الموضوع: حرف الواو
عرض مشاركة واحدة
  #14  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 07:03 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ)

(حرف "الواو")
قال أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ): ( (حرف "الواو")
"الواو" المفردة تنتهي أقسامها إلى أحد عشر:
الأول: العاطفة، ومعناها: مطلق الجمع، فتعطف الشيء على مصاحبه نحو: {فأنجيناه وأصحاب السفينة}، وعلى سابقه نحو: {ولقد أرسلنا نوحًا وإبراهيم}، وعلى لاحقه نحو: {وكذلك يوحى إليك وإلى الذين من قبلك} فإذا قيل: قام زيد وعمرو، احتمل ثلاثة معان.
قال ابن مالك وكونها للمعية راجح، وللترتيب كثير، ولعكسه قليل، وتنفرد عن سائر أحرف العطف بأحكام.
أحدها: احتمال معطوفها للمعاني الثلاثة.
الثاني: اقترانها "بإما"، نحو: {إما شاكرًا وإما كفورًا}.
والثالث: اقترانها "بلا"، إن سبقت بنفي، ولم تقصد المعية نحو: ما قام زيد
"و" "لا" عمرو، ولا يجوز: قام زيد "و" "لا" عمرو، وإنما جاز: {ولا الضالين}؛ لأن في غير معنى النفي.
والرابع: اقترانها "بلكن"، نحو: {ولكن رسول الله}.
والخامس: عطف العقد على النيف نحو: أحد
"و" عشرون.
والسادس: عطف ما لا يُستغنى عنه، كاختصم زيد
"و" عمرو، واشترك زيد "و" عمرو، وهذا من أقوى الأدلة على عدم إفادتها الترتيب.
والسابع: عطف عامل حذف، وبقي معموله على عامل آخر، كقوله:
وزججن الحواجب والعيونا،
أي: "و" كلحن العيون.
والثامن: عطف الشيء على مرادفه، نحو: {إنما أشكو بثي وحزني إلى الله}، وقول الشاعر.
وألفى قولها كذبًا ومينًا،
وزعم بعضهم أن الرواية: كذبًا مبينًا، فلا عطف ولا تأكيد.
وزعم ابن مالك أن ذلك قد يأتي في "أو"، ومنه: {من يكسب خطيئة أو إثمًا}، وزعم بعضهم أن "الواو" تأتي بمعنى "أو" أيضًا في التقسيم، كقولك: الكلمة اسم "و" فعل "و" حرف، وفي الإباحة نحو: جالس الحسن "و" ابن سيرين، قال أبو شامة: وزعم بعضهم أن "الواو" تأتي للتخيير مجازًا.
الوجه الثاني من أوجه
"الواو": أن تكون بمعنى "باء" الجر، كقولهم: بعت الشاء شاة "و" درهمًا.
الوجه الثالث:
"واو" الحال الداخلة على الاسمية، نحو: جاء زيد "و" الشمس طالعة، ومن ورودها على الجملة الفعلية قوله:
بأيدي رجال لم يشيموا سيوفهم ..... ولم تكثر القتلى بها حين سلت
ولو قدرت للعطف لانقلب المدح ذمًا.
الرابع:
"واو" المفعول معه، كسرت "و" النيل، وليس النصب بها خلافًا للجرجاني.
الخامس:
"الواو" الداخلة على المضارع فينتصب لعطفه على اسم صريح أو مؤول نحو: وليس عباءة "و" تقر عيني.
وقوله: لا تنه عن خلق
"و" تأتي مثله، والحق أنها "واو" العطف.
السادس:
"واو" القسم الجارة، ولا تدخل إلا على اسم مظهر، نحو:{والقرآن الحكيم}، و "واو" "رب"، كقوله: "و" ليل كموج البحر أرخى سدوله، هي أيضًا جارة، ولا تدخل إلا على نكرة، والصحيح أنها "واو" العطف، وأن الجر "برب" محذوفة خلافًا للكوفيين والمبرد.
السابع:
"واو" زائدة دخولها كخروجها، أثبتها الكوفيون والأخفش وجماعة، وحملوا عليه:{حتى إذا جاؤوها وفتحت أبوابها}، بدليل الآية الأخرى، وقيل: هي عاطفة، وإنما الزائدة "الواو" في:{وقال لهم خزنتها}.
الثامن:
"واو" الثمانية، ذكرها جماعة من الأدباء كالحريري، ومن النحويين الضعفاء كابن خالويه، ومن المفسرين كالثعلبي، وزعموا أن العرب إذا عدوا قالوا: ستة سبعة "و" ثمانية إيذانًا بأن السبعة عدد تام وأن ما بعده عدد مستأنف، واستدلوا على ذلك بآيات من جملتها: {وأبكارًا} في آية التحريم، ذكرها القاضي الفاضل، وتبجح باستخراجها، وقد سبقه إلى ذكرها الثعلبي، والصحيح أن هذه "الواو" وقعت بين صفتين هما: تقسيم لمن اشتمل على جميع الصفات السابقة، فلا يصح اسقاطها، و"واو" الثمانية عند القائل بها صالحة للسقوط.
التاسع: ضمير المذكور نحو:الرجال قاموا، وهي اسم، وقال الأخفش والمازني: هي حرف والفاعل مستتر، وقد تستعمل لغير العقلاء إذا نزلوا منزلتهم، نحو قوله تعالى:{يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم}، وذلك لتوجيه الخطاب إليهم، ومثل لها أبو سعيد: بأكلوني البراغيث إذا وصفت بالأكل أو القرص، وهذا سهو منه؛ لأن الأكل من صفات الحيوان العاقل وغير العاقل.
العاشر:
"واو" علامة المذكرين في لغة طي، أو أزد شنؤة، أو بلحارث، ومنه الحديث: «يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار»، وقوله: يلومنني في اشتراء النخيل قومي فكلهم ألوم، وهي عند سيبويه حرف دال على الجماعة، كما أن "التتاء" في قامت حرف دال على التأنيث.
وقيل: اسم مرفوع على الفاعلية، ثم قيل: ما بعدها بدل منها، وقيل: إن الفعل خبر مقدم، وكذا الخلاف في: قاما أخواك، وقمن النساء، وقد حمل بعضهم على هذه اللغة: {ثم عموا وصموا كثيرٌ منهم}، {وأسروا النجوى الذين ظلموا}، وجوز الزمخشري في: {لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ} كون من فاعلًا و
"الواو" وعلامة.
الحادي عشر:
"واو" الإشباع، وذلك كقوله: من حوثما سلكوا فانظور، أي: انظر، وحوثما لغة في حيثما، ومثلها "واو" القوافي، كقوله: سقيت الغيث أيتها الخيامو: و"الواو" في منو للحكاية، وهي أن يقول أحد: جاءني رجل، فتقول: منو، وإن قال: رأيت رجلًا قلت: منا، وإن قال: مررت برجل، قلت: مني، وإن قال: جاءني رجلان، قلت: منان، وإن قال: مررت برجلين، قلت: منين، بتسكين "النون" فيهما.
قال أبو البقاء في الكليات: وقد اختلفت كلمتهم في
"الواو" و"الوفاء" و"ثم" الواقعة بعد "همزة" الاستفهام، نحو قوله تعالى:{أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم}، فقيل: عطف على مذكور قبلها لا على مقدر بعدها، بدليل أنه لا يقع ذلك في أول الكلام قط، وقيل: بل بالعكس؛ لأن للاستفهام الصدارة، وعند سيبويه "الهمزة" و"الواو" مقلوبتا المكان لصدارة الاستفهام، "فالهمزة" حينئذٍ داخلة على المذكور، وعند الزمخشري : هما ثابتان في مكانهما، وهي داخلة على مقدر مناسب لما عطف عليه "الواو".
قال بعضهم: أصل، أو كالذي، أو رأيت مثل الذي، وهي وألم تر كلتاهما كلمة تعجب، إلا أن ما دخل عليه حرف التشبيه أبلغ في التعجب، كقولك: هل رأيت مثل هذا، فإنه أبلغ من: هل رأيت هذا، وقد تزاد
"الواو" بعد "إلا" لتأكيد الحكم المطلوب إثباته إذا كان في محل الرد والإنكار، نحو: ما من أحد "إلا" "و"له حسد أو طمع.
وعن سيبويه أن
"الواو" في قولهم: بعت الشاة "و" درهمًا بمعنى "الباء".
وعن ابن السيرافي أن
"الواو" تجيء بمعنى: منه، ومنه لابد وأن يكون كذا، وقد تجيء "الواو" للاستئناف كما في قولهم في الخطب: "و" بعد.
"وا": على وجهين:
أحدهما: أن تكون حرف نداء مختصًا بباب الندبة نحو:
"و" ازيداه، وأجاز بعضهم استعماله في النداء الحقيقي.
والثاني: أن تكون اسمًا لا عجب، كقوله:
وابابي أنت وفوك الأشنب ..... كأنما ذر عليه الزرنب
الزرنب نبت طيب الرائحة، وقد يقال: "واها"، كقوله: "واها" لسلمى، ثم "واهًا" "واهًا".
وفي القاموس:
"واهاله"، ويترك تنوينه كلمة تعجب من طيب شيء كلمة تلهف.
"وي": هي بمعنى "وا" التي هي اسم فعل لا عجب، قال الشارح: وهو المشهور، وقيل: إن "وي" حرف تنبيه للردع والزجر على وقوع في محذور ومكروه، كما إذا وجد رجل يسب أحدًا أو يوقعه في مكروه أو يتلفه أو يأخذ ماله، فيقال للرجل: "وي"، ومعناه: تنبه وانزجر عن فعلك، وقد يليها "كاف" الخطاب، كقوله:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ..... قيل الفوارس ويك عنتر أقدم

وقال الكسائي: أصل "ويك" "ويلك"، "فالكاف" ضمير مجرور، وأما "ويك" أن الله، قال أبو الحسن: "وي" اسم فعل، و"الكاف" حرف خطاب، وأن على إضمار "اللام"، والمعنى: أعجب لأن الله، وقال الخليل: "وي" وحدها وكأن كلمة مستقلة للتحقيق للتنبيه، كما قال: وي كأن من يكن له نشب يحبب، ومن يفتقر يعش عيش ضر،
كما قال:
كأنني حين أمسي لا تكلمني ..... متيم اشتهى ما ليس موجودًا.
ليس غرضه أن يشبه نفسه بمتيم موصوف بما ذكر، وإنما غرضه أن يخبر به عن حال امسائه غير مكلمة له متيم يشتهي أمرًا غير موجود، وذلك الأمر كلامها، فمن ثم جعلت "كأن" للتحقيق لا للتشبيه.
قال في القاموس:
"ويب" كويل، تقول: "ويبك"، و"ويب" "لك"، و"ويب" لزيد، و"ويبًا" له، ومعناه: ألزمه له، ويلا و"ويبًا" لهذا، أي: عجبًا.
وقال في فصل
"الحاء": "ويح" لزيد و"ويحًا" له كلمة رحمة، ورفعه على الابتداء، ونصبه بإضمار فعل، و"ويح" زيد و"ويحه" نصبهما به أيضًا، و"ويحما" زيد بمعناه، أو أصله: "وي"، فوصلت "بحاء" مرة، و"بلام" مرة، و"بباء" مرة، و"بسين" مرة، وفي الكليات "ويها"، إذا زجرته عن الشيء أو أغريته، و"واها" له إذا تعجبت منه). [غنية الطالب: 266 - 270]


رد مع اقتباس