الموضوع: بل
عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 19 ذو الحجة 1438هـ/10-09-2017م, 10:44 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


(فصل) "بل" و"لابل" و"بلى" و"بله"
قال جمال الدين محمد بن علي الموزعي المعروف بابن نور الدين (ت: 825هـ): ((فصل)"بل"
أمَّا "بل" فتستعمل على وجهين:
أحدهما: تكون حرف عطف، ومعناها الإضراب عن الأول، وهو جائز بعد النفي وشبهه وفاقًا، وفي جوازه بعد الإثبات خلاف بين النحويين، فجوزه البصريون ومنعه الكوفيون، قال هشام: محال، ضربت إيَّاك "بل" أخاك لأن الأول قد ثبت له الضرب، نعم يجوز عند الغلط ويكون استدراكًا لا إضرابًا.
إذا تقرر هذا فإن كان الإضراب بعد النفي والنهي فمعناها: تأكيد إثبات الحكم لما قبلها ونفيه عما بعدها كقولك: ما قام زيد "بل" عمرو، ولا يقم زيد "بل" عمرو.
وإن كان بعد الإثبات فمعناه عند من جوزه سلب الحكم عما قبلها وإثباته لما بعدها كقولك: اضرب زيدًا "بل" عمرًا، وقام زيد "بل" عمرو.
وسوى المبرد وعبد الوارث بين الإثبات والنفي فزعما أنه يجوز في النفي أن تكون سالبة للحكم عن ما قبلها مثبتة له لما بعدها كالإثبات فيصح عندهما في: ما زيد قائمًا "بل" قاعد، أن يكون المعنى: "بل" ولا قاعد، وضعف بما قاله أبو علي الفارسي في مسألة: ما زيد خارجًا "بل" ذاهب، لا يجوز إلا الرفع؛ لأن الخبر موجب، و"ما" الحجازية لا تعمل في الخبر إلا منفيًا، فلو كانت لنقل حكم الأول لجاز النصب والإجماع منعقد على منعه.

الاستعمال الثاني: تكون حرف ابتداء ولها معان:
أحدها: الإضراب فقط كقولك: ما زيد بقائم "بل" ذاهب، أي:"بل" هو ذاهب.
الثاني: الإضراب مع الإبطال كقول الله جل جلاله: {وقالوا اتخذ الرحمن ولدًا سبحانه بل عبادٌ مكرمون}.
وكقوله تعالى: {أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق}،وكقوله تعالى: {أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون}.
الثالث: الانتقال من غرض إلى غرض فيقطع الكلام الأول ويأخذ في كلام آخر وفيها معنى الإضراب، كقول الله تعالى: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل أتيناهم بذكرهم}، وهذا النوع في القرآن كثير حتى توهم بعضهم أنه لم يأت في القرآن إلا بهذا المعنى وكذلك في الشعر كثير أيضًا.
فمنه قوله تعالى: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا} وقوله تعالى: {كتابٌ ينطق بالحق وهم لا يظلمون بل قلوبهم في غمرة من هذا} ومنه قول أبي ذؤيب:
بل هل أريك حمول الحي غادية .... كالنخل زينها ينع وإفضاح
وقال آخر:
بل ما عزاؤك من شمس متوجة .... يكاد يهلك من تبدو له فرقا
وقال آخر:
= بل ما هاج أحزانًا وشجوًا قد شجا =
وقال آخر:
= بل وليدة ما الأنس من آهالها =
فإذا قال الشاعر"بل": لم يرد أن ما تكلم به قبل باطل وإنما يريد أنه قد تم وأخذ في غيره، وكلمة "بل" ليست من البيت ولا تعد في وزنه ولكنه جعلت علامة لانقطاع ما قبلها.
وذكر بعضهم لها معنيين:
أحدهما: تكون بمعنى"إن"، ذكره الأخفش عن بعضهم في قول الله سبحانه: {والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق} معناه "إن" الذين كفروا، قال: وذلك أن القسم لا بد له من جواب.
الثاني: تكون بمعنى"رب" مجازًا كما يوضع الحرف موضع غيره اتساعًا.
قال الشاعر:
= بل مهمة قطعت بعد مهمه =
يعني "رب" مهمه وقال أبو النجم:
= بل منهلٍ ناءٍ عن الغياض = ).
[مصابيح المغاني: 209 - 213]


رد مع اقتباس