهل أعظم وأكثر، ولكنّهم كانوا أصحاب جبالٍ ؟ ألا ترى إلى قوله: {ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثًا ومتاعًا إلى حينٍ} وما جعل لكم من غير ذلك أعظم منه وأكثر ولكنّهم كانوا أصحاب وبرٍ وشعر، ألا ترى إلى قوله: {وينزل من السّماء من جبالٍ فيها من بردٍ} [النّور: 43]، لعجبهم من ذلك، وما أنزل من الثّلج أعظم وأكثر، ولكنّهم كانوا لا يعرفونه؟ ألّا ترى إلى قوله تعالى: {سرابيل تقيكم الحرّ} وما بقي من البرد أعظم وأكثر ولكنّهم كانوا أصحاب حرٍّ). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 590-592]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (82)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله {فإن تولّوا} أي: بعد هذا البيان وهذا الامتنان، فلا عليك منهم، {فإنّما عليك البلاغ المبين} وقد أدّيته إليهم). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 592]

تفسير قوله تعالى: {يَعْرِفُونَ نِعْمَةَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا وَأَكْثَرُهُمُ الْكَافِرُونَ (83)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({يعرفون نعمة اللّه ثمّ ينكرونها} أي: يعرفون أنّ اللّه تعالى هو المسدي إليهم ذلك، وهو المتفضّل به عليهم، ومع هذا ينكرون ذلك، ويعبدون معه غيره، ويسندون النّصر والرّزق إلى غيره، {وأكثرهم الكافرون} -كما قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو زرعة، حدّثنا صفوان، حدّثنا الوليد حدّثنا عبد الرّحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن مجاهدٍ؛ أنّ أعرابيًّا أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسأله، فقرأ عليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: {واللّه جعل لكم من بيوتكم سكنًا} قال الأعرابيّ: نعم. قال: {وجعل لكم من جلود الأنعام بيوتًا تستخفّونها يوم ظعنكم ويوم إقامتكم} قال الأعرابيّ: نعم. ثمّ قرأ عليه، كلّ ذلك يقول الأعرابيّ: نعم، حتّى بلغ: {كذلك يتمّ نعمته عليكم لعلّكم تسلمون} فولّى الأعرابيّ، فأنزل اللّه: {يعرفون نعمة اللّه ثمّ ينكرونها وأكثرهم الكافرون}). [تفسير القرآن العظيم: 4/ 592]

رد مع اقتباس