الموضوع: حرف الكاف
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 08:57 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "الكاف"
باب "الكاف" المفردة
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ):(باب "الكاف"
اعلم أن "الكاف" جاءت في كلام العرب مفردةً ومركبة.

باب "الكاف" المفردة
اعلم أن "الكاف" المفردة لها في الكلام موضعان:
الموضع الأول: أن تكون حرف جر فتخفض ما بعدها أبدًا وتنقسم فيه قسمين: قسم تكون جارةً لا يجوز زيادتها، وقسمٌ تكون جارة زائدة.
القسمُ الجارةُ غير الزائدة لا تكون أبدًا إلا للتشبيه، نحو قولك: زيدٌ كعمروٍ وعبد الله كجعفرٍ، على أن النحويين قد اختلفوا في هذه
"الكاف"، فذهب بعضهم إلى أنها حرف حتى يقوم الدليل على أنها اسمٌ، واحتج لذلك بأنها على حرف واحد، وذلك شأنُ الحروف "كالباء" و"الفاء" و"الواو" و"التاء" في القسم و"اللام" الجارة وغيرها، وذهب بعضهم إلى أنها اسمٌ حتى يقوم الدليل على أنها حرف، واحتج لذلك بأنها في معنى "مثل" وما معناه اسمٌ فهو اسم، وبأنها تكون فاعلة في نحو قول الشاعر:
أتنتهون ولن ينهى ذوي شططٍ ..... كالطعن [يذهبُ] فيه الزيتُ والفُتلُ
وقول الآخر:
وإنك لم يفخر عليك كفاخرٍ ..... ضعيفٍ ولم يغلبك مثل مُغلب
ومجرورة في نحو قول الشاعر:
ورُحنا بكابن الماء يُجنبُ وسطنا ..... تصوب فيه العين طورًا وترتقي
وقول الآخر:
وزعتُ بكالهراوة أعوجي ..... إذا جرت الرياحُ جرى وثابا
لأن الفاعلية لا تكون إلا في الأسماء، ولا تُجرُّ إلا الأسماء.
وذهب بعضهم من المتأخرين إلى التفصيل فيها: بأنها إن كانت معمولة فهي اسم، وإن كانت زائدةً من القسم الثاني الذي يُذكرُ بعد هذا، كقول الشاعر:
وصاليات ككما يؤثفين
ونحو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وكانت في صلة الذي أو أخواته من الموصولات – ما عدا أي – فهي حرفُ، لأن الفاعلية والمجرورية لا تكونان إلا في الأسماء ولأن الزيادة لا تكون إلا في الحروف، وأن صلة الموصول لو جُعلت فيها "الكاف" اسمًا لأدى إلى حذف المبتدأ الذي تكون "الكاف" مع ما بعدها خبره، فيكون التقدير: جاء في الذي هو كزيدٍ، في نحو قولك: جاءني الذي كزيدٍ، وحذفُ المبتدأ لا يجوزُ إلا في صلة "أي" كقوله تعالى: {ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا}، وقول الشاعر:
إذا ما أتيت بني مالكٍ ..... قسلِّم على أيهم أفضلُ
لمعنى مذكور في كتب النحويين، أو في الصلة إذا كان فيها طولٌ كقوله: «ما أنا بالذي قائل لك سوءً»، أو في نادرٍ من كلامٍ، كقراءة من قرأ: {مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} و{تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ} برفع «بعوضة» و«أحسن»، وأما غيرُ ذلك فلا، وإن "الكاف" في غير الموضعين يُحتمل أن تكون اسمًا، وأن تكون حرفًا.
والصحيحُ عندي من هذه الأقوال أن تكون حرفًا إلا إذا قام الدليل القطعي على الاسمي من كونها فاعلةً لا غيرُ، أو مجرورةً لا غيرُ، في مثل الأبيات المذكورة، وفي مثل قول الآخر:
قليلُ غرار النوم حتى تقلَّصوا ..... على كالقطا الجوني أفزعهُ الزجرُ
وقول الآخر:
أبيتُ على مي كئيبًا وبعلها ..... على كالنقا من عالجٍ يتبطح
في هذه الأبيات قد دل الدليل على اسميتها كما ذُكر.
وأما ما كان من نحو قولك: «زيدٌ كعمرو» فحملها على الحرفية وتكون جارة، وهي وما بعدها في موضع خبر المبتدأ محذوفًا، أحلا محله، عاملًا فيهما، كسائر حروف الجر مع ما بعدها بعد المبتدآت، فإذا قلت: زيدٌ من بني تميم والمال لك، وزيد في الدار، وشبه ذلك، فالخبر للمبتدأ مقدرٌ من الكون والاستقرار الشاملين جميع الأفعال، تقديره: كائن أو مستقر، وبه يتعلق الجار والمجرور وأحلا محله، فكذلك في الكاف إذا قلت: «زيد كعمروٍ» فالتقدير: زيد كائن كعمرو.
فإن قيل: فيلزمك على هذا في الأبيات المتقدمة أن يكون المعمول محذوفًا وتكون
"الكاف" وما بعدها حرف جر ومجرورًا في موضع الصفة للمحذوف الذي هو المعمول في الأصل، كما كان ذلك في خبر المبتدأ، فيكون التقدير في البيت الأول: شيء كالطعن، وفي الثاني: أحد كفاخر، وفي الثالث: بفرسٍ كابن الماء، وفي الرابع: بفرس كالهراوة، وفي الخامس: على نوقٍ كالقطا، وفي السادس: على سرير كالنقا، ويكون البابُ للحرفية مطلقًا.
فالجوابُ أنه إذا قدر ذلك في الأبيات وما كان نحوها امتنع لوجهين:
أحدهما: أنا لو جعلنا
"الكاف" حرفًا لاحتجنا إلى محذوفين: المعمول وصفته التي يتعلق بها الجار وهو كائن أو مستقر، وذلك إجحافٌ وغير جائزٍ.
والثاني: أنه لا يُحذف الموصوف وتقام صفته مقامه إلا إذا كان مختصًا معلومًا، وكان اسمًا خالصًا، فإن جاء الجار والمجرور صفة فشاذ كقوله:
جعلت لها عودين من ..... نشمٍ وآخر من ثمامه
أراد: عودًا من نشم، وقوله:
فريقان منهم جازعٌ بطن نخلة ..... وآخر منهم قاطعٌ نجد كبكب
أراد: فريق منهم، ولا يُعول عليه.
وقد تكون
"الكاف" جارة غير زائدةٍ، ولا تكون للتشبيه بل بمعنى "الباء" أو "على"، كقول العجاج حين قيل له: كيف أصبحت، فقال: كخيرٍ، بمعنى: بخيرٍ أو "على" خير، فلا يعول على ذلك لشذوذه.
وأما قول العرب: «كن كما أنت» فقال أبو الحسن الأخفش: معناه كن على فعلٍ هو أنت، وهذا فاسدٌ لتفسير الفعل بالذات، وإنما هو بمعنى: كن الآن على صفة كنت عليها قبلُ، فالتقدير: كن مماثلًا الآن كما كنت قبلُ، وحذفت الصفة، وأقيم الموصوف مقامها،
"فالكاف" على بابها من التشبيه، ومنه قوله تعالى: {كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ} على القسمين ونحوه.
وكان الأصل في «كن كما أنت»: كن كك، فلما كانت
"الكاف" لا تدخل على المضمر فُصل بين المضاف والمضاف إليه بـ "ما" فكفت "الكاف" عن العمل، فرجع الضمير المجرور مرفوعًا لانفصاله.
ولك فيه وجهٌ آخر وهو أحسن، وهو أن يكون الأصل: كن كما كنت، فحذفت
"كان" وانفصل الضمير لحذفها، كما قال الشاعر:
.... .... .... .... ..... فتتركنا الأيام وهي كما هيا
ويكونُ حذف "كان" وإقامةُ الضمير المتصل فيصير منفصلًا، كقول الشاعر:
أيا خُراشة أما أنت ذا نفرٍ ..... فإن قومي لم تأكلهم الضبعُ
وإنما كان هذا الوجه أحسن من الأول، لأن "كان" كثيرًا ما تُحذف، فاعلم.
القسم الجارة الزائدة لها ثلاثةُ مواضع:
الموضع الأول: أن يكون دخولها كخروجها، نحو قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}، وقول الشاعر:
فصيروا مثل كعصفٍ مأكول
وقول الآخر:
وصاليات ككما يؤثفين
و"الكاف" في جميع هذه المواضع زائدةٌ لاستغناء الكلام عنها للتأكيد، لأن معناها معنى "مثل" وهي لا تتعلق بشيءٍ، وإنما خفضت بالتشبيه لغير الزائدة كما ذكر في "الباء" في بابها، ولا يجوز أن تُحمل هنا على أنها اسمٌ لفساد المعنى، لأن التقدير يكون: «ليس "مثل" مثله» فيثبت لله تعالى "مثلُ"، وينفى عنه مثل آخر، وهذا ظاهر.
وأما
"الكاف" في "ككما" فيحتمل أن تكون "الكاف" الأولى الزائدة، ويحتمل أن تكون الثانية، والأحسنُ أن تكون الأولى؛ لأن الثانية [هي] العاملة التي تلي المعمول فقويت في الثبوت، ويجوز أن تكون الثانية وهو الأظهر كما تقدم، واجتمعت مع حرفٍ آخر مثلها كقوله:
.... .... .... .... ..... ولا للما بنا أبدًا دواء
ويجوز أن تكون اسمًا لدخول حرف الجر عليها فتكون مثل «بكابن الماء».
وأما قوله: «مثل كعصفٍ» فهي ها هنا زائدةٌ بين المضاف والمضاف إليه، بمنزلة
"ما" و"لا" في نحو قوله:
أيا طعنة ما شيخٍ ..... كبيرٍ يفنٍ بالي
وقول الآخر:
وشمية لا وانٍ ولا واهن القوى ..... .... .... .... ....
وقد خولف في هذه المواضع، والصحيح ما ذكرتُ لك.
ومما اتفق على الحرفية فيه قولُ الشاعر:
إلا كناشرة الذي ضيعتم ..... كالغصن في غلوائه المتنبت
وقوله:
إلا كمعرضٍ المحسر بكره ..... عمدًا، يُسببني على الظلم
وقوله:
إلا كخارجة المكلف نفسه ..... .... .... .... ....
فـ "إلا" في هذه الأبيات بمعنى "لكن" لأنه استثناء منقطع و"الكاف" زائدةٌ دخولها كخروجها.
و
"الكاف" في هذين القسمين لا تجر إلا الظاهر، ولا تجر المضمر إلا في الضرورة كقوله:
فلا أرى بعلًا ولا حلائلا ..... كه ولا كهن إلا حاظلا
الموضع الثاني: قولهم: «له علي كذا وكذا درهمًا»، فـ "ذا" في الأصل اسم إشارةٍ و"الكافُ" زائدةٌ، إلا أنهما ركبتا تركيبًا واحدًا، وجعلتا كناية عن العدد، فإذا قال القائل: «كذا دراهم» حُمل على ثلاثة لأنه أقل العدد المضاف إلى الجمع، ويقع عليه إلى العشرة، وإذا قال: «كذا درهم» حُمل على المائة التي هي أقلُّ العدد المضاف إلى المفرد ويقع على "الألف"، وإذا قال: «كذا درهمًا»، حمل على العشرين، لأنها أقل العدد المفسر بواحدٍ منصوبٍ إلى التسعين، وإذا قال: «كذا كذا درهمًا» حُمل على أحد عشر لأنها أقلُّ العدد المركب، وإذا قال: «كذا وكذا درهمًا» حُمل على واحدٍ وعشرين لأنه أقل العدد المعطوف إلى التسعة والتسعين، وإذا قال: «كذا كذا درهم»، حُمل على ثلاثمائة، لأنه أقلُّ العدد المضاف إلى المفرد، وهكذا تُعتبر هذه الكنايات في الإقرار فاعلمه.
وهي كناية مبهمةٌ مركبة في الأصل كـ "حبذا" بمعنى المحبوب، والأصل فيه: أحب أو حب و"ذا" التي للإشارة، رُكبا وجعلا بمنزلة لفظٍ واحدٍ جار على المذكر والمؤنث والمفرد والتثنية والجمع، لا فرق بينهما إلا من جهة الكناية وعدمها.
ولا تتعلق
"الكاف" بشيءٍ لجعلها مع ما بعدها كلفظ واحد، وإنما حكمنا عليها بالتركيب لوجود كل واحدٍ منهما على انفرادً قبل هذه الكناية فاعلم.
الموضع الثالث: قولهم: «كائن من رجل عندك»، ومنه قوله تعالى: {وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا}، وقول الشاعر:
وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٍ ..... زيادته أو نقصه في التكلم
وقول الآخر:
وكائن بالأباطح من صديقٍ ..... يراني لو أصبتُ هو المصابا
ومعناها معنى "كم" فهي كنايةٌ عن عددٍ مبهمٍ واقعٍ على جميع المعدودات ومعناها التكثير، فهي كـ "كم" الخبرية في نحو قوله:
وكم دون بيتك من صحصحٍ = وكثبان رملٍ وأعقادها
وهي مركبةٌ من "كاف" التشبيه المذكورة و"أي" الاستفهامية، إلا أنهما جعلا لفظًا واحدًا بمنزلة "كم" المذكورة.
وإذا بقي المعنى في المركب على ما كان عليه قبله صح لنا أن ندعيه، وإذا لم يسغ لنا ذلك لم يصح لنا أن ندعيه، ألا ترى بعضهم قال:
"مهما" في الشرط مركبةٌ من "مه مه" بمعنى اكفف اكفف، وهذا معنى لا يصح بقاؤه في الشرط، فإذا جعلناها مركبة من "ما-ما" وأبدلنا "ألف" "ما" الأولى "هاء" صح لنا ذلك لأن معنى "ما" الشرطية موجودٌ في التركيب كما كان قبله.
وفي «كائن» لغات: إحداها ما تقدم، والثانية في قوله: «و"كائن" بالأباطع»، والثالثة "كأين"
"بهمزة" ساكنة بعدها "ياء" و"نون" على مثال «نأي»، والرابعة: "كيء" "بياء" ساكنةٍ بعدها "همزةٌ" و"نونٌ" "كشيءٍ"، والخامسة: "كيٍ" على مثال "طيٍ" "بياء" مشددة و"نون" بعدها، وهذه "النون" هي تنوينٌ "أي" المذكور أصلًا، فـ "كأين" هو أصل التركيب، ثم تصرفت العربُ فيها بالتقديم والتأخير والتخفيف لما كثر استعمالها، كما فعلوا بـ «ايمن الله» حين فتحوا "همزتها" وكسورها، وحذفوا "نونها" و"ألفها" و"ياءها" وتركوها على حرفٍ واحدٍ، فلما سهلوا "همزتها" وصارت "ألفًا" بقيت "الياءُ" طرفًا فقلبوها "همزةً" لتقوى، كما فعلوا بكساء ورداء، ثم نقلوا "الهمزة" عن موضعها بالتقديم فقالوا: "كأين" ثم خففوا "الهمزة" بأن سهلوها "ياءً" وقالوا: "كيٍ"، ومن قال: "كأين" "كنأي" خفف فحذف "الياء" المدغمة وسكن "الهمزة"، وكلُّ ذلك ليردوا استعمالها كثيرًا في باب التكثير، كما فعلوا بـ «ايمن الله» كما ذُكر في القسم فاعلمه.


الموضع الثاني: من موضعي "الكاف" المفردة: أن تكون حرف خطابٍ لا موضع لها من الإعراب، إلا أنها أبدًا تُفتح للمذكر وتكسر للمؤنث، وتلحقها "ميم" التثنية و"ألفها" و"ميم" الجمع و"واوها" و"نون" جماعة المؤنث، كما يُفصل "بكاف" الضمير، وهي أبدًا تكون بعد الكلمة أو بعد ضمير الفاعل الضمير المتصل.
فأما التي بعد الكلمة فالتي بعد أسماء بالإشارة كلها، التي أصولها "ذا" للمذكر، و"ذي" و"تي" للمؤنث، و"ذان" للمذكرين و"تان" للمؤنثين و"أولى" مقصورة وممدودة لجميع المذكرين والمؤنثات، ثم قد تدخل "هاء" التنبيه عليها جُمع، ثم تدخل "كافُ" الخطاب المذكورة عليها آخرًا، ثم قد تدخُلُ "الهاءُ" و"الكافُ" معًا وهو قليل، ثم قد تدخل "اللامُ" زائدةً بينها وبين "الكاف" للتوكيد.
فإذا قلت: "ذاك" و"ذانك" و"ذينك" و"تيك" و"تانك" و"تينك" و"أولئك" فلا محل "للكاف" في ذلك كله من الإعراب، وإنما هي حرفٌ دال على الخطاب "كالتاء" في أنت وأنت وأنتما وأنتن.
وتلحق أيضًا هذه
"الكاف" في "هاءك" ممدودةً ومقصورة، بمعنى «خذ» وحكمها معها في الحرفية وإلحاق "الميم" و"الألف" و"الواو" و"النون" حكمُ التي بعد أسماء الإشارة.
وتلحق أيضًا في قولهم: «النجاءك» بمعنى انج، وحكمها حكمُ ما تقدم.
ومن العرب من يفتحُ
"الكاف" ويفردها بعد أسماء الإشارة سواءٌ كان المخاطب مذكرًا أو مؤنثًا مفردًا أو تثنيةً أو جمعًا، والأول أكثر.
وإنما حكمنا على هذه
"الكاف" بالحرفية وأنها لا موضع لها من الإعراب لكونها ليست صيغة ضمير مرفوع، وإنما هي صيغةُ ضميرً منصوبٍ كضربك، أو مخفوض كمررت بك، والنصب لاحظ له فيها بعد أسماء الإشارة لأنها ليست عوامل في المفعول به، وبعد "ها" لأن مفعولها يأتي بعد ذلك فتقول: "هاك" درهمًا، ولا تحتاج إلى مفعولين، وإنما تتعدى إلى واحدٍ لا غير، وبعد «النجاء» لأنها في معنى انجُ فهي لا تتعدى.
ولا يصح الخفض بعد أسماء الإشارة بالإضافة لأنها معارفُ بالإشارة، فبطل العمل جملةً، فلم يكن لها محلٌّ من الإعراب فهي حرف.
وأما
"الكافُ" التي بعد الضمير في قولهم: «أرأيتك زيدًا ما صنع» [ف] المعنى: أرأيت زيدًا ما صنع، وفي قولهم: لستك زيدًا، المعنى: لست زيدًا،"الكاف" في هاتين حرفُ خطابٍ أيضًا لا محل لها من الإعراب، إذ لا يصحُ أن تكون صيغة الضمير المرفوع، ولا تكون في موضع نصبٍ لأن منصوبي أرأيت بعد "الكاف"، وهما زيدًا ما صنع، وخبر ليس أيضًا بعدها، وهو زيدًا.
ولا يصح أن يكون بدلًا من
"الكاف" على أن تكون خبر"ليس"، لأن المخاطب واضح فلا يبدل منه لوضوحه، ولا يصح أن تكون "الكاف" في موضع خفض لأنه لا عامل خفض قبلها يخفضها، فلما بطل العمل جملة صحت حرفيتها في الموضعين، فاعرفه وبالله التوفيق). [رصف المباني: 195 - 208]


رد مع اقتباس