الموضوع: عن
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 06:06 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "عن"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "عن"
اعلم أن "عن" تنقسم قسمين: قسم تكون اسمًا، وقسم تكون حرفًا،
فأما التي تكون اسمًا فهي يدخل عليها حرف الجر
"في" نحو قوله:
.... .... .... .... .... من عن يمين الحبيا نظرةٌ قبلُ
وليست حظنا.
وأما التي تكون حرفًا، وهي المقصود، فإن لها في الكلام موضعين:
الموضع الأول
: أن تكون حرف جرٍ، ولها في ذلك معان:
الأول: المزايلة، نحو قولك: رميتُ
"عن" القوس واحتججت "عن" فلانٍ، قال الله تعالى: {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ}، وقال: {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ}، ومن ذلك: تجاوزت "عن" فلانٍ وكفرتُ "عنه"، قال الله تعالى: {نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، وقال: {وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا}.
المعنى الثاني: أن تكون بمعنى
"بعد" نحو قولك: «أطعمته "عن" جوع وآمنته "عن" خوفٍ»، أي: "بعد" جوعٍ و"بعد" خوف، قال الله تعالى: {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ}، أي: "بعد" قليل، و"ما" زائدةٌ، قال الشاعر:
.... .... .... .... .... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
وقال آخر:
.... .... .... .... .... لقحت حرب وائلٍ عن حيال
وقال آخر:
.... .... .... .... .... ومنهلٍ وردتُه عن منهل
أي: "بعد" في ذلك كله.
المعنى الثالث: أن تكون بمعنى
"على" نحو قولك: أفضلتُ "عنك"، بمعنى "عليك"، قال الشاعر:
لاه ابن عمك لا أفضلتَ في حسبٍ .... عني ولا كنت دياني فتخزوني
وقال آخر:
.... .... .... .... .... تدحرج عن ذي سامه المتقارب
أراد: "علي"، و"على" ذي.
المعنى الرابع: أن تكون بمعنى
"من أجل" نحو قولك: قام فلانٌ لك "عن" إكرامك، وشتمك "عن" مزاحٍ معك، المعنى: "من أجل"، قال الشاعر:
ولقد شهدت إذا القداح توحدت .... وشهدتُ عند الليل موقد نارها

عن ذات أو ليةٍ أساود ربها .... وكأن لون الملح لون شفارها
المعنى الخامس: أن تكون بمعنى "الباء"، نحو قولك: «قمتُ "عن" أصحابي».
قال امرؤ القيس:
تصدُّ وتبدي عن أسيلٍ وتتقي .... بناظرةٍ من وحش وجرة مُطفل
أي: بأسيلٍ، ولا يكون المعنى: «تصدُّ "عن" أسيل وتبدي به»، ولا «تصد بأسيل وتبدي "عنه"» كما زعم بعضهم، لأنه يكون من باب التنازع في الإعمال، ومن شرط إعمال الأول في هذا الباب إبراز الضمير بعد الثاني إن كان منصوبًا أو مجرورًا، نحو رأيتُ وأكرمته زيدًا ومررت ومر بي بزيدٍ، فإذًا لابد في البيت من إخراج "عن" وضعها الأول إلى معنى "الباء"، ووضعها الأول هو المزايلة كما ذكر، وما عدا ذلك فهي مخرجةٌ "عن" بابها، وقد تقدم في غير موضعٍ أن الحروف لا يوضع بعضها موضع بعضٍ إلا إذا كان الحرف في معنى الآخر، أو مردودًا إليه بوجهٍ ما، أو العامل فيه بمعنى العامل في الآخر، أو مردودًا إليه بوجهٍ ما، وأما مع [عدم] الرجوع إليه أو إلى العامل فلا يجوز بوجهٍ، فاعلمه.
الموضع الثاني: أن تكون بمعنى
"أن" وهي لغةٌ لبني تميمٍ، يقولون في أعجبني "أن" تقوم: «أعجبني "عن" تقوم»، وكذلك قال بعضهم: إن تميمًا انفردوا بالعنعنة، يعني أنها تقول في موضع "أن": عن، وعلى ذلك أنشدوا بيت ذي الرُّمة:
أعن توسمت من خرقاء منزلةً .... ماء الصبابة من عينيك مسجومُ
أراد: "أن" توسمت، وقال آخر:
أعن تغنت على ساقٍ مطوقةٌ .... .... .... .... ....
أراد: "أن" كما ذكر، ولا يفعلون ذلك في غير "أن"، فاعلمه). [رصف المباني:366 - 370]


رد مع اقتباس