عرض مشاركة واحدة
  #9  
قديم 9 صفر 1440هـ/19-10-2018م, 07:14 PM
جمهرة التفاسير جمهرة التفاسير غير متواجد حالياً
فريق الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2017
المشاركات: 2,953
افتراضي

تفاسير القرن الثامن الهجري

تفسير قوله تعالى: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (27) قَالُوا إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ (28) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وأقبل بعضهم على بعضٍ يتساءلون (27) قالوا إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين (28) قالوا بل لم تكونوا مؤمنين (29) وما كان لنا عليكم من سلطانٍ بل كنتم قومًا طاغين (30) فحقّ علينا قول ربّنا إنّا لذائقون (31) فأغويناكم إنّا كنّا غاوين (32) فإنّهم يومئذٍ في العذاب مشتركون (33) إنّا كذلك نفعل بالمجرمين (34) إنّهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا اللّه يستكبرون (35) ويقولون أئنّا لتاركو آلهتنا لشاعرٍ مجنونٍ (36) بل جاء بالحقّ وصدّق المرسلين (37)}
يذكر تعالى أنّ الكفّار يتلاومون في عرصات القيامة، كما يتخاصمون في دركات النّار، {فيقول الضّعفاء للّذين استكبروا إنّا كنّا لكم تبعًا فهل أنتم مغنون عنّا نصيبًا من النّار. قال الّذين استكبروا إنّا كلٌّ فيها إنّ اللّه قد حكم بين العباد} [غافرٍ:47، 48]. وقال: {ولو ترى إذ الظّالمون موقوفون عند ربّهم يرجع بعضهم إلى بعضٍ القول يقول الّذين استضعفوا للّذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين. قال الّذين استكبروا للّذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين. وقال الّذين استضعفوا للّذين استكبروا بل مكر اللّيل والنّهار إذ تأمروننا أن نكفر باللّه ونجعل له أندادًا وأسرّوا النّدامة لمّا رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الّذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون} [سبأ:31-33]. قالوا لهم ههنا: {إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: يقولون: كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا، لأنّا كنّا أذلّاء وكنتم أعزّاء.
وقال مجاهدٌ: يعني: عن الحقّ، الكفّار تقوله للشّياطين.
وقال قتادة: قالت الإنس للجنّ: {إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين} قال: من قبل الخير، فتنهونا عنه وتبطئونا عنه.
وقال السّدّيّ تأتوننا [عن اليمين] من قبل الحقّ، تزيّنون لنا الباطل، وتصدّونا عن الحقّ.
وقال الحسن في قوله: {إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين} إي واللّه، يأتيه عند كلّ خيرٍ يريده فيصدّه عنه.
وقال ابن زيدٍ: معناه تحولون بيننا وبين الخير، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الّذي أمرنا به.
وقال يزيد الرشك: من قبل "لا إله إلّا اللّه". وقال خصيف: يعنون من قبل ميامنهم. وقال عكرمة {إنّكم كنتم تأتوننا عن اليمين}، قال: من حيث نأمنكم). [تفسير ابن كثير: 7/ 10-11]

تفسير قوله تعالى: {قَالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (29) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (وقوله: {قالوا بل لم تكونوا مؤمنين} تقول القادة من الجنّ، والإنس للأتباع: ما الأمر كما تزعمون؟ بل كانت قلوبكم منكرةً للإيمان، قابلةً للكفر والعصيان). [تفسير ابن كثير: 7/ 11]

تفسير قوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ (30) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({وما كان لنا عليكم من سلطانٍ} أي: من حجّةٍ على صحّة ما دعوناكم إليه، {بل كنتم قومًا طاغين} أي: بل كان فيكم طغيانٌ ومجاوزةٌ للحقّ، فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحقّ الّذي جاءتكم به الأنبياء، وأقاموا لكم الحجج على صحّة ما جاءوكم به، فخالفتموهم). [تفسير ابن كثير: 7/ 11]

تفسير قوله تعالى: {فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا إِنَّا لَذَائِقُونَ (31) فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ (32) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({فحقّ علينا قول ربّنا إنّا لذائقون فأغويناكم إنّا كنّا غاوين}، يقول الكبراء للمستضعفين: حقّت علينا كلمة اللّه: إنّا من الأشقياء الذّائقين العذاب يوم القيامة، {فأغويناكم} أي: دعوناكم إلى الضّلالة، {إنّا كنّا غاوين} أي: دعوناكم إلى ما نحن فيه، فاستجبتم لنا). [تفسير ابن كثير: 7/ 11]

تفسير قوله تعالى: {فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ (33) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (قال اللّه تعالى: {فإنّهم يومئذٍ في العذاب مشتركون} أي: الجميع في النّار، كلٌّ بحسبه).[تفسير ابن كثير: 7/ 11]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ (35) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّا كذلك نفعل بالمجرمين إنّهم كانوا} أي: في الدّار الدّنيا {إذا قيل لهم لا إله إلا اللّه يستكبرون} أي: يستكبرون أن يقولوها، كما يقولها المؤمنون.
قال ابن أبي حاتمٍ: حدّثنا أبو عبيد اللّه ابن أخي ابن وهب، حدّثنا عمّي، حدّثنا اللّيث، عن ابن مسافر -يعني عبد الرّحمن بن خالدٍ-عن ابن شهابٍ، عن سعيد بن المسيّب، عن أبي هريرة، رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: "أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يقولوا: لا إله إلّا اللّه، فمن قال: لا إله إلّا اللّه فقد عصم منّي ماله ونفسه إلّا بحقّه، وحسابه على الله، وأنزل الله في كتابه -وذكر قومًا استكبروا- فقال: {إنّهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا اللّه يستكبرون}.
وقال ابن أبي حاتمٍ أيضًا: حدّثنا أبي، حدّثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل، حدّثنا حمّاد، عن سعيدٍ الجريري، عن أبي العلاء قال: يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: اللّه وعزيرًا. فيقال لهم: خذوا ذات الشّمال، ثمّ يؤتى بالنّصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: نعبد اللّه والمسيح. فيقال لهم: خذوا ذات الشّمال. ثمّ يؤتى بالمشركين فيقال لهم: "لا إله إلّا اللّه"، فيستكبرون. ثمّ يقال لهم: "لا إله إلّا اللّه"، فيستكبرون. ثمّ يقال لهم: "لا إله إلّا اللّه" فيستكبرون. فيقال لهم: خذوا ذات الشّمال -قال أبو نضرة: فينطلقون أسرع من الطّير-قال أبو العلاء: ثمّ يؤتى بالمسلمين فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ فيقولون: كنّا نعبد اللّه. فيقال لهم: هل تعرفونه إذا رأيتموه؟ فيقولون: نعم. فيقال لهم: فكيف تعرفونه ولم تروه؟ قالوا: نعلم أنّه لا عدل له. قال: فيتعرّف لهم تبارك وتعالى، وينجي الله المؤمنين).[تفسير ابن كثير: 7/ 11]

تفسير قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آَلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ (36) بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ (37) }
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({ويقولون أئنّا لتاركو آلهتنا لشاعرٍ مجنونٍ} أي: أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول [هذا] الشّاعر المجنون، يعنون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم؟! قال اللّه تعالى تكذيبًا لهم، وردًّا عليهم: {بل جاء بالحقّ} يعني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم جاء بالحقّ في جميع شرعة اللّه له من الإخبار والطّلب، {وصدّق المرسلين} أي: صدّقهم فيما أخبروه عنه من الصّفات الحميدة، والمناهج السّديدة، وأخبر عن اللّه في شرعه [وقدره] وأمره كما أخبروا، {ما يقال لك إلا ما قد قيل للرّسل من قبلك} الآية [فصّلت:43]). [تفسير ابن كثير: 7/ 12]

تفسير قوله تعالى: {إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ (38) وَمَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (39)}
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : ({إنّكم لذائقو العذاب الأليم (38) وما تجزون إلا ما كنتم تعملون (39) إلا عباد اللّه المخلصين (40) أولئك لهم رزقٌ معلومٌ (41) فواكه وهم مكرمون (42) في جنّات النّعيم (43) على سررٍ متقابلين (44) يطاف عليهم بكأسٍ من معينٍ (45) بيضاء لذّةٍ للشّاربين (46) لا فيها غولٌ ولا هم عنها ينزفون (47) وعندهم قاصرات الطّرف عينٌ (48) كأنّهنّ بيضٌ مكنونٌ (49)}
يقول تعالى مخاطبًا للنّاس: {إنّكم لذائقو العذاب الأليم. وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}، ثمّ استثنى من ذلك عباده المخلصين، كما قال تعالى {والعصر. إنّ الإنسان لفي خسرٍ. إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [العصر:1-3]، وقال: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويمٍ. ثمّ رددناه أسفل سافلين. إلا الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات} [التّين:4-6]، وقال: {وإن منكم إلا واردها كان على ربّك حتمًا مقضيًّا. ثمّ ننجّي الّذين اتّقوا ونذر الظّالمين فيها جثيًّا} [مريم:71، 72]، وقال: {كلّ نفسٍ بما كسبت رهينةٌ. إلا أصحاب اليمين} [المدّثّر:38، 39] ولهذا قال هاهنا: {إلا عباد اللّه المخلصين} أي: ليسوا يذوقون العذاب الأليم، ولا يناقشون في الحساب، بل يتجاوز عن سيّئاتهم، إن كان لهم سيّئاتٌ، ويجزون الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلى أضعافٍ كثيرةٍ، إلى ما يشاء اللّه تعالى من التّضعيف). [تفسير ابن كثير: 7/ 12]

رد مع اقتباس