الموضوع: أَيّ
عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 19 ذو الحجة 1438هـ/10-09-2017م, 10:56 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("أَيّ"
"أي" بفتح "الهمزة" وتشديد "الياء" اسم يأتي على خمسة أوجه:
1 - شرطا، نحو: {أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}،{أيّما الأجلين قضيت فلا عدوان عليّ}.
2 - واستفهاما، نحو: {أيّكم زادته هذه إيمانًا}،{فبأي حديث بعده يؤمنون}، وقد تخفف كقوله:
تنظرت نصرا والسماكين أيهما ... عليّ من الغيث استهلت مواطره
3 - وموصولا، نحو: {لننزعن من كل شيعة أيهم أشد}، التّقدير: لننزعن "الّذي" هو أشد قاله سيبويه وخالفه الكوفيّون وجماعة من البصريين؛ لأنهم يرون أن "أيا" الموصولة معربة دائما كالشرطية والاستفهامية.
قال الزّجاج: ما تبين لي أن سيبويه غلط إلّا في موضعين: هذا أحدهما فإنّه يسلم أنّها تعرب إذا أفردت فكيف يقول ببنائها إذا أضيفت،
وقال الجرمي خرجت من البصرة فلم أسمع منذ فارقت الخندق إلى مكّة أحدا يقول لأضربن "أيهم" قائم بالضّمّ انتهى.
وزعم هؤلاء أنّها في الآية استفهامية، وأنّها مبتدأ وأشد خبر، ثمّ اختلفوا في مفعول ننزع فقال الخليل محذوف، والتّقدير: لننزعن الفريق "الّذي" يقال فيهم "أيهم" أشد
وقال يونس هو الجملة وعلقت ننزع عن العمل كما في:{لنعلم أي الحزبين أحصى}.
وقال الكسائي والأخفش كل شيعة، ومن زائدة، وجملة الاستفهام مستأنفة، وذلك على قولهما في جواز زيادة من في الإيجاب، ويرد أقوالهم أن التّعليق مختصّ بأفعال القلوب، وأنه لا يجوز لأضربن الفاسق بالرّفع، بتقدير الّذي يقال فيه هو الفاسق وأنه لم يثبت زيادة من في الإيجاب، وقول الشّاعر:
إذا ما لقيت بني مالك ... فسلم على أيهم أفضل
يروى بضم "أي"، وحروف الجرّ لا تعلق ولا يجوز حذف المجرور ودخول الجار على معمول صلته، ولا يستأنف ما بعد الجار، وجوز الزّمخشريّ وجماعة كونها موصولة مع أن الضمة إعراب، فقدروا متعلق النزع من كل شيعة، وكأنّه قيل لننزعن بعض كل شيعة ثمّ قدر أنه سئل من هذا البعض، فقيل هو "الّذي" أشد ثمّ حذف المبتدآن المكتنفان للموصول وفيه تعسف ظاهر، ولا أعلمهم استعملوا "أيا" الموصولة مبتدأ، وسيأتي ذلك عن ثعلب وزعم ابن الطراوه أن "أيا" مقطوعة عن الإضافة فلذلك بنيت، وأن (هم أشد) مبتدأ وخبر وهذا باطل برسم الضّمير متّصلا "بأيّ"، وبالإجماع على أنّها إذا لم تضف كانت معربة، وزعم ثعلب أن "أيا" لا تكون موصولة أصلا، وقال لم يسمع "أيهم" هو فاضل جاءني بتقدير "الّذي" هو فاضل جاءني.

4 - والرّابع أن تكون دالّة على معنى الكمال فتقع صفة للنكرة، نحو: زيد رجل "أي" رجل، أي كامل في صفات الرّجال، وحالا للمعرفة كـ مررت بعبد الله أي رجل.

5 - والخامس أن تكون وصلة إلى نداء ما فيه أل، نحو: يا أيها الرجل، وزعم الأخفش أن "أيا" لا تكون وصلة، وأن "أيا" هذه هي الموصولة، حذف صدر صلتها وهو العائد، والمعنى يا من هو الرجل ورد بأنّه ليس لنا عائد يجب حذفه ولا موصول التزم كون صلته جملة اسمية.
وله أن يجيب عنهما بأن ما في قولهم لا سيما زيد بالرّفع كذلك وزاد قسما، وهو أن تكون نكرة موصوفة، نحو: مررت "بأيّ" معجب لك كما يقال بمن معجب لك وهذا غير مسموع، ولا تكون أي غير مذكور معها مضاف إليها البتّة إلّا في النداء، والحكاية يقال جاءني رجل، فتقول: "أي" يا هذا، وجاءني رجلان، فتقول: "أيّان"، وجاءني رجال، فتقول: "أيون".

تنبيه
قول أبي الطّيب:
أي يوم سررتني بوصال ... لم ترعني ثلاثة بصدود
ليست فيه "أي" موصولة؛ لأن الموصولة لا تضاف إلّا إلى المعرفة، وقال أبو عليّ في التّذكرة في قوله:
أرأيت أي سوالف وخدود ... برزت لنا بين اللوى فزرود
لا تكون "أي" فيه موصولة لإضافتها إلى نكرة انتهى ولا شرطيّة؛ لأن المعنى حينئذٍ إن سررتني يومًا بوصالك آمنتني ثلاثة أيّام من صدودك، وهذا عكس المعنى المراد، وإنّما هي للاستفهام الّذي يراد به النّفي، كقولك لمن ادّعى أنه أكرمك "أي" يوم أكرمتني، والمعنى ما سررتني يومًا بوصالك إلّا روعتني ثلاثة بصدودك، والجملة الأولى مستأنفة قدم ظرفها لأن له الصّدر والثّانية إمّا في موضع جر صفة لوصال على حذف العائد، "أي" لم ترعني بعده كما حذف في قوله تعالى: {واتّقوا يومًا لا تجزي نفس} الآية، أو نصب حالا من فاعل سررتني أو مفعوله، والمعنى "أي" يوم سررتني غير رائع لي أو غير مروع منك، وهي حال مقدرة مثلها في: {طبتم فادخلوها خالدين} أو لا محل لها على أن تكون معطوفة على الأولى "بفاء" محذوفة كما قيل في: {وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ باللّه}، وكذا في بقيّة الآية وفيه بعد، والمحققون في الآية على أن الجمل مستأنفة بتقدير فما قالوا له فما قال لهم، ومن روى ثلاثة بالرّفع لم يجز عنده كون الحال من فاعل سررتني لخلو ترعني من ضمير ذي الحال). [مغني اللبيب: 1 / 510 - 531]


رد مع اقتباس