الموضوع: لعلّ
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 10:15 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("لعل"
حرف، له قسمان:
الأول: أن يكون من أخوات "إن"، فينصب الاسم، ويرفع الخبر. ومذهب أكثر النحويين أنه حرف بسيط، وأن "لامه" الأولى أصلية. وقيل: هو حرف مركب، و"لامه" الأولى "لام" الابتداء. وقيل: بل هي زائدة، لمجرد التوكيد يدليل قولهم "عل" في "لعل". وهذا مذهب المبرد وجماعة من البصريين.
ولعل لها ثمانية معان:
الأول: الترجي. وهو الأشهر والأكثر. نحو: "لعل" الله يرحمنا.
الثاني: الإشفاق: نحو: "لعل" العدو يقدم. والفرق بينهما أن الترجي في المحبوب، والإشفاق في المكروه.
الثالث: التعليل. هذا معنى أثبته الكسائي، والأخفش، وحملا على ذلك ما في القرآن، من نحو {لعلكم تشكرون}، {لعلكم تهتدون}، أي: لتشكروا، ولتهتدوا. قال الأخفش في المعاني: {لعله يتذكر} نحو قول الرجل لصاحبه: افرغ لعلنا نتغدى. والمعنى: لنتغدى. ومذهب سيبويه، والمحققين، أنها في ذلك كله للترجي، وهو ترج للعباد. وقوله تعالى: {فقولا له قولاً ليناً، لعله يتذكر أو يخشى} معناه: اذهبا على رجائكما ذلك، من فرعون.
الرابع: الاستفهام. وهو معنى، قال به الكوفيون. وتبعهم ابن مالك، وجعل منه {وما يدريك لعله يزكى}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم، لبعض الأنصار، وقد خرج إليه مستعجلاً: "لعلنا" أعجلناك. وهذا عند البصريين خطأ. والآية عندهم ترج، والحديث إشفاق.
وذكر الشيخ أبو حيان أنه ظهر له أن "لعل" من المعلقات لأفعال القلوب. ومنه {وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً}، {وما يدريك لعله يزكى}. قال: ثم وقعت، لأبي علي الفارسي، على شيء من هذا.
الخامس: نقل النحاس عن الفراء، والطوال، أن "لعل" شك. وهذا عند البصريين خطأ أيضاً.
وقال الزمخشري: "لعل" هي لتوقع مرجو، أو مخوف. قال: وقد لمح فيها معنى التمني من قرأ [فأطلع] بالنصب. وهي في حرف عاصم. وقال الجزولي: وقد أشر بها معنى "ليت" من قرأ فأطلع نصباً. إنما احتج إلى هذا التأويل، لأن الترجي ليس له جواب منصوب، عند البصريين. وقد تقدم، في "الفاء"، ذكر الخلاف في ذلك. قال ابن يعيش: والفرق بين الترجي
والتمني أن الترجي توقع أمر مشكوك فيه، أو مظنون. والتمني طلب أمر موهوم الحصول، وربما كان مستحيل الحصول، نحو {يا ليتها كانت القاضية}.
وفي "لعل" اثنتا عشرة لغة. وهي: "لعل"، و"عل"، و"لعن"، و"عن"، و"لأن"، و"أن"، و"رعل"، و"رعن"، و"لغن"، و"رغن"، و"غن"، وهذه الثلاثة "بالغين" المعجمة، و"لعلت"، "بتاء" التأنيث. واختلف في "الغين" المعجمة، في تلك اللغات الثلاث. فقيل: هي بدل من المهملة. وقيل: ليست بدلاً منها. قال صاحب رصف المباني: وهو أظهر، لقلة وجود "الغين" بدلاً من "العين". ولذلك جعل "غن" بالمعجمة حرفاً مفرداً بباب.
وما سوى ما ذكرته، من أحكام "لعل"، لا حاجة إليه هنا.

القسم الثاني: أن تكون حرف جر، في لغة عقيل. يقولون: "لعل" زيد قائم. والجر "بلعل" مراجعة أصل مرفوض، لأن أصل كل حرف اختص بالاسم، ولم يكن كالجزاء منه، أن يعمل الجر، كما تقدم في صدر الكتاب. وإنما خرجت "إن" وأخواتها، عن هذا الأصل، فعملت النصب والرفع، لشبهها بالفعل. ولذلك قال الجزولي: وقد جروا "بلعل" منبهة على الأصل. وروى الجر بها، عن العرب، أبو زيد، والفراء، والأخفش، وغيرهم من الأئمة. ومن ذلك قول الشاعر:
لعل الله يمكنني عليها ... جهاراً، من زهير، أو أسيد
وأنشد الفراء:
على صروف الدهر، أو دولاتها ... يدلننا اللمة، من لماتها
فتستريح النفس، من زفراتها.
وأنشد غيره:
لعل الله فضلكم، علينا ... بشيء، أن أمكم شريم
وقول الآخر: فقلت:
ادع أخرى وارفع الصوت جهرة ... لعل أبي المغوار منك قريب
هذه الأبيات كلها بالجر، على هذه اللغة.
وأنكر بعضهم هذه اللغة، وتأول قول الشاعر "لعل" أبي المغوار منك قريب: فقيل "لعل" في البيت مخففة، واسمها ضمير الشأن، و"اللام" المفتوحة "لام" الجر، ولأبي المغوار منك قريب جملة في موضع خبرها. وهذا ضعيف، من أوجه:
أحدها: أن تخفيف "لعل" لم يسمع في هذا البيت.
والثاني: أنها لا تعمل في ضمير الشأن.
والثالث: أن فتح "لام" الجر مع الظاهر شاذ. ونقل بعضهم هذا التخريج عن الفارسي، على رواية من كسر "لام" "لعل" أبي المغوار فلا يلزمه الاعتراض الثالث.
وقيل: يجوز أن يكون "لعاً " في البيت هي التي تقال للعاثر، و"اللام" للجر، والكلام جملة قائمة بنفسها. والموصوف محذوف، تقديره: فرج، أو شبهه. وهذا بعيد أيضاً. وقيل: أراد الحكاية.
وإذا صحت الرواية بنقل الأئمة فلا معنى لتأويل بعض شواهدها بما هو بعيد.
وفي "لعل" الجارة أربع لغات:"لعل"، و"عل"، بفتح "اللام" فيهما. و"لعل"، و"عل"، بكسر "اللام" فيهما. قال ابن مالك: والجر "بلعل" ثابتة الأول أو محذوفته، مفتوحة الآخر أو مكسورته، لغة عقيلية. والله سبحانه أعلم). [الجنى الداني:579 - 586]


رد مع اقتباس