عرض مشاركة واحدة
  #143  
قديم 2 صفر 1439هـ/22-10-2017م, 02:08 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

2. اللغات في "آمين"
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (2. اللغات في "آمين"
في "آمين" لغتان مشتهرتان:

الأولى: قَصْر الأَلِف: "أمين"، على وزن "فَعِيل" ، وهي لغة صحيحة فصيحة مشتهرة.
قال جبير بن الأضبط:
تباعَدَ منى فُطْحُلٌ إذْ دعوتُه ... أَمينَ، فزاد اللهُ ما بيننا بُعْدا
وقال آخر:
سَقَى اللَّهُ حَيًّا بينَ صارَةَ والحِمَى ... حِمَى فَيْدَ صَوْبَ المُدْجِناتِ المَواطرِ
أَمِــــــينَ ورَدَّ اللَّهُ رَكْـــــــــباً إليهـــــــــــــــم ... بِخَيْـــرٍ ووَقَّــــــــــــاهُمْ حِمــــــــــــــــــــامَ المَقادِرِ

واللغة الأخرى: مدّ الألف: "آمين" على وزن فاعِيل، وهذا المدّ حقيقته إشباع فتحة الهمزة.
قال ابن المنيّر: (والمد إشباع بدليل أنه لا يوجد في العربية كلمة على فاعيل)ا.هـ.
وقد استشهد له بعض علماء اللغة بقول مجنون ليلى:
يا ربِّ لا تَسلبَنِّى حُبَّها أبدا ... ويرحَمُ الله عبدا قال آمينا
وقد ادّعى بعضهم لغة ثالثة فيها، وهي آمّين.
وقد نبّه كبار علماء اللغة على خطئها، وعدّها بعض العلماء من لحن العوامّ،
قال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل التيمي الأصبهاني(ت:526هـ) صاحب التحرير في شرح صحيح مسلم: (وكثير من العامة يشددون الميم منها وهو خطأ لا وجه له)ا.هـ نقله النووي في تهذيب الأسماء واللغات.
قال أبو العباس ثعلب في الفصيح: (ولا تشدّد الميم، فإنه خطأ).
وقال أبو سهل الهروي في إسفار الفصيح: ( ولا تشدد الميم فإنه خطأ؛ لأنه يخرج من معنى الدعاء ويصير بمعنى قاصدين، كما قال تعالى: {وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَام}).
ولم أقف على أوّل من ذكر أنّ "آمّين" لغة في "آمين"، لكن ذكر أبو عليّ الفارسي في "المسائل الحلبيات" أنّ محمّد بن يزيد المبرد قال: ("آمين" على مثال "عاصين") يريد في الوزن لا في حقيقة الجمع.
وهذه العبارة نسبها أبو الفتح ابن جنّي في "الخصائص" إلى أبي العباس ثعلب، وعنه اشتهرت نسبة هذه العبارة إلى ثعلب، ولم أقف عليها فيما طبع من كتب ثعلب ولا المبرّد.
وكلامهم يشعر أنّ من الناس من توهّم من هذه العبارة أنّه أراد الجمع فظنّ أنّ "آمّين" لغة في "آمين".
وقد نبّه أبو علي الفارسي وأبو الفتح ابن جنّي على خطأ هذا الفهم ، ولم يقع في كلامهم تسمية لمن ادّعى هذا الفهم.
قال أبو علي الفارسي(ت:377هـ): (فأما قول محمد بن يزيد: (آمين بمنزلة عاصين) فالذي أراد به - عندي - أن يعلم أن الميم من "آمين" خفيفة، كما أن الصاد التي هي عين من "عاصين" خفيفة، ولم يرد أن وزن "آمين" كوزن "عاصين"، ولا أن النون في "آمين" فتحت من حيث كانت نون جمع، كما فتحت في "عاصين" بهذا المعنى؛ لبعد ذلك وفساده؛ ألا ترى أن المعنى في "أمين" و "آمين" واحد، وقد ثبت أن النون من "أمين" في موضع اللام من "فعيل"، فيجب أن تكون من "آمين" مثله في أنه في موضع اللام. ولو جعلته جمعاً مثل "عاصين" للزم أن تكون اللام منه حرف علة محذوفاً لالتقاء الساكنين، كما أنه من "عاصين" كذلك، فهذا يلزم منه أن يكون "آمين" من لفظ آخر غير "آمين").
وقال أبو الفتح ابن جنّي(ت:392هـ): (فأما قول أبي العباس: "إن آمين بمنزلة عاصين"؛ فإنما يريد به أن الميم خفيفة كعين عاصين)ا.هـ.
قوله: (كعين عاصين) يريد عين الفعل في فاعلين ، التي هي الصاد في عاصين.
وقال ابن سيده في المحكم: ( فأما قول أبي العباس: "إن آمين بمنزلة عاصين" فإنما يريد أن الميم خفيفة كصادِ عاصين، لا يريد به حقيقة الجمع)ا.هـ.
وقال ابن المنيّر: (الموجود في مشاهير الأصول المعتمدة أن التشديد خطأ، وقال بعض أهل العلم: التشديد لغة، وهو وهمٌ قديم، وذلك أن أبا العباس أحمد بن يحيى قال: "وآمين مثال عاصين لغة"؛ فتوهم أن المراد صيغة الجمع لأنه قابله بالجمع، وهو مردود بقول ابن جني وغيره أن المراد موازنة اللفظ لا غير، قال ابن جني: "وليس المراد حقيقة الجمع"، ويؤيده قول صاحب التمثيل في الفصيح: "والتشديد خطأ".
ثم المعنى غير مستقيم على التشديد لأن التقدير ولا الضالين قاصدين إليك وهذا لا يرتبط بما قبله فافهمه)ا.هـ.
ثمّ اشتهر التنبيه على خطأ هذا الفهم في كتب اللغة من غير تسمية لمن فهمه، ولا من ادّعاه.
وقد تقدّم أن أبا نصر القشيري(ت:514هـ) نسب هذا القول في تفسيره إلى جعفر الصادق والحسن البصري، كما ذكره ابن كثير، ولا يصحّ ذلك عنهما.
ونقل النووي في تهذيب الأسماء واللغات عن الواحديّ أنه قال: (والتشديد مع المد، روي ذلك عن الحسن والحسين بن الفضل، ويحقق ذلك: ما ورى عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال في تأويله: "قاصدين نحوك، وأنت أكرم من أن تُخَيِّب قاصدًا")ا.هـ.
ونقل أبو عبد الرحمن السلمي (ت:412هـ) صاحب حقائق التفسير عن جعفر الصادق أنه قال: (آمين أي : قاصدين نحوك وأنت أكرم من أن تخيب قاصدك). من غير إسناد.
وقد تقدّم أنه لا تصحّ نسبة هذا القول إلى جعفر الصادق.
والخلاصة أنّ آمين فيها لغتان صحيحتان: آمين، وأمين، وأما آمّين بالمدّ والتشديد فلا تصحّ). [تفسير سورة الفاتحة:261 - 264]

رد مع اقتباس