الموضوع: كي
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 01:26 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)

الباب الثاني: في الحروف الثنائية
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الثاني: في الحروف الثنائية وهي التي كل واحدٍ منها على حرفين من حروف الهجاء بالوضع، واعلم أن جماعة لم تتعرض لها وهم أكثر النحاة ومنها طائفة لم يتعرضوا لها عند عدهم الحروف ونبهوا عليها في أماكن أخرى، ونحن نأتي إن شاء الله تعالى على عدّ جميعها ونذكر في كل واحد منها ما يليق ذكره بهذا التعليق، ونستمد من الله سبحانه حسن التوفيق، فنقول: إن جملة الحروف الثنائية التي اسقصينا حصرها ثلاثون حرفًا منها ما لم تجر عادتهم بذكره بين الحروف وهي ستة: "النون" الشديدة للتأكيد، و"الألف" و"النون" في نحو: يفعلان الزيدان، وتفعلان المرأتان، و"الواو" و"النون" في: يفعلون الزيدون إذا أسندت إلى الظاهر المرتفع بعدهما بالفاعلية على لغة أكلوني البراغيث، أي: قول من يجعل هذه العلامة للدلالة على نوعية الفاعل "كتاء" التأنيث الدالة على تأنيثه، ولفظة "نا"، و"كم"، و"ها"، الملحقة "بأيا" ضمير النصب المنفصل على رأي سيبويه في جعل المردفات حروفًا دالة على التفريع فإذا طرحنا هذه الستة بقي جميع الحروف المتداولة بين النحاة أربعة وعشرون حرفًا، وهي على حالتين كما قدمناه، فإنها إمَّا أن تكون حروفًا محضة، أي: تقع في جملة مواقعها وقاطبة استعمالاتها إلا حروفًا، وإمَّا أن تكون مشتركة بين الاسمية والحرفية، ولا يجوز أن يشارك الحرف الثنائي شيئَا من الأفعال لما تقدم من أنه لم يوضع فعل على أقل من ثلاثة أحرف أصول، فلذلك وضعنا هذا الباب أيضًا على نوعين: ملازم لمحض الحرفية، وغير ملازم، والله الموفق). [جواهر الأدب: 85]

النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الأول: الحروف المحضة التي لا تشارك شيئًا من القسمين الآخرين وهي ثمانية عشر حرفًا، وذكرها على مقتضى الترتيب الطبيعي والاصطلاحي هو هكذا "آ" "أو" "أم" و"إن" و"أن" و"أو" و"أي" و"إي" و"بل" و"في" و"كي" و"لا" و"لم" و"لن" و"لو" و"من" و"هل" و"وا" و"ما" ونحن نذكر كل واحدٍ من هذه الحرف في فصل مفرد على هذا الترتيب المذكور ونذكر في كل فصل منها ما نرى ذكره لائقًا بذلك الموضع مستمدين من الله سبحانه ولطفه حسن التوفيق ومتوكلين على كرمه في إصابة الحق بالتحقيق إن شاء الله تعالى). [جواهر الأدب: 85 - 86]

الفصل العاشر: حرف "كي"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل العاشر: من أول نوعي الحروف الثنائية الذي لا تقع إلا حرفًا هو:
حرف "كي": اعلم أنها تفيد التعليل ولها موقعان:
أحدهما: أن تكون فيه حرف جر فتفيد ما تفيده "لام" التعليل، واستدلوا على كونها جارة بحذف "ألف" "ما" الاستفهامية معها في الاستفهام، كقولهم: "كيم"، كما قالوا: "يم"، و"لم"، و"قيم"، و"عم"، ولا تحذف إلا مع ما يجر، كما يأتي في النوع الثاني، وإذا كانت حرف جر فلا تدخل إلا على اسم صريح أو مؤول به، ولذلك نصبوا بعدها المأول بتقديران لتبقى مع صلتها بمنزلة الاسم الصريح، فيقال: حيث "كي" تكرمني، أي: لإكرامك "إياي"، وهذا مما يشهد "لكي" أنها جارة أيضًا، وينصب المضارع بعدها كما ينصب بعد غيرها من حروف الجر، لكن بتقديران، وذهب الكوفيون إلى أنها ناصبة بنفسها، وتابعهم في ذلك جماعة من البصريين، واستدل من قدر أن بعدها يوردها بعدها ظاهرة في قول الشاعر:
فقالت: أكل الناس أصبحت مانحا ..... لسانك كيما أن تغر وتخدعا
وثانيهما: أن تكون حرفًا مصدريًا فتكون مع ما بعدها من الجملة في حكم المصدر، وذلك عند دخول "اللام" الجارة عليها، كقولك: جئت "لكي" تكرمني، أي: لإكرامك "إياي"، وحينئذٍ يجب أن تكون ناصبة بنفسها لاستبعاد دخولها حينئذٍ على "أن" المصدرية، وجعلها حرف جر لدخول "اللام"، ومنع دخول حرف جر على مثله فيكون النصب بها نفسها فإذا قلت: جئتك "كي" تكرمني أمكن أن تقدر في الكلام "لام" جارة فتكون مصدرية وتنصب بنفسها، وأن تقدر جارة وتقدر بعدها "أن" ناصبة، وقد ورد قول الشاعر:
أردت لكيما أن تطير بقربتي ..... فتتركها شنا ببيداء بلقع
ويلزم منه أحد المحذورين إمَّا دخول حرف الجر على مثله، أو حرف مصدري على مثله، فاختار الفراء جعل "كي" مصدرية مؤكدة "بأن" لقربها من الاسمية بكونها موصولة، وبعد التأكيد إنما هو في الحروف الجارة، ورجحه أيضًا صاحب التسهيل وقال سهله: إنه ليس بإعادة لفظ الأول بل بمرادفه فإنه مستحسن قوله تعالى: {سبلًا فجاجًا}، وقولنا: زيد كمثل عمر وأحسن من زيد ككعمر، مع أنه ممتنع، وقد ورد اجتماع المصدريتين في قول أمير المؤمنين علي رضي الله عنه: «ما كان عليك لو صمت لله أيامًا وتصدقت بصاع من طعامك محتسبًا».

تنبيه: قد تحذف "الفاء" من "كيف" ويقع بعدها الفعل المضارع مرفوعًا، كقول الشاعر:
كي تجنحون إلى سلم وما ثئرت ..... قتلاكم ولظى الهيجاء تضطرم
فيظن أنها الناصبة وقد أهملت إمَّا ضرورة أو على قول من يهملها، وليست إياها، وكذلك لو دخلت على فعل ماض أو اسم؛ لأنها لا تقيد معهما التعليل، وأنشد أبو علي قول الشاعر:
وطرفك أما زرتنا فاصرفنه ..... كما يحسبوا أن الهوى حيث تُنظر
وزعم أن أصل "كما""كي" "ما"، حذفت ياؤه ونصب بها الفعل كما كانت تنصب لو لم يتلها حذف، وإعمال "كي" مع زيادة "ما" عليها غريب؛ لأن أن يضعف عملها مع زيادة "ما" عليها وهي أصل نواصب الفعل، بل عمل إن المشبهة التي عملت أن لشبهها ضعيف "رب"، فالأولى أن يجعل حذف "النون" من الفعل لضرورة الشعر لا نصبًا "بكي"؛ لأن ذلك كثير، فالقول به أولى، والله أعلم). [جواهر الأدب: 111 - 112]


رد مع اقتباس