الموضوع: لو
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 24 ذو الحجة 1438هـ/15-09-2017م, 02:31 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي

باب "لو"
قال أحمد بن عبد النور المالقي (ت: 702هـ): (باب "لو"
اعلم أن لـ "لو" في الكلام أربعة مواضع:
الموضع الأول: أن تكون حرف امتناعٍ لامتناع، كذا قال النحويون كلهم فيما أعلم، وأرى أن تفسير معناها بهذا إنما هو في الجمل الواجبة لأنها الأصل، والنفي داخل عليها، فلم يعتبره لأنه فرع، والذي ينبغي اعتبار الأصل، لأن
"لو" يختلف تفسير معناها بذلك.
فيقال فيها إذا: إنها تكون حرف امتناعٍ لامتناعٍ إذا دخلت على جملتين موجبتين نحو قولك: «
"لو" قام زيدٌ لأحسنت إليك»، وحرف وجوب لوجوبٍ إذا دخلت على جملتين منفيتين نحو قولك: «"لو" "لم" يقم زيدٌ "لم" يقم عمر»، [وحرف امتناع لوجوب إذا دخلت على جملةٍ موجبة ثم منفية، نحو قولك: «"لو" يقوم زيدٌ "لما" قام عمرو»] وحرف وجوب لامتناع إذا دخلت على جملةٍ منفيةٍ ثم موجبةٍ نحو قولك: «"لو" "لم" يقم زيد لقام عمرو»، وقال الله تعالى: {وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ} وقال الشاعر:
فلو كنت ضبيًا عرفت قرابتي ..... .... .... .... ....
وربما وليت في هذا المعنى "أن" المفتوحة على تقدير فعلٍ قبلها كقوله تعالى: {لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ}، تقديره: «و"لو" ثبت "أن"».
وربما حُذف جوابها للعلم به كقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتَى}، المعنى لكان هذا القرآن، وقال الشاعر في المعنى الثالث:
ولو أنني عُلقت يا أم مالكٍ ..... بعود ثُمامٍ ما تأود عودها
وقال النبي عليه السلام في المعنى الرابع: «لو لم تذنبوا لجاء الله بقومٍ يذنبون فيغفر لهم ويدخلهم الجنة»، وقال الشاعر:
فلو لم يكن في كفه غير نفسه ..... لجاد بها فليتق الله سائله
وأما قوله عليه السلام: «نعم العبدُ صهيبٌ لو لم يخف الله لم يعصه»، فليست "لو" من هذا الموضع، وإنما هي من موضع الشرط على ما يُذكر بعد.
و
"لو" هذه فيها معنى الشرط لا يفارقها، وإن لم يكن لفظها لذلك، ولا عملها، وتخلص الفعل أبدًا إلى الماضي بخلاف أدوات الشرط، وإن كان ما بعدها مضارعًا، وقد تقدّم الكلام على "اللام" الواقعة جوابًا لها في باب اللام.

الموضع الثاني: أن تكون حرف شرط بمنزلة "إن" إلا أنها لا يُجزم بها، كما يجزم بـ "إن" ولا يكون جوابها بعدها إلا محذوفًا غالبًا لدلالة الكلام عليه، كقولك: «أنا أكرمك "لو" قمت»، المعنى: "لو" قمت أكرمك، ومنه قوله تعالى: {وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ}، وقال الشاعر:
قومٌ إذا حاربوا شدوا مآزرهم ..... دون النساء ولو باتت بأطهار
المعنى: وإن كنا صادقين، وإن باتت بأطهار، وعلى ذلك ينبغي أن يُحمل قوله عليه السلام: «نعم العبدُ صهيب لو لم يخف الله لم يعصه»، المعنى أنه لا يعصي الله وإن قُدر أنه لا يخافه، وحاشاه من ذلك، لأنه مطبوع على الطاعة بما اختصه الله به من الانقياد لطاعته والمعرفة له.
وتخالف
"لو" هذه "إن" بأنها أبدًا تلزمُ الدخول على الماضي لفظًا ومعنى، أو معنًى دون لفظٍ كما مُثل قبلُ.

الموضع الثالث: أن تكون تمنيًا بمنزلة "ليت" في المعنى لا في اللفظ والعمل، فتقول: «"لو" أني قمتُ فأكرمك»، ومنه قوله تعالى: {فَلَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، أي: "ليت" لنا كرة، والمعنى التمني، [و] دخلت "الفاءُ" في الجواب، ومنه قول الشاعر:
تجاوزت أحراسا وأهوال معشرٍ ..... علي حراصٍ لو يشرون مقتلي
أي: "ليتهم" يظهرون قتلي، أي: يتمنون أن يُظهروا قتلي.

الموضع الرابع: أن تكون حرف تقليل بمنزلة "رُب" في المعنى نحو قولك: إعط المساكين و"لو" واحدًا، وصلِّ و"لو" الفريضة، ومنه قوله تعالى: {وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} وقوله عليه السلام: «لا تردوا السائل ولو بظلفٍ مُحرق»، و«لا تردوا السائل ولو بشق تمرة» فاعلمه).[رصف المباني:289 - 292]


رد مع اقتباس