الموضوع: أسماء لا تثبت
عرض مشاركة واحدة
  #38  
قديم 18 شوال 1438هـ/12-07-2017م, 05:54 PM
جمهرة علوم العقيدة جمهرة علوم العقيدة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: May 2017
المشاركات: 1,193
افتراضي

الكافي

قال أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي (ت: 337هـ): (الكافي
الكافي اسم الفاعل من كفى يكف فهو كاف، فالله عز وجل كافي عباده لأنه رازقهم وحافظهم ومصلح شؤونهم فقد كفاهم كما قال الله عز وجل: {أليس الله بكاف عبده؟}.
وكفاية الإنسان من المعاش قدر بلغته وقوام أمره، وتقول: كفيت الرجل الأمر أكفيه كفيًا وكفاية إذا قمت به دونه، وأزلت عنه الاهتمام به.
وتقول العرب: مررت برجل كفيك من رجل يجعلونه مدحًا في أنه نهاية في الخير قد كفاك ما تريد من سواه ويتركونه على حال واحدة في الأثنين والجمع والمذكر والمؤنث لأنه مصدر وصف به. ويقولون: مررت برجلين كفيك من رجلين، ومررت برجال كفيك من رجال، وبامرأة كفيك من امرأة، وبنساء كفيك من نساء على حال واحدة.
ومنهم من يقول: مررت برجل كفاك من رجل فيجيء به على لفظ الفعل الماضي فيجريه على ما قبله في التثنية والجمع والتأنيث والتذكير فتقول: مررت برجل كفاك من رجل، وبرجلين كفياك من رجلين، وبرجال كفوك من رجال، ومررت بامرأة كفتك من امرأة وبامرأتين كفتاك من امرأتين، وبنساء كفينك من نساء. ومثل هذا في المدح قولهم مررت برجل كفيك من رجل وشرعك من رجل، وهمك من رجل وهدك من رجل وتاهيك من رجل كله يجري مجرى واحدًا.
واعلم أن ما كان من الأسماء نحو الكافي معتل اللام كقولك: القاضي والداعي والكافي وما أشبه ذلك فأكثر العرب يتركونه في حال الرفع والخفض ساكن الآخر ويعربونه في حال النصب فيقولون: جاءني القاضي والداعي والكافي، ومررت بالكافي والقاضي والداعي والغازي يدعونه ساكن الآخر استثقالاً للضمة والكسرة في الياء المكسور ما قبلها فإذا صاروا إلى حال النصب أعربوه لأن الفتحة اخف الحركات فيقولون: رأيت الداعي والغازي والرامي فإذا لم يكن فيه ألف ولام ولم يضيفوه ألحقوه التنوين في حال الخفض والرفع والنصب وكذلك ما كان نظيره من السالم غير مصروف جرى مجرى واحدًا فقالوا مررت بقاض وغاز وجوار وغواش، وجاءني غاز وقاض وكاف وجوار وسوار وما أشبه ذلك، فإذا صاروا في حال النصب أعربوه ونونوا المصروف المثال من الصحيح وتركوا صرف ما لا ينصرف مثاله من الصحيح فقالوا: رأيت غازيًا وداعيًا وراميًا وجواري وغاشي وسواري.
ومن العرب من يعرب هذا الجنس من الأسماء في كل حال ولا يستثقل الكسرة فيه فيقول: هذا القاضي والداعي والرامي يجريه مجرى الصحيح، ويقول مررت بالقاضي والداعي والرامي كما يقول مررت بالضارب والقاعد وما أشبه ذلك، ومن هذه اللغة أنشد سيبويه:
قد عجبت مني ومن يعيليا = لما رأتني خلقًا مقلوليًا
أراد تصغير يعلي وكان سبيله أن يقول: يعيل فأجراه مجرى الصحيح.
وقال الفرزدق:
فلو كان عبد الله مولى هجوته = ولكن عبد الله مولى مواليا
وقال آخر:
خريجع دوادي في ملعب = تأزر طورًا وتلقى الازارا
ومن العرب من يترك إعراب المنصوب أيضًا فيجعله ساكن الآخر، كما فعل ذلك بالمخفوض والمرفوع فيجعله في الأحوال الثلاثة ساكن الآخر فيقول: رأيت القاضي والغازي والكافي والداعي وما أشبه ذلك.
وأكثر ما يجيء هذا في الشعر وليس بمستعمل في منثور الكلام. قال النابغة:
ردت عليه أقاصيه ولبده = ضرب الوليدة بالمسحاة في الثأد
ومنهم من يرويه عليه أقاصيه على ما لم يسم فاعله فرارًا من قبح هذه اللغة. وقال رؤبة:
سوى مساحيهن تقطيط الحقق = تفليل ما قارعن من سمر الطرق
أسكن ياء المساحي وهو في موضع النصب. وقال آخر:
كأن أيديهن بالقاع القرق = أيدي جوار يتعاطين الورق
ومن كان هذا من لغته فإنه يجعله في حال النصب إذا لم تكن فيه الألف واللام وكان غير مضاف بلفظ المخفوض أيضًا فتقول: رأيت قاض وكسوت عار ولقيت غاز لأنه ينوي إسكان آخره إذ ليس من شأنه إعرابه، ثم يلحقه التنوين فتسقط الياء لالتقاء الساكنين. وهما الياء والتنوين. ويبقى ما قبلها على كسرته وهو قبيح من كلام الشعر في حال الضرورة. وأنشدوا في ذلك:
فكسوت عار جبينه فتركته = جذلان جاد قميصه ورداه
وذكر الفراء أن من العرب من يهمز هذه الياءات كلها حرصًا على الإعراب واستثقالا للحركات فيها وأنشد:
يا دار سلمى بدكاديك البرق = سقيا وإن هيجت وجد المشتئق). [اشتقاق أسماء الله: 82-86]

قال أبو سليمان حَمْدُ بن محمد بن إبراهيم الخطابي (ت: 388هـ): (وأما الكافي: فهو الذي يكفي عباده المهم، ويدفع عنهم الملم؛ وهو الذي يكتفي بمعونته عن غيره، ويستغنى به عمن سواه). [شأن الدعاء: 101]

قال أبو عبد الله محمد بن إسحاق ابن مَنْدَهْ العَبْدي (ت: 395هـ): ( ومن أسماء الله عزّ وجلّ: الكبير والكريم والكافي والكفيل
قال الله عزّ وجلّ في سورة سبأٍ: {وهو العليّ الكبير} وذكر في المؤمن: {الكريم}
قال ابن عبّاسٍ: {كهيعص} كافٌ: كافي.
وعن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في أسماء الله الكبير والكريم والكافي.
...

320 - أخبرنا عليّ بن محمّد بن نصرٍ، قال: حدثنا عمر بن حفصٍ السّدوسيّ، حدثنا عاصم بن عليٍّ، قال: حدثنا اللّيث بن سعدٍ، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم (ح) وأخبرنا محمّد بن عبد الله بن العبّاس، قال: حدّثنا عبد العزيز بن معاوية، قال: حدثنا يحيى بن حمّادٍ، حدّثنا، أبو عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: كان في بني إسرائيل رجلٌ لا يأتيه أحدٌ يستسلفه شيئًا إلاّ أسلفه إيّاه بكفيلٍ، فأتاه رجلٌ، فقال: أسلفني ستّمائة دينارٍ، فقال: آتني بكفيلٍ، فقال: الله كفيلي، فقال: قد رضيت، فأعطاه). [التوحيد: 2/173-175]

قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي (ت:1376هـ): ("الكافي" عباده جميع ما يحتاجون ويضطرون إليه، الكافي كفاية خاصة من آمن به، وتوكل عليه، واستمد منه حوائج دينه ودنياه). [تيسير الكريم المنان: 949]


رد مع اقتباس