الموضوع: لَمَّا
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 12:18 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("لما"
حرف له ثلاثة أقسام:
الأول: "لما" التي تجزم الفعل المضارع. وهي حرف نفي، تدخل على المضارع فتجزمه، وتصرف معناه إلى المضي، خلافاً لمن زعم أنها تصرف لفظ الماضي إلى المبهم. وتقدم ذكر الخلاف في "لم"، فلا حاجة لإعادته. فإن الكلام عليهما واحد. وتقدم ذكر الفروق التي بين "لم" و"لما". واختلف في "لما"، فقيل: مركبة من "لم" و"ما". وهو مذهب الجمهور. وقيل: بسيطة.
الثاني: "لما" التي بمعنى "إلا". ولها موضعان:
أحدهما: بعد القسم، نحو: نشدتك بالله "لما" فعلت، وعزمت عليك "لما" ضربت كاتبك سوطاً. قال الراجز:
قالت له: بالله، يا ذا البردين ... لما غنثت نفساً، أو اثنين
وثانيهما: بعد النفي، ومنه قراءة عاصم وحمزة:{وإن كلما جميع، لدينا، محضرون}،{وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا}، أي: ما كل "إلا" جميع، وما كل ذلك "إلا" متاع الحياة الدنيا.
و"لما" التي بمعنى "إلا" حكاها الخليل، وسيبويه، والكسائي. وهي قليلة الدور في كلام العرب. فينبغي أن يقتصر فيها، على التركيب الذي وقعت فيه. وزعم أبو القاسم الزجاجي أنه يجوز أن تقول: "لم" يأتني من القوم "لما" أخوك، و"لم" أر من القوم "لما" زيداً. يريد: "إلا" أخوك، و"إلا" زيداً. قيل: وينبغي أن يتوقف في إجازة ذلك، حتى يرد في كلام العرب ما يشهد بصحته.
الثالث: "لما" التعليقية. وهي حرف وجوب لوجوب. وبعضهم يقول: حرف وجود لوجود، "بالدال". والمعنى قريب. وفيها مذهبان: أحدهما: أنها حرف. وهو مذهب سيبويه.
والثاني: ظرف بمعنى "حين". وهو مذهب أبي علي الفارسي. وجمع ابن مالك في التسهيل بين المذهبين، فقال: إذا ولي "لما" فعل ماض لفظاً ومعنى فهي ظرف بمعنى "إذ"، فيه معنى الشرط، أو حرف يقتضي، فيما مضى، وجوباً لوجوب.
والصحيح ما ذهب إليه سيبويه، لأوجه:
أحدها: أنها ليس فيها شيء، من علامات الأسماء.
والثاني: أنها تقابل "لو". وتحقيق تقابلهما أنك تقول: "لو" قام زيد قام عمرو، ولكنه "لما" "لم" يقم "لم" يقم.
والثالث: أنها لو كانت ظرفاً لكان جوابها عاملاً فيها، كما قال أبو علي. ويلزم من ذلك أن يكون الجواب واقعاً فيها، لأن العامل في الظرف يلزم أن يكون واقعاً فيه. وأنت تقول: "لما" قمت أمس أحسنت إليك اليوم. وقال تعالى: {وتلك القرى أهلكنا هم لما ظلموا}. والمراد أنهم أهلكوا بسبب ظلمهم، لا أنهم أهلكوا "حين" ظلمهم، لأن ظلمهم متقدم على إنذارهم، وإنذارهم متقدم على إهلاكهم.
والرابع: أنها تشعر بالتعليل، كما في الآية المذكورة، والظروف لا تشعر بالتعليل. وبهذا استدل ابن عصفور على حرفيتها.
والخامس: أن جوابها قد يقترن "بإذا" الفجائية، كقوله تعالى:{فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون}، وما بعد "إذا" الفجائية لا يعمل فيما قبلها.
واعلم أن "لما" هذه لا يليها إلا فعل ماض مثبت، أو منفي "بلم". وقد تزاد "أن" بعدها، كقوله تعالى: {فلما أن جاء البشير}. وجوابها فعل ماض مثبت، نحو: "لما" قام زيد قام عمرو. أو منفي "بما"، نحو: "لما" قام زيد "ما" قام عمرو. أو مضارع منفي "بلم" نحو: "لما" قام زيد "لم" يقم عمرو. أو جملة اسمية مقرونة "بإذا" الفجائية، كما تقدم.
وزاد ابن مالك في التسهيل أن جوابها قد يكون جملة اسمية مقرونة "بالفاء"، وماضياً مقروناً "بالفاء"، وقد يكون مضارعاً. قال الشيخ أبو حيان: ولم يقم دليل واضح على ما ادعاه. وقد ذكرت ذلك في شرح التسهيل.
ويجوز حذف جواب "لما" للدلالة عليه، كقوله تعالى: {فلما ذهبوا به وأجمعوا} الآية، أي: فعلوا "ما" أجمعوا عليه {وأوحينا إليه}. والكوفيون يجعلون أوحينا جواب "لما"، و"الواو" زائدة.

تنبيه
الفرق بين أقسام "لما" الثلاثة، من جهة اللفظ، أن الجازمة لا يليها إلا مضارع، ماضي المعنى. والتي بمعنى "إلا" لا يليها إلا ماضي اللفظ، مستقبل المعنى. والتي هي حرف وجوب لوجوب لا يليها إلا ماضي اللفظ والمعنى، أو مضارع منفي "بلم". والله أعلم). [الجنى الداني:592 - 597]


رد مع اقتباس