الموضوع: السين
عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 21 ذو الحجة 1438هـ/12-09-2017م, 12:32 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

شرح علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ)


الباب الأول
ضبط حروف المعاني الأحادية

قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الباب الأول من الأبواب الخمسة التي تذكر في ضبط حروف المعاني، وتذكر فيه الحروف الأحادية، وهي التي وردت على حرفٍ واحد فقط، وهو البسيط الحقيقي في هذه الصناعة، وقد يطلق على المفرد الغير المركب من لفظين: "كان"، و"إذن"، "على رأي"، وجملة ما ورد من حروف المعاني أحادية، ثلاثة عشر حرفًا، وهي قسمان؛ لأن الحرف إما أن يكون محضًا بمعنى أنه لا يقع إلا حرفًا، أو مشاركًا نوعًا آخر أي من الأفعال والأسماء أو كلتيهما، فانحصرت في قسمين:
محضة: وهي ستة أحرف: "الهمزة"، و"الباء"، و"السين"، و"الفاء"، و"اللام"، و"الميم".
ومشاركة للاسم: وهي سبعة: "الألف"، و"التاء"، و"الكاف"، و"النون"، و"الهاء"، و"الواو"، و"الياء".
فإن قيل: إن بعض النحاة قد عدوا "الهمزة" و"الفاء" مما اشترك فيه الحرف والفعل، فإن كلًا منهما كما يكون حرفًا "كهمزة" الاستفهام و"كالفاء" العاطفة، كذلك يكون فعلًا، وقد عدوا "اللام" مع الحرف والفعل، ومع الاسم أخرى كما في المعرفة الموصولة نحو: الضارب والمضروب، فكيف عدتهن في الحروف المحضة.
فالجواب: أنا إنما نعتبر المشاركة بين الحرف وغيره من الأسماء والأفعال، أو بينهما معًا، إذا كان ذلك بحسب الوضع، وأما مشاركة الأحرف الثلاثة للفعل فإنما حصل بواسطة ما عرض لهن، ولذلك أنكر المحققون على من عد على مما اشترك فيه الأنواع الثلاثة أيضًا، وقالوا: إنه غلط؛ لأن على إذا كانت حرفًا واسمًا كانت "ألفها" أصلية، وإذا كانت فعلًا كانت "الألف" منقلبة عن "واو"، فلا مشاركة للفعل معهما أبدًا، وأما عدا "اللام" اسمًا فهو جهل، فإنما يراد به "ال" الموصولة، والتعبير عنها "باللام" غلط، بل قد أنكروا على من قال "الألف" و"اللام" أيضًا، فكما لا يعبر عن هل الاستفهامية "بالهاء" و"اللام"، فكذا لا يعبر عن الموصولة "بالألف" و"اللام"، وكأنما عنى هذا القائل ما نقل عن سيبويه أن "همزة" "ال" للوصل، ولذلك تطرح درجًا فاطرحها لفظًا وهو سهو، فإن سيبويه سمى هذه الكلمة "أل" وعدها في الحروف الثنائية، ومذهب الخليل أنها "همزة" أصلية، وحذفها وصلًا لطلب التخفيف لكثرة الاستعمال وهو الأرجح، وبعضهم يجعل "أل" حرفًا في كل مواقعها ويمنع وقوعها اسمًا، وجعل "أل" الموصولة باسم الفاعل واسم المفعول حرفًا، كما سيأتي في فصله، فكيف يجوز مع هذا كلى الإطلاق على "اللام" وحدها، وهل هذا إلا غلطٌ صريح). [جواهر الأدب: 5 - 6]

الفصل الثالث: من النوع الأول من نوعي الأحادية وهي المحضة: حرف "السين"
قال علاء الدين بن عليّ بن بدر الدين الإربلي (ت: ق8هـ): (الفصل الثالث: من النوع الأول من نوعي الأحادية وهي المحضة: حرف "السين"، وهي مشاركة "للزاي" و"الصاد" في المخرج، ومخرج ثلاثتها من بين طرف اللسان وفويق الثنايا السفلى، وتعد من الحروف المهموسة، وتدخل في الحروف الرخوة، وتعد في الصغيرية أيضًا، وهي من حروف الزيادة العشرة، فتقع في بعض الكلمات بعضًا، كما في باب الاستفعال، وتقع حرفًا مستقلًا من حروف المعاني، وهي قسمان:
الأول: الداخلة أول الكلمة، وتسمى حرف استقبال لجعلها المضارع للاستقبال بعد أن كان صالحًا للحال، وحرف تنفيس؛ لأنه نفس زمانه الذي كان صالحًا للحالية، فصيره مستقبلًا، وقد يقال لها: حرف تخصيص أيضًا؛ لأنها خصت زمان المضارع بعد صلاحيته للحال بالاستقبال، وقال بعضهم: إنه بعض من "سوف"، ولذلك شاركه في التخصيص بالاستقبال، وقال ابن إياز: وهو مذهب الكوفيين، واختلفوا أيضًا في أن زمانيهما متساو أو "سوف" أوسع زمانًا من "السين" على مذهبين، فصاحب التسهيل ذهب إلى أن "السين" فرع على "سوف"، وحرف من حروفه، وإن زمانيهما متساويان، واحتج من زعم الاستقلال وأنها ليست فرعًا على "سوف" بأن "السين" من سوف "كالنون" الخفيفة من "النون" الثقيلة، فكما لا تعد الخفيفة بعضًا من الثقيلة، كذا لا تعد "السين" بعضًا من "سوف"، وإن توافقت الحروف فيهما، قال صاحب التسهيل: لما رأينا أن "النون" الخفيفة تقابل مقابلة لا يقابل بها الثقيلة حكمنا بالاستقلال، وذلك من وجهين:
أحدها أنها تحذف عند ملاقاة ساكن، كما تقول في: اضربن يا زيد، أضرب اليوم يا زيد، بفتح "الباء" وحذف "نون" التوكيد، كقوله:
لا تهين الفقير علك أن ..... تركع يومًا والدهر قد رفعه
وثانيهما إبدالها في الوقف "ألفاً"،كقول الشاعر:
والله فاعبدا.
وقوله:
ومستبدل من بعد غضبي صريمة ..... فأحربه بطول فقر وأحريا
ولو وقفت على لنسفعن لوقفت "بالألف"، فلو كانت الخفيفة فرعًا من الثقيلة لكان حذفها في الأولى وإبدالها في الثانية بعد التخفيف إجحافًا، وقد منع من توالي إعلالين في الأسماء والأفعال، ففي الحروف أولى، وفيه نظر؛ لأن "سف" فرع "سوف"، ثم قد فرغ "السين" عليها، فقد توالى إعلالان، وحصل الإجحاف أيضًا، ولما رأينا أنه قد فرع على "سوف" مثل سووسي و"سف"، ولم نجد لها مانعًا من التفريع حكمنا بأنها مفرعة عليها، وأما كونه تصرفًا لا يليق بالحروف فنقوض بفروعها الثلاثة الأخرى عليها بإجماع، واحتج أيضًا بالاستقلال وعدم التفريع على "سوف" أن الحذف تصرف، فلا يليق بالحروف التي حقها الجمود، وبأنه لو كان فرعًا لكان أبعد من الأصل، والفروع الثلاثة الأخرى أقرب منها، وكان يجب أن يكون استعمالهن أكثر منها، واستعمالها أكثر منهن، فليست فرعًا، وقد أجيب:
إمَّا عن الأول: فبأن "لعل" فرع عليها عدة فروع، وأنه قد سلم أن الثلاثة الباقية فروع بإجماع.
وإمَّا عن الثاني: فإن الفرع قد يفوق أصله، فإن "أبا" و"أخا" المنقوصين فرع على المقصورين، و"نعم" و"بئس" بسكون "العين" فرع مكسورهما، واستعمال الفرع فيهن أكثر من الأصل؛ فلأن يفوق فرع فرعا أهون، وأما الزمان فذهب جماعة أن مدة التنفيس "بسوف" أطول من مدته "بالسين"، ويستأنسون بأن زيادة الحروف تدل على زيادة المعنى، وبذلك قرروا أن الرحمان أشد مبالغة من الرحيم، لزيادة أحرفه، وادعى صاحب التسهيل تساوي زمانيهما، وأبطل تفاوتهما بالقياس والسماع، أما القياس فقال: إن الماضي والمستقبل متقابلا، والماضي لا يقصد به إلا مطلق المضي دون تعرض لقربه أو بعده، فكذا يجب أن يقصد بالمستقبل أيضًا مطلق الاستقبال دون تعرض لقربه أو بعده ليجري المتقابلان على سنن واحد، فيجب أن يتطابق سيفعل و"سوف" يفعل، لذلك قال والدي رحمه الله: وفيه نظر؛ لأن مضي الماضي هو بوضعه لا يفتقر إلى قرينة بخلاف الاستقبال في المضارع، فإنه موضوع بالاشتراك بينه وبين الحال، ولذلك افتقر إلى قرينة تخلصه للاستقبال، فلو تساوى الحرفان فيه لوقع أحدهما زائدًا للاستغناء عنه بالآخر، ولصار لأحد المتقابلين وهو الماضي مزية على المقابل الآخر وهو المستقبل؛ إذ الماضي له حرف يقربه من الحال، وليس للمستقبل مثله، فإذا جعلت "السين" لتقريب المستقبل من الحال تصير مقابلة لقد، وتكون "سوف" دالة على الاستقبال مغنية عما يرادفها، فيحصل التماثل، ويفقد التفاضل، وأما ما ذكره حجة بالسماع فقد ذكر عدة آيات قد نفس زمانها تارة "بالسين" وأخرى "بسوف"، وادعى المساواة بينهما، وذلك ضعيف، أما أولًا فلمنع المساواة بينهما، وأما ثانيًا، فلجواز حمل كل واحدة منهما على أختها في الدلالة على معناها، وأما ثالثًا فلأنه قد يورد ا لشخص لفظًا موضوعًا لبعد الزمان مكان ما وضع لقربه لشدة تعلق خاطره بحصوله، فيتخيل أنه واقع، وبالعكس وقد وجد ذلك في كثير من الأبواب كما يعبر بلفظ الماضي عن أمر مستقبل لشدة تعلق الخاطر بوقوعه، وجزم الذهب بحصوله، كقوله تعالى: {أتى أمر الله}، وكذلك العكس كما تقرر في غير هذا العلم في الالتفاتات.
القسم الثاني: "السين" اللاحقة لآخر الكلمة "لكاف" المؤنثة وهي بكرية، وتسمى "سين" الكسكسة، بفتحا "لكاف" وكسرها، وتميم تلحق عوضها شيئًا، وتسمى "شين" الكشكشة، بفتح "الكاف" وكسرها أيضًا.
وفي كتاب المفصل وعن معاوية أنه قال يومًا: من أفصح الناس، فقال رجل من جرم- وجرم من فصحاء الناس- فقال قوم: تباعدوا عن فراتبة العراق وتيامنوا عن كشكشة تميم، وتياسروا عن كسكسة بكر، ليست فيهم غمغمة قضاعة، ولا طمطامانية حمير، قال معاوية: فمن هم؟ قال: قومي، وأنشد:
يتبعن قلة رأسه فكأنها ..... خزف ثمانية لا عجم طمطم
والله أعلم). [جواهر الأدب: 21 - 23]


رد مع اقتباس