الموضوع: يا
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 08:06 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


باب "الياء" المركبة
باب "يا"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ):(باب "الياء" المركبة
اعلم أن "الياء" لم تأت مركبة مع غيرها من الحروف إلا مع "الألف" خاصة:
"يا" بابها: اعلم أن "يا" حرفٌ من حروف التنبيه يُنادى به مرة ولا يُنادى به أخرى. وإذا كان حرف نداءٍ فيكون تارةً لنداء القريب والوسط والبعيد مسافةً وحكمًا كالنائم والغافل.
وحقها في الأصل أن تكون للبعيد لجواز مد الصوت "بالألف" ما شئت، ثم إنها كثر استعمالها حتى صارت ينادى بها البعيدُ أدنى مسافةً منك ثم الحاضر معك فلذلك كانت أم حروف النداء. ومن الأول قوله:
يا دار مية بالعلياء فالسند .... .... .... .... ....
لأن من لا يجيب في حكم البعيد أو النائم اللذين لا يسمعان إلا بعد طول مد الصوت، ومن الوسط: {يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا}، ومن القريب قوله:
.... .... .... .... ..... يا جارتا ما أنت جاره
وقولك: "يا" هذا الرجل و"يا" أيها الرجل، وأما إذا لم يكن بعدها المنادى فتكون للتنبيه لا غير، كقول الله تعالى: «أَلَّا يَا اسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ»، على قراءة من أفرد "يا" وجعل «اسْجُدُوا» أمرًا، ومنه قول الشاعر:
ألا يا اسلمي ذات الدماليج والعقد .... وذات اللثات الغر والفاحم الجعد
وقول الآخر:
ألا يا اسلمي ثم اسلمي ثمت اسملي .... ثلاث تحياتٍ وإن لم تكلم
ومنه قولُ الآخر، وإن كان بعده الاسمُ:
يا لعنة الله والأقوام كلهم .... والصالحين على سمعان من جار
وقال بعضهم: المنادى بعدها في جميع ذلك كله محذوفٌ للعلم به كأنه في قوله تعالى: «"يا" قوم اسجدوا»، وكذلك في البيت «"يا" قومُ لعنةُ الله»، وفي «"يا" اسلمى» في البيتين: «"يا" فلانة»، وهو عندي ضعيفٌ لوجهين:
أحدهما: أن
"يا" نابت مناب الفعل لكونه لازمًا للحذف بعدها لأن المراد أدعو وأنادي، فلو حذف المنادى معها لحذفت الجملة بأسرها، وذلك إخلال.
والوجه الثاني: أن المنادى معتمدُ المقصد فإذا [حُذف] تناقض المراد، فلزم على أن تكون
"يا" لمجرد التنبيه من غير نداءٍ، ولكثرة استعمالها تقول: إنها هي المحذوفة في النداء في نحو {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا}، و{رَبَّنَا آمَنَّا} و{رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ} دون غيرها من الحروف، فصارت أم الباب تثبتُ تارةً وتحذف أخرى، ومواضعُ حذفها من الأسماء مذكورٌ في باب النداء من أبواب العربية في كتب النحويين، وهذا حكمٌ يرجعُ إلى الأسماء، وغرضنا إنما هو أحكام الحروف دون الأسماء والأفعال.
وقد بذلنا في ذلك الجد وبلغنا فيه الجهد والله ولي التوفيق والهادي إلى سواء الطريق بمنه ويمنه، وتم الغرض فيها والحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ نبيه وعبده.
كمل الكتاب والحمد لله رب العالمين وصلواته على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وسلم تسليمًا). [رصف المباني: 451 - 454]


رد مع اقتباس