الموضوع: كأنَّ
عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 22 ذو الحجة 1438هـ/13-09-2017م, 11:44 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

قال عبد الله بن يوسف بن أحمد ابن هشام الأنصاري (ت: 761هـ): ("كأن"
"كأن": حرف مركب عند أكثرهم حتّى ادّعى ابن هشام وابن الخباز الإجماع عليه، وليس كذلك قالوا والأصل في "كأن" زيدا أسدا، "إن" زيدا كأسد، ثمّ قدم حرف التّشبيه اهتماما به، ففتحت "همزة" "أن" لدخول الجار عليه، ثمّ قال الزّجاج وابن جني: ما بعد "الكاف" جر بها، قال ابن جني: وهي حرف لا يتعلّق بشيء؛ لمفارقته الموضع الّذي تتعلّق فيه بالاستقرار، ولا يقدر له عامل غيره لتمام الكلام بدونه، ولا هو زائد لإفادته التّشبيه، وليس قوله بأبعد من قول أبي الحسن: إن "كاف" التّشبيه لا تتعلّق دائما، ولما رأى الزّجاج أن الجار غير الزّائد حقه التّعلّق قدر "الكاف" هنا اسما بمنزلة "مثل"، فلزمه أن يقدر له موضعا، فقدره مبتدأ، فاضطر إلى أن قدر له خبرا لم ينطق به قطّ، ولا المعنى مفتقر إليه، فقال معنى "كأن" زيدا أخوك، "مثل" أخوة زيد إياك كائن.
وقال الأكثرون: لا موضع "لأن" وما بعدها؛ لأن "الكاف" و"أن" صارا بالتركيب كلمة واحدة وفيه نظر، لأن ذاك في التّركيب الوضعي لا في التّركيب الطارئ في حال التّركيب الإسنادي.
والمخلص عندي من الإشكال أن يدعى أنّها بسيطة، وهو قول بعضهم.
وفي شرح الإيضاح لابن الخباز ذهب جماعة إلى أن فتح "همزتها" لطول الحرف بالتركيب لا لأنّها معمولة "للكاف"، كما قال أبو الفتح: وإلّا لكان الكلام غير تامّ، والإجماع على أنه تامّ، انتهى. وقد مضى أن الزّجاج يراه ناقصا.
وذكروا "لكأن" أربعة معان:
أحدها: وهو الغالب عليها والمتفق عليه، التّشبيه، وهذا المعنى أطلقه الجمهور "لكأن"، وزعم جماعة منهم ابن السّيّد البطليوسي أنه لا يكون إلّا إذا كان خبرها اسما جامدا، نحو: "كأن" زيدا أسد، بخلاف "كأن" زيدا قائم أو في الدّار أو عندك أو يقوم، فإنّها في ذلك كله للظن.
والثّاني: الشّك والظّن، وذلك فيما ذكرنا، وحمل ابن الأنباري عليه"كأنّك" بالشتاء مقبل، أي: أظنه مقبلا.
والثّالث: التّحقيق، ذكره الكوفيّون والزجاجي وأنشدوا عليه:
(فأصبح بطن مكّة مقشعرا ... كأن الأرض ليس بها هشام)
أي: لأن الأرض إذ لا يكون تشبيها؛ لأنّه ليس في الأرض حقيقة.
فإن قيل فإذا كانت للتحقيق فمن أين جاء معنى التّعليل.
قلت من جهة أن الكلام معها في المعنى جواب عن سؤال، عن العلّة مقدّر، ومثله: {اتّقوا ربكم إن زلزلة السّاعة شيء عظيم}،
وأجيب بأمور:
أحدها: أن المراد بالظرفية الكون في بطنها لا الكون على ظهرها، فالمعنى أنه كان ينبغي ألا يقشعر بطن مكّة مع دفن هشام فيه؛ لأنّه لها كالغيث.
الثّاني: أنه يحتمل أن هشاما قد خلف من يسد مسده،"فكأنّه" لم يمت.
الثّالث: أن "الكاف" للتّعليل، و"أن" للتوكيد، فهما كلمتان لا كلمة، ونظيره: {ويكأنه لا يفلح الكافرون}، أي: أعجب لعدم فلاح الكافرين.
والرّابع: التّقريب، قاله الكوفيّون، وحملوا عليه "كأنّك" بالشتاء مقبل، و"كأنك" بالفرج آتٍ، و"كأنك" بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل،
وقول الحريري:
(كأنّي بك تنحط ... )
وقد اختلف في إعراب ذلك فقال الفارسي: "الكاف" حرف خطاب، و"الباء" زائدة في اسم "كأن"، وقال بعضهم: "الكاف" اسم "كأن"، وفي المثال الأول حذف مضاف، أي: "كأن" زمانك مقبل بالشتاء، ولا حذف في"كأنّك" بالدنيا لم تكن، بل الجملة الفعلية خبر، و"الباء" بمعنى "في"، وهي متعلقة بتكن، وفاعل تكن ضمير المخاطب.
وقال ابن عصفور: "الكاف" و"الياء" في "كأنّك" و"كأنّي" زائدتان كافتان "لكأن" عن العمل، كما تكفها "ما" و"الباء" زائدة في المبتدأ.
وقال ابن عمرون: المتّصل "بكأن" اسمها، والظرف خبرها، والجملة بعده حال، بدليل قولهم: "كأنّك" بالشمس، وقد طلعت "بالواو"، ورواية بعضهم ولم تكن ولم تزل "بالواو"، وهذه الحال متممة لمعنى الكلام، كالحال في قوله تعالى: {فما لهم عن التّذكرة معرضين}، و"كحتى" وما بعدها، في قولك: ما زلت بزيد "حتّى" فعل.
وقال المطرزي: الأصل "كأنّي" أبصرك تنحط، و"كأنّي" أبصر الدّنيا لم تكن، ثمّ حذف الفعل وزيدت "الباء".

مسألة
زعم قوم أن "كأن" قد تنصب الجزأين، وأنشدوا:
(كأن أذنيه إذا تشوفا ... قادمة أو قلما محرفا)
فقيل الخبر محذوف، أي: يحكيان، وقيل إنّما الرّواية تخال أذنيه، وقيل الرّواية قادمتا أو قلما محرفا "بألفات" غير منونة على أن الأسماء مثناة، وحذفت "النّون" للضّرورة، وقيل أخطأ قائله، وهو أبو نخيلة، وقد أنشده بحضرة الرشيد، فلحنه أبو عمرو، والأصمعي، وهذا وهم، فإن أبا عمرو توفّي قبل الرشيد). [مغني اللبيب: 3 / 72 - 83]


رد مع اقتباس