الموضوع: إلّا
عرض مشاركة واحدة
  #2  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 05:14 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"إلا" مشددة
قال مقاتل بن سليمان البلخي (ت: 150هـ): ("إلا" مشددة
"إلا": منه استثناء، ومنه ما يشبه الاستثناء وهو مستأنف الكلام.
على أربعة أوجه:
الوجه الأول: "إلا"، يعني: الاستثناء. فذلك قوله في الزخرف: {الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو}، ثم استثنى من الأخلاء، فقال: {إلا المتقين} [67] منهم، وأنهم ليسوا بأعداء بعضهم لبعض. وقال في الفرقان: {والذين لا يدعون مع الله إلها آخر} الآية، ثم استثنى فقال: {إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا} [68-70]، فإنه لا يلقى آثاما ولا يخلد في العذاب. ونحوه كثير.

الوجه الثاني: "إلا"، يعني: الاستثناء، وليس باستثناء، ولكنه مستأنف للكلام. فذلك قوله في الأعراف، حين سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن القيامة، فقال الله عز وجل: {قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا}، البتة، فانقطع الكلام ثم استأنف: {إلا ما شاء الله} [188] فإنه يصيبني ما شاء. وقال في يونس، حين سألوا: متى ينزل العذاب: {قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا} البتة، وانقطع الكلام ثم استأنف: {إلا ما شاء الله}، فإنه يصيبني ذلك، {لكل أمة أجل} [49]، بالعذاب، إلى آخر الآية. وقال إبراهيم في سورة الأنعام: {ولا أخاف ما تشركون به}، البتة، استأنف: {إلا أن يشاء ربي شيئا} [80]، فيصيبني ما شاء ربي عز وجل. وقال شعيب في الأعراف: {وما يكون لنا أن نعود فيها}، يعني: في ملة الشرك، ثم أستأنف وقال: {إلا أن يشاء الله ربنا} [89]، شيئا فيدخلنا فيها. وقال في الدخان: {لا يذوقون فيها الموت}، البتة، ثم استأنف فقال: {إلا الموتة الأولى} [56]، التي ذاقوها في الدنيا. وقال في: الليل إذا يغشى: {وما لأحد عنده من نعمة تجزى}، يعني: ما لبلال عند أبي بكر من نعمة يجزيه بها أبو بكر، حين أعتقه، ثم استأنف فقال: ما فعل ذلك: {إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى} [الليل: 19-20]. وقال في: هل أتاك حديث الغاشية: {فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمصيطر}، البتة، وانقطع الكلام، ثم استأنف: {إلا من تولى وكفر (23) فيعذبه الله العذاب الأكبر} [الغاشية: 21-24]. وقال في: التين والزيتون: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم (4) ثم رددناه أسفل سافلين}، فانقطع الكلام، ثم أستأنف، وقال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون} [التين: 6]. وقال في: قل أوحى: {عالم الغيب}، يعني: غيب وقت العذاب، {فلا يظهر على غيبه أحدا}، متى وقت العذاب البتة، ثم استأنف: {إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا} [الجن: 26-27]. وقال في سبأ: {وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى}، ثم استأنف: {إلا من آمن وعمل صالحا}، فإن ذلك يقرب إلى الله عز وجل، {فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا} [37].

الوجه الثالث: "إلا"، يعني: خبر يخبر عن شيء. فذلك قوله في الحجر: {وإن من شيء إلا عندنا خزائنه وما ننزله}، ثم أخبر عنه: {إلا بقدر معلوم} [21]. وقوله: {إن أنتم}، ثم أخبر عنهم: {إلا بشر مثلنا} [إبراهيم: 10]. وقال: {إن نحن} ثم أخبر عنهم: {إلا بشر مثلكم} [11]. وقال: {إن أنتم}، ثم أخبر عنهم: {إلا في ضلال مبين} [يس: 47]. ونحوه كثير.

الوجه الرابع: "إلا"، يعني: غير. فذلك قوله في الأنبياء: {لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا}، يعني: غير الله لفسدتا، {فسبحان الله رب العرش عما يصفون} [22]. كقوله في المؤمنين: {ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن} [71]. نظيرها في الصافات، قوله: {لا إله إلا الله} [35]. يعني: لا "إله" غير الله. وكذلك كل: {لا إله إلا الله} في القرآن، يعني: لا "إله" غير الله. ونحو هذا كثير). [الوجوه والنظائر: 111 - 113]


رد مع اقتباس