عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 18 جمادى الأولى 1434هـ/29-03-2013م, 12:59 PM
أم القاسم أم القاسم غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 1,449
افتراضي

جمهرة تفاسير السلف

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) )
قال محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ) : (حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا الأوزاعيّ، قال: حدّثني يحيى بن أبي كثيرٍ، قال: حدّثني محمّد بن إبراهيم التّيميّ، قال: حدّثني عروة بن الزّبير، قال: قلت لعبد اللّه بن عمرو بن العاص: أخبرني بأشدّ ما صنع المشركون برسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، قال: " بينا رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم يصلّي بفناء الكعبة، إذ أقبل عقبة بن أبي معيطٍ فأخذ بمنكب رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، ولوى ثوبه في عنقه فخنقه به خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، وقال: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم} [غافر: 28] "). [صحيح البخاري: 6/127]
- قال أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ): (ثمّ ذكر حديث عروة بن الزّبير قلت لعبد اللّه بن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ ما صنعه المشركون وقد تقدّم شرحه في أوائل السّيرة النّبويّة). [فتح الباري: 8/555]
- قال محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ) : (حدّثنا عليّ بن عبد الله حدثنا الوليد بن مسلمٍ حدثنا الأوزاعيّ قال حدثني يحيى بن أبي كثيرٍ قال حدثني محمّد بن إبراهيم التّيميّ قال حدثني عروة بن الزّبير قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلّي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيطٍ فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقاً شديداً فأقبل أبو بكرٍ فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: {أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم} (غافر: 28).
الوليد بن مسلم الدّمشقي يروي عن عبد الرّحمن الأوزاعيّ. والحديث مضى في آخر مناقب أبي بكر رضي الله عنه، فإنّه أخرجه هناك عن محمّد بن يزيد الكوفي عن الوليد عن الأوزاعيّ إلى آخره، ومضى الكلام فيه هناك). [عمدة القاري: 19/149]
- قال أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ) : (حدّثنا عليّ بن عبد اللّه، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا الأوزاعيّ قال: حدّثني يحيى بن أبي كثيرٍ، حدّثني محمّد بن إبراهيم التّيميّ، حدّثني عروة بن الزّبير قال: قلت لعبد اللّه بن عمرو بن العاص أخبرني بأشدّ ما صنع المشركون برسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- قال: بينا رسول
الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- يصلّي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيطٍ فأخذ بمنكب رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فأقبل أبو بكرٍ فأخذ بمنكبه ودفع عن رسول اللّه -صلّى اللّه عليه وسلّم- وقال: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم} [غافر: 28].
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا الوليد بن مسلم) الدمشقي قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن (قال: حدّثني) بالإفراد (يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة صالح اليمامي الطائي ولأبي ذر والأصيلي عن يحيى بن أبي كثير قال: (حدّثني) بالإفراد (محمد بن إبراهيم التيمي) نسبة إلى تيم قريش المدني قال: (حدّثني) بالإفراد أيضًا (عروة بن الزبير) بن العوّام أنه (قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرني بأشد ما صنع المشركون) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: ما صنعه المشركون (برسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-؟ قال: بينا) بغير ميم (رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- يصلي بفناء الكعبة) بكسر الفاء (إذ أقبل عقبة بن أبي معيط) الأموي المقتول كافرًا بعد انصرافه -صلّى اللّه عليه وسلّم- من بدر بيوم (فأخذ بمنكب رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم-) بفتح الميم وكسر القاف (ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقًا) ولأبي ذر: فخنقه به خنقًا والنون من خنقًا ساكنة في الروايتين في اليونينية وفرعها ومكسورة في بعضها (شديدًا، فأقبل أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- (فأخذ بمنكبه ودفع) عقبة (عن رسول الله -صلّى اللّه عليه وسلّم- وقال) وللأصيلي ثم قال أي مستفهمًا استفهامًا إنكاريًا ({أتقتلون رجلًا}) كراهية ({أن يقول ربي الله}) أو لأن يقول ({وقد جاءكم بالبينات من ربكم}) [غافر: 28] جملة حالية.
قال جعفر بن محمد: كان أبو بكر خيرًا من مؤمن آل فرعون لأنه كان يكتم إيمانه. وقال أبو بكر جهارًا: أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله، وقال غيره: إن أبا بكر أفضل من مؤمن آل فرعون لأن ذلك اقتصر حيث انتصر على اللسان، وأما أبو بكر -رضي الله عنه- فاتبع اللسان يدًا ونصر بالقول والفعل محمدًا.
وهذا الحديث ذكره المؤلّف في مناقب أبي بكر، وفي باب ما لقي النبي -صلّى اللّه عليه وسلّم- وأصحابه من المشركين بمكة). [إرشاد الساري: 7/325]
قالَ أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ): (أخبرنا هنّاد بن السّريّ، عن عبدة، عن هشامٍ، عن أبيه، عن عمرو بن العاصي، أنّه سئل: ما أشدّ شيءٍ رأيت قريشًا بلغوا من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؟، قال: مرّ بهم ذات يومٍ، فقالوا له: أنت الّذي تنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟، قال: «أنا»، فقاموا إليه فأخذوه بمجامع ثيابه، قال: فرأيت أبا بكرٍ محتضنه من ورائه يصرخ، وإنّ عينيه تنضحان، وهو يقول: {أتقتلون رجلًا أن يقول ربّي الله} [غافر: 28] الآية.
- أخبرنا قتيبة بن سعيدٍ، قال: حدّثنا اللّيث، عن نافعٍ، عن ابن عمر، أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ألا إنّ أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشيّ، إن كان من أهل الجنّة فمن أهل الجنّة، وإن كان من أهل النّار فمن أهل النّار، حتّى يبعثه الله يوم القيامة»). [السنن الكبرى للنسائي: 10/244]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعون يكتم إيمانه} اختلف أهل العلم في هذا الرّجل المؤمن، فقال بعضهم: كان من قوم فرعون، غير أنّه كان قد آمن بموسى، وكان يسرّ إيمانه من فرعون وقومه خوفًا على نفسه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعون} قال: هو ابن عمّ فرعون ويقال: هو الّذي نجا مع موسى.
فمن قال هذا القول، وتأوّل هذا التّأويل، كان صوابًا الوقف إذا أراد القارئ الوقف على قوله: {من آل فرعون} لأنّ ذلك خبرٌ متناه قد تمّ.
وقال آخرون: بل كان الرّجل إسرائيليًّا، ولكنّه كان يكتم إيمانه من آل فرعون.
والصّواب على هذا القول لمن أراد الوقف أن يجعل وقفه على قوله: {يكتم إيمانه} لأنّ قوله: {من آل فرعون} صلةٌ لقوله: {يكتم إيمانه} فتمامه قوله: يكتم إيمانه.
وقد ذكر أنّ اسم هذا الرّجل المؤمن من آل فرعون: خبرك.
- كذلك حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب عندي القول الّذي قاله السّدّيّ من أنّ الرّجل المؤمن كان من آل فرعون، قد أصغى لكلامه، واستمع منه ما قاله، وتوقّف عن قتل موسى عند نهيه عن قتله وقيله ما قاله وقال له: ما أريكم إلاّ ما أرى، وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد، ولو كان إسرائيليًّا لكان حريًّا أن يعاجل هذا القاتل له، ولملئه ما قال بالعقوبة على قوله، لأنّه لم يكن يستنصح بني إسرائيل، لاعتداده إيّاهم أعداءً له، فكيف بقوله عن قتل موسى لو وجد إليه سبيلاً؟ ولكنّه لمّا كان من ملأ قومه، استمع قوله، وكفّ عمّا كان هم به في موسى.
وقوله: {أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي اللّه} يقول: أتقتلون أيّها القوم موسى لأن يقول ربّي اللّه؟ فأن في موضع نصبٍ لما وصفت {وقد جاءكم بالبيّنات} يقول: وقد جاءكم بالآيات الواضحات على حقيقة ما يقول من ذلك. وتلك البيّنات من الآيات يده وعصاه.
- كما حدّثنا ابن حميدٍ، قال: حدّثنا سلمة، عن ابن إسحاق، {وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم} بعصاه وبيده.
- وقوله: {وإن يك كاذبًا فعليه كذبه} يقول: وإن يك موسى كاذبًا في قيله: إنّ اللّه أرسله إليكم يأمركم بعبادته، وترك دينكم الّذي أنتم عليه، فإنّما إثمٌ كذبه عليه دونكم {وإن يك صادقًا يصبكم بعض الّذي يعدكم} يقول: وإن يك صادقًا في قيله ذلك، أصابكم الّذي وعدكم من العقوبة على مقامكم على الدّين الّذي أنتم عليه مقيمون، فلا حاجة بكم إلى قتله، فتزيدوا ربّكم بذلك إلى سخطه عليكم بكفركم سخطًا {إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرفٌ كذّابٌ} يقول: إنّ اللّه لا يوفّق للحقّ من هو متعدٍّ إلى فعل ما ليس له فعله، كذّابٌ عليه يكذب، ويقول عليه الباطل وغير الحقّ.
وقد اختلف أهل التّأويل في معنى الإسراف الّذي ذكره المؤمن في هذا الموضع، فقال بعضهم: عني به الشّرك، وأراد: إنّ اللّه لا يهدي من هو مشركٌ به مفترٍ عليه.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرفٌ كذّابٌ} مشركٌ أسرف على نفسه بالشّرك.
وقال آخرون: عنى به من هو قتّالٌ سفّاكٌ للدّماء بغير حقٍّ.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، {إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرفٌ كذّابٌ} قال: المسرف: هو صاحب الدّم، ويقال: هم المشركون.
والصّواب من القول في ذلك أن يقال: إنّ اللّه أخبر عن هذا المؤمن أنّه عمّ بقوله: {إنّ اللّه لا يهدي من هو مسرفٌ كذّابٌ}، والشّرك من الإسراف، وسفك الدّم بغير حقٍّ من الإسراف، وقد كان مجتمعًا في فرعون الأمران كلاهما، فالحق أن يعمّ ذلك كما أخبر جلّ ثناؤه عن قائله، أنّه عمّ القول بذلك). [جامع البيان: 20/311-313]
قال أحمد بن أبي بكر بن إسماعيل البوصيري (ت: 840هـ) : (قال أبو بكر بن أبي شيبة: ثنا عليّ بن مسهرٍ، عن محمّد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن عمرو بن العاص قال: "ما رأيت أجد قريشًا أرادوا قتل النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم إلّا يومًا ائتمروا به وهم جلوسٌ في ظلّ الكعبة، ورسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي عند المقام فقام إليه عتبة بن أبي معيطٍ فجعل رداءه في عنقه، ثم جذبه حتى وجب لركبتيه ساقطاً وتصايح النّاس وظنّوا أنّه مقتولٌ، فأقبل أبو بكر يشتد- حتّى أخذ بضبعي رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من ورائه وهو يقول: أتقتلون رجلًا أن يقول ربيّ اللّه؟ "ثمّ انصرفوا عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يصلّي، فلمّا قضى صلاته مرّ بهم وهم جلوسٌ في ظلّ الكعبة، فقال: يا معشر قريشٍ، أما والّذي نفسي بيده ما أرسلت إليكم إلا بالذّبح- وأشار بيده إلى حلقه- فقال له أبو جهلٍ: يا محمّد، ما كنت جهولًا فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أنت منهم".
هذا إسناد رواته ثقات.
ورواه أبو يعلى وتقدم في باب السير.
قلت: رواه النّسائيّ في التّفسير من طريق عروة بن الزّبير، عن عمرو بن العاص). [إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة: 6/262-263]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {إني أخاف أن يبدل دينكم} أي أمركم الذي أنتم عليه {أو أن يظهر في الأرض الفساد} والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله (إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) قال: المشرك أسرف على نفسه بالشرك). [الدر المنثور: 13/35] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 28.
أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لم يكن في آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه السلام، الذي قال: أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك) قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه حزقيل). [الدر المنثور: 13/35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق رضي الله عنه قال: كان سم الرجل الذي آمن من آل فرعون حبيب). [الدر المنثور: 13/35]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البخاري، وابن المنذر، وابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال: قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم} ). [الدر المنثور: 13/35-36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي، وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كان أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا: أنت الذي تنهانا عما كان يعبد آباؤنا قال: أنا ذاك، فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ثم قال {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب} رافعا صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه). [الدر المنثور: 13/36]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشي عليه، فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} قالوا: من هذا قال: هذا ابن أبي قحافة.
وأخرج الحكيم الترمذي، وابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، نحوه). [الدر المنثور: 13/36-37]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس أخبروني بأشجع الناس قالوا: أنت، قال: لا، قالوا: فمن قال: أبو بكر رضي الله عنه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش، هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة آلها واحدا قال: فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر رضي الله عنه، يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله} ثم رفع علي رضي عنه بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال: أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه). [الدر المنثور: 13/37-38]

تفسير قوله تعالى: (يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض فمن ينصرنا من بأس اللّه إن جاءنا قال فرعون ما أريكم إلاّ ما أرى وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: {يا قوم لكم الملك اليوم ظاهرين في الأرض} يعني: أرض مصر، يقول: لكم السّلطان اليوم والملك ظاهرين أنتم على بني إسرائيل في أرض مصر {فمن ينصرنا من بأس اللّه} يقول: فمن يدفع عنّا بأس اللّه وسطوته إن حلّ بنا، وعقوبته إن جاءتنا، {قال فرعون ما أريكم إلاّ ما أرى} يقول: قال فرعون مجيبًا لهذا المؤمن النّاهي عن قتل موسى: ما رأيكم أيّها النّاس من الرّأي والنّصيحة إلاّ ما أرى لنفسي ولكم صلاحًا وصوابًا، وما أهديكم إلاّ سبيل الرّشاد. يقول: وما أدعوكم إلاّ إلى طريق الحقّ والصّواب في أمر موسى وقتله، فإنّكم إن لم تقتلوه بدّل دينكم، وأظهر في أرضكم الفساد). [جامع البيان: 20/314]

تفسير قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِي آَمَنَ يَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزَابِ (30) )
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى مثل يوم الأحزاب مثل دأب قوم نوح قال هو الأحزاب قوم نوح وعاد وثمود). [تفسير عبد الرزاق: 2/181]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {وقال الّذي آمن يا قوم إنّي أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب (30) مثل دأب قوم نوحٍ وعادٍ وثمود والّذين من بعدهم وما اللّه يريد ظلمًا للعباد}.
يقول تعالى ذكره: وقال المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: يا قوم إنّي أخاف عليكم بقتلكم موسى إن قتلتموه مثل يوم الأحزاب الّذين تحزّبوا على رسل اللّه نوحٍ وهودٍ وصالحٍ، فأهلكهم اللّه بتجرّئهم عليه، فيهلككم كما أهلكهم). [جامع البيان: 20/314]

تفسير قوله تعالى: (مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعِبَادِ (31) )
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {مثل دأب قوم نوحٍ} يقول: يفعل ذلك بكم فيهلككم مثل سنّته في قوم نوحٍ وعادٍ وثمودٍ وفعله بهم.
وقد بيّنّا معنى الدّأب فيما مضى بشواهده، المغنية عن إعادته، مع ذكر أقوال أهل التّأويل فيه.
- وقد حدّثني عليٌّ، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية، عن عليٍّ، عن ابن عبّاسٍ {مثل دأب قوم نوحٍ} يقول: مثل حال.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {مثل دأب قوم نوحٍ} قال: مثل ما أصابهم.
وقوله: {والّذين من بعدهم} يعني قوم إبراهيم، وقوم لوطٍ، وهم أيضًا من الأحزاب.
- كما حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {والّذين من بعدهم} قال: هم الأحزاب.
وقوله: {وما اللّه يريد ظلمًا للعباد} يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل المؤمن من آل فرعون لفرعون وملئه: وما أهلك اللّه هذه الأحزاب من هذه الأمم ظلمًا منه لهم بغير جرمٍ اجترموه بينهم وبينه، لأنّه لا يريد ظلم عباده، ولا يشاؤه، ولكنّه أهلكهم بإجرامهم وكفرهم به، وخلافهم أمره). [جامع البيان: 20/315]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآية 29 - 31.
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس {مثل دأب} مثل حال). [الدر المنثور: 13/38]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد الرزاق، وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {مثل دأب قوم نوح} قال: هم الأحزاب {قوم نوح وعاد وثمود} ). [الدر المنثور: 13/38]

تفسير قوله تعالى: (وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ (32) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثنا عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان، في قوله: {إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين} [سورة غافر: 32-33]، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدمع، فيبكون حتى ينفد الدمع، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدم، فيبكون حتى ينفد الدم، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، قال: يرسل عليهم من أمر الله فيولون مدبرين، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، فيبكون قيحًا، حتى ينفد القيح، فتغور أبصارهم كالحدق في الطين). [الزهد لابن المبارك: 2/735]
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (عن معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم التناد يوم ينادي كل قوم بأعمالهم فينادي أهل النار أهل الجنة وأهل الجنة أهل النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/181]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (القول في تأويل قوله تعالى: {يا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد (32) يوم تولّون مدبرين ما لكم من اللّه من عاصمٍ ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ}.
يقول تعالى ذكره مخبرًا عن قيل هذا المؤمن لفرعون وقومه: {ويا قوم إنّي أخاف عليكم} بقتلكم موسى إن قتلتموه عقاب اللّه {يوم التّناد}.
واختلفت القرّاء في قراءة قوله: {يوم التّناد} فقرأ ذلك عامّة قرّاء الأمصار: {يوم التّناد} بتخفيف الدّالّ، وترك إثبات الياء، بمعنى التّفاعل، من تنادى القوم تناديًا، كما قال جلّ ثناؤه: {ونادى أصحاب الجنّة أصحاب النّار أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقًّا قالوا نعم} وقال: {ونادى أصحاب النّار أصحاب الجنّة أن أفيضوا علينا من الماء} فكذلك تأوّله قارئو ذلك كذلك.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا محمّد بن بشّارٍ، قال: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه الأنصاريّ، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، أنّه قال في هذه الآية {يوم التّناد} قال: يوم ينادي أهل النّار أهل الجنّة: أن أفيضوا علينا من الماء.
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: {ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم التّناد} يوم ينادي أهل الجنّة أهل النّار {أن قد وجدنا ما وعدنا ربّنا حقًّا فهل وجدتم ما وعد ربّكم حقًّا} وينادي أهل النّار أهل الجنّة {أن أفيضوا علينا من الماء أو ممّا رزقكم اللّه}.
- حدّثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ، في قوله: {يوم التّناد} قال: يوم القيامة ينادي أهل الجنّة أهل النّار.
وقد روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم في معنى ذلك على هذه القراءة تأويلٌ آخر على غير هذا الوجه؛ وهو ما:
- حدّثنا به أبو كريبٍ، قال: حدّثنا عبد الرّحمن بن محمّدٍ المحاربيّ، عن إسماعيل بن رافعٍ المدنيّ، عن يزيد بن زيادٍ، عن محمّد بن كعبٍ القرظيّ، عن رجلٍ من الأنصار، عن أبي هريرة، أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: يأمر اللّه إسرافيل بالنّفخة الأولى، فيقول: أنفخ نفخة الفزع، ففزع أهل السّموات وأهل الأرض إلاّ من شاء اللّه، ويأمره اللّه فيديمها ويطوّلها فلا يفتر، وهي الّتي يقول اللّه: {وما ينظر هؤلاء إلاّ صيحةً واحدةً ما لها من فواقٍ} فيسيّر اللّه الجبال فتكون سرابًا، فترجّ الأرض بأهلها رجًّا، وهي الّتي يقول اللّه: {يوم ترجف الرّاجفة تتبعها الرّادفة قلوبٌ يومئذٍ واجفةٌ} فتكون كالسّفينة المرنّقة في البحر تضربها الأمواج تكفأ بأهلها، أو كالقنديل المعلّق بالعرش ترجّه الأرواح، فتميد النّاس على ظهرها، فتذهل المراضع، وتضع الحوامل، وتشيب الولدان، وتطير الشّياطين هاربةً حتّى تأتي الأقطار، فتلقّاها الملائكة، فتضرب وجوهها، فترجع ويولّي النّاس مدبرين، ينادي بعضهم بعضًا، وهو الّذي يقول اللّه: {يوم التّناد (32) يوم تولّون مدبرين ما لكم من اللّه من عاصمٍ}.
فعلى هذا التّأويل معنى الكلام: ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم ينادي النّاس بعضهم بعضًا من فزع نفخة الفزع.
وقرأ ذلك آخرون: يوم التّنادّ بتشديد الدّالّ، بمعنى: التّفاعل من النّدّ، وذلك إذا هربوا فندّوا في الأرض، كما تندّ الإبل: إذا شردت على أربابها.
ذكر من قال ذلك كذلك، وذكر المعنى الّذي قصد بقراءته ذلك كذلك:
- حدّثني موسى بن عبد الرّحمن المسروقيّ، قال: حدّثنا أبو أسامة، عن الأجلح، قال: سمعت الضّحّاك بن مزاحمٍ، قال: إذا كان يوم القيامة، أمر اللّه السّماء الدّنيا فتشقّقت بأهلها، ونزل من فيها من الملائكة، فأحاطوا بالأرض ومن عليها، ثمّ الثّانية، ثمّ الثّالثة، ثمّ الرّابعة، ثمّ الخامسة، ثمّ السّادسة، ثمّ السّابعة، فصفّوا صفًّا دون صفٍّ، ثمّ ينزل الملك الأعلى على مجنبته اليسرى جهنّم، فإذا رآها أهل الأرض ندّوا فلا يأتون قطرًا من أقطار الأرض إلاّ وجدوا السّبعة صفوفٍ من الملائكة، فيرجعون إلى المكان الّذي كانوا فيه، فذلك قول اللّه: {إنّي أخاف عليكم يوم التّناد (32) يوم تولّون مدبرين} وذلك قوله: {وجاء ربّك والملك صفًّا صفًّا وجيء يومئذٍ بجهنّم}، وقوله: {يا معشر الجنّ والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السّموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلاّ بسلطانٍ} وذلك قوله: {وانشقّت السّماء فهي يومئذٍ واهيةٌ والملك على أرجائها}.
- حدّثنا محمّدٌ، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أسباطٌ، عن السّدّيّ، قوله {يوم التّناد} قال: تندّون.
وروي عن الحسن البصريّ أنّه قرأ ذلك: (يوم التّنادي) بإثبات الياء وتخفيف الدّالّ.
والصّواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، وهو تخفيف الدّالّ وبغير إثبات الياء، وذلك أنّ ذلك هو القراءة الّتي عليها الحجّة من قرّاء الأمصار، وغير جائزٍ خلافها فيما جاءت به نقلاً فإذا كان ذلك هو الصّواب، فمعنى الكلام: ويا قوم إنّي أخاف عليكم يوم ينادي النّاس بعضهم بعضًا، إمّا من هول ما قد عاينوا من عظيم سلطان اللّه، وفظاعة ما غشيهم من كرب ذلك اليوم، وإمّا لتذكير بعضهم بعضًا إنجاز اللّه إيّاهم الوعد الّذي وعدهم في الدّنيا، واستغاثةً من بعضهم ببعضٍ، ممّا لقي من عظيم البلاء فيه). [جامع البيان: 20/316-320]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 32 - 33.
أخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة، فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قوله {يوم التناد} يعني بتشديد الدال {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} وذلك قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (الفجر الآية 22 - 23) وقوله (يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن الآية 33) وقوله (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) (الحاقة الآية 17) يعني ما تشقق فيها، فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب). [الدر المنثور: 13/38-39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يوم التناد} قال: ينادى كل قوم بأعمالهم، فنادي أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار {يوم تولون مدبرين} إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} أي من ناصر). [الدر المنثور: 13/39]
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه {ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد} قال: ينادي أهل الجنة أهل النار (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا) (الأعراف الآية 44) قال: وينادي أهل النار أهل الجنة (أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله) (الأعراف الآية 50) ). [الدر المنثور: 13/39-40]

تفسير قوله تعالى: (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (33) )
قال عبد الله بن المبارك بن واضح المروزي (ت: 181هـ): (أخبرنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، قال: حدثنا عبد الجبار بن عبيد الله بن سلمان، في قوله: {إني أخاف عليكم يوم التناد * يوم تولون مدبرين} [سورة غافر: 32-33]، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدمع، فيبكون حتى ينفد الدمع، ثم تستجيب لهم أعينهم بالدم، فيبكون حتى ينفد الدم، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، قال: يرسل عليهم من أمر الله فيولون مدبرين، ثم تستجيب لهم أعينهم بالقيح، فيبكون قيحًا، حتى ينفد القيح، فتغور أبصارهم كالحدق في الطين). [الزهد لابن المبارك: 2/735](م)
قالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بْنُ هَمَّامٍ الصَّنْعَانِيُّ (ت: 211هـ): (معمر عن قتادة في قوله تعالى يوم تولون مدبرين قال مدبرين إلى النار). [تفسير عبد الرزاق: 2/181]
قالَ أبو جعفرٍ مُحَمَّدُ بْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ (ت: 310هـ) : (وقوله: {يوم تولّون مدبرين} فتأويله على التّأويل الّذي ذكرنا من الخبر عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: يوم يولّون هاربين في الأرض حذار عذاب اللّه وعقابه عند معاينتهم جهنّم.
وتأويله على التّأويل الّذي قاله قتادة في معنى {يوم التّناد} يوم تولّون منصرفين عن موقف الحساب إلى جهنّم.
وبنحو ذلك روي الخبر عنه، وعمّن قال نحو مقالته في معنى {يوم التّناد}.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة، {يوم تولّون مدبرين} أي منطلقًا بكم إلى النّار.
وأولى القولين في ذلك بالصّواب القول الّذي روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، وإن كان الّذي قاله قتادة في ذلك غير بعيدٍ من الحقّ.
وبه قال جماعةٌ من أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثني محمّد بن عمرٍو، قال: حدّثنا أبو عاصمٍ، قال: حدّثنا عيسى، وحدّثني الحارث، قال: حدّثنا الحسن، قال: حدّثنا ورقاء، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ، قوله: {يوم تولّون مدبرين} قال: فارين غير معجزين.
وقوله: {ما لكم من اللّه من عاصمٍ} يقول: ما لكم من اللّه مانعٌ يمنعكم، وناصرٌ ينصركم.
وبنحو الّذي قلنا في ذلك قال أهل التّأويل.
ذكر من قال ذلك:
- حدّثنا بشرٌ، قال: حدّثنا يزيد، قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة {ما لكم من اللّه من عاصمٍ} أي من ناصرٍ.
وقوله: {ومن يضلل اللّه فما له من هادٍ} يقول: ومن يخذله اللّه فلم يوفّقه لرشده، فما له من موفّقٍ يوفّقه له). [جامع البيان: 20/320-321]
قَالَ عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ): (نا إبراهيم قال نا آدم قال نا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله يوم تولون مدبرين يعني فارين غير معجزين). [تفسير مجاهد: 564]

قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (الآيات 32 - 33.
أخرج ابن المبارك، وعبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة، فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان الذي كانوا فيه، فذلك قوله {يوم التناد} يعني بتشديد الدال {يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم} وذلك قوله (وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم) (الفجر الآية 22 - 23) وقوله (يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان) (الرحمن الآية 33) وقوله (وانشقت السماء فهي يومئذ واهية والملك على أرجائها) (الحاقة الآية 17) يعني ما تشقق فيها، فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب). [الدر المنثور: 13/38-39] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله {يوم التناد} قال: ينادى كل قوم بأعمالهم، فنادي أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار {يوم تولون مدبرين} إلى النار {ما لكم من الله من عاصم} أي من ناصر). [الدر المنثور: 13/39] (م)
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911 هـ) : (وأخرج عبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه {يوم تولون مدبرين} قال: قادرين غير معجزين). [الدر المنثور: 13/40]


رد مع اقتباس