الموضوع: حرف الواو
عرض مشاركة واحدة
  #4  
قديم 26 ذو الحجة 1438هـ/17-09-2017م, 06:48 PM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي



باب: مواضع "الواو"

قال أبو الحسن علي بن محمد الهروي النحوي (ت: 415هـ):(باب: مواضع "الواو"
اعلم أن "الواو" اثني عشر موضعًا:
تكون نسقًا: كقولك: «قام زيدٌ
"و" عمروٌ».
وتكون استئنافًا: أي: يستأنف بها ما بعدها، كقوله عز وجل: {ليبين لكم ونقر في الأرحام}، رفع {ونقر} على الاستئناف، أي:
"و" نحن نقر، ومثله: {ثم قضى أجلًا وأجلٌ مسمًّى عنده}، وقوله: {وما كان لنفسٍ أن تؤمن إلا بإذن الله ويجعل الرجس على الذين لا يعقلون}.
وتكون للقسم: كقولك: «
"و" الله لأفعلن كذا وكذا»، و«جاءني زيدٌ "و" عبد الله» كسرت "الدال" "بواو" القسم، ومثله: «أكلت الطعام "و"الحجر الأسود».
وتكون بمعنى
"رب" كما قال امرؤ القيس:
ومثلك بيضاء العوارض طفلةٍ ..... لعوبٍ تنسيني إذا قمت سربالي
أي: "ورب" مثلك.
وتكون بمعنى
"مع": كقولك: «استوى الماء "و" الخشبة»، و«جاء البرد "و" الطيالسة»، و«ذهب زيدٌ "و" أخاك»، أي استوى الماء "مع" الخشبة، وذهب زيدٌ "مع" أخيك.
قال الشاعر:
فكان وإياها كحران لم يفق ..... عن الماء إذ لاقاه حتى تقددا
أي: كان "معها".
وتكون بمعنى
"الباء"، كقولك: «متى أنت "و" بلادك» والمعنى: متى عهدك ببلادك، وكقولهم: «بعت الشاء: شاة "و"درهم»، والمعنى: شاة بدرهمٍ، إلا أنك لما عطفته على المرفوع ارتفع بالعطف عليه.
وتكون بمعنى
"إذ" كقولك: «أتيتك، "و" السماء تمطر»، و«رأيتك "و" زيدٌ واقف»، والمعنى: إذ السماء تمطر، "و" إذ زيد واقفٌ، وتسمى أيضًا "واو" الحال و"واو" الابتداء، لأن ما بعدها مبتدأ، قال الله تعالى: {يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم أنفسهم}، قال سيبويه: "الواو" ها هنا في موضع "إذ"، أي: "إذ" طائفةٌ د أهمتهم أنفسهم، أي: في هذه الحال.
وتكون بمعنى
"أو" في التخيير: كقوله عز وجل: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}، المعنى "أو" ثلاث "أو" رباع.
وتكون للصرف عن جهة الأول: كقولك: «لا تأكل السمك
"و" تشرب اللبن» بالنصب، أي: لا تجمع بين أكل السمك "و" شرب اللبن، قال الشاعر:
لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله ..... عارٌ عليك إذا فعلت عظيم
أراد: لا تجمع بين النهي عن خلقٍ وإتيان مثله.
وتكون مقحمة – أي زائدة في الكلام – لو لم تجئ بها لكان الكلام تامًا، كقوله عزل وجل: {فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه}، المعنى: أوحينا إليه، فتكون {أوحينا} جواب {فلما}، وكذلك قوله: {فلما أسلما وتله للجبين وناديناه}، المعنى: ناديناه، و
"الواو" فيه مقحمة، ومثله قوله: {حتى إذا جاؤها وفتحت أبوابها} المعنى: حتى إذا جاؤوها فتحت أبوابها، فتكون {فتحت} جواب {حتى}.
ومن ذلك قول امرئ القيس:
فلما أجزنا ساحة الحي وانتحى ..... بنا بطن خبتٍ ذي قفافٍ عقنقل
"الواو" مقحمة في قوله: «"و" انتحى»، والتقدير: فلما أجزنا ساحة الحي انتحى بنا، فتكون «انتحى» جواب «فلما» وقال أبو عبيدة: "الواو" في قوله: «"و" انتحى» "واو" نسق، والجواب في قوله: «هصرت» لأنه يروى بعد بيت «"و" انتحى».
هصرت بفودي رأسها فتمايلت ..... علي هضيم الكئح ريا المخلخل
ومعنى «هصرت»: جذبت.
وقال آخر: أنشده الفراء:
حتى إذا قملت بطونكم ..... ورأيتم أبناءكم شبوا
وقلبتم ظهر المجن لنا ..... إن اللئيم العاجز الخب
أراد: قلبتم، وهو جواب "حتى"، وقوله: «قملت»، أي: كثرت، وقوله: «قلبتم ظهر المجن»، أي: تغيرتم عمّا كنتم عليه.
واعلم أن
"الواو" لا تقحم إلا مع "لما" و"حتى" ولا تقحم مع غيرها إلا في الشاذ، كقولهم: «ربنا "و" لك الحمد»، المعنى: ربنا لك الحمد، و"الواو" مقحمة.
وقال قتادة: إن جواب الجزاء في قوله عز وجل: {إذا السماء انشقت}، قوله: {أذنت لربها وحقت}، يعني أن
"الواو" في قوله: {وأذنت لربها} مقحمة، ومعنى المقحم أن يكون الحرف مذكورًا على نية السقوط.
وحروف الإقحام خمسة:
أحدها:
"الواو"، وقد ذكرناها.
والثاني:
"لام" الإضافة في النفي والنداء، كقولك: «لا أبا لك»، و«لا غلامي لك»، و«يا بؤس للحرب»، "اللام" فيهما مقحمة، ولم يبطل معنى الإضافة.
والثالث:
"هاء" التأنيث، كقول النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب.
و «يا طلحة أقبل»، أراد: يا أميم، ويا طلح، فأقحم "الهاء" وأجراها مجرى ما قبلها في الحركة لأنه لم يعتد بإدخالها.
والرابع: تكرير الاسم، كقول جرير:
يا تيم تيم عدي لا أبا لكم.
أراد: يا تيم عدي فأقحم الثاني.
والخامس: ذكر المضاف على طريقة التوكيد، كقول الأعشى:
كما شرقت صدر القناة من الدم
أراد: كما شرقت القناة، فأقحم «الصدر».
والموضع الحادي عشر: تكون
"الواو" زائدة للتوكيد، كقولك: «ما رأيت أحدًا إلا "و" عليه ثياب حسنة» وإن شئت: «إلا عليه ثياب حسنة»، وفي القرآن: {وما أهلكنا من قريةٍ إلا ولها كتابٌ معلوم}، وفي موضع آخر: {وما أهلكنا من قريةٍ إلا لها منذرون}.
وقال الشاعر:
إذا ما ستور البيت أرخين لم يكن ..... سراج لنا إلا ووجهك أنور
فجاء "بالواو".
وقال آخر:
وما مس كفي من يدٍ طاب ريحها ..... من الناس إلا ريح كفيك أطيب
فجاء بغير "الواو".
والموضع الثاني عشر: تكون
"الواو" تنصب ما بعدها: بإضمار فعلٍ أو بإضمار "أن" فإضمار الفعل قولك: «ما أنت وزيدًا» و«مالك "و" زيدًا» تنصب «زيدًا» بإضمار فعل، كأنك قلت: ما أنت "و" ملابسة زيد، أو ما لك تلابس زيدًا، وإضمار "أن" قولك: «لا يسعني شيءٌ "و" يضيق عنك» تنصب «"و" يضيق» بإضمار "أن" تقديره: لا يجتمع "أن" يسعني شيء "و" يضيق عنك). [الأزهية: 231 - 240]


رد مع اقتباس