الموضوع: لات
عرض مشاركة واحدة
  #6  
قديم 23 ذو الحجة 1438هـ/14-09-2017م, 08:30 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("لات"
"لات": اختلف فيها في أمرين.
أحدهما: في حقيقتها، وفي ذلك ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنّها كلمة واحدة فعل ماض، ثمّ اختلف هؤلاء على قولين:
أحدهما: أنّها في الأصل بمعنى نقص من قوله تعالى: {لا يلتكم من أعمالكم شيئا}، فإنّه يقال "لات" "يليت"، كما يقال "ألت" "يألت"، وقد قرئ بهما، ثمّ استعملت للنّفي، كما أن قل كذلك قاله أبو ذر الخشني.
والثّاني: أن أصلها "ليس" بكسر "الياء"، فقلبت "الياء" "ألفا" لتحركها وانفتاح ما قبلها، وأبدلت "السّين" "تاء".
والمذهب الثّاني: أنّها كلمتان "لا" النافية، و"التّاء" لتأنيث اللّفظة، كما في "ثمت" و"ربت"، وإنّما وجب تحريكها لالتقاء الساكنين، قاله الجمهور.
والثّالث: أنّها كلمة، وبعض كلمة، وذلك أنّها "لا" النافية و"التّاء" زائدة في أول "الحين"، قاله أبو عبيدة وابن الطراوة، واستدلّ أبو عبيدة بأنّه وجدها في الإمام، وهو مصحف عثمان رضي الله عنه مختلطة "بحين" في الخط ولا دليل فيه، فكم في خطّ المصحف من أشياء خارجة عن القياس.
ويشهد للجمهور أنه يوقف عليها "بالتّاء" و"الهاء"، وأنّها رسمت منفصلة عن "الحين"، وأن "التّاء" قد تكسر على أصل حركة التقاء الساكنين، وهو معنى قول الزّمخشريّ، وقرئ بالكسر على البناء "كجير" انتهى. ولو كان فعلا ماضيا لم يكن للكسر وجه.
الثّاني: في عملها، وفي ذلك أيضا ثلاثة مذاهب:
أحدها: أنّها لا تعمل شيئا، فإن وليها مرفوع فمبتدأ حذف خبره، أو منصوب فمفعول لفعل محذوف، وهذا قول للأخفش، والتّقدير عنده في الآية "لا" أرى "حين" مناص، وعلى قراءة الرّفع، و"لا" "حين" مناص كائن لهم.
والثّاني: أنّها تعمل عمل "إن"، فتنصب الاسم، وترفع الخبر، وهذا قول آخر للأخفش.
والثّالث: أنّها تعمل عمل "ليس"، وهو قول الجمهور.
وعلى كل قول لا يذكر بعدها إلّا أحد المعمولين، والغالب أن يكون المحذوف هو المرفوع.
واختلف في معمولها، فنص الفراء على أنّها لا تعمل الا في لفظة "الحين"، وهو ظاهر قول سيبويه، وذهب الفارسي وجماعة إلى أنّها تعمل في "الحين" وما رادفه.
قال الزّمخشريّ زيدت "التّاء" على "لا"، وخصت بنفي الأحيان.

تنبيه
قرئ {ولات حين مناص} بخفض "الحين"، فزعم الفراء أن "لات" تستعمل حرفا جارا لأسماء الزّمان خاصّة، كما أن "مذ" و"منذ" كذلك،
وأنشد:
طلبوا صلحنا ولات أوان ...
وأجيب عن البيت بجوابين:
أحدهما: أنه على إضمار من الاستغراقية، ونظيره في بقاء عمل الجار مع حذفه وزيادته، قوله:
ألا رجل جزاه الله خيرا ...
فيمن رواه بجر رجل.
والثّاني: أن الأصل و"لات" "أوان" صلح، ثمّ بنى المضاف لقطعه على الإضافة، وكان بناؤه على الكسر لشبهه بنزال وزنا، أو لأنّه قدر بناؤه على السّكون، ثمّ كسر على أصل التقاء الساكنين، "كأمس" و"جير" و"نون" للضّرورة، وقال الزّمخشريّ للتعويض كيومئذ.
ولو كان كما زعم لأعرب؛ لأن العوض ينزل منزلة المعوض منه، وعن القراءة بالجواب الأول وهو واضح، وبالثّاني وتوجيهه
أن الأصل "حين" مناصهم، ثمّ نزل قطع المضاف إليه من مناص منزلة قطعه من "حين" لاتّحاد المضاف والمضاف إليه، قاله الزّمخشريّ وجعل التّنوين عوضا عن المضاف إليه، ثمّ بنى "الحين" لإضافته إلى غير متمكن انتهى.
والأولى أن يقال إن التّنزيل المذكور اقتضى بناء "الحين" ابتداء، وإن المناص معرب وإن كان قد قطع عن الإضافة بالحقيقة، لكنه ليس بزمان فهو "ككل" و"بعض"). [مغني اللبيب: 3 / 356 - 366]


رد مع اقتباس