الموضوع: حرف الهاء
عرض مشاركة واحدة
  #12  
قديم 27 ذو الحجة 1438هـ/18-09-2017م, 12:05 AM
جمهرة علوم اللغة جمهرة علوم اللغة غير متواجد حالياً
إدارة الجمهرة
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 2,897
افتراضي


شرح أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ)
(حرف "الهاء")
قال أحمد بن فارس الشدياق (ت: 1305هـ): ( (حرف "الهاء")
"الهاء" المفردة على خمسة أوجه:
أحدها: أن تكون ضميرًا للغائب، وتستعمل في موضعي الجر والنصب نحو: {قال له صاحبه وهو يحاوره}.
والثاني: أن تكون حرفًا للغيبة، وهي
"الهاء" في "إياه".
والثالث:
"هاء" السكت، نحو: ماهية، ووهنا، ووازيداه، وأصلها أن يوقف عليها وربما وصلت.
والرابع: المبدلة من
"همزة" الاستفهام، كقوله:
وأتى صواحبها فقلن هذا الذي ..... منح المودة غيرنا وجفانا
وزعم بعضهم أن الأصل هذا فحذف "الألف".
والخامس:
"هاء" التأنيث، نحو: رحمة.
"ها": على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن تكون اسم فعل بمعنى خذ، ويجوز مد "ألفها"، فتقول: "ها" زيدًا، و"ها" زيدًا، ويستعملان مع "كاف" الخطاب وبدونها، ويجوز في الممدودة أن يستغني عن "الكاف" بتصريف "همزتها" تصاريف "الكاف"، فيقال: "هاء" المذكر بالفتح، و"هاء" للمؤنث بالكسر، و"هاؤما" للمؤنث، و"هاؤم"، و"هاؤن"، ومنه: {هاؤم اقرأوا كتابيه}.
والثاني: أن تكون ضميرًا للمؤنث، فتستعمل مجرورة الموضع ومنصوبته، نحو: {فألهما فجورها}.
والثالث: أن تكون للتنبيه، فتدخل على الإشارة نحو: هذا، وعلى ضمير الرفع المخبر عنه باسم الإشارة نحو: {ها أنتم أولاء} وقيل: إنما كانت داخلة على الإشارة فقدمت، ورد بنحوها: أنتم هؤلاء.
وتدخل أيضًا في النداء نحو: يا "أيها" الرجل، وهي في هذا واجبة، ويجوز في هذه وهي لغة بني أسد أن تحذف "ألفها"، وأن تضم "هاؤها" اتباعًا، وعليه قراءة ابن عامر: {أيه المؤمنون}، {أيه الساحر}، {أيه الثقلان} بضم
"الهاء" في الوصل، وعلى اسم الله تعالى في القسم عند حذف الحرف، أي: حرف القسم، يقال: "ها" الله بقطع "الهمزة" ووصلها، وكلاهما مع إثبات "ألفها" وحذفها.
قال الشارح، قوله: بقطع "الهمزة"، بأن تقول: "ها" الله أو هألله، وقوله: ووصلها، أي: بأن تقول "ها" الله أو هالله، قال الدماميني: حكى الزمخشري في المفصل أنه يقال: "ها" أنا زيدًا منطلق، و"ها" أنا أفعل كذا، وهذا ليس من المواضع الأربعة التي ذكرها المصنف، لكن قال الرضي: لم أعثر لذلك على شاهد، وهو عجيب، فإن الزمخشري أنشد في المفصل قول النابغة:
ها أنا تا عذرة إن لم تكن قبلت ..... فإن صاحبها قد تاه في البلد
وهذا شاهد على دخولها على الجملة الاسمية مثل: "ها" أنا زيدًا منطلق.
وقال العلامة الدسوقي عند قول المصنف في الخطبة: و"ها" أنا بائح بما أسررته: أدخل "هاء" التنبيه على الضمير المنفصل، وخبره ليس اسم إشارة مع أنه يمنع ذلك، كما يأتي في حرف
"الهاء"، وقد وقع له ذلك في ثلاثة مواضع إلا أن يجاب بأنه مشى فيها على ما جوزه بعضهم.
وقال العلامة المرتضى شارح القاموس عند قول المصنف في الخطبة، و
"ها" أنا أقول: قال شيخنا المعروف بين أهل العربية: أنا "ها"، الموضوعة للتنبيه، لا تدخل على الرفع المنفصل الواقع مبتدأ إلا إذا أخبر عنه باسم الإشارة نحوها: أنتم أولاء أنتم هؤلاء، فأما إذا كان الخبر غير إشارة فلا، وقد ارتكبه المصنف غافلًا عن شرطه، والعجب أنه اشترط ذلك في آخر كتابه لما تكلم على "هاء"، وارتكبه ههنا، وكأنه قلد في ذلك شيخه العلامة جمال الدين بن هشام، فإنه في مغني اللبيب ذكرها ومعانيها واستعمالها على ما حققه النحويون، وعدل عن ذلك فاستعملها في كلامه في الخطبة مثل المصنف، فقال: و"ها" أنا بائح بما أسررته، اهـ.
وقال الحريري في درة الغواص: ويقولون: هو
"ذا" يفعل، وهو "ذا" يصنع، وهو خطأ فاحش ولحن شنيع، والصواب: "ها" هو "ذا" يفعل، وكان أصل القول: هو هذا.
قال الشارح: هو ما تبع فيه ابن الأنباري في كتابه الزاهر: وهو سفساف من القول، وضرب من الهذيان والفضول، فإنه هو مبتدأ وذا مبتدأ ثان خبره الجملة بعده، ويصح أن يكون
"ذا" اسمًا موصولًا، وإعرابه ظاهر، وصحته كذلك، ونحوه قال العجاج:
فهو ذا فقد رجا الناس الغير ..... من أمرهم على يديك والثؤر
وفي الحديث الشريف: «هو "ذاكم"»، وفي شرح التسهيل: إذا اجتمع اسم الإشارة وغيره يجعل اسم الإشارة مبتدأ وغيره خبر، فيقال: هذا القائم، وهذا زيد؛ لأن العرب اعتنت بمكان التنبيه والإشارة، فقدمته، ولا يجوز أن يجعل خبرًا إلا مع المضمر، فإن الأفصح فيه أن يقدم فيقال: "ها" أنا "ذا"، ويجوز: هذا أنا.
وفي كتاب الزاهر: إنما يجعلون المضمر بين
"ها" و"ذا" إذا قربوا الخبر، فيقولون: "ها" أنا "ذا" ألقى فلانًا، أي: قد قرب لقائي غياه، وقد سماه الكوفيون: تقريبًا.
وفي أصول ابن السراج: لا يجوز: هذا هو، وهذا أنت، وهذا أنا؛ لأنك لا تشير لإنسان غيرك، ولا إلى نفسك، إلا إذا قصد التمثيل، أي: هذا يقوم مقامك ويغني غناك، اهـ.
فعلى هذا يجوز: هذا أنت، وهذا أنا، أي: هذا مثلك، وهذا مثلي، فإن هذا هو بمنزلة قولك: هذا عبد الله، وما أشبهه؛ لأنك قد تكون في حديث إنسان فيسألك المخاطب عن صاحب القصة من هو فتقول: هذا هو.
وقال قوم: إن كلام العرب أن يجعلوا هذه الأسماء المكنية بين
"ها" و"ذا"، وينصبون أخبارها فيقولون: "ها" هو "ذا" قائمًا، و"ها" أنا جالسًا، وهذا يسمى التقريب، وهذا هو منشأ ما قاله ابن الأنباري والمصنف لم يقف على المراد منه، فليحرر، فإن ما قاله ليس بشيء ينبغي أن يذكر، انتهى.
وفي الكليات:
"ها" أنا كلمة يستعملونها غالبًا، وفيه إدخال "هاء" التنبيه على ضمير الرفع المنفصل، مع أن خبره ليس اسم إشارة، وقد صرح ابن هشام بعدم جوازه.
وقال في موضع آخر: هذا، أو مبتدأ حذف خبره، أي: هذا الذي ذكر على ما ذكر.
"هات": تقول: "هات" يا رجل، بكسر "التاء"، أي: أعطني، وللاثنين "هاتيا" مثل: "اتيا"، وللجمع: "هاتوا"، وللمرأة "هات"، "بالياء"، وللمرأتين: "هاتيا"، وللنساء: "هاتين"، وتقول: "هات" لا "هاتيت" و"هات" إن كانت بك مهاتاة، وما "أهاتيك"، كما تقول: ما أعاطيك.
قال الخليل: أصل
"هاتي" من آتى يؤتي، فقلبت "الألف" "هاء"، اهـ.
وهاته بمعنى هذه، وهي عند المغاربة أكثر اشتهارًا واستعمالًا من هذه.
"هب": قال الحريري: ويقولن: "هب" أني فعلت، و"هب" أنه فعل، والصواب: "هبني" و"هبه"، اهـ.
قال ابن بري: إذا جعل
"هبني" بمعنى: احسبني وعدني، فلا يمتنع أن تقول: "هب" "أني"، وقد سمع أيضًا فلا مانع منه قياسًا واستعمالًا.
"هل": حرف موضع لطلب التصديق دون التصور، وتفترق من "الهمزة" من عدة أوجه:
أحدها: اختصاصها بالتصديق.
والثاني: اختصاصها بالإيجاب، تقول:
"هل" قام، ويمتنع "هل" لم يقم، بخلاف "الهمزة" نحو:{ألم نشرح}.
ألا طعان ألا فرسان عادية.
والثالثة: أنها لا تدخل على الشرط ولا على
"أن".
والرابع: أنها تقع بعد العاطف لا قبله، وبعد
"أم"، نحو: {فهل يهلك إلا القوم الفاسقون}، {وهل يستوي الأعمى والبصير أم هل تستوي الظلمات والنور}.
والخامس: أنه قد يراد بالاستفهام بها النفي، ولذلك دخلت
"إلا" على الخبر بعدها نحو: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان}، و"الباء" كما في قوله: ألا "هل" أخو عيش لذيذ بدائم.
والسادس: أنها تأتي بمعنى
"قد" مع الفعل، وبذلك فسر قوله تعالى: {هل أتى على الإنسان} جماعة منهم ابن عباس رضي الله عنهما والكسائي والفراء والمبرد، وبالغ الزمخشري فزعم أنها أبدًا بمعنى "قد"، وأن الاستفهام إنما هو مستفاد من "همزة" مقدرة معها، ونقله في المفصل عن سيبويه فقال: وعند سيبويه أن "هل" بمعنى "قد"، إلا أنهم تركوا "الألف" قبلها؛ لأنها لا تقع إلا في الاستفهام، وقد جاء دخولها عليه في قوله:
سائل فوارس يربوع بشدتنا ..... أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم
قال: ولو كان كما ذكر لم تدخل إلا على الفعل "كقد"، ولم أر في كتاب سيبويه ما نقله عن، ورواية السيرافي في البيت: أم "هل".
وفي تسهيل ابن مالك: أنه يتعين مرادفة
"هل" "لقد" إذا دخلت عليها "الهمزة"، يعني: كما في البيت، ومفهومه أنها لا تتعين لذلك إذا لم تدخل عليها، بل قد تأتي لذلك كما في الآية، وقد لا تأتي له.
السابع: أن تكون بمنزلة
"أن" في إفادة التأكيد والتحقيق، ذكر ذلك جماعة من النحويين، وحملوا على ذلك: {هل في ذلك قسم لذي حجر}، وقدروه جوابًا للقسم وهو بعيد.
"هلم": قال في الصحاح: "هلم" يا رجل بفتح "الميم" بمعنى: تعال، قال الخليل: أصله: "لم" من قولهم: "لم" الله شعثه، أي: جمعه، كأنه أراد: "لم" نفسك إلينا، أي: أقرب، و"ها" للتنبيه، وإنما حذفت "ألفها" لكثرة الاستعمال، وجعلا اسمًا واحدًا يستوي فيه الواحد والجمع، والتأنيث في لغة الحجاز، قال الله تعالى: {والقائلين لإخوانهم هلم إلينا}، وأهل نجد يصرفونها فيقولون للاثنين: "هلما"، وللجمع: "هلموا"، وللمرأة: "هلمي"، وللنساء: "هلممن"، والأول أفصح.
وقد توصل
"باللام" فيقال: "هلم" لك، و"هلم" لكما، كما قالوا في "هيت".
وإذا قيل لك:
"هلم" إلى كذا، قلت: إلام أهم، مفتوحة "الألف" و"الهاء"، كأنك قلت: إلام ألم، وتركت "الهاء" على ما كانت عليه، وإذا قيل لك: "هلم" كذا، قلت: لا أهلمه، أي: لا أعطيكه.
"هنا": ظرف مكان للقريب، وقد تدخل عليه "الهاء" فيقال: "ههنا"، و"هنالك" للبعيد، و"اللام" زائدة، و"الكاف" حرف خطاب تفتح للمذكر وتكسر للمؤنث.
قال الفراء: يقال: اجلس
"ههنا" قريبًا، وتنح "ههنا"، أي: تباعد، و"هنا" بالفتح والتشديد، معناه: "ههنا"، ومنه قولهم: تجهوا من "هنا"، ومن "هنا"، أي: من "ههنا" و"ههنا"، ويقال في النداء: يا "هناه"، بزيادة "هاء" في آخره، تصير "تاء" في الوصل ، ومعناه: يا فلان.
"هو": وفروعه تكون أسماء وهو الغالب، وأحرفًا في نحو: زيد "هو" الفاضل إذا أعرب فصلًا.
قال شارح أبيات التحفة الوردية: العرب لا تنادي ضمير المتكلم فلا تقول: يا
"إياه"، ولا يا "هو"، فكلام جهلة الصوفية في نداء الله تعالى: يا "هو"، ليس جاريًا على كلام العرب.
"هيا": من حروف النداء، وأصلها: "أيا"، مثل: أراق، وهراق، و"هيا" "هيا" بالتشديد زجر، كما في القاموس، وقال الشريشي: "هيا" من أسماء الأفعال "كصه" و"مه"، ومعناه: أسرع وأقبل.
"هيت": "هيت" لك، بمعنى: "هلم" لك، يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، إلا أن العدد فيما بعده نحو: "هيت" لكما، و"هيت" لكم، و"هيت" لكن.
"هيهات": ذكرها صاحب القاموس في – "ي" – وفسرها ببعد، ويقال أيضًا: "إيهات"، وفي الصحيح: "هيهات" كلمة تبعيد، قال جرير:
فهيهات هيهات العقيق وأهله ..... وهيهات خل بالعقيق تحاوله
و"التاء" مفتوحة وأصلها: "هاء"، وناس يكسرونها على كل حال بمنزلة "نون" التثنية، وقد تبدل "الهاء" الأولى "همزة" فيقال: "إيهات"، مثل هراق وأراق). [غنية الطالب: 260 - 265]


رد مع اقتباس