عرض مشاركة واحدة
  #7  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 03:24 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن السادس الهجري

تفسير قوله تعالى: {فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ (11) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فاستفتهم أهم أشد خلقا أم من خلقنا إنا خلقناهم من طين لازب * بل عجبت ويسخرون * وإذا ذكروا لا يذكرون * وإذا رأوا آية يستسخرون * وقالوا إن هذا إلا سحر مبين * أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون * أوآباؤنا الأولون * قل نعم وأنتم داخرون}
الاستفتاء نوع من أنواع السؤال، وكأنه سؤال من يهتبل بقوله ويجعل حجة، وكذلك هي أقوالهم في هذا الفاصل، لا يمكنهم أن يقولوا إلا أن خلق من سواهم من الأمم والملائكة والإنس والجن والسموات والأرض والمشارق وغير ذلك، هو أشد من هؤلاء المخاطبين، وبأن الضمير في "[خلقنا]" يراد به ما تقدم ذكره، قال مجاهد وقتادة وغيرهما: وفي مصحف ابن مسعود: [أم من عددنا] يريد من الصافات وغيرها، والسماوات والأرض وما بينهما، وكذلك قرأ الأعمش، "أمن" مخففة الميم دون "أم".
ثم أخبر تعالى إخبارا جزما عن خلقه لآدم الذي هو أبو البشر، وأضاف الخلق من الطين إلى جميع الناس من حيث الأب مخلوق منه، وقال الطبري: خلق آدم من تراب وماء ونار وهواء، وهذا كله إذا خلط صار طينا لازبا، وهو اللازم، أي: يلازم ما جاوره ويلصق به، وهو الصلصال كالفخار، وعبر ابن عباس، وعكرمة عن اللازب بالحر، أي الكريم الجيد، وحقيقة المعنى ما ذكرناه، يقال: ضربة لازب ولازم" بمعنى واحد).[المحرر الوجيز: 7/ 274]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ (12) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقرأ الجمهور: "عجبت" بفتح التاء، أي يا محمد من إعراضهم عن الحق وعماهم عن الهدى، وأن يكونوا كافرين مع ما جئتهم به من عند الله. وقرأ حمزة والكسائي بضم التاء، ورويت عن علي، وابن مسعود، وابن عباس، وابن وثاب، والنخعي، وطلحة، وسفيان، والأعمش، وذلك على أن يكون تعالى هو المتعجب، ومعنى ذلك من الله سبحانه أنه صفة فعل، كقوله عليه الصلاة والسلام: "تعجب الله تعالى إلى قوم يساقون إلى الجنة في السلاسل"،وقوله: " تعجب الله من الشاب ليست له صبوة"، فإنما هي عبارة عما يظهره في جانب منه، فمعنى هذه الآية: بل عجبت من ضلالهم وسوء نحلتهم، وجعلتها للناظرين فيها وفيما اقترن معها من شرعي وهداي متعجبا، وروي عن شريح إنكار هذه القراءة، وقال: إن الله تعالى لا يعجب، وقال الأعمش: فذكرت ذلك لإبراهيم فقال: إن شريحا كان معجبا بعلمه، وإن عبد الله أعلم منه. وقال مكي، وعلي بن سليمان في كتاب الزهراوي: هو إخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم عن نفسه، كأنه قال: "قل لهم: عجبت"، وقوله: "ويسخرون" أي: وهم يسخرون من نبوتك والحق الذي عندك).[المحرر الوجيز: 7/ 274-275]

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (13) }

تفسير قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا آَيَةً يَسْتَسْخِرُونَ (14) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "يستسخرون" يريد: بالآية، وهي العلامة والدلالة، وروي أنها نزلت في ركانة، وهو رجل مكي مشرك، لقي النبي صلى الله عليه وسلم في جبل خال وهو يرعى غنما له، وهو أقوى أهل زمانه، فقال له: يا ركانة، إن أنا صرعتك أتؤمن بي؟ قال: نعم، فصرعه ثلاثا، ثم عرض عليه آيات من دعاء شجرة وإقبالها، ونحو ذلك مما اختلف فيه ألفاظ الحديث، فلما فرغ من ذلك كله لم يؤمن، وجاء إلى مكة فقال: يا بني هاشم، ساحروا بصاحبكم هذا أهل الأرض، فنزلت الآية فيه وفي نظرائه. و"يستسخرون" معناه: يطلبون أن يكونوا ممن يسخر، ويجوز أن يكون بمعنى: يسخر، كقوله: "واستغنى الله"، فيكون فعل واستفعل بمعنى، وبهذا فسره مجاهد وقتادة، وفي بعض القراءات القديمة: "يستسحرون" بالحاء غير منقوطة، وهذه عبارة عما قال ركانة; لأنه استسحر عليه الصلاة والسلام). [المحرر الوجيز: 7/ 275-276]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (15) }

تفسير قوله تعالى: {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَوَآَبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (17) قُلْ نَعَمْ وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ (18) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله تعالى: {أإذا متنا}. وقرأ بضم الميم أبو جعفر، وابن أبي إسحق، وعاصم، وأبو عمرو، والعامة، وكسرها الحسن، والأعرج، وشيبة، ونافع.
وقرأ أبو جعفر، وشيبة ونافع: "أو آباؤنا" بسكون الواو، وهي التي للقسمة أو التخيير، وقرأ الجمهور بفتحها، وهي واو العطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
ثم أمره تعالى أن يجيب تقريرهم بـ"نعم" ويزيدهم في الجواب أنهم في البعث - في صغار وذلة، و"الداخر": الصاغر الذليل، وقد تقدم غير مرة ذكر القراءات في الاستفهامين). [المحرر الوجيز: 7/ 276]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ (19) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (قوله عز وجل: {فإنما هي زجرة واحدة فإذا هم ينظرون * وقالوا يا ويلنا هذا يوم الدين * هذا يوم الفصل الذي كنتم به تكذبون * احشروا الذين ظلموا وأزواجهم وما كانوا يعبدون * من دون الله فاهدوهم إلى صراط الجحيم * وقفوهم إنهم مسؤولون * ما لكم لا تناصرون * بل هم اليوم مستسلمون}
هذا استئناف إخبار جره ما قبله، فأخبر تعالى أن بعثهم من قبورهم إنما هي زجرة واحدة، وهي نفخة البعث في الصور، وقوله: "ينظرون" يحتمل أن يريد: بالأبصار، أي: ينظرون ما هم فيه، وصدق ما كانوا يكذبون به، ويحتمل أن يكون بمعنى: ينتظرون ما يفعل بهم ويؤمرون به).[المحرر الوجيز: 7/ 276]

تفسير قوله تعالى: {وَقَالُوا يَا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ (20) هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ (21) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر عنهم أنهم في تلك الحال يقولون: "يا ويلنا"، ينادون الويل، بمعنى: هذا وقت حضورك وأوان حلولك. وروى أبو حاتم الوقف هاهنا، وجعل قوله: {هذا يوم الدين} من قول الله أو الملائكة لهم، ورأى غيره أن باقي الآية من قول الكفرة. و"الدين" الجزاء والمقارضة، كقولهم: "كما تدين تدان"، وأجمعوا أن قوله: {هذا يوم الفصل} ليس من قول الكفرة، وإنما المعنى: يقال لهم: هذا يوم الفصل). [المحرر الوجيز: 7/ 276]

تفسير قوله تعالى: {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ (22) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "وأزواجهم" يعني: وأنواعهم وضرباءهم، قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن عباس، وقتادة ومنه قوله: {وكنتم أزواجا ثلاثة}، وقوله: {وإذا النفوس زوجت} أي: نوعت، وروي أنه يضم عند هذا الأمر كل شكل إلى شكله، وكل صاحب من الكفرة إلى صاحبه، ومعهم ما كانوا يعبدون من دون الله، من آدمي رضي بذلك ومن صنم أو وثن توبيخا لهم وإظهارا لسوء حالهم. وقال الحسن: المعنى: وأزواجهم المشركات من النساء، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما، ورجحه الرماني). [المحرر الوجيز: 7/ 276-277]

تفسير قوله تعالى: {مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ (23) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (وقوله تعالى: "فاهدوهم" معناه: قوموهم واحملوهم على طريق الجحيم، و"الجحيم" طبقة من طبقات جهنم يقال إنها الرابعة). [المحرر الوجيز: 7/ 277]

تفسير قوله تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ (24) مَا لَكُمْ لَا تَنَاصَرُونَ (25) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم يأمر تعالى بوقفهم، ووقف يتعدى بنفسه، تقول: "وقفت زيدا"، وأمره بذلك على جهة التوبيخ لهم والسؤال، واختلف الناس في الشيء الذي يسألون عنه، فروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: يسألون: هل يحبون شرب الماء البارد؟ وهذا على طريق الهزء بهم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: يسألون عن لا إله إلا الله، وقال الجمهور من المفسرين: عن أعمالهم، ويوقفون على قبحها، وهذا قول متجه عام في الهزء وغيره، وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أيما رجل دعا رجلا إلى شيء كان لازما له"، وقرأ: وقفوهم إنهم مسؤولون، وروى ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تزول قدما عبد من بين يدي الله تعالى حتى يسأله عن خمس: عن شبابه فيما أبلاه، وعن عمره فيما أفناه، وعن ماله كيف اكتسبه وفيم أنفقه، وعما عمل فيما علم"، ويحتمل عندي أن يكون المعنى على ما فسره بقوله: {ما لكم لا تناصرون}، أي: تسألون عن امتناع التناصر. وقرأ بتاء واحدة شيبة، ونافع، وقرأ خالد بتاءين، وكذلك في حرف عبد الله، وقرأ أبو جعفر بن القعقاع بإدغام التاء في التاء من قراءة ابن مسعود، وقال الثعلبي: هذا جوابأبي جهل حين قال في بدر: نحن جميع منتصر). [المحرر الوجيز: 7/ 277-278]

تفسير قوله تعالى: {بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ (26) }
قال عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي (ت:546هـ) : (ثم أخبر تعالى بجوابهم في ذلك اليوم في حالة الاستسلام والإلقاء باليد). [المحرر الوجيز: 7/ 278]

رد مع اقتباس