الموضوع: إلى
عرض مشاركة واحدة
  #11  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 06:49 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال الحسن بن قاسم بن عبد الله بن عليّ المرادي المصري المالكي (ت: 749هـ): ("إلى"
حرف جر، يرد لمعان ثمانية:
الأول: انتهاء الغاية في الزمان، والمكان، وغيرهما. وهو أصل معانيها. وفي دخول ما بعدها في حكم ما قبلها أقول. ثالثها: إن كان من جنس الأول دخل، وإلا فلا. وهذا الخلاف عند عدم القرينة مع القرينة ألا يدخل، فيحمل عند عدمها على الأكثر، وأيضاً فإن الشيء لا ينتهي ما بقي منه شيء، إلا أن يتجوز فيجعل القريب الانتهاء انتهاء. ولا يحمل على المجاز ما أمكنت الحقيقة. فهو إذاً غير داخل.

الثاني: أن تكون بمعنى "مع"، كقوله تعالى: {من أنصاري إلى الله}. قال الفراء: قال المفسرون: أي: "مع" الله، وهو وجه حسن. قال: وإنما تجعل "إلى" ك "مع"، إذا ضممت شيئاً إلى شيء، كقول العرب: الذود "إلى" الذود إبل. قال: فإن لم يكن ضم لم تكن "إلى" ك "مع". فلا يقال في "مع" فلان مال كثير: "إلى" فلان مال كثير. انتهى.
وكون "إلى" بمعنى "مع" حكاه ابن عصفور، عن الكوفيين. وحكاه ابن هشام عنهم، وعن كثير من البصريين. وتأويل بعضهم ما ورد، من ذلك، على تضمين العامل، وإبقاء "إلى" على أصلها والمعنى في قوله تعالى: {من أنصاري إلى الله}: من يضيف نصرته "إلى" نصرة الله. و"إلى" في هذا أبلغ من "مع"، لأنك لو قلت: من ينصرني "مع" فلان، لم يدل على أن فلاناً وحده ينصرك، ولا بد، بخلاف "إلى"، فإن نصرة ما دخلت عليه محققة واقعة، مجزوم بها. إذ المعنى على التضمين: من يضيف نصرته إلى نصرة فلان.

الثالث: التبيين. قال ابن مالك: هي المتعلقة، في تعجب أو تفضيل،بحب أو بغض، مبينة لفاعلية مصحوبها. كقوله تعالى: {رب السجن أحب إلي}.

الرابع: موافقة "اللام". مثله ابن مالك بقوله {والأمر إليك}، لأن "اللام" في هذا هي الأصل، وبقوله تعالى: {ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم}. وقال بعضهم "إلى" في قوله تعالى: {والأمر إليك} لانتهاء الغاية، على أصلها، والمعنى: والأمر منته "إليك".

الخامس: موافقة "في". ذكره القتبي، وابن مالك. كقول النابغة:
فلا تتركني، بالوعيد، كأنني ... إلى الناس، مطلي به القار، أجرب
أي: "في" الناس. قال ابن مالك: ويمكن أن يكون من هذا قوله تعالى {ليجمعنكم إلى يوم القيامة}.
ورد ابن عصفور كون "إلى" بمعنى "في"، بأنها لو كانت بمعنى "في" لساغ أن يقال: زيد "إلى" الكوفة، أي: "في" الكوفة. فلما لم تقله العرب وجب أن يتأول ما أوهم ذلك. وتأول البيت على أن قوله مطلي ضمن معنى مبغض. وأوله غيره على تقدير: كأنني مضافاً "إلى" الناس. فإلى تتعلق بمحذوف، دل عليه الكلام.
واستدل بعضهم، على ذلك بقوله تعالى: {فقل: هل لك إلى أن تزكى}. وتؤول على أن المعنى: أدعوك "إلى" أن تزكى.

السادس: موافقة "من"، كقول ابن أحمر:
تقول، وقد عاليت بالكور، فوقها ... أيسقى، فلا يروى إلى، ابن أحمرا؟
أي: "مني". هذا قول الكوفيين والقتب، وتبعهم ابن مالك. وخرج على التضمين، أي: فلا يأتي "إلي" الرواء.

السابع: موافقة "عند"، كقول أبي كبير الهذلي:
أم لا سبيل إلى الشباب، وذكره ... أشهى إلى من الرحيق، السلسل
أي "عندي".
واعلم أن أكثر البصريين لم يثبتوا لها غير معنى انتهاء الغاية. وجميع هذه الشواهد عندهم متأول.

الثامن: أن تكون زائدة. وهذا لا يقول به الجمهور، وإنما قال به الفراء، واستدل بقراءة من قرأ {فاجعل أفئدة، من الناس، تهوى إليهم} بفتح "الواو".
وخرجت هذه القراءة على تضمين تهوى معنى: تميل. وقال ابن مالك: وأولى من الحكم بزيادتها أن يكون الأصل تهوي بكسر "الواو"، فجعل موضع الكسرة فتحة، كما يقال في رضي: رضى، وفي ناصية: ناصاة. وهي لغة طائية. واعترض بأن طيئاً لا يفعلون ذلك في كل موطن، بل في مواضع مخصوصة، مذكورة في التصريف. والله أعلم). [الجنى الداني:385 - 390]


رد مع اقتباس