عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 03:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {والصافات صفا * فالزاجرات زجرا * فالتاليات ذكرا * إن إلهكم لواحد * رب السماوات والأرض وما بينهما ورب المشارق * إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب * وحفظا من كل شيطان مارد}
أقسم الله تعالى في هذه الآيات بأشياء من مخلوقاته، واختلف الناس في معناها، فقال ابن مسعود، ومسروق، وقتادة: هي الملائكة التي تصف في السماء في عبادة الله تعالى وذكره صفوفا، وقالت فرقة: أراد كل من يصف من بنيآدم في قتال في سبيل الله، أو في صلاة وطاعة، والتقدير: والجماعات الصافات، واللفظ يحتمل أن يعم هذه المذكورات.
"الزاجرات زجرا"، قال مجاهد، والسدي: الملائكة التي تزجر السحاب وغيره من مخلوقات الله، وقال قتادة: هي آيات القرآن المتضمنة النواهي الشرعية.
وقوله: {فالتاليات ذكرا} معناه: القارئات، وقال مجاهد، والسدي: أراد الملائكة التي تتلو ذكره، وقال قتادة: أراد بني آدم الذين يتلون كتبه المنزلة، وتسبيحه وتكبيره، ونحو ذلك.
وقرأ أبو عمرو، وحمزة: [والصافات صفا] بالإدغام، وهي قراءة ابن مسعود، ومسروق، والأعمش. وقرأ الباقون وجمهور الناس بالإظهار، وكذلك في كلها، قال أبو حاتم: "والإظهار اختيارنا"، وأما "الحاملات وقرا" و"الجاريات يسرا" فلا يجوز فيهما الإدغام لبعد التاء من الحرفين).[المحرر الوجيز: 7/ 270-271]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم بين تعالى المقسم عليه أنه توحيده، وأنه واحد، أي: متحد في جميع الجهات التي ينظر فيها المفكر).[المحرر الوجيز: 7/ 271]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم وصف تعالى نفسه بربوبيته جميع المخلوقات، وذكر "المشارق" لأنها مطالع الأنوار، والعيون بها أكلف، وفي ذكرها غنية عن ذكر المغارب; إذ معادلتها لها مفهومة عند كل ذي لب، وأراد تبارك وتعالى مشارق الشمس وهي مائة وثمانون في السنة فيما يزعمون، من أطول أيام السنة إلى أقصرها). [المحرر الوجيز: 7/ 271]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر عن قدرته بتزيين السماء بالكواكب، وانتظم في ذلك التزيين أن جعلها حفظا وحرزا من الشياطين المردة، وهم مسترقو السمع.
وقرأ الجمهور بإضافة "الزينة" إلى "الكواكب"، وقرأ حمزة، وحفص عن عاصم بتنوين (زينة) وخفض (الكواكب) على البدل منها، وهي قراءة ابن مسعود، ومسروق - بخلاف عنه - وأبي زرعة بن عمر بن جرير، وابن وثاب، وطلحة. وقرأ أبو بكر عن عاصم: "بزينة" بالتنوين [الكواكب] بالنصب، وهي قراءة ابن وثاب، وأبي عمرو، والأعمش، ومسروق، وهذا في الإعراب نحو قوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا} وحكى الزهراوي قراءة بتنوين: "زينة" ورفع "الكواكب".
و"المارد": المتجرد للشر، ومنه: شجرة مرداء، أي: لا ورق عليها، ومنه: الأمرد. وخص تعالى السماء الدنيا بالذكر لأنها التي تباشر بأبصارنا، وأيضا فالحفظمن الشيطان إنما هو فيها وحدها. و"حفظا" نصب على المصدر، وقيل: مفعول من أجله، والواو زائدة). [المحرر الوجيز: 7/ 271-272]

تفسير قوله تعالى: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {لا يسمعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب * دحورا ولهم عذاب واصب * إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب}
"الملأ الأعلى": أهل السماء الدنيا فما فوقها، ويسمى الكل منهم "أعلى" بالإضافة إلى ملإ الأرض الذي هو أسفل، والضمير في "يسمعون" للشياطين. وقرأ جمهور القراء والناس: [يسمعون] بسكون السين وتخفيف الميم، وقرأ حمزة، وعاصم - في رواية حفص - وابن عباس - بخلاف عنه - وابن وثاب، وعبد الله بن مسلم، وطلحة، والأعمش: "لا يسمعون" بشد السين والميم، بمعنى: لا يتسمعون، فينتفي على القراءة الأولى سماعهم وإن كانوا يستمعون، وهو المعنى الصحيح، ويعضده قوله تعالى: {إنهم عن السمع لمعزولون}، وينتفي على القراءة الأخيرة أن يقع منهم استماع أو سماع، وظاهر الأحاديث أنهم يستمعون حتى الآن لكنهم لا يسمعون، وإن سمع أحد منهم شيئا لم يفلت قبل أن يلقي ذلك السمع إلى الذي يجيؤه; لأن من وقت محمد عليه الصلاة والسلام ملئت السماء حرسا شديدا وشهبا، وكان الرجم في الجاهلية أخف، وروي في هذا المعنى أحاديث صحاح مضمنها أن الشياطين كانت تصعد إلى السماء فتقعد للسمع واحدا فوق آخر، يتقدم الأجسر نحو السماء، ثم الذي يليه، فيقضي الله تعالى الأمر في الأمور في الأرض فيتحدث به أهل السماء، فيسمعه منهم ذلك الشيطان الأدنى، فيلقيه إلى الذي تحته، فربما أحرقه شهاب وقد ألقى الكلام، وربما لم تحرقه جملة، فينزل تلك الكلمة إلى الكهان فيكذبون معها مائة كذبة، فتصدق تلك الكلمة، فيصدق الجاهلون الجميع، فلما جاء الله تعالى بالإسلام حرست السماء بشدة فلم يفلت شيطان سمع بتة، ويروى أنها لا تسمع الآن شيئا.
والكواكب الراجمة هي التي يراها الناس تنقض، قال النقاش، ومكي: وليست بالكواكب الجارية في السماء، لأن تلك لا ترى حركتها، وهذه الراجمة ترى حركتها لأنها قريبة منا، وفي هذا نظر. و"يقذفون" معناه: ويرجمون.
و"الدحور": الإصغار والإهانة; لأن الزجر الدفع بعنف، وقال مجاهد: مطرودين. وقرأ الجمهور بضم الدال، وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي: [دحورا] بفتح الدال، و"الواصب": الدائم، قاله مجاهد، وقتادة، وعكرمة. وقال السدي، وأبو صالح: الواصب: الموجع، ومنه: الوصب، والمعنى: هذه الحال الغالبة على جميع الشياطين، إلا من شذ فخطف خبرا أو نبأ فأتبعه شهاب فأحرقه.
وقرأ جمهور الناس: "خطف" بفتح الخاء وكسر الطاء خفيفة، وقرأ الحسن، وقتادة: [خطف] بكسر الخاء والطاء وتشديد الطاء، قال أبو حاتم: يقال: هي لغة بكر بن وائل، وتميم بن مرة، وروي عن ابن عباس رضي الله عنهما بكسر الخاء والطاء مخففة. و"الثاقب": النافذ بضوئه وشعاعه المنير، قاله قتادة، والسدي، وابن زيد، و"حسب ثاقب" إذا كان سنيا منيرا). [المحرر الوجيز: 7/ 272-273]

رد مع اقتباس