الموضوع: حرف الياء
عرض مشاركة واحدة
  #8  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 07:56 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)


النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (النوع الثاني: من الحروف الأحادية وهو الذي اشتركت فيه الحروف بالأسماء ولا تشارك الأفعال شيئًا من الأحادية لما بينا أن الاشتراك يجب كونه وضعًا وشيء من الأفعال لا يوضع أحاديثًا، بل يجب أن لا يكون أقل من ثلاثة أحرف أصول، حرف يبتدأ به، وحرف يوقف عليه، وحرف يفصل بينهما لمنافاة الأول بحركته الآخر بسكونه، ولكونه لا يقتضي طبعًا لا الحركة ولا السكون، ثم ما قيل إنه إن سكن نافي الأول وإن حرك نافي الآخر فالمنافاة حاصلة، فإن اتفق فعل على أقل من ثلاثة فلذلك بطريق الحذف لعارض، كما تقرر في فنه، وأحرف هذا النوع سبعة:
وهي: "الألف"، و"التاء"، و"الكاف"، و"النون"، و"الهاء"، و"الواو"، و"الياء"، فلنذكر كل حرف منها في فصل، ونذكر فيه ما يخطر بالبال ذكره إن شاء الله، وليعلم أن هذه الأحرف السبعة مبنية في حالتي حرفيتها واسميتها، أما في حالة الحرفية فظاهر لعدم استحقاق الحرف الإعراب، وأما في حال اسميتها فاستيفاء لبيانها ولكون وضعها كوضع الحروف على حرف واحد فنبيت مطلقًا، والله تعالى أعلم). [جواهر الأدب: 42]

الفصل السابع: حرف "الياء"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل السابع: وهو آخر فصول النوع الثاني من الحروف الأحادية المشتركة.
حرف "الياء": ومخرجها من وسط اللسان بينه وبين وسط الحنك، وقال الخليل: هي هوائية "كالألف" لا مخرج لها، وهي آخر الحروف العربية وضعًا، وهي من جملة أحرف الزيادة العشرة، فلذلك قد تقع بعضًا من الكلمات التي تدخل عليها، وقد تكون مستقلة، فمن وقوعها بعضًا في بابي المثنى والمجموع في حالي جرهما ونصبهما، وفي الأسماء الستة في جرها، وغير ذلك مما لا حاجة لنا إلى ذكره في هذا المكان، وبحثنا هنا فيها إنما هو من جهة الاستقلال، وحينئذٍ إمَّا أن تكون حرفًا أو اسمًا، فلنذكرها في بحثين:
البحث الأول: في وقوعها حرفًا من حروف المعاني، وذلك في مواضع:
أحدها: أن تأتي رديفًا لا "يا" في الضمير المنصوب المنفصل عند جعله للمتكلم المفرد نحو: "ياي"، "فالفاء" فيه مستقل دال عليه هذا على ما ذهب إليه سيبويه في كل مردفات "أيا"، كما أشير إليه.
وثانيها: أن تأتي إشباعًا لكسرة يا ضمير المؤنثة المخاطبة في إفرادها نحو: فعلتيه يا هند، فإنها عند اتصالها بضمير مفعول إمَّا مفرد أو متعدد لمذكر أو مؤنث، فإن بعض اللغات إشباع الكسرة وجعلها "ياء" متوسطة بين ضمير المخاطبة وضمير المفعول، فإنهم يقولون: أنت فعلتيه يا هند، ذكرها صاحب التنويع، ويقصدون بذلك بيان حركة "التاء" خوفًا من التباس أنها مفتوحة فلا يمكن أن تجعل بعضًا من أحد الضميرين فبقيت مستقلة.
وثالثها: في باب النداء عند كون المضاف إليه المندوب كاف ضمير المخاطبة، وطلب زيادة حرف مد ليمتد الصوت به فيعدل عن "ألف" الندبة إلى "الياء" المجانسة حركة "الكاف" المكسورة، فيقال: واغلامكيه؛ إذ لو قيل: واغلامكاه لتوهم أن المضاف إليه ضمير المخاطب المفرد المذكر، وقد نبهنا عليه في فصلي "الألف" و"الواو".
البحث الثاني: في وقوعها اسمًا ضميرًا لا غير، وبنيت لمشابهتها الحرف بكونها موضوعة على حرف واحد وقد تسكن على الأصالة في المبنيات ويجوز فتحها فتحريكها لفضيلة الاسمية أو تقوية لها لكونها على حرف واحد وهي صيغة للضمير المتصل، ويكون إمَّا للمتكلم أو للمخاطب، فالذي للمتكلم إمَّا أن يكون مع اتصاله وهو منصوب أو مجرور فهو صنفان:
أولهما: المنصوب إمَّا بفعل ماض نحو: أكرمني زيد، أو مضارع نحو: يكرمني، أو أمر نحو: أكرمني، وإمَّا بحرف نحو: إني، ولعلي، وأما باسم نحو: زيد ضاربي عند بعضهم، فإنه عنده منصوب، فعلى هذا يكون ضمير النصب البارز المتصل قد اتصل بالكلم الثلاث.
وثانيهما: المجرور فقد يتصل بالاسم نحو: غلامي، وقدني، وضاربي، عند من يقول: إنه مجرورًا بحرف الجر نحو: لي، وقد بينا ما يجب إلحاق "نون" الوقاية فيه، وما يجوز، وما يمتنع في فصل "النون"، ولا يمكن اتصال الضمائر المجرورة بالأفعال، وأما "ياء" الضمير التي للمؤنث المفرد المخاطب فلا تكون إلا ضمير رفع فهي إما في الفعل المضارع نحو: تفعلين، أو في فعلى الأمر نحو: افعلي، وليست هذه "الياء" علامة للتأنيث، والفاعل مستكن، كما في "تاء" فعلت خلافًا لبعضهم.
تنبيه: مشتمل على فائدتين:
الأولى: أوجبوا أن يكون ما قبل "ياء" الضمير مكسورًا كما وجب أن يكون ما قبل "الألف" مفتوحًا كما بيناه في بحث "نون" الوقاية، فإن كان آخر الاسم المضاف "ألفًا" فالجمهور على إبقائها ساكنة بحالها فتقول: عصاي، وأما هذيل فإنها تقلبها "ياء" ثم تدغمها فتقول: توصلا إلى كسر ما قبل "الياء"، قال شاعرهم:
سبقوا هوى وأعنقوا لهواهم ..... فتحزموا ولكل جنب مصرع
أراد: هواي، هذا إذا كان "الألف" لغير التثنية فإن كان لها فإن هذيلًا توافق الجمهور في إبقائها بحالها دون قلب، كأنهم كرهوا أن يزيلوا دلالتها على المعنى الذي ألحقت بالكلمة له، وهذه "الياء" إن سبقها "ألف" أو حرف مدغم حركت بحرف لئلا يتوالى ساكنان على غير حده، وإن كان غيرهما جاز سكونها وتحركيها بالفتحة.
الثانية: لما أوجبوا أن يكون ما قبل "الياء" مكسورًا وحركوا كل معرب بالحركات عند اتصال هذه "الياء" به بكسرة للمناسبة المذكورة، اختلف في الاسم المضاف إليها هل هو مبني على تلك الكسرة اللازمة لعدم ظهور الحركة التي يقتضيها العامل أم هو معرب تقديرًا، ولا يلزم من عدم ظهور الإعراب لفظا البناء كما في المقصور وباب الحكاية، فذهب الإمام عبد القاهر الجرجاني إلى أنه مبني بناء عارضًا يزول بزوال الإضافة كبناء المنادى والمرب مع "لا"، ومركب الأعداد ونحوها، وتابعه عليه جماعة، وذهب الجمهور إلى أنه معرب تقديرًا في أحواله الثلاث لوجود الكسرة الشاغلة حرف إعرابه عن قبول تأثير العامل فيه السابقة على تركيبه بالعامل، واختار جماعة منهم أن إعرابه في حال الرفع والنصب مقدر، وأنه ف يحال الجر معرب لفظًا لوجود عامل الجر والكسرة التي هي مقتضاه، ونسبة الكسرة إلى تأثير العامل أولى؛ لأن "الياء" تقتضي أن يكون قبلها كسرة لازمة، فوجدت كسرت وجوبًا، وقد استدل كل طائفة منهم على صحة مذهبه بأدلة بقدر قوته، وضعف ما استدل به غيره جهد طاقته، وقد ذكر ذلك كله مفصلًا في شرح الكافية لوالدي رحمه الله، فعلى الطالب لتحقيق الحقائق وتدقيقها به ليجد ما يفرح القلب ويفرج الكرب). [جواهر الأدب: 82 - 84]


رد مع اقتباس