عرض مشاركة واحدة
  #94  
قديم 7 صفر 1439هـ/27-10-2017م, 01:01 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

البديعيات
قال عبد العزيز بن داخل المطيري: (البديعيات
البديعيات جمع بديعية، وهي القصيدة المرصّعة بأنواع البديع.

وكان الشعراء المحدثون في القرن الثاني والثالث والرابع على تنافسهم في البديع وأنواعه لم يُعرف عنهم أنهم تصدّوا لنظم أنواع البديع بأمثلتها في قصائد مقصدها التعريف بأنواع البديع، وإنما كان الذي فشا فيهم الإكثار من البديع في تحلية قصائدهم التي لها مقاصد أخرى، حتى أتى يحيى بن عبد المعطي الزواوي (ت:628هـ) فنظم أنواع البديع وشواهده في منظومة سمّاها "البديع في علم البديع" قال في مطلعها:
يقول ابن معطٍ قلت لا متعاطياً .. مقالة من يرجو الرضا والتعاطيا
أتيت بأبيات البديع شواهداً .. أضمّ إليها في نظيمي الأساميا
- ثمّ نظم أمين الدين علي بن عثمان السليماني الإربلّي(670هـ) قصيدة من ستة وثلاثين بيتا ضمّنها أنواعاً من البديع، قال في مطلعها:
بعضَ هذا الدّلال والإدلال ... حالي الهجر والتّجنّب حالي
حرت إذ حزت رَبع قلبي وإذْ لا ... لي صبر أكثرت من إذلالي
- ثمّ ابتكر صفيّ الدين عبد العزيز بن سرايا الطائي الحلّي(ت:750هـ) بديعية في المديح النبوي عارض بها بردة البوصيري (ت:696هـ) سمّاها "الكافية البديعية في علوم البلاغة ومحاسن البديع" ، وهي مائة وخمسة وأربعون بيتاً تشتمل على مائة وواحد وخمسين نوعاً من أنواع البديع، ومطلعها:
إن جئت سلعا فسل عن جيرة العلم .. واقرا السلام على عُرْب بذي سلم
وشَرَحَ بديعيته هذه في كتاب طبعه مجمع اللغة العربية بدمشق.
وهي قصيدة فيها فوائد بديعية إلا أنه شانها بالغلو في المدح فلذلك ينبغي أن يحذر مما فيها من مجاوزة الحدّ في مدح النبي صلى الله عليه وسلم.
وبديعية الحلّي شاعت وذاعت في عصره وبعد عصره وعارضها جماعات من الشعراء حتى جاوزوا المائة، ومنهم من زاد عليه في أنواع البديع.
ومن أشهر ما عورضت به بديعية الحلّي:
1. بديعية ابن جابر، وهو أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الأندلسي، وتعرف أيضاً ببديعية الأعمى ، لأنه كان كفيف البصر، وقد سمّاها "الحلة السيرا في مدح خير الورى"، وهي معدودة من أجود البديعيات نظماً حتى فضّلها بعضهم على بديعية الحلّي، ومما قال فيها:
عُج بي عَلَيهِم فَعُجبي مِن جَفاءِ فَتىً ** جازَ الدِّيارَ وَلَم يُلمِم بِرَبعِهِمِ
دَع عَنكَ سَلمى وَسَل ما بِالعَقيق جَرى ** وَأُمَّ سَلعاً وَسَل عَن أَهلِهِ القُدُمِ
وكان له صديق كالأخ أو هو أقرب من حسن ملازمته له في أسفاره ورحلاته، وقيامه بشؤونه، ومؤانسته له، اسمه أحمد بن يوسف الرعيني الأندلسي(ت779هـ)، فاصطحبا في رحلاتهما من الأندلس إلى الشام مروراً بمصر يسمعان القراءات والحديث ويدرسان النحو وعلوم العربية، حتى عُرفا بالأعمى والبصير، وكان ابن يوسف أديباً ناقداً ، فشرح بديعية صديقه في كتاب حافل سمّاه "طراز الحلة وشفاء الغلة"، وهو مطبوع
ولم يتفرَّقا حتى تزوّج ابنُ جابر بعد استقراره في حلب، فغادرها ابن يوسف ومات قبله بسنة.
2. بديعية عز الدين علي بن الحسين الموصلي (ت:789هـ) ، وسمّاها: "التوصل بالبديع إلى التوسل بالشفيع"، والتزم فيها أن يودع كل بيت اسم النوع البديعي الذي فيه، بالتورية أو الاستخدام أو التنبيه، لكنّه أنهك بهذا الالتزام قصيدته وأذهب رونقها، ومطلعها:
براعة تستهل الدمع في العلم … عبارة عن نداء المفرد العلم
3. بديعية شهاب الدين أحمد العطار (ت: 794هـ) ، سمّاها، "الفتح الإلّي في مطارحة الحلّي".
4. بديعيَّة عيسى بن حجاج بن عيسى بن شداد السعدي (ت:807هـ) ، وهي رائية، شرحها مجد الدين إسماعيل الحنفي شيخ الحافظ السخاوي.
5. بديعيات زين الدين شعبان بن محمد بن داوود الآثاري الموصلي (ت:828هـ)، وهي ثلاث بديعيات: كبرى ووسطى وصغرى.
6. بديعية أبي بكر علي بن حجة الحموي (ت: 837هـ) ، و"سماها "تقديم أبي بكر" ، وشرحها شرحاً حافلاً في كتاب سمّاه "خزانة الأدب وغاية الأرب"، وهو مطبوع.
7. بديعية جلال الدين السيوطي (ت:911هـ) ، وقد سماها "نظم البديع في مدح خير شفيع"
8. بديعية عائشة بنت يوسف الباعونية (ت: 923هـ) ، وقد شرحت بديعيتها في كتاب سمّته "الفتح المبين في مدح الأمين".
9. بديعية الحميدي، وهو عبد الرحمن بن أحمد بن علي الحميدي (ت:1005هـ ) ، وسماها: "فتح البديع بشرح تمليح البديع بمدح الشفيع"
10.بديعية ابن معصوم، وهو علي بن أحمد بن محمد ابن معصوم الهندي (ت:1119هـ)، وقد اشتملت على مائتي نوع من البديع، وله شرح حافل عليها سماه "أنوار الربيع في أنواع البديع"، وهو مطبوع.
فهذه عشر بديعيات، وأكثرها لها شروح مطبوعة، وأقرب فوائدها التعريف بأنواع البديع بالشرح والتمثيل، وأما نظم عامة تلك البديعيات فهو منتقد عند أهل البلاغة من جهة ضعف صنعة الشعر فيها وكثرة إنهاك الأبيات بتكلّف البديع، وكون الألفاظ قائدة للمعاني على عكس غاية البيان، وقد يُنتخب من بعض تلك البديعيات أبيات حسنة قليلة في جنب كثير لا يستساغ، مع ما في بعضها من الغلوّ في المدح إلى درجة وصف النبي صلى الله عليه وسلم ببعض خصائص الربوبية، وسؤاله الحاجات، وهذا من الشرك الأكبر والعياذ بالله). [طرق التفسير:260 - 263]

رد مع اقتباس