الموضوع: إلّا
عرض مشاركة واحدة
  #10  
قديم 17 ذو الحجة 1438هـ/8-09-2017م, 05:29 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

"إلا"
قال أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ابن الجوزي (ت:597هـ):
(باب "إلّا"
"إلّا": موضوعة في الأصل للاستثناء. قال أبو زكريّا: وللاستثناء أدوات موضوعة فأشدها استيلاء على باب الاستثناء وأكثرها استعمالا "إلّا" وهي أم الباب، و"ما عداها" من أدوات الاستثناء كأنّها أخذت، هذا الحكم من "إلّا" بطريق الشّبه، فمن الأدوات الّتي استثنى بها لشبهها "بإلا" أسماء وأفعال وحروف، فمن الأسماء: "سوى"، وفيها ثلاث لغات: فتح "السّين"، وضمّها، وكسرها. فإذا فتحت "السّين" مددتها لا غير، وإذا ضممتها قصرت لا غير، وإذا كسرتها كنت بالخيار بين المدّ والقصر. والقصر أكثر. ومنها "غير"، ومنها "بيد"، "وميد"، وهما اسمان، ومن الأفعال: "ليس"، و"لا يكون"، و"عدا"، ومن الحروف: "حاشا"، و"خلا"، وهما حرفان من حروف الجرّ، وفيهما معنى الاستثناء. وقد تقع "إلّا" بمعنى "الواو"، وأنشدوا من ذلك:
وكل أخ مفارقه أخوه... لعمر أبيك إلّا الفرقدان
وذكر أهل التّفسير [أن] "إلّا" في القرآن على أربعة أوجه: -
أحدها: الاستثناء. ومنه قوله تعالى في الفرقان: {ويخلد فيه مهانا إلّا من تاب وآمن}، وفي العنكبوت: {فلبث فيهم ألف سنة إلّا خمسين عاما}، وفي الزخرف: {الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلّا المتّقين}، وهو كثير في القرآن.
والثّاني: الاستئناف. ومنه قوله تعالى في الأنعام: {ولا أخاف ما تشركون به إلّا أن يشاء ربّي شيئا}، وفي الأعراف: (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلّا ما شاء الله) {وفيها} (ما يكون لنا أن نعود فيها إلّا أن يشاء الله ربنا}، وفي اللّيل: {إلّا ابتغاء وجه ربه الأعلى}، وفي الغاشية: {إلّا من تولى وكفر}، وفي التّين: {ثمّ رددناه أسفل سافلين. إلّا الّذين آمنوا}.
والثّالث: بمعنى "غير". ومنه قوله تعالى في الأنبياء: {لو كان فيهما آلهة إلّا الله لفسدتا}، وفي الدّخان: {لا يذوقون فيها الموت إلّا الموتة الأولى}.
والرّابع: بمعنى "لكن". ومنه قوله تعالى في هود: {لا عاصم اليوم من أمر الله إلّا من رحم}، وفي الشّعراء: {فإنّهم عدو لي إلّا رب العالمين}، وفي سورة النّساء: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النّساء إلّا ما قد سلف}.
قال بعضهم: معنى الآية: "لكن" ما قد سلف فاجتنبوه. وقال قوم: معناها: بعدما قد سلف فإنّكم لا تؤاخذون به. وقال بعضهم: هذه الآية بمعنى "الواو": فتقديرها ولا ما قد سلف. ومعناه: اقطعوا ما أنتم عليه من نكاح ما نكح الآباء. ولا تبتدئوا
).[نزهة الأعين النواظر: 123 - 125]


رد مع اقتباس