عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 06:54 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (2) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (3) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({والصّافّات صفًّا (1) فالزّاجرات زجرًا (2) فالتّاليات ذكرًا (3) إنّ إلهكم لواحدٌ (4) ربّ السّماوات والأرض وما بينهما وربّ المشارق (5) }
قال سفيان الثّوريّ، عن الأعمش، عن أبي الضّحى، عن مسروقٍ، عن عبد اللّه بن مسعودٍ، رضي اللّه عنه أنّه قال: {والصّافّات صفًّا} وهي: الملائكة، {فالزّاجرات زجرًا} وهي: الملائكة، {فالتّاليات ذكرًا} هي: الملائكة.
وكذا قال ابن عبّاسٍ، ومسروقٌ، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومجاهدٌ، والسّدّيّ، وقتادة، والرّبيع بن أنسٍ.
قال قتادة: الملائكة صفوفٌ في السّماء.
وقال مسلمٌ: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا محمّد بن فضيل، عن أبي مالكٍ الأشجعيّ، عن ربعيّ، عن حذيفة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم "فضّلنا على النّاس بثلاثٍ: جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة، وجعلت لنا الأرض كلّها مسجدًا وجعلت لنا تربتها طهورًا إذا لم نجد الماء".
وقد روى مسلمٌ أيضًا، وأبو داود، والنّسائيّ، وابن ماجه من حديث الأعمش، عن المسيّب بن رافعٍ، عن تميم بن طرفة، عن جابر بن سمرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم "ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّهم؟ " قلنا: وكيف تصفّ الملائكة عند ربّهم؟ قال صلّى اللّه عليه وسلّم: "يتمون الصّفوف المتقدّمة ويتراصون في الصّفّ".
وقال السّدّيّ وغيره: معنى قوله {فالزّاجرات زجرًا} أنّها تزجر السّحاب.
وقال الرّبيع بن أنسٍ: {فالزّاجرات زجرًا}: ما زجر اللّه عنه في القرآن. وكذا روى مالكٌ، عن زيد بن أسلم.
{فالتّاليات ذكرًا} قال السّدّيّ: الملائكة يجيئون بالكتاب، والقرآن من عند اللّه إلى النّاس. وهذه الآية كقوله تعالى: {فالملقيات ذكرًا عذرًا أو نذرًا} [المرسلات:5، 6]). [تفسير ابن كثير: 7/ 5-6]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (4) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {إنّ إلهكم لواحدٌ} هذا هو المقسم عليه، أنّه تعالى لا إله إلا هو). [تفسير ابن كثير: 7/ 6]

تفسير قوله تعالى: {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَرَبُّ الْمَشَارِقِ (5) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ربّ السّموات والأرض وما بينهما} أي: من المخلوقات، {وربّ المشارق} أي: هو المالك المتصرّف في الخلق بتسخيره بما فيه من كواكب ثوابت، وسيّاراتٍ تبدو من المشرق، وتغرب من المغرب. واكتفى بذكر المشارق عن المغارب لدلالتها عليه. وقد صرّح بذلك في قوله: {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب إنّا لقادرون} [المعارج:40]. وقال في الآية الأخرى: {ربّ المشرقين وربّ المغربين} [الرّحمن:17] يعني في الشّتاء والصّيف، للشّمس والقمر). [تفسير ابن كثير: 7/ 6]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ (6) وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ (7) لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ (8) دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ (9) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّا زيّنّا السّماء الدّنيا بزينةٍ الكواكب (6) وحفظًا من كلّ شيطانٍ ماردٍ (7) لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كلّ جانبٍ (8) دحورًا ولهم عذابٌ واصبٌ (9) إلّا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ (10) }
يخبر تعالى أنّه زيّن السّماء الدّنيا للنّاظرين إليها من أهل الأرض {بزينةٍ الكواكب}، قرئ بالإضافة وبالبدل، وكلاهما بمعنًى واحدٍ، فالكواكب السّيّارة والثّوابت يثقب ضوءها جرم السّماء الشّفّاف، فتضيء لأهل الأرض، كما قال تعالى {ولقد زيّنّا السّماء الدّنيا بمصابيح وجعلناها رجومًا للشّياطين وأعتدنا لهم عذاب السّعير} [الملك:5]، وقال: {ولقد جعلنا في السّماء بروجًا وزيّنّاها للنّاظرين وحفظناها من كلّ شيطانٍ رجيمٍ. إلا من استرق السّمع فأتبعه شهابٌ مبينٌ} [الحجر:16-18].
وقوله ها هنا: {وحفظًا} تقديره: وحفظناها حفظًا، {من كلّ شيطانٍ ماردٍ} يعني: المتمرّد العاتي إذا أراد أن يسترق السّمع، أتاه شهابٌ ثاقبٌ فأحرقه، ولهذا قال: {لا يسّمّعون إلى الملإ الأعلى} أي: لئلّا يصلوا إلى الملأ الأعلى، وهي السّماوات ومن فيها من الملائكة، إذا تكلّموا بما يوحيه اللّه ممّا يقوله من شرعه وقدره، كما تقدّم بيان ذلك في الأحاديث الّتي أوردناها عند قوله تعالى: {حتّى إذا فزّع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربّكم قالوا الحقّ وهو العليّ الكبير} [سبأٍ:23] ولهذا قال {ويقذفون} أي: يرمون {من كلّ جانبٍ} أي: من كلّ جهةٍ يقصدون السّماء منها،
{دحورًا} أي: رجمًا يدحرون به ويزجرون، ويمنعون من الوصول إلى ذلك، {ولهم عذابٌ واصبٌ} أي: في الدّار الآخرة لهم عذابٌ دائمٌ موجعٌ مستمرٌّ، كما قال: {وأعتدنا لهم عذاب السّعير} [الملك:5]). [تفسير ابن كثير: 7/ 6]

تفسير قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ (10) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) :(وقوله: {إلا من خطف الخطفة} أي: إلّا من اختطف من الشّياطين الخطفة، وهي الكلمة يسمعها من السّماء فيلقيها إلى الّذي تحته، ويلقيها الآخر إلى الّذي تحته، فربّما أدركه الشّهاب قبل أن يلقيها وربّما ألقاها بقدر اللّه قبل أن يأتيه الشّهاب فيحرقه، فيذهب بها الآخر إلى الكاهن، كما تقدّم في الحديث، ولهذا قال: {إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهابٌ ثاقبٌ} أي: مستنيرٌ.
قال ابن جريرٍ: حدّثنا أبو كريب، حدّثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاسٍ قال: كان للشّياطين مقاعد في السّماء فكانوا يستمعون الوحي. قال: وكانت النّجوم لا تجري، وكانت الشّياطين لا ترمى قال: فإذا سمعوا الوحي نزلوا إلى الأرض، فزادوا في الكلمة تسعًا. قال: فلمّا بعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، جعل الشّيطان إذا قعد مقعده جاء شهابٌ فلم يخطئه حتّى يحرقه. قال: فشكوا ذلك إلى إبليس، فقال: ما هو إلّا من أمر حدث. قال: فبثّ جنوده، فإذا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قائمٌ يصلّي بين جبلي نخلة -قال وكيعٌ: يعني بطن نخلة-قال: فرجعوا إلى إبليس فأخبروه، فقال: هذا الّذي حدث.
وستأتي الأحاديث الواردة مع الآثار في هذا المعنى عند قوله تعالى إخبارًا عن الجنّ أنّهم قالوا: {وأنّا لمسنا السّماء فوجدناها ملئت حرسًا شديدًا وشهبًا. وأنّا كنّا نقعد منها مقاعد للسّمع فمن يستمع الآن يجد له شهابًا رصدًا. وأنّا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربّهم رشدًا} [الجنّ:8-10]). [تفسير ابن كثير: 7/ 6-7]

رد مع اقتباس