الموضوع: عسى
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 21 ذو الحجة 1438هـ/12-09-2017م, 02:39 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("عسى"
"عسى": فعل مطلقًا لا حرف مطلقًا خلافًا لابن السراج وثعلب ولا حين يتّصل بالضمير المنصوب كقوله:
( ... يا أبتا علك أو عساكا)
خلافًا لسيبويه حكاه عنه السيرافي ومعناه الترجي في المحبوب والإشفاق في المكروه وقد اجتمعا في قوله تعالى {وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم}
وتستعمل على أوجه:
أحدها: أن يقال "عسى" زيد أن يقوم واختلف في إعرابه على أقوال:
أحدها: وهو قول الجمهور أنه مثل "كان" زيد يقوم واستشكل بأن الخبر في تأويل المصدر والمخبر عنه ذات ولا يكون الحدث عين الذّات
وأجيب بأمور:
أحدها: أنه على تقدير مضاف إمّا قبل الاسم أي "عسى" أمر زيد القيام أو قبل الخبر أي "عسى" زيد صاحب القيام ومثله {ولكن
البر من آمن باللّه} أي: و"لكن" صاحب البر من آمن باللّه أو و"لكن" البر بر من آمن باللّه.
والثّاني: أنه من باب زيد عدل وصوم ومثله {وما كان هذا القرآن أن يفترى}.
والثّالث أن "أن" زائدة لا مصدريّة وليس بشيء لأنّها قد نصبت ولأنّها لا تسقط إلّا قليلا.
والقول الثّاني: أنّها فعل متعدٍّ بمنزلة قارب معنى وعملا أو قاصر بمنزلة قرب من أن يفعل وحذف الجار توسعا وهذا مذهب سيبويه والمبرد.
والثّالث: أنّها فعل قاصر بمنزلة قرب وأن والفعل بدل اشتمال من فاعلها وهو مذهب الكوفيّين ويرده أنه حينئذٍ يكون بدلا لازما تتوقّف عليه فائدة الكلام وليس هذا شأن البدل.
والرّابع: أنّها فعل ناقص كما يقول الجمهور وأن والفعل بدل اشتمال كما يقول الكوفيّون وأن هذا البدل سد مسد الجزأين كما سد مسد المفعولين في قراءة حمزة رحمه الله {ولا يحسبن الّذين كفروا أنما نملي لهم خير} بالخطاب واختاره ابن مالك.

الاستعمال الثّاني: أن تسند إلى "أن" والفعل فتكون فعلا تاما هذا هو المفهوم من كلامهم وقال ابن مالك عندي أنّها ناقصة أبدا ولكن سدت "أن" وصلتها في هذه الحالة مسد الجزأين كما في {أحسب النّاس أن يتركوا} إذ لم يقل أحد إن "حسب" خرجت في ذلك عن أصلها.

الثّالث والرّابع والخامس: أن يأتي بعدها المضارع المجرّد أو المقرون "بالسّين" أو الاسم المفرد نحو "عسى" زيد يقوم و"عسى" زيد سيقوم و"عسى" زيد قائما والأول قليل كقوله:
(عسى الكرب الّذي أمسيت فيه ... يكون وراءه فرج قريب)
والثّالث أقل كقوله:
(أكثرت في اللوم ملحا دائما ... لا تكثرن إنّي عسيت صائما)
وقولهم في المثل "عسى" الغوير أبؤسا كذا قالوا والصّواب أنّهما ممّا حذف فيه الخبر أي يكون أبؤسا وأكون صائما لأن في ذلك إبقاء لهما على الاستعمال الأصليّ ولأن المرجو كونه صائما لا نفس الصّائم.
والثّاني نادر جدا كقوله:
(عس طيئ من طيئ بعد هذه ... ستطفئ غلات الكلى والجوانح)
و"عسى" فيهنّ فعل ناقص بلا إشكال.

والسّادس: أن يقال "عساي" و"عساك" و"عساه" وهو قليل وفيه ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنّها أجريت مجرى "لعلّ" في نصب الاسم ورفع الخبر كما أجريت "لعلّ" مجراها في اقتران خبرها "بأن" قاله سيبويه:
والثّاني: أنّها باقية على عملها عمل "كان" ولكن استعير ضمير النصب مكان ضمير الرّفع قاله الأخفش.
ويرده أمران أحدهما أن إنابة ضمير عن ضمير إنّما ثبت في المنفصل نحو ما أنا كأنت ولا أنت كأنا وأما قوله:
( ... يا بن الزبير طالما عصيكا)
"فالكاف" بدل من "التّاء" بدلا تصريفيا لا من إنابة ضمير عن ضمير كما ظن ابن مالك والثّاني أن الخبر قد ظهر مرفوعا في قوله:
(فقلت عساها نار كأس وعلها ... تشكى فآتي نحوها فأعودها)
والثّالث: أنّها باقية على إعمالها عمل "كان" ولكن قلب الكلام فجعل المخبر عنه خبرا وبالعكس قاله المبرد والفارسي
ورد باستلزامه في نحو قوله:
( ... يا أبتا علك أو عساكا)
الاقتصار على فعل ومنصوبه ولهما أن يجيبا بأن المنصوب هنا مرفوع في المعنى إذ مدعاهما أن الإعراب قلب والمعنى بحاله.

السّابع: "عسى" زيد قائم حكاه ثعلب ويتخرّج هذا على أنّها ناقصة وأن اسمها ضمير الشّأن والجملة الاسمية الخبر.

تنبيه
إذا قيل زيد "عسى" أن يقوم احتمل نقصان "عسى" على تقدير تحملها الضّمير وتمامها على تقدير خلوها منه.
وإذا قلت "عسى" أن يقوم زيد احتمل الوجهين أيضا ولكن يكون الإضمار في يقوم لا في "عسى" اللّهمّ إلّا أن تقدر العاملين تنازعا زيدا فيحتمل الإضمار في "عسى" على إعمال الثّاني.
وإذا قلت "عسى" أن يضرب زيد عمرا فلا يجوز كون زيد اسم "عسى" لئلّا يلزم الفصل بين صلة "أن" ومعمولها وهو عمرا بالأجنبي وهو زيد ونظير هذا المثال قوله تعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودًا} ). [مغني اللبيب: 2 / 414 - 429]


رد مع اقتباس