الموضوع: لات
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 08:27 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("لات"
حرف نفي، أصله "لا"، ثم زيدت عليها "التاء" كما زيدت في "ثمت" و"ربت". هذا مذهب الجمهور. وقيل: هي مركبة من "لا" و"التاء". فلو سميت بها حكيت.
وقال ابن أبي الربيع: "لات" أصلها "ليس". فقلبت "ياؤها" "ألفاً"، وأبدلت "سنيها" "تاء"، كراهة أن تلتبس بحرف التمني. ويقويه
قول سيبويه إن اسمها مضمر فيها، ولا يضمر إلا في الأفعال.
وذهب ابن الطراوة إلى أن "التاء" متصلة "بالحين" الذي بعدها، لا بها وهو مذهب أبي عبيد. قال: ولم نجد في كلام العرب "لات". وذكر أن "التاء" في الإمام متصلة "بحين"، كتبت [ولا تحين مناص]. قال الزمخشري: وأما قول أبي عبيد. إن "التاء" داخلة على "حين" فلا وجه له. واستشهاده بأن "التاء" ملتزقة "بحين" في الإمام لا متشبث به. فكم وقعت في المصحف أشياء خارجة عن قياس الخط.
قلت: وقد ورد دخول "التاء" على الأحيان في قول ابن عمر اذهب بها تلآن إلى أصحابك. وقول الشاعر:
تولي، قبل يوم بين، جمانا ... وصلينا، كما زعمت، تلانا
وقول الآخر:
العاطفون، تحين ما من عاطف ... والمطعمون زمان أين المطعم؟
وزعم بعض النحويين أن "التاء" في تلان بدل من "ألف" الوصل. وهو زعم لا يصح. وأول بعضهم "تحين" على أنه أراد: "لات" "حين"، فحذف "لا" وأبقى "التاء" دالة عليها. وقيل: أراد العاطفونه "بهاء" السكت، ثم أثبتها وصلاً، وحركها مبدلة "تاء"، تشبيهاً "بهاء" التأنيث. وهذا بعيد جداً. وقول أبي عبيد: ولم نجد في كلام العرب: "لات" معارض بنقل الخليل، وسيبويه، وغيرهما من الأئمة.
واختلف النحويون في "لات"، فقيل: لا عمل لها. ونقل عن الأخفش، وما ينتصب بعدها عنده منصوب بفعل مضمر، تقديره: و"لا" أرى "حين" مناص. ونقل صاحب البسيط عن السيرافي أنه قال في {ولات حين مناص}: هو على الفعل، أي: و"لات" أراه "حين" مناص. وقيل: تعمل عمل "إن". وهو مذهب الأخفش. وهي عنده "لا" النافية للجنس، زيدت عليها "التاء"، و"حين" مناص اسمها، والخبر محذوف، أي: لهم، ونحوه. وقال سيبويه، ومن وافقه: تعمل عمل "ليس". وهي على هذا "لا" المشبهة "بليس"، زيدت عليها "التاء".
ولم يسمع الجمع بين اسمها وخبرها. بل الأكثر أن يحذف اسمها، ويبقى خبرها. كقوله تعالى: {ولات حين مناص}، والتقدير: "ليس" "الحين" "حين" مناص. وقد يحذف خبرها، ويبقى الاسم، كقراءة بعضهم [ولات حين مناص] بالرفع. والتقدير: و"لات" "حين" مناص حيناً لهم. وعلى قول الأخفش، فالمرفوع بعدها مبتدأ وخبره محذوف.
وإذا وقعت "لات" قبل هنا، كقول الشاعر:
حنت نوار، ولات هنا حنت ... وبدا الذي كانت نوار أجنت
ففيها خلاف: ذهب الفارسي إلى أنها مهملة، لا اسم لها ولا خبر. وهنا في موضع نصب على الظرفية، لأنه إشارة إلى مكان. وحنت مع أن مقدرة قبله في موضع رفع بالابتداء، والتقدير: ولا هنالك حنين. وقيل: هنا اسم "لات"، وحنت خبرها، على تقدير مضاف، أي: "ليس" ذلك الوقت "حين" حنين. وهو اختيار ابن عصفور، وشيخه أبي على الشلوبين. ورده ابن مالك بأن هنا من الظروف التي لا تنصرف، فلا تخرج عن الظرفية، إلا بأن تجر "بمن" أو "إلى".

فائدة
قرئ {ولات حين مناص} بفتح "التاء"، وضمها، وكسرها.
والفتح هو المشهور. والوقف عليها "بالتاء" عند سيبويه، والفراء، وابن كيسان، والزجاج. وبه وقف أكثر القراء. و"بالهاء" عند الكسائي، والمبرد. وبه قرأ الكسائي. وقرئ "حين" مناص بالنصب والرفع والجر، فالنصب والرفع تقدم توجيههما. وأما الجر فوجهه ما حكاه الفراء، أن من العرب من يخفض "بلات". وأنشد:
طلبوا صلحنا، ولات أوان ... فأجبنا أن ليس حين بقاء
وقال الزمخشري: فإن قلت: ما وجه الكسر في "أوان"؟ قلت: مشبهة "بإذ" في قوله:
وأنت، إذ، صحيح
في أنه زمان قطع منه المضاف إليه، وعوض التنوين، لأن الأصل و"لات" "أوان" صلح. فإن قلت: فما تقول في "حين" مناص، والمضاف إليه قائم؟ قلت: نزل قطع المضاف إليه من مناص، لأن أصله: "حين" مناصهم، منزلة قطعة من "حين"، لاتحاد المضاف والمضاف إليه. وجعل تنويه عوضاً من الضمير المحذوف. ثم بني "الحين" لكونه مضافاً إلى غير متمكن. انتهى.
وما ذكره في "لات" "أوان" هو تخريج الزجاج، وغيره. وفيه بعد. وما ذكره في "لات" "حين" مناص أبعد. وخرج الشيخ أبو حيان هذه القراءة، والبيت أيضاً، على إضمار من، أي: "لات" من "حين"، و"لات" من "أوان". وخرج الأخفش و"لات" "أوان" على إضمار "حين"، أي: و"لات" "حين" "أوان". فحذف "حين"، وابقى "أوان" على جره. والله سبحانه أعلم). [الجنى الداني:485 - 491]


رد مع اقتباس