الموضوع: كي
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 01:20 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "كي"
اعلم أن لـ "كي" في كلام العرب موضعين:
الموضع الأول: أن تكون حرفًا جارًا، نحو قولهم إذا استفهموا عن شيءٍ: "كيمه؟" أي: لأن سبب فعلت، أو لأي علةٍ فعلت، ولم تجيء جارةً إلا مع "ما" الاستفهامية المذكورة خاصة فمعناها السببية كمعنى "اللام"، [و] ذلك إذا قالوا: "لم" جئت؟ ونحوه.
فعلى هذا إذا دخلت على الأفعال المضارعة ولم تدخل عليها "اللام" ولا أرادها المتكلم انتصب ما بعدها بإضمار "أن" فإذا قلت: جئتك
"كي" تكرمني، فمعناه لإكرامي، والتقدير لأن تكرمني، و"أن" وما عملت فيه في موضع المصدر المخفوض كأنك قلت: جئتك لإكرامي، قال الله تعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ}، فـ "لا" نافيةٌ زائدةٌ هنا.

الموضع الثاني: أن تكون حرف نصبٍ بنفسها، وذلك إذا دخلت عليها "اللام" الجارة أو أريدت، كقولك: جئتك "لكي" أكرمك، المعنى: لأن أكرمك، "فكي" هنا بمعنى "أن"، وهي وما عملت فيه في موضع مصدر مخفوض "باللام"، التقدير: «لأن أكرمك» والمعنى لإكرامك، قال الله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ}، وقال الشاعر:
أردت لكيما يعلم الناس أنها ..... سراويلُ قيسٍ والوفودُ شهودُ
فإذا لم تدخل عليها "اللام" احتملت أن تكون الأولى الخافضة المقدرة "باللام" فتنصب ما بعدها بإضمار "أن" وأن تكون الثانية الناصبة بنفسها، المقدرة بـ "أن"، نحو: جئتك "كي" تكرمني.
وربما دخلت عليها "اللام" و"أن" بعدها زائدة شذوذً كقوله:
أردت لكيما أن تطير بقربتي ..... فتتركها شنَّا ببيداء بلقع
وإنما قلنا: إنها إذا نصبت وهي بمعنى "اللام" بإضمار "أن" لوجهين:
أحدهما: أن معناها معنى "اللام" السببية وهي جارةٌ فلا يجوز دخولها على الفعل فتعمل فيه لاختصاصها بالأسماء والمختص لا يكون غير مختصٍ، فكما قالوا: "كيمه؟" كما قالوا: "لمه؟" لم يجز نصبها للأفعال بنفسها، فإذا أضمرنا فلا يُضمر إلا ما يُصير بعده مصدرًا، وذلك إما "ما" وإما "أن" فلما ظهر النصبُ بطل إضمارُ "ما" إذ لا تنصبُ ويبقى إضمارُ "أن" إذ هي ناصبةٌ وتصير ما بعدها مصدرًا مخفوضًا "بكي"، فيبقى الاختصاص بالأسماء فيها كما كان.
والوجه الثاني: أنا قد وجدنا أن بعدها "أن" تليها في بعض المواضع كما قال الشاعر:
.... .... .... .... ..... .... كيما أن تغر وتخدعا
أي لأن تغر وتخدعا.
وإنما حكمنا أن
"كي" تنصب بنفسها في الموضع الثاني لأن الأصل في كل ما ولي شيئًا وطلبه، وأثر فيه العمل أن يُحكم بالعمل له ما لم يمنعه مانعٌ من اختصاصٍ أو غيره، و[وجب] تقدير "اللام" قبلها لأنها لا يستقيم تقدير غير [ها]، إذ تظهر قبلها في بعض المواضع، كما ذكر في قوله تعالى: {لِكَيْلَا تَأْسَوْا}، وكثيرًا ما يُحذف حرفُ الجر مع "أن"، ولما كانت "كي" ... جاز إضمارها معها كما يجوز مع "أن" فتأمله.
واعلم أنه بقي من باب "الكاف" المركبة لفظٌ واحدق وهو "كان" الزائدة في قوله:
سراةُ بني أبي بكرٍ تساموا ..... على – كان – المسومة العراب
وفي قولهم في التعجب: «ما "كان" أحسن زيدًا»، وقد تقدم الكلام عليها مع «"أصبح" و"أمسى"» في آخر أبواب "الهمزة"، فانظر إليه هناك والله الموفق). [رصف المباني:215 - 217]


رد مع اقتباس